اللاجئون في الخطاب الإعلامي الإسرائيلي
عماد موسى
اللاجئون الفلسطينيون مشكلة واجهتها وما تزال تواجهها إسرائيل منذ نشأتها في عام 1948م، الى يومنا هذا، مع محاولاتها لوأدها، لذا يسعى الخطاب الإعلامي الإسرائيلي إلى تسويق فكرة التعويض للاجئين الفلسطينيين أو توطينهم في البلاد العربية،.فهناك محاولات خطابية ترمي إلى طمس قضية اللاجئين الفلسطينيين عبر إنجاب الخطاب الإعلامي لتوأمين من اللاجئين: اللاجئون اليهود من الأقطار العربية، واللاجئون الأفارقة إلى إسرائيل، فلماذا يوظف الخطاب الإعلامي الإسرائيلي اللاجئين في بنيته الخطابية لتصبح إستراتيجية ثابتة فيه ؟
أولاً: إن منتجي الخطاب الإعلامي من ذوي العقول المعرفية يوظفون المعرفة في خدمة هذه الإستراتيجية، بقصد ترميد حق العودة وإطفائه؛ عبر إنجاب هذين التوأمين،لإدرار المال، وتجنيبهم تحمل المسؤولية.
وثانيا: يطرح الخطاب مشكلة اللاجئين الأفارقة بقصد مشاغلة الرأي العام الإسرائيلي العنصري في تركيبته لمواجهة التحدي الجديد ،وهكذا يحاول الخطاب إبطال مفعول حق العودة بإنجاب خطابات تحمل عنوان "اللاجئين"؛ فيضيع خطاب اللاجئ الفلسطيني في زحمة الخطابات،وتتحول النكبة إلى مظهر احتفالي فلسطيني يضعف تدريجياً، بحيث لا يشكل إلا رمزية باهتة، .مما يؤكد على أن "ما قد يكون واضحا ليس بالضرورة أن يكون معروفا وما هو معروف ليس دائما حاضرا..." (1)
أولا:اللاجئون الفلسطينيون:
يشتغل الخطاب على إبقاء ذكرى النكبة مجرد صورة احتفالية عائمة في الذاكرة الجمعية الفلسطينية،مع الرهان على انقراض جيل النكبة عام بعد عام، تحت شعار "الكبار يموتون والصغار ينسون" بحيث تواجه الأجيال الجديدة قطيعة زمكانية وابيستميولوجية، مما يجعلها تقبل بأي حل يتضمن التعويض؛ لأنه يلبي احتياجاته الاستهلاكية المعولمة.
لذا، فان الخطاب الإعلامي أشار إلى عمليات " تحول الشعب الفلسطيني بين عشية وضحاها من أكثرية غالبة، إلى أقلية، وإلى لاجئ في وطنه، وخارجه، بمنزلة كارثة غير متوقعة،... وها هم الفلسطينيون من مواطني إسرائيل، في العقد السابع لخرابهم القومي، يريدون تذكر ذكرى خرابهم في الفضاء العام للدولة الصهيونية. وهذه بالمعنى العميق للأشياء علامة واضحة على التسليم لنتائج النكبة."(2 ) فالخطاب الإعلامي موجه للرأي العام الإسرائيلي؛ بهدف إيصالهم رسالة محددة العناصر، بقصد تحفيز العقل باتجاه المخاطر، والتهديدات من جانب، وبأن حق العودة للاجئ الفلسطيني أصبح في غرفة الإنعاش التاريخي، لأنهم أماتوه سريرياً حتى يعلن موته النهائي بعد حين.
وما تبقى من الأحياء منهم، فهم أقلية غير مؤثرة، فهم لاجئون في وطنهم، ويكتفون بالاحتفال بالنكبة والتي وصفها الخطاب بالكارثة في الفضاء الصهيوني بعد سبعين عاماً فإن ذلك يؤشر باتجاه انهزام حق العودة وتراجعه، وذلك؛ "لأن طلاب الجامعات العرب، حينما يأتون لتذكر يوم النكبة، في جامعة عامة إسرائيلية، تقع في حي رامات أفيف يسلمون، وإن لم يكن ذلك عن علم، لتحول الشيخ مؤنس إلى رامات أفيف."(3)
فالحديث إذن؛ يدور عن بدء خطاب يختلف تمام الاختلاف عن خطاب حق العودة، لأن "مراسم ذكرى القرى التي محيت، والعائلات التي اقتلعت، والتي يقوم بها مواطنو الدولة، التي كان إنشاؤها مصحوبا بمحو تلك القرى واقتلاع تلك العائلات، وإن صعب على أبناء الجيل الشاب من مواطني إسرائيل، الاعتراف بذلك علناً، فيه شئ من تخليد حقيقة المحو والاقتلاع، أي الاعتراف بعدم القدرة على رد الخراب ونتائجه،.وهذا هو معنى المقارنة التي أجراها عضو الكنيست أحمد الطيبي،بين مراسم يوم النكبة، وتذكر كارثة سكان استراليا القدماء ،والهنود الحمر في كندا الذين لايسعون إلى جعل استراليا دولة للأبروجيين، ولا جعل كندا دولة هندية، لكنها تصادق على وجود استراليا، وكندا على أنقاض الماضيين،الأبروجينيطي والهندي...في حين أن أحد كوابيس يهود إسرائيليين، كثيرين هو العودة الجماعية للاجئين الفلسطينيين مع مفاتيح بيوتهم في أيديهم فإن جعل مراسم يوم النكبة شيئا مؤسسيا في إسرائيل كان سيحول مفتاح البيت الفلسطيني من 1948،من رمز مهدد إلى شيء متحفي"(4)، "
فالخطاب يستعمل مفردات مثلمحيت، محو اقتلعت،اقتلاع،الخراب) للدلالة على حجم التحول في الثقافة السياسية الإسرائيلية،وكذلك الأمر في نظرة الفلسطينيين لحق العودة للاجئين الفلسطينيين،وهذا ما يجري في الواقع ، وهو الاحتفال بالنكبة لإظهار عدم القدرة على رد الخراب ونتائجه، لهذا تأتي وظيفة الاحتفال الفلسطيني بذكرى النكبة، في سياق التخليد المتحفي، وليس في سياق التهديد الرمزي على حد تعبير الخطاب.
