حنظلة ودولة المؤسسات
د. عبدالفتاح ابوسرور
نخزني حنظلة فقال بلا مقدمات
حدثني عن دويلة المؤسسات
التي تراكم الخبرات او التياسات
واعظم ما لدينا من انجازات
اطول ثوب، واكبر اطباق الاكلات
حدثني عن الاحزاب والسياسات
وعن وطن متخم بالانقسامات
وكل من فيه يتحدث عن وحدة وتحالفات
وكأن الانقسام خارج عن العادات
او لعنة حلت بنا من بين اللعنات
حدثني عن بلد مجهول الاتجاهات
واكثر ما فيه وزراء بلا وزارات
ومطبلون ومزمرون لكل المناسبات
يقاسمون الشعب حفنات من فتات
وما نستجدية بليل من صدقات
حدثني عن دولة أمن وأمان
يخدم المُحتلَّ فيها السجنُ والسجان
تنتشر عساكرنا في كل مكان
لتحمي الحواجز والجدران
وتبقى الثقافة بلا عنوان
حدثني عن اجندة وطنية واستراتيجيات
حدثني عن البنى التحتية، والمصانع والجامعات
حدثني عن دويلة من البانتوستانات
اما زلنا شعب جبارين نصنع المعجزات؟
حدثني عن اسرى منسيين واسيرات
وحدثني عن شهداء بلا قبور وشهيدات
وحدثني عن احلام شباب مقهور وشابات
وحدثني عما يحضر لنا من مفاجآت
ومن سيحصل في نهاية النهار على اعانات
حدثني ان كنت تحدثني بلا مراوغات
عم يتكلم الوزراء في اجتماع الوزارات
هل يناقشون هموم المواطن والأمنيات؟
أم ما سيقدمون مقابل الضرائب من خدمات؟
ام كيف سيبنون للدولة مصانع وجامعات
وبنى تحتية بدل دفع الايجارات؟
وكيف سيقلصون البطالة ويحاربون بناء المستوطنات؟
اتراهم يقيمون الحوافز لابقاء الكفاءات؟
وكيف يقيمون اداء الموظفين والموظفات؟
وكبف نبني مؤسسات بما نقدم من نشاطات
وليس كيف نجمل صورتنا ونبعثر النفقات ؟
يا وزراء يلبون كل الدعوات،
ويتواجدون في كل المناسبات،
لافتتاح بقالة او حفل تخريج في حضانات
ألا وقت لديكم للعمل وانجاز المعاملات؟
كراسيكم باردة ومكاتبكم خرابات
وجل الهم تدوين النفقات
وخدمة انفسكم وتزويق المؤسسات
كيف تبنى ثروة، في وطن مسروق الثروات؟
طأطأت رأسي امام حنظلة
فلست اعلى منه بمنزلة
وكلما نظرت حولي لم اجد
جوابا لسؤال او مساءلة
لكزني مرة اخرى وغنى يا سلام
بنادقنا، ضد العدى، ممنوع عليها الاستخدام
لاسرائيل منا السلام والانبطاح باستسلام
بلا تعنت، ولا عنف، ولا اساءة في الكلام
طأطات رأسي مرة اخرى، وانشقت من قلبي صرخات
فكرت في مستقبلي وكيف احقق كل الامنيات
فنحن امة تفني حياتها في الشكاوى والاستجداءات
وكل نظيف فينا صار ذكرى، ربما يذكر في احدى السهرات
نقبع تحت الديون ونتعود على الانتهاكات
وجل ما نتقنه مفاوضات ومفاوضات ومفاوضات
نقبل، نرفض، نشجب لكن لا بديل نقدمه في الأزمات
صرخ حنظلة في وجهي، الا خجل ولا حياء؟
اموات في صورة ظلال لأحياء
بساط احمر يبهجكم، ويوم استقلال
وتوزعون المناسبات فيما بينكم
يوم ارض، ويوم مرأة ويوم عرض
ويوم طول لثقافة وتراث واسير وطفل
وكل ما نلبس او نأكل وما نرى من لافتات
ليست منا وليست لنا وانما قروضات
يا من تجلس في الصف الاول وتصفق في كافة المناسبات
لقنصل او سفير او وزير، او مدع بفهم السياسات
قلي بربك ما بال القدس واين الاولويات
النا وطن من فتات وليست لنا للوطن اجندات؟
المواطن فينا سائح، وغيرنا يغلق او يفتح لنا البوابات
ندخل، او نخرج، او نضيع في المتاهات
لا فلسطين، في فلسطين المفاوضات
ولا نهايات نرى، ونُسّينا البدايات
وضِعنا بين أحضان امريكا واوروبا وعهر السياسات
وعندما نصحو من سكرتنا ننتفض بالادعاءات
بأن لا تنازل عن الحقوق، والخطوط الحمر، والمُسَلَّمات
وان ضاقت علينا وتشاءمنا، صلينا طلبا للمعجزات
فتجدنا شيوخا نفتي، ونمارس كل طقوس العبادات
ثم نصحو مرة اخرى فترانا كزبد البحر شتات
وترانا كلما اجتمعنا، نتفرق شرذمات
نظر حنظلة الى البحر، اطرق ثم قال
اهذا الارث الذي سنخلفه لمن سيأتي من اجيال؟
لا القدس قدس، ولا الارض ارض، ولا الرجال اشباه رجال
وحولنا، كل ما حولنا سرب من الببغاوات
يرتلون محفوظة: لا دولة، وانما دولتان
على حدود سبع وستون عام
ومفاتيح معلقة في متاحف الذكرى
فقبل السبع والستين لم يكن هناك فلسطين
وكل ما كان اسرائيل، وفلس وطين
يا قوم كبرت الحكاية وطال المقال
أتقعد وتنتظر غيرك يعمل وما انت بصانع افعال؟
وتحلم بوطن على ورقة، وتكتب اسماء لأبطال
على شرذمات من بقاع متناثرة في زمن بلا استقلال
وننسى ما ننسى من مفاتيح صدئة وحق عودة واثقال
لنكبة انبتت فينا شقائق نعمان، وصبار وشواطئ بحر ورمال
يا حنظلة، يا ضميرا ينير طريقا بني معوجا في العتمة
قف امامي وهز لي بجذع النخلة
ربما نحبل ونلد في عقم الازمنة
اطفالا وبناة يكونون الف ايقونة تحمينا من الكولسة
يا حنظلة، نحن ما نحن، لنا الارض والسماء
ولنا روح، تتأرجح بين حياة وقلب في جسد ودماء
ولنا ما لنا من هواء وزيتون وماء
وكلما سرنا قادتنا نجوم وعهود ووفاء
يا فلسطين، ما انت بعاقر
وكل محتل، او مختل لحتفه سائر
لي وطن بين بحر ونهر كالبركان ثائر
لا انساه، فأنا باق، ولست مغادر