هيرتا مولــر
حاملة نوبل:الكتابة تجعلني أكون نفسيترى هيرتا مولر، الحائزة على جائزة نوبل للآداب 2009 أن الكتابة تعني البحث برؤية مغايرة في الحياة، فمن خلالها تتغير تجارب الإنسان، وتفارق ما اختبره بالحواس الخمس.
وقد واجهت مولر امتحان المغايرة، فهي (الألمانية في رومانيا والرومانية في ألمانيا) على حد تعبيرها، ما أثار سجالاً واسعاً بين خصومها وأصدقائها -وهم قلائل- فكانت الكتابة بالنسبة إليها انسجاماً تاماً مع الذات، واتساقاً واضحاً بين القول والممارسة.
هذا ماقالته مولر لماريكا غريسل من مكاتب مؤسسة نوبل في حواره معها بعيد الإعلان عن نيلها جائزة نوبل للآداب لعام 2009.
> عندما بدأت الكتابة، لمن كتبت؟ ولمن تكتبين الآن؟
>> حسناً، كنت دائماً أكتب لنفسي فقط للاتساق معها، ولكي أفهم بشكل أعمق ماذا يحدث حقاً؟ أو ماذا تغير بي؟
لقد جئت من قرية صغيرة جداً، وعندما غادرت إلى المدينة كانت في حياتي دائماً محطات انقطاع، وهناك حدث ذلك الخلاف الكبير مع الأقلية الألمانية حيث أصبحت مرفوضة بينهم، وتحديداً بعد كتابي الأول، فقد كنت صريحة جداً في كتاباتي، وكنت كشخص يدنّس عشّهم كلما باح بما هو مضمر. بالإضافة إلى أنني كتبت عن الحياة البدائية المتحجرة في القرية وعرقيتها، ولم يسامحني أحد على ذلك، لقد أرادوا أدباً عن مسقط رأسهم، وشعروا بأنني ساومت بهم.
لقد كنت دائماً مستثناة، ففي رومانيا كنت دائماً الألمانية، وفي ألمانيا كنت دائماً الرومانية.
> هل كان الشعور بالرفض أمراً هاماً بالنسبة إليك؟
>> لا أدري إن كان ذلك مهماً، إنه حتماً شيء كنت لا أعيش بغنى عنه، وأحياناً يؤلمني، فكل شخص يحتاج إلى الانتماء، ولكنني اعتدت على الأمر حتى أصبح في وقت ما أمراً واقعاً.
> تكتبين بالألمانية، وقلت مرة إن الكتابة مهمة بالنسبة إليك..
>> الكتابة هي الشيء الوحيد حيث يمكن أن أكون نفسي، إنها تمنحني شيئاً أتمسك به، ولكنها لم تكن بتلك الأهمية عندما كنت أحصل على عمل وأطرد من كل الأمكنة! فقد تعرضت لخداع متواصل ومعاناة مريرة، فكانت الكتابة أحياناً تبدو كضرب من الجنون، ويخطر للمرء أنها كذلك فعلاً، فقد كان البلد فقيراً جداً والواحد منا شهد قدراً وافراً من التعاسة، وأحياناً كنا نشعر أن هذه الأشياء لا مكان لها في العالم.
> ماذا عن الصدق، هل من المهم أن يكون المرء صادقاً مع نفسه عندما يكتب؟
>> نعم، يجب أن يكون صادقاً مع نفسه، فمن خلال الكتابة يختبر الإنسان شيئاً مختلفاً عما اختبره بالحواس الخمس، لأن اللغة شيء مختلف، وهي تعني البحث الدائم، وهذا ما يجعلني أستمر في رؤية الأمور واختبارها من زوايا مختلفة تماماً، أما الكتابة فهي لا تعرف نفسها بينما نحن نكتب، بل عندما ننتهي فقط.
بالنسبة لي، أشعر بالأمان طالما أنني أكتب، وتخطر لي فكرة ما عن الحياة، وكيف يمكن لها أن تستمر، ولكن عندما ينتهي النص، تختفي تماماً.
> ستترجم كتبك إلى لغة بلدك الأساسي، رومانيا، كيف برأيك سيكون استقبالها هناك؟
>> حسناً، سوف تتنوع ردود الفعل، لقد استقبلت كتبي بشكل جيد عموماً، ولكن من جانب واحد فقط، فمن المحتمل إذا اختار شخص كتاباً أن يحبه، ولكن في رومانيا أنا لست محبوبة كثيراً، وغالباً لا أتلقى الدعوات.
> شعبيتك الآن بعد جائزة نوبل ستكون هائلة، كيف تشعرين بخصوص ذلك؟
>> الأمر مختلف الآن، كل ما يحدث لا علاقة له بالكتابة نفسها، إنني سعيدة، ولكنني سأبقى على تواضعي، ما زلت غير مصدقة، ولا أستطيع استيعاب الأمر، ولا أعرف لماذا أستحق كل هذا الفرح.. أحياناً أشعر أن السعادة اخطأت هذه المرة، وربما لا أستحقها مطلقاً، وأتساءل لماذا أنا مخولة بكل هذه السعادة.
تحرير المصدر
ترجمة وإعداد: كفاح وهيب جهجاه
http://www.albaath.news.sy/user/?id=732&a=67359