ونجد في الخطاب الإعلامي أن هناك ،" سياسيون من كل الأحزاب الصهيونية، يرفضون الاعتراف بحق العود للفلسطينيين. كما أنهم يرفضون بشدة المطلب الأكثر تواضعاً من ذلك الذي يتقدم به الطرف الفلسطيني- الاعتراف بالمسؤولية الجزئية لإسرائيل عن النكبة الفلسطينية في 1948م، قانون النكبة جاء ليزيل هذه الوصمة عن الضمير الجماعي الإسرائيلي-اليهودي فالسياسيون يفترضون كأمر مسلم به، بأن الهرب من المسؤولية حتى لو كانت جزئية ، عن مصيبة الفلسطينيين مقبول من أغلبية المجتمع الإسرائيلي ، وأولئك الذين يبدون الاستعداد لتبني النهج النقدي ، الذي يعتقد بأن قسما مهما من الفلسطينيين، لم يهربوا من بيوتهم.بل، طردوا منها يعتبرون في أفضل الأحوال "مؤرخين جدد" وفي أسوأ الأحوال –"ما بعد صهاينة" ( 5 )
إن الخطاب يؤكد على وجود بنى فكرية مهيمنة على التفكير السياسي عند الجميع لهذا يصعب التمييز بين حزب وآخر في المواقف، فهم يتزاحمون في طابور التطرف وضد أي موقف لصالح الفلسطينيين.
وكما يكشف الخطاب دون استخدام لغة مواربة، أو خجولة، عن أن " الجيش ومراكز الإعلام لم يغيرا طريقة العرض الصهيونية، حول أسباب المصيبة الفلسطينية، بينما نجد انه في كل كتب التعليم في التاريخ التي أقرتها وزارة التعليم من عام 2000(وعلى الأقل حتى 2004)، قد استبدلت الرواية الصهيونية التي كانت مقبولة حتى ذلك الحين برواية انتقادية، هذا مكتشف أول من نوعه بالنسبة لتغيير الذاكرة الرسمية لإسرائيل في هذا الشأن. عملياً هذا رفض للرواية الصهيونية التي بموجبها "لم يكن طرد 1948 ". استعداد مؤسسات المجتمع اليهودي في إسرائيل لتغيير موقفها من موضوع مركزي وحساس كالنكبة الفلسطينية، يمكن أن ينسب في صالح المجتمع اليهودي ويعتبر شاهد نضوج لبعض من مؤسساته المركزية".( 6)
من هنا فان التشكيل الخطابي السابق، قد استخدمت ألفاظ لغوية للتعبير عما سببته الحركة الصهيونية من تشرد وقتل، ويمكننا وضعها في المصفوفة اللغوية التاليةالنكبة، الكارثة،والمصيبة،والمحو والاقتلاع..) ، ونرى بان هذه التغييرات اللغوية ناتجة عن ذاك الذي يعتمل داخل المجتمع الإسرائيلي من تغيرات لغوية تواكب ما يخترقه من تغيرات اجتماعية وسياسية.
اللاجئون العرب اليهود:
نجد أن الوكالة اليهودية من جهتها، تخلق أسطورة جديدة اسمها "اللاجئون اليهود" من البلاد العربية،في محاولة تضليلية للرأي العام الإسرائيلي والدولي، لذا باتت تطرح مشكلة اللاجئين اليهود من البلدان العربية بشكل جدي، وتطالب بالتعويض عن ممتلكاتهم.
فهذه الاستراتيجية الجديدة التي تبناها الخطاب الإعلامي، ويتم اختزالها في حقوق اللاجئين العرب اليهود المادية، أي التعويض، وليس من أجل عودتهم إلى بلدانهم العربية، أو غيرها، فمن الواضح، أن الخطاب الإعلامي يحاول طرح موضوع اللاجئين العرب اليهود من الدول العربية، للاستمرار في محو الذاكرة اليهودية والصهيونية والدولية، وصولا إلى محو أي شعور بعقدة الذنب سواء أكان هذا الشعور فردياً أم جمعياً، وطمس أي شعور له علاقة بالمسؤولية الأخلاقية تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين. من هنا " تبنت حكومة إسرائيل في هذه الأيام قرار تضمين حقوق اللاجئين اليهود من الدول العربية، لتكون شرطا لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي"( 7)
وذلك عائد إلى " أن الكل يعلم أن خيار المجتمع الذي نريده يرتسم في اللغة ويصادق عليه فيها لان الكلمة تكرس الواقع"(8 ).
وقد كان للخطاب الإعلامي الإسرائيلي دورا كبيرا في انتزاع اعتراف من عدد من المسئولين، وتمكن من جعلها قضية موازية لقضية اللاجئين الفلسطينيين: لذا، "فإن أول من دشن حملة الاعتراف بيهود الدول العربية كلاجئين، كان من ناحية عملية (الرئيس بيل كلينتون في تموز 2000، وذلك في مقابلة مع التلفزيون الرسمي الإسرائيلي القناة الأولى). وقد عاد(رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق) أيهود باراك ليعلن عن "إنجازه" في آب 2000، في سياق مقابلة (مع نفس التلفزيون،أجراه معه دان مرغليت) .
تجدر الإشارة هنا، إلى أن حكومة إسرائيل امتنعت في السياق عن الإعلان عن يهود الدول العربية كلاجئين،أولا بسبب الخشية من أن مثل هذا الفعل ، سيثير مجددا ما حاولت إسرائيل محوه ونسيانه: مطلب الفلسطينيين بالعودة، وثانيا، خشية أن يشجع هذا مثل هذا الإعلان بشأن رفع دعاوى مضادة من جانب الفلسطينيين ، وثالثا، لأن الإعلان سيلزم بتحديث كتب تدريس التاريخ، وصياغة رواية جديدة، تقول: بأن الشرقيين لم يهاجروا إلى إسرائيل بسبب تطلعاتهم وأهدافهم الصهيونية، وإنما أتوا إليها مكرهين، وفي هذا السياق، فإن أي مؤرخ يدعي ذلك سيوصف على أنه ما بعد صهيوني" (9)
لذلك، فالخطاب لا يسعى إلى إضمار أي معان أو دلالات، أو مقاصد ، تحتاج إلى تأويل، بل يشتغل عن وعي معرفي مسبق، على إظهار معانيه ، ومقاصده للمتلقي،كي يتخذ موقفا ضد الإجراءات المتعلقة " بالإعلان عن يهود الدول العربية كلاجئين" . من هنا فسر منتج الخطاب موقفه وأعطى للمفتاح الدلالي أهمية في الخطاب بقصد تسهيل عملية الفهم لما يقرأه المتلقي لما ورد من تفسيرات،ولسان حاله يقول: من يريد إتباع هذه الخطى "سيوصف على أنه ما بعد صهيوني" وهو وصف لكل باحث أو دارس أو صاحب رأي لديه الرغبة في تصويب الرواية الصهيونية وتصحيحها، لتكون في مواجهة الرواية الفلسطينية.
