رحيل المناضل الوطني الكبير الدكتور حيدر عبد الشافي في غزة[/QUOTE]
ارتقى الى العلا المناضل الكبير الدكتور حيدر محي الدين درويـش عبد الشافي في أحد مشافي مدينة غزة عن عمر يناهز ثمانية وثمانين عاماً، بعد حياةٍ حافلةٍ قضاها في خدمة قضيّة شعبنا وفي الدفاع عن حقوقه الوطنيّة المشروعة.
وفيما يلي نبذة عن حياة المناضل الكبير الراحل حيدر عبد الشافي:
-من مواليد مدينة غزة لعام 1919م، وهو مؤسِّس ورئيس المبادرة الوطنيّة الفلسطينية في العام 2002 مع د. مصطفى البرغوثي والأستاذ إبراهيم الدقاق.
-كبير المفاوضين الفلسطينيين السابق في مفاوضات مدريد، ترأّس الوفد الفلسطيني إلى مؤتمر مدريد في 1990. وقاد فريق المفاوضات الفلسطيني لمدة 22 شهراً في محادثات واشنطن. استقال من قيادة الوفد إثر تسرُّب الأنباء عن قنوات تفاوضيّة سريّة.
-استقال من منصبه كنائب في المجلس التشريعي الفلسطيني عامين احتجاجاً على ما وصفه في حينه تقاعساً عن مواجهة الفساد في السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة.
-عمل رئيسا لبرلمان غزة (المجلس التشريعي) خلال الفترة من 1962 إلى 1965.
-في عام 1964 شارك في تأسيس منظّمة التحرير الفلسطينيّة.
-أُبعِد إلى لبنان في عام 1970 لنشاطه بمنظّمة التحرير الفلسطينيّة.
-تخرَّج من كليّة الطب، بالجامعة الأمريكيّة، بيروت في عام 1934.
-عمل طبيباً في المستشفى الحكومي ليافا بعد التخرُّج.
-عمل رئيساً لجمعيّة الهلال الأحمر الفلسطيني في غزة منذ 1972.
-عمل طبيباً خصوصيّاً وعضو المجمع الطبّي العربي منذ 1945.
-في 8 نيسان 2007 قلّد الرئيس محمود عباس، المناضل الفلسطيني العريق د. حيدر محي الدين درويـش عبد الشافي وسام نجمة الشرف الفلسطيني، تقديراً لدوره الكبير وعطائه المميّز في خدمة الشعب الفلسطيني، لنيل حقوقه الوطنية العادلة، ودوره النضالي من خلال مواقعه التي شغلها ومن بينها تأسيسه ورئاسته للمبادرة الوطنية الفلسطينية.
رَحِمَ الله فقيدنا الكبير وأسكنه فسيح جنّاته مع الشهداء والصدِّيقين وحُسن أولئك رفيقاً. وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
كلمات في وداع فقيد فلسطين د حيدر عبد الشافي
ايا زيتونة اصيلة ومتجذرة مهما امعنوا بالقطع
من بين أعنة الأحداث الدائرة فلك الأقدار بين الفرح والحزن والضحك والبكاء والجد والهزل والسمو والسماوة والعظمة والدنو، من بين ذلك كله انسحبت سحابة القدر عن الأجل المحتوم، إبان زحمة الاحداث العِظام وخوض الأقدار في فتن جِسام، ترجّل الفارس ورحل..
ايها الباقي فينا رحلت اليوم ايا بلسمة جراحنا كي تضيئ في بحر حزننا شعلة الفخر ، لكنك زيتونة شامخة وطاهرة زيتونة صلبة ولو مسلوبة و زيتونة اصيلة ومتجذرة مهما امعنوا بالقطع.
قد تهافت الى عرسك احباؤك، ان الحياة وقفة عز ونحن اليوم بك نعتز
رحل عنا ولم تسقط من يدك بيارق العزة وكرامة العروبة وإباء الفرسان.. ترجّلت ورحلت، وتركت من خلفك أسطورة المجد ورواية العطاء وكفاح الإخلاص وعمل الحكماء وصمت الحلماء.. رحلت وتركت للتاريخ معاني ثرية من مفاهيم العطاء، وسجلا حافلا بإنجازات شامخة على الأرض بقوة وثبات تخدم الإنسان.. رحلت وتركت من خلفك مواقف جادة حكيمة بقرارات صائبة التوجه وثاقبة النظرة نحو المستقبل، تظهر كرامة العروبة وعزة الفلسطيني رحل محبرة العلم، ورجل السياسة والوجه المشرف لصورة العربي الإنسان.. رحلت وشُيّع جثمانك بمراسم بسيطة كبساطة نفسك وعطائك وتناولك لحل القضايا بسلاسة وبساطة الحكيم.. رحلت وبقيت أفعالك، وعطاءاتك، وحلمك، بقيت شامخة على أرض الواقع كشموخ السنابل على بطاح السهل الفلسطيني، رحلت واقفا كالشجر تشير بدنو قطوفها وحلو ثمرها ، كل مواقفك وإنجازاته باقية تشير إلى بقاء ابن الوطن البار رغم رحيلك.
ولو أن عمُر الإنسان يُقاس بأعوامه، لما خلّد التاريخ أساطير وأمجاد العِظام، إنما يُقاس عمُر الإنسان بأفعاله لا بأعوامه، ويخلد التاريخ ذكرى العظماء بإنجازاتهم لا بأملاكهم وسلطانهم. رحلت وبقيت إنسانية حيدر في صورة متعددة من عطاءاتك المتميزة، التي ارتوت من ماء الفضل وسارت عبر ساقية الحِكمة والإخلاص لشعبه ووطنه فلسطين . لقد كنت بمثابة قلعة الأمان وحجر الزاوية وواسطة قلادة الخيرلمستقبل شعبنك ، يرأب الصدع بحكمته ويسد الثغر بسياسته ويكمل البناء بعطاءاتك، جعلت من نفسك ترسانة دفاع عن قضايا شعبك، وجسر خير يصل بين المتباعدين، ويصلح بين المتخاصمين، ويرفع من همّة المتخاذلين، لوحدة الصف والكلمة، ، تسامت همّته نحو شموخ سماوة البناء، وتعالت مقاصدك نحو نُبل المفاهيم ومعاني العطاء. حملت ثقل هم بناء وطنك ورفعة أمتك على عاتقك وسرت وسار في دربك كل الشرفاء بصمت الحكيم وروية الحليم وهدوء المطمئن الواثق بربّه وشعبه .
لم يجالسك أحد إلاّ واستفاد من همّتك بكلمة أو بإشارة، وها هو ذا بلغت نقطة الأجل المسمى ولحظة الفراق مع الدنيا .
رحلت تاركاً على جانبي مسيرة طريقك في الحياة إشارات عِظام ، ، وصفحة في التاريخ سطور بيّنة بالحق، وإنجازات شامخة بالخير، يظل بها رمزاً في التاريخ للأجيال من بعدك، ومثالاً يحتذى بفعلك.
عن
محمود ابو اسعد
الخليل- فلسطين