بجنحِ الّليلِ يأتي كالشّهيقِ=
ويغفو فوقَ مجمريَ العتيقِ=
فيجتاحُ الكرى كهبوبِ ريحٍ=
ليرسمَ ليلَهُ فوقَ الشّروقِ=
ويأتي بالمواجعِ منْ سحيقٍ=
بعيدِ النّجمِ منطفئِ البريقِ=
فوجهي ليلةٌ قمراءُ يخبو=
كصدرٍ أَشْوهٍ تحتَ العقيقِ=
أقومُ الّليلَ أسري مـعْ نجـومٍ=
ولكنْ ضاعَ.. ضيّعني طريقي=
وأرسلُ في الضُّحى أسرابَ نحلـي=
فترجع دونَ شيءٍ منْ رحيـقِ=
فأدعو خالقي.. يا ربّ إنّي=
عفيفُ النَّفسِ كالغيمِ الدَّفوقِ=
لماذا يا إلهي يعتريني=
سهادُ الكونِ كالموتِ المُحيقِ=
فلا أرضاً أرومُ ولا سماءً=
ولا عزّاً على ملْكٍ لصيقِ=
* * *=
ولا ألقى لصرخاتي جواباً=
سوى صمتِ الصَّدى عندَ الغريقِ=
فأعرفُ أنَّ هذا الّليلَ بعضٌ=
لبعضِ الّليلِ في ليلي الطليقِ!=
لعلّ الّليلَ أدركنـي أخيراً=
وألهبَ في الحشا بعضَ الحريقِ=
وأطبقَتِ الشّموسُ على جفـونٍ=
فعاثَ العتمُ في صبري وضيقي=
تُرى، هلْ تشرقُ الأيـّامُ يومـاً=
لتبكيَ ما تداعى مـنْ شُهـوقِ؟ =
ألا يا حاديَ الأحزانِ عُدْ بي=
لصبحٍ كانَ في الماضي شقيقي=
لصبحٍ تشرقُ الأرواحُ فيهِ=
لصبحٍ طَيِّبِ النّجوى.. حقيقي!=