إن "الإعلان عن يهود الدول العربية "كلاجئين" يرجع إلى توجه اليمين الإسرائيلي بهدف تعطيل عملية السلام. بل، إلى وأدها، من خلال فتح قضية صراعية، تسبب انتكاسة للمفاوضات وللسلام، لتزيد من تضليل الوعي للرأي العام الإسرائيلي، ولتعمل على تزيفه، عبر حقنة تبريرية قديمة،جديدة ،أسمها" الاستيطان"، والتوسع والدفع بالمفاوضات باتجاه آخر، والكف عن بحث حل الدولتين، عبر إظهار أن أولئك اليهود الذي تم طردهم من بيوتهم قسرا هم لاجئين ولا بد من تعويضهم والاعتراف بمعاناتهم. "( 10)
من هنا ، حمل الخطاب الإعلامي مضامين الخطاب السياسي، في رحمه، ومن ثم أعاد إنتاجه ليمارس نفوذه وسيطرته، وسلطته على الرأي العام ،من خلال سردية تاريخية مصنعة فيقول:."بدأت بسبب الصراع العربي الإسرائيلي،في أيام الدولة الأولى حملة شبه ممنهجة للقضاء على الوجود اليهودي في الدول العربية، وإيران واضطر يهود كثيرون إلى ترك أماكن سكنهم،في أعقاب معارضة الحكومات العربية الإجراءات التي قادتها الحركة الصهيونية في أرض إسرائيل."وتابع الخطاب عرضه بصراحة أكثر:
" فقد عقد ... مؤتمر دولي، في شأن العدل للاجئين اليهود الآتين من الدول العربية، وإيران، ولهذا المؤتمر ولقضية اللاجئين اليهود أهمية قومية من الطراز الأول، إن واجب دولة إسرائيل التاريخي والأخلاقي، هو أن تقود خطة إستراتيجية تعيد العدل التاريخي لهؤلاء اليهود. إن الاعتراف الدولي بحقوقهم التاريخية شرط ضروري للتوصل إلى سلام حقيقي مع الفلسطينيين،لأن تناولها من طرف واحد محرفا لقضية اللاجئين،لا يمكن أن يكون حلا حقيقيا،عادلا في إطار الصراع.وتذكرون أن القرار 242 كتب بهذا الهدي من غير تناول فقط للاجئين الفلسطينيين.
ويجب على إسرائيل أن تنشئ جسما دوليا مستقلا. ولعنصر الزمن في هذه القضية، أهمية حاسمة، لأن جزءا مركزيا من هذا التوثيق يعتمد على الذاكرة،وعلى شهادة
هناك عنصر آخر ..، وهو الحاجة إلى إنشاء صندوق دولي، بمقتضى مخطط كلينتون وروح المبادرة السعودية، وهو صندوق يؤدي إلى نقص مخيمات اللاجئين الفلسطينيين،ال58، وإلى منحهم الجنسيات في البلدان التي يسكون فيها، ويمكن في نفس الوقت من تعويض يهود الدول العربية وإيران عن الأملاك والمعاناة الكثيرة، التي كانت أعلى كثيرا من أملاك الفلسطينيين،ومعاناتهم ، وتوجد حاجة ..،إلى إنشاء متحف لتخليد مئات الجماعات اليهودية، التي كانت تسكن في أنحاء شمال أفريقيا، وفي الشرق الأوسط والخليج الفارسي،مدة تزيد عن ألفي سنة، أي قبل نشوء الإسلام والدول العربية بسنين طويلة،... ( 11)
إن اللغة المستعملة في الخطاب، تفيض بالمصطلحات ذات الدلالات الهستوريوغرافية والدينية وغيرها، بهدف تعزيز الوعي، وإعادة بناء اللاشعور الجمعي عند الجماهير اليهودية، مثل: مصطلح (أرض إسرائيل) وهي مسبوقة بالإجراءات الصهيونية ، فالخطاب يتجاهل عن قصد الحقائق التاريخية بهدف إلغاء الوجود التاريخي للشعب الفلسطيني، السابق بآلاف السنيين للوجود اليهودي الديني و الصهيوني في فلسطين. ويمكننا القول: أن هذه اللغة "تندرج في نظام السيطرة الخطابية،عبر إحالة الخطاب إلى المؤلف المتمتع بفعالية تاريخية،ومعرفية قادرة على منح المفاهيم، الوحدة ،والتماسك، والانسجام، والترابط، والاندراج في الواقع،عبر نظام تمثيلي يختزل التجارب،والخبرات في إطار واحد"( 12)
والسؤال .. لماذا يتعمد منتجو الخطاب تسطيح أهداف الخطاب ومقاصده، بحيث تطفو الدلالات على سطحه؟
لكي تتمكن الذوات المتلقية ( الرأي العام) من التقاط المعنى والدلالة والمقصد دون تجشيم هذه الذوات عناء التأويل أو البحث عن معاني الخطاب. وذلك؛ لأن منتجي الخطاب لديهم الرغبة في إيصال رسالة إلى أكبر عدد من (القراء) لإقناعهم بحجم الفوائد والمكتسبات من وراء،"إنشاء الصندوق و"إنشاء متحف"،" وفي نطاق التخليد ،ينبغي تحديد يوم ذكرى وطني حيال الحقائق التاريخية"و "إنشاء توازن في جهاز التربية في كل ما يتعلق بحكاية تاريخ يهود" .
