إن كنت موجوداً.....
ما هذا التفكير المغلق الذي يفكر به؟ بل ما هذا البلاءُ الذي حط عليهِ فجأة بسرعة البرق وهل للساعة ِ عقرب راجع يعيد الوقت؟
جلس أمامها لا يملك حيلة!يكره الساعة التي جعلته يتابع موتها ونهايتها ببطء شديد ! وكأنها الروح تنزع نزعا منه...كم كنا نحكي ونثرثر عن هؤلاء ولكنهم لم يكنوا بالقرب منا منا كهذه الحبيبة الغالية!!
ومن المفزع حقا انه كان دوما يهرب من لحظات الولادة التي تجعلها تصرخ قبل أن يحضرها للمستشفى محاولا الهرب ومسلما الأمانة الكبرى لوالدته ..لكن هذه المرة لا يستطيع ..إحساسا حانقا هذا الذي يشعر به الآن,هل يملك مقدرة للانتقام بنفسه؟ أم هو قيد وسلوك الضعيف ؟
بات موقنا بأنها تقترب رويدا رويدا من النهاية وأنها سلمته مقادير حياتها ليقدم لها الموت جرعة واحدة...
-يا أخي أي طالب في كلية الطب سوف يعرف أن ما جاء هنا في هذا التحليل هو سرطان ثدي تماما, أين ذاك الطبيب المجرم؟؟؟؟
كيف سلمت أمرك لهذا المعتوه الغبي؟
جميعنا يبحث عن تخفيف لتلك المواجهات العنيفة وبدائل لتشخيصات فيها الحسم والحكم..ولكن عندما يتوه المركب بنا على حين غفلة منا وتتطاير الحلول نصبح عاجزين فعلا عن تدارك ما قمنا به من جرأة وتهور...
-سوف أشكوه لله الواحد الأحد..
صرخ بأعلى صوته هز أركان العيادة الطبية:
- إن كنت موجوداً يا الله فانتقم منه...أحبها والله أحبها والله العظيم ..هي روحي هي حياتي ..هي مستقر نفسي دوما.
خرج هائما على وجهه تعبر أحداث حياته بتردد سريع جارح....
كيف تجرأ الأهل على طلب طلاقها؟؟؟وهل للأمر مقالا هنا وسلوكا كهذا؟؟؟وهي قد صمتت كما يصمت الموت فجرا؟؟؟كيف لم تتأوه ؟وصوتها الرائع يعبر أذنه حين كنا نتباطأ في الحضور لمائدة الغداء.
-إن لم تحضروا الآن سوف آكل وحدي..هه يا حرام أنا..
أحس بالاختناق من جديد , وهاتفه الجوال يرن معلنا نداء زوجته الثانية....
أغلقه وغص بدموع كبتها حفاظا على أعمدة رجولته الحزينة....
مازال يلعق المر وهو يتذكر ما مضى وانقضى...ولا فائدة...
ظلم القريب من أقسى الأنواع ...
رد بحنق وألم من جديد....
- إن كنت موجوداً يا الله فانتقم منه.....
عاد إليها يقبل راحتيها ...ويمسح العرق عن جبينها الساخن...
- يتذكر كم كان قاسيا أحيانا....
ويكيل لنفسه مكاييل الصفع اللفظية....
**************
نام قربها ولم يشعر بعدها بما جرى....
يقال أنها تماثلت للشفاء وان الطبيب المذكور توفي بالسرطان!!!!!!!!!!
أم فراس 22-5-2009