تحليق بلا أجنحة
مداخل
سأسترجع في هذه المداخل أجوبتي على الحوار الذي أجراه معي الدكتور عبد الفتاح أفكوح المشهور بأبي شامة المغربي في أحد المنتديات حول القصة ومسائلها؛ لأنني وجدت ما سبق أن قلته إجابة لأسئلة الدكتور لا بد أن يأتي هنا تعليقا على ما قرأت من إبداع القاصة المتميزة نور الجندلي.
مدخل1: القاصة المتميزة نور الجندلي والوعي الحضاري
القاص فرد من أفراد الأمة والقصة سلاح في يده، ووظيفته إعلاء قيم المجتمع عند جمههور الأمة بفنه الذي يجب أن يستمتع به وهو يحمله تلك المضامين، فيستمتع به المتلقي وتنغرس القيم فيه من دون وعي، وإلا فقد الأدب جماله وصار خطابا مباشرا يحمل أمرا أو نهيا أو وعظا ليس هذا قالبه. وينشأ الإشكال من فراغ القاص الداخلي واغترابه المصطنع عن أمته وانحيازه المعلن إلى الآخر وجمالياته وموضوعاته بل وبعض ألفاظه وصوره.
والقاص جندي لا سيما في زمن الضعف الذي نعيشه ونعايشه؛ لذا يجب عليه أن يتميز ويتمايز في كل الوسائل بدءا من الكلمة ومرورا بالتعبير والجملة والصورة، وانتهاء بالموضوع.
وهذه الأديبة نور كما قرأتها فهي في زمن الضعف لم تغرق قلمها في الذاتية والاتباعية بل كانت جنديا يحمل هم اللحظة والوطن والمجتمع!
مدخل2: العنوان .. قراءة أولى
تختلف العلاقات بين العناوين والقصص القصيرة والمجاميع؛ فهناك عنوان يكمل المتن والمجموعة؛ لذا فهو لا يقوم مقامهما، وهناك عنوان يطابق المتن والمجموعة عندما يكون الكاتب مهموما بقضية مبلورا إياها في العنوان ومفصلا إياها في المتن والمجموعة؛ لذا فهو قد يقوم مقامهما في مجال حكاية المستفاد أو الموضوع المتمحور حوله متن القصة أو متون المجموعة. وهناك عناوين جزئية عبارة عن كلمة من القصة أو عنوان من المجموعة؛ لذا لا تقوم مقام القصة أو المجموعة.
وقد كان العنوان مطابقا لمضمون المجموعة، وقد احتوى إيجابا يتمثل في "تحليق" وسلبا يتمثل في "بلا أجنحة".
وقد تضافر الإيجاب والسلب في رسم الصورة بكل زواياها التي ستتضح مع الوقوف مع قصص المجموعة إن شاء الله تعالى!
مدخل3: الغلاف .. إشارة دلالية
غلاف المجموعة القصصية أول ما يصادف العين، ومع هذه الإطلالة الأولى يحدث انطباع أولي غير متفاعل، فالمرء لا يستطيع التفاعل مع محتويات الغلاف العنوان والرسوم التوضيحية قبل معرفة ما بداخل المجموعة.
بعد الانتهاء من القصة المختارة كعنوان للمجموعة إذا كانت المجموعة تتبع هذا التكنيك يبدأ التفاعل مع الغلاف بمساحاته التعبيرية موافقة أو مخالفة جزئيا أو كليا.
وتمضي القراءة ويزداد التفاعل.
أما إذا لم تكن تتبع هذا التكنيك ، وتتبع تكنيك العنوان العام الذي لا يرتبط بقصة ما داخل المجموعة فإن التفاعل يبدأ بعد الانتهاء من القراءة.
ومهما كان التفاعل فإن الغلاف بأجزائه الأدائية عنصر لا ينفصل عن المجموعة القصصية!
وكان الغلاف دالا من دوال القص فقد جاء الرسم التعبيري موضحا أجواء خالية ممن من شأنه التحليق، لكنها أجواء يكون فيها التحليق لو ذهبت غيومها!