ماذا عن الأجيال الفلسطينية التي قضت حتفها ولم يبق إلا عدد قليل ليروي حقيقة ما جرى. فالحل يكون من خلال البحث عن آليات التعويض للاجئين الفلسطينيين ، بقصد تمرير الهدف الرئيس لخطته المطروحة في الخطاب،وهي:
" وضع إستراتيجية لإعادة العدل التاريخي لليهود، الاعتراف الدولي بالحقوق التاريخية لليهود مع إسقاط تأويلي على القرار 242، بأنه صيغ استنادا لهذه الرؤية. و تعويض اللاجئين اليهود عن أملاكهم في الدول العربية وإيران، وتوطين اللاجئين الفلسطينيين ومنحهم الجنسية. لتذويب العنصر البشري وتقليص اهتمامه بالعودة، ويؤكد على ربط حقوق اللاجئين اليهود من الدول العربية واليهود الإيرانيين بالسلام مع الفلسطينيين، بقصد ربط عملية السلام بإيران، وحلفائها في المنطقة، وبالتالي دفع الذوات المتلقية للقيام بعملية تذهين لهذه العلاقة الافتراضية، مما يعني ، أن يلمس الرأي العام بيديه ، الحبل السري للتهديد الإيراني لإسرائيل، والمتصل بالفلسطينيين، والأدهى والأمر من ذلك،هو ربط ما أطلق عليه الخطاب حقوق اللاجئين اليهود، بالسلام أيضاً.
مع تقزيم الممتلكات والأملاك للاجئين الفلسطينيين، مقابل كثرة أملاك اللاجئين اليهود من الدول العربية وإيران، وهنا تتجلى صورة العقل الصهيواإسراديني القائم على الاستحواذ والتملك واضطهاد الآخر والاستثمار.
وبرأي الخطاب الإعلامي الإسرائيلي ، أن هذا ناتج عن الخوف من اختفاء التاريخ الشفوي بسبب تناقص الجيل مع تقادم الزمن، والموت من أجل توثيق الممتلكات اليهودية في البلاد العربية، مما يفتح شهية شيلوك التفاوضية لصناعة أرقام فلكية للتعويض المالي،،وهذا ما يرمي إليه الخطاب الإعلامي وهو: تجاهل المعاناة الفلسطينية على أيدي العصابات الصهيونية، وتصوير المعاناة اليهودية بأنه أكبر، وهذا شائع الاستعمال في الخطاب، لأن الآخر هو المستهدف، ولأن هذا الآخر هو الخاضع للاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي، فإن مؤسسة الاحتلال تشتغل على خطاب يساهم في عملية التضليل والخداع، وتزييف الوعي، لأن الذي يعاني إلى اليوم، هم اللاجئون الفلسطينيون.
وكما يتوسع الخطاب، ويسير على خطى الفكر الصهيوني، ومركز صناعة الهولوكوست، ليطالب بإنشاء متحف لتخليد المئات من الجماعات اليهودية.في شمال أفريقيا والشرق الأوسط والخليج الفارسي.
بقصد إقناع الذوات المتلقية بمقاصد الخطاب، وأهدافه،من خلال استعمال أنساق عبارية مباشرة، دون الحاجة إلى تبطين هذه المقاصد أو إضمارها؛ لأنه يسعى إلى ربط تاريخ هذه الجماعات اليهودية بتاريخ المنطقة، عبر محاولة إثبات وجودها على أنه سابق على الإسلام، والدول العربية،مع أنه لم يؤشر حتى سيميائيا، إلى الديانة اليهودية كديانة، وإنما إلى معتنقيها الذين هم من أهل المنطقة، وسكانها، لأن الإنسان والقوميات، والأعراق -كما هو معلوم-، أقدم من الأديان.
ويحرص منتجو الخطاب على تسمية الخليج العربي بالفارسي، بقصد استنهاض النزعة القومية الفارسية، لتكون في عملية تضاد مع النزعة القومية العربية.وهذا ما يجري اليوم من صراع محموم بين القوميتين العربية والفارسية ولكن بغلاف مذهبي ، لهذا ،جاءت هذه المحاولة الفكرية التضليلية استنادا إلى التاريخ، بقصد تكريس يهودية الدولة، ونفي الحقوق الفلسطينية، وإنكارها. وإن أبدى منتجو الخطاب تعاطفا مع تعويضهم وتوطينهم. ويأتي هذا التوجه، في الوقت الذي" أصبح التفاوض المكثف مع الفلسطينيين في ذروته، ويفترض أن يحل كل شيء، قدمت إسرائيل فجأة طلبا جديدا، وهو أنها لن توافق على إعلان نهاية الصراع من غير تعويض اللاجئين اليهود من الدول العربية. "... وقد أصبحت توجد ورقة موقف، من هذا الشأن، من قبل مجلس الأمن القومي نشرها باراك ربيد في صحيفة "هارتس" وحملة دعائية بدأها نائب وزير الخارجية داني ايلون الذي يملك حق أبوة هذا الشأن ( فأبوه ولد في الجزائر)، وبعد أن علمونا أزمانا متطاولة أن الهجرة من الدول العربية كانت صهيونية تبين فجأة أن الحديث عن موجة لاجئين، وبعد أن كنا نعتقد أن إسرائيل قد حطمت جميع الأرقام القياسية الممكنة للوقاحة، جاءت هذه الحملة وبينت أنه توجد أرقام قياسية أخرى، هي قادرة على تحطيمها،يصعب بماذا نبدأ لدحض المقارنة السخيفة بين مصير اللاجئين الفلسطينيين، ومصير اللاجئين اليهود، لكن يمكن أن نصرف القلق، لأن ورقة موقف مجلس الأمن القومي، لا ترى أي مكان للمقارنة .فهي تسمي مصير اللاجئين"مأساة" وتسمي مصير اللاجئين الفلسطينيين "قضية"وذروة ذلك، أن الذنب فيها ملقى على الدول العربية، يصعب أن نصدق فليس لإسرائيل، أي صلة بمشكلة اللاجئين الفلسطينيين... تطلب إسرائيل تعويضات عن أملاك 800 ألف لاجئ من الدول العربية. وهي لا تعرض عن أي تعويض عن الأملاك الضائعة لنحو 650 ألف لاجئ فلسطيني بنيت دولة على أنقاضهم، يجب على العالم أن يدفع ذلك وليس إسرائيل، وستكون النسبة2:3 لصالح إسرائيل كما احتسب مجلس الأمن القومي، ماذا عن1948 وعن 1967 وكل ما حدث منذ ذلك الحين؟ وماذا عن البيوت التي هدمت والأراضي التي سلبت والمقالع التي تم حفرها والموارد التي تم استغلالها؟ ...
كما لا تخجل إسرائيل، من أن تعيد أملاكا يهودية منذ قبل 1948 إلى أصحابها من الخليل إلى الشيخ جراح، مع طرد الفلسطينيين من بيوتهم، لم تفكر قط في فعل ذلك، فيما يتعلق بالأملاك الفلسطينية. بفضل ماذا؟ ينبغي عدم السؤال، فهي لن تفعل". (13 ) ،
من الواضح أن الخطاب يعمل على طرح موضوع اللاجئين اليهود بوصفهم لاجئين من الدول العربية، حيث أخذت تشع حرارة هذا الموضوع، مع الانسداد السياسي في العملية التفاوضية،وذلك بالترافق مع النشاط الاستيطاني المكثف في القدس والضفة الغربية.
من هنا، بتنا " نشهد في الأعوام الثلاثة حملة مكثفة، غايتها الحصول على اعتراف، سياسي ، وقانوني باليهود "العرب" "كلاجئين". وتسعى هذه الحملة إلى خلق مقارنة ، أو موازاة في أذهان الرأي العام بين اللاجئين الفلسطينيين وبين (اليهود) الشرقيين الذين قدموا إلى إسرائيل في خمسينيات وستينيات هذا القرن الماضي، وتصوير المجموعتين كضحيتين لحرب العام 1948م " (14)
ويتابع منتج الخطاب أطروحاته" ففي العام 1975م، وفور إقامة "ووجاك" أوضح رئيس الكنيست يسرائيل يشعياهو قائلا" نحن لسنا لاجئين، أتينا إلى هذه البلاد قبل إقامة الدولة أيضا...وكانت لدينا تطلعات مسيانية"، كذلك فإن الوزير شلومو هيلل الذي عمل من أجل يهود العراق إلى إسرائيل.عارض بشدة قائلا:" أنا لا أتعامل مع خروج يهود الدول العربية كلاجئين. لقد أتوا لأنهم رغبوا في القدوم، كصهيونيين". وصرح عضو الكنيست ران كوهين خلال نقاش في الكنيست بانفعال:"أعلن لست لاجئا" وأضاف" أتيت بقوة الصهيونية وقوة جذب هذه البلاد وفكرة الخلاص.فلا يصفني أحد كلاجئ". لقد كانت معارضة الطرح المذكور شديدة إلى الحد الذي دفع رئيسة اللجنة السياسية في منظمة"ووجاك" أوراشفا يتسر إلى مطالبة سكرتاريا المنظمة بوقف الحملة. ففي العام 1949، رفضت الوزارة اقتراحا بريطانيا- عراقيا بإجراء تبادل للسكان (يهود عراقيين مع لاجئين فلسطينيين) وذلك خشية أن تضطر إلى توطين فائض لاجئين في (إسرائيل).ووصفت وزارة الخارجية "ووجاك" بأنها انفصالية وانعزالية، وطلبت منها الكف عن العمل بصورة مستقلة خلافا لمصالح الدولة، ثم توقفت الوزارة عن تقديم التمويل للمنظمة.كذلك قام وزير العدل يوسي بيلين بإقالة يعقوب ميرون من شعبة القانون العربي في وزارة العدل..."( 15)
يتضمن هذا الخطاب عددا من الخطابات التاريخية والقانونية والسياسية في داخله، لذا جاءت هذه الخطابات مدروسة بعناية في القرار 242 والذي يهدف إلى تبطين مشكلة اليهود العرب الشرقيين، بوصفهم لاجئين في القرار الأممي ،من هنا طلب العرب التخصيص ،والتحديد، بحيث يتضمن ذكر اللاجئين الفلسطينيين، فقوبل الطلب بالرفض .
وبقي سايروس فانس ملتزما بمصطلح (إيجاد حل ل"مشكلة اللاجئين" مما يعني أن تحديد المعنى في الجملة، وهو المقصود باللاجئين، يدرك من خلال إدراك المشكلة، ولكن المشكلة هنا متصلة باللاجئين بشكل عام. وملفوظ اللاجئون هو مصطلح قانوني، له تعريف في حالة المفرد لا الجمع وهو(اللاجئ ) الذي أتينا على ذكره آنفا، ، وإن ذكر بأل التعريف فهو لا يعطي الدلالة ذات صلة بالفلسطينيين، أو بالمعنى الوارد في التعريف القانوني له إلا بإضافة مصطلح ( كلمة الفلسطيني إلى اللاجئ في حالة المفرد)(إضافة الفلسطينيين إلى صيغة اللاجئين) في حالة الجمع،) ، ولكن بقي المصطلح عائما وضبابيا بقصد تكييف المصطلح وفقا لإغراض السياسية وغالبا ما تكون في هذا الشأن لصالح إسرائيل.
لذا فإن المصطلح يمكن أن ينطبق في هذه الحالة على أية حالة لجوء في العالم ، فالخطاب الإعلامي حول مشكلة اللاجئين اليهود من البلاد العربية، كما يتمظهر ذلك بوضوح للذوات المتلقية، بأن أحدث في داخله سلسلة من تناسل عدد من الخطابات، تاريخية، قانونية وسياسية. بحيث نرى أن كل خطاب من هذه الخطابات، يقوم من أجل خدمة الخطاب الآخر في شكل مصفوفة خطابية داخل الخطاب الإعلامي الرئيس.
فالخطاب التاريخي يكشف عن عملية تطور الفكر الصهيوني بين اتجاهين: اتجاه لا يريد الذهاب أبعد في الأطروحات الصهيونية عن وعي وإدراك، لأن ذلك سوف يقود إلى حتمية الدولة الثنائية القومية العنصرية أو "الدولة الواحدة العنصرية"، والاتجاه الثاني الذي أطلق عليه الخطاب اتجاه "ما بعد الصهيونية" والذي يحاول تعميم فكره من خلال شخصيات نافذة، وعبر تشكيل منظمات يهودية، وصهيونية لتبني أطروحاتهم ودعمها.
والسؤال الذي يطرح نفسه ، لماذا يرفض بعض الاتجاهات من اليهود العرب الذين هجروا من ديارهم من البلاد العربية،تصويرهم وتسميتهم ومعاملتهم كلاجئين؟ فالقراءة التحليلية، يمكن أن توفر الإجابة أو على الأقل، جزءا منها،لأن هناك تجاويف في العقل الصهيوني، والعقل اليهودي، والعقل الإسرائيلي، يقبع في داخلها أفكار مشتركة وفي نتوءاتها أفكار متنافرة، وبين شقوق هذه النتوءات المتنافرة، تتواجد بعض التوافقات الفكرية، حول قضية ما،لتشكل في المحصلة النهائية، عقلا جمعيا وحدا ، متشكلا من الأضلاع العقلية الثلاثة" الصهيوني، اليهودي الإسرائيلي".والذي يمكننا أن ننحت منه مصطلحا يضم فيه الضلوع المشكلة للعقل الجمعي وهو العقل الصهيواسراديني حتى نتمكن من الولوج إلى داخله، ومع ذلك تبقى كثير من المقاصد متبطنة وحبيسة داخله، حتى يحين موعد الإفصاح عنها، فتخرج من الخطاب وفقا للمصالح العليا للعقل الفردي داخل العقل الصهيواسراديني إلى أن تتوافق أو تتطابق المصلحة الفردية العليا في العقل الصهيوديئيلي "العقل الجمعي" ، والذي تدخل أضلعه أحياناً في حالة اشتباك مع بعضها البعض، ليس بهدف هيمنة عقل على عقل، بل بقصد التصويب للبوصلة باتجاه المصلحة الصهيوديئنيلية ،لإيجاد حالة توافق، أو اتفاق. فقد قادنا التحليل بعد الاعتماد على دراسة اللغة بدءا بالملفوظات وانتهاء بالانساق العبارية، إلى ما يلي:
اعتمد الخطاب الرفض لقضية اللاجئين على العقل الديني اليهودي تارة، و العقل الصهيوني تارة ثانية والعقل الإسرائيلي تارة ثالثة، وهذا يظهر في الملفوظات الواردة في الخطاب،ويمكن ذكرها كما يلي: (وكانت لدينا تطلعات مسيانية،، أتوا لأنهم رغبوا في القدوم، كصهيونيين، واتيت بقوة الصهيونية، وقوة جذب هذه البلاد وفكرة الخلاص ، .فلا يصفني أحد "كلاجئ" في إشارة إلى إسرائيل .
أما لماذا يرفض هؤلاء تسميتهم "لاجئين"، لأنه يخشى العرب اليهود "الشرقيين"من ثلاث مسائل ، حيث تظهر المعاني في الملفوظات،وداخل الأنساق العبارية، ويمكننا حصرها كما يلي:
1. تطبيق حق العودة على اليهود العرب بحيث يعودون إلى الدول العربية التي هجروا منها، أو التعويض لمن يرغب منهم على قدم المساواة مع حق العودة للاجئين الفلسطينيين خلال فترة زمنية يتفق عليها وبإشراف دولي(الأمم المتحدة)
2. خشية أن يعاملوا داخل إسرائيل معاملة أقل، لأنهم عرب شرقيين وهم يعانون من التمييز أصلا من اليهود الغربيين.
3. حق العودة لليهود الغربيين (أوروبا، وأميركا، وكندا) ما يعني وقف العمل بقانون العودة1951 وإنهاء المبررات الصهيودينية" للهجرة إلى فلسطين فيتراجع المشروع الصهيوني عن دوره في خدمة الكولونيالية الغربية، فتتراجع معه القدرة على التجنيد استنادا للأساطير الدينية،وبالتالي يتراجع دور إسرائيل وتتقلص وظيفتها الأمنية في منطقة النفط.
يصر الخطاب على تسمية العرب اليهود باليهود الشرقيين؛ لأنه يصر عن وعي إلى نفي الانتماء القومي عن العرب اليهود ، بهدف فصلهم عن منظومتهم الثقافية العربية، من أجل أن يربطهم بأواصر انتمائية جديدة، بمحددات هوية ثقافية يهودية جديدة أيضا.
والسؤال هنا لماذا لجأت إسرائيل إلى إعادة إحياء موضوع اللاجئين العرب(الشرقيين) في الآونة الأخيرة؟ وما هي الأهداف المرجوة من طرحها في الخطاب الإعلامي ؟ ماذا لو وافقت الدول العربية على عودة اليهود العرب إلى بلدانهم وتعويضهم، ليصبحوا مواطنين عرب من الديانة اليهودية أسوة بالمسيحيين العرب وحتى من غير العرب،مثل الأرمن والشركس والشيشان،وغيرهم؟
ووجدنا أن هناك خطاباً آخر يبدي رأياً مغايراً، وهو أنه " بدافع الرغبة في إيجاد حل سحري لمسألة اللاجئين عادت الدولة(المقصود إسرائيل) لتبني هذه الصيغة مجدداً، وهي تسعى الآن إلى دفعها قدما بحماس في المحافل الدولية.
ولعل من الجدير بنا سماع موقف وزير التربية والتعليم من الرواية التي تطرحها المنظمات اليهودية، في الحملة. فهل سيشكل الوزير لجنة في وزارته لملائمة كتب تدريس التاريخ مع التوجه لما بعد الصهيوني الجديد؟
يتعين على كل إنسان نزيه صهيونياً كان أم غير صهيوني، أن يقر بأن المقارنة بين الفلسطينيين وبين اليهود الشرقيين عديمة الأساس...فاللاجئون الفلسطينيون لم يطلبوا ولم يسعوا إلى مغادرة فلسطين في العام 1948 عندما دمرت الكثير من القرى والبلدات الفلسطينية، وطرد قرابة 750 ألف فلسطيني، وأرغموا على النزوح إلى خارج حدود فلسطين التاريخية. وهؤلاء الذين نزحوا، لم يتركوا بيوتهم بإرادتهم الحرة.
في المقابل، فقد أتى يهود الدول العربية إلى هذه البلاد بمبادرة من دولة إسرائيل، ومنظمات يهودية- قسم منهم جاء طواعية وقسم آخر رغما عن إرادته، بعضهم عاش بطمأنينة وآمان في الدول العربية، وبعضهم عاش في خوف وقمع... إن النكبة عملية فعالة واضحة، من جانب دولة إسرائيل، وليس فقط فوضى حرب. ... فمثل هذا التحايل يضيف خطأ على جريمة ويوسع المسافة أو الفجوة النفسية بين اليهود والفلسطينيين.حتى لو تنازل قسم من الفلسطينيين عن تجسيد حق العودة (كما قال مثلا د. خليل الشقاقي) فإنه لا يجوز تحقيق ذلك بمناورات والأعيب من هذا النوع.
ينبغي لأي اتفاق سلام، أن يمر عبر اعتراف إسرائيلي بمظالم الماضي، والوصول إلى حل عادل.أما المناورة الحسابية ، فإنها تحول إسرائيل دولة حسابات فاقدة للدعامة الأخلاقية والسياسية" (16)
يلجأ منتجو الخطاب الإعلامي إلى تضمين الخطاب بخطاب آخر،كما يتبين أدناه،ولكنه خطاب رسمي (وثيقة صادرة عن وزارة الخارجية الإسرائيلية) بهدف منح قوة للقضية المطروحة في خطابه، عبر اندماج الذات المنتجة للخطاب الرسمي في الذات المتكلمة والمنتجة للخطاب الإعلامي فتتوحد الذاتان في ذات متكلمة واحدة.
ولذا فإن"مسألة تعويض اللاجئين اليهود من الدول العربية ستكون جزءا لا يتجزأ من أي مفاوضات أو تسوية في المستقبل؟ قالت وثيقة جديدة صادرة عن وزارة الخارجية الإسرائيلية،حتى يومنا هذا يعاني اللاجئون اليهود من الدول العربية والإسلامية من إجحاف بحقهم، إذ تم إهمال حقوق ملكيتهم، والعدالة التي يستحقونها. وخلال مختلف أنواع المساعي ، التي تم بذلها، والمباحثات التي تم إجراؤها، سعيا وراء السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. صرف المفاوضون أنظارهم عن عنصر هام، من عناصر النزاع العربي الإسرائيلي.وهو تهجير نحو 850 ألفا من اليهود الذين كانوا مقيمين في الدول العربية، وفقدان ممتلكاتهم، والمتاعب التي واجهوها، عند هجرتهم إلى إسرائيل، واستيعابهم فيها.
أن الاتجاهات المناهضة لليهود، أخذت تزداد بمرور الوقت، حيث تم تطبيق برنامج منهجي، لقمع اليهود واضطهادهم في الدول العربية، وفي الفترة ما بين1948و1951،تم تهجير 850 ألف يهودي من الدول العربية،إما بالطرد المباشر،وإما بإجبارهم على الهجرة، ليصبحوا لاجئين.وفي الواقع، بدأت هجرة سكانية في اتجاهين، من خلال إيجاد مجموعتين من اللاجئين، علما بأن الدول العربية بقيادة الجامعة العربية،كانت هي المسئولة عن إيجاد كلا المجموعتين،من اللاجئين، المجموعة اليهودية والمجموعة الفلسطينية
وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية قد عقدت في مطلع شهر نيسان الفائت مؤتمرا خاصا برئاسة نائب وزير الخارجية داني أيالون. قدمت فيه لأول مرة، تقريرا خاصا صادرا عنها، بعنوان"اللاجئون اليهود من الدول العربية".... وافتتح المؤتمر أيالون بخطاب أكد فيه ضرورة الاعتراف بما طال اليهود من إجحاف تاريخي وتشويه للعدالة من جانب الدول العربية ابتداء من 1948. وخاطب أيالون جامعة الدول العربية بشكل مباشر في مناسبة مرور عشرة أعوام بأن تعترف بذنبها التاريخي، وأن تتحمل المسؤولية عن طرد اليهود من الدول العربية،الأمر الذي أدى إلى تحويلهم إلى لاجئين،وبأن تعترف في الوقت ذاته،بالمسؤولية عن نشوء مشكلة اللاجئين الفلسطينيين جراء شن الحرب على إسرائيل، وأضاف أن مسألة تعويض اللاجئين اليهود ستكون جزءا لا يتجزأ من أي مفاوضات أو تسوية في المستقبل، وسوف يرتكز التعويض المالي على مبادئ "صندوق كلينتون" من العام 2000،التي سيتم وفقا لها تعويض اللاجئين اليهود والفلسطينيين،وكذلك التي قامت باستيعابهم، مثل إسرائيل والأردن، أن إسرائيل سوف تصر على دمج اللاجئين الفلسطينيين في الدولة الفلسطينية لدى قيامها، تماما كما تم استيعاب اللاجئين اليهود في إسرائيل".".( 17).
يطرح الخطاب معادلة اللجوء بشكل متوازن ومتساو في نسق عباري، ولكن بقصد تحميل المسؤولية للدول العربية،وليس للمشروع الصهيوني، بدليل أن الخطاب الإعلامي قد ضمن داخله خطابا تاريخيا،محمولا على خطاب رسمي مضلل.
من هنا، اتكأ الخطاب الإعلامي في بناء إستراتيجيته على توظيف الخطاب التاريخي، في الوقت الذي اعتمد الخطاب التاريخي الذي تم توظيفه في بنائه على تقنيات سردية مختارة بعناية في عملية بناء الخطاب السياسي، وبهذا تتشكل المقاصد، التي هدفها إعادة التغذية للعقل الصهيواسراديني ، وإعادة الشحن لهذا العقل ، الذي يستطيل في موضوعي اللاجئين والاستيطان، نتيجة شحنه، بطاقات أيديولوجية ودينية وتاريخية، تضاف إلى مجموع التصورات والأفكار المخبوءة، والمحتقنة في تلافيفه، بهدف تعميق الانتماء للمكان الذين يعيشون فيه اليوم، وليس إلى ذلك الفردوس المفقود في البلدان العربية- لأنهم قتلوا وطردوا أو حبسوا أو عانوا هناك- فكل ما يريدونه اليوم، هو التعويض المالي، والمتروك للجان التقدير المختصة.
والمقصد الثاني: هو التعبئة المستمرة ضد العرب، من هنا، نجد أن الخطاب الرسمي استعمل مصطلح" المعاناة للاجئين اليهود" وحددها في حقوق الملكية. وفي المتاعب التي ترتبت على الهجرة، وإخضاع تحقيق هذه العدالة لهم لأي مفاوضات أو تسوية في المستقبل.ولم يشر الخطاب إلى أن اليهود هم في الأصل عربا قبل أن يكونوا يهودا فالعرقية أسبق من الدين، والتدين.
فقد مارس منتجو الخطاب الرسمي،الاكراهات والاستبعادات والاقصاءات للغة القادرة على التعبير عن قضية اللاجئين الفلسطينيين،من معاناة،وحقوق...الخ، وعن المسؤولية الأخلاقية الواقعة على الحركة الصهيونية في البدايات، وعلى إسرائيل بعد قيامها، من هنا مارس منتجو الخطاب سلطتهم على الخطاب فاختاروا لغة ذات سلطة ضعيفة، قابلة للإخضاع والسيطرة، لسلطة منتج الخطاب وبهذا تتشكل سلطة الخطاب،وتؤدي أغراضها في التأثير على الذوات المتلقية،ولتعزيز هذه السلطة للخطاب استعمل منتجه أسلوب التقابل بين اللاجئين،ويمكننا إدراك ذلك، عبر رصد اللغة التي استعملها للتعبير عن مشكلة اللاجئين العرب اليهود من البلاد العربية، وقضية اللاجئين الفلسطينيين،ففي المتقابلة الأولى استعمل منتج الخطاب ملفوظات ذات دلالات ومعاني متاحة وقريبة ولا تحتاج إلى مؤولين لكشف المعنى، لكي يوصل مقاصده إلى الرأي العام،" من إجحاف بحقهم، إهمال حقوق ملكيتهم، والعدالة التي يستحقونها،. تهجير نحو 850 ألفاً من اليهود الذين كانوا مقيمين في الدول العربية، وفقدان ممتلكاتهم، والمتاعب التي واجهوها، عند هجرتهم إلى إسرائيل، واستيعابهم فيها. وتأميم أملاك لهم بملايين الدولارات،.كما منع عمل اليهود في الوزارات؟،وفرضت قيود صارمة على تشغيلهم،في الدوائر الحكومية بشكل عام ، بحيث فقد العديد منهم مصدر رزقهم.
كما استخدم الخطاب ملفوظ "إسرائيل، لما يحمل هذا الملفوظ من دلالات سياسية وسيادية وجغرافية وقانونية وتاريخية،واستخدم ملفوظ "فلسطينيين" في حالة عائمة، فالملفوظ لا يحمل أي إشارة إليهم كشعب وكذلك، تجنب الإشارة إلى ممثلهم الشرعي والوحيد منظمة التحرير الفلسطينية، للإيحاء بتعدد التمثيل، وتعدد المرجعيات السياسية، لأن الذي يفاوض هو المنظمة، والاستعمال يقصد إلى التجزئة السياسية ولتكريس حالة الانقسام السكاني والمجتمعي توطئة للانفصال ؟ وإن لم يفصح الخطاب عن ذلك بلغة واضحة، أو بملفوظ يحمل دلالة إلى هذه المعاني التي ذكرناها، ولكنها معان متبطنة داخل الملفوظات، وحتى أنه لم يضع مفردة تسبقه للتخصيص مثل قوله"اللاجئون الفلسطينيون، ليبقى المصطلح الظاهر والمكرر هو " اللاجئون اليهود من الدول العربية" بهدف ترسيخها في الأدبيات الإسرائيلية والدولية، وترسيخها في الوعي واللاوعي الإسرائيلي الدولي والعربي.
والأهم من ذلك، أن الخطاب الرسمي يتعاطى مع المشكلة "اللاجئين اليهود"، ، رقميا، عدديا بقصد التضخيم، تضخيم المأساة، تضخيم الأضرار، وبالتالي تضخيم الأرقام المالية التعويضية، عندما تدخل المعادلة عملية التسوية النهائية، ويتجاهل منتج الخطاب حق العودة للعرب اليهود إلى بلدانهم العربية، الذين خرجوا أو أخرجوا منها قسرا بتواطؤ النظم الرسمية العربية، نتيجة عقد اتفاقات سرية في ذلك الوقت، أو نتيجة لعمليات إرهابية قامت بها الحركة الصهيونية ضد اليهود في مصر، والعراق بهدف ترحيلهم عن البلاد.ولكن الخطاب يعترف بوجود مجموعتين من اللاجئين، بهدف تحميل المسؤولية للجامعة العربية كاملة،( في الفترة الواقعة،ما بين1948و1951،إذ يحرص الخطاب على الناحية العددية، للغايات التي أوردناها سابقا،وذكر تهجير 850 ألف يهودي من الدول العربية، إما بالطرد المباشر وإما بإجبارهم على الهجرة، ليصبحوا لاجئين، علما بأن الدول العربية بقيادة الجامعة العربية، كانت هي المسئولة عن إيجاد كلا المجموعتين،من اللاجئين، المجموعة اليهودية والمجموعة الفلسطينية).
ولم يشر الخطاب، ولو بالتلميح إلى المسؤولية الأخلاقية،عن تهجير آلالاف الفلسطينيين من ديارهم،ولم يأت على ذكر دور العصابات الصهيونية التي قامت بارتكابها المجازر ضد الفلسطينيين، من أجل تحقيق حركة تبادل سكاني لجوئي، مما ترتب عليها، الأوضاع الإنسانية المأساوية للفلسطينيين، واقتلاع العرب اليهود من البلدان العربية، وهذه التبادلية اللجوئية، يمكن تسميتها بالتفريغ والإحلال، تفريغ الأرض الفلسطينية من سكانها وإحلال العرب اليهود وغيرهم في "محلهم" مكانهم .
فالبنية اللغوية المستعملة، تسير في سياق فصل البعد العرقي(القومي) عن العرب اليهود بقوله:"اللاجئون اليهود من الدول العربية.وليس اللاجئون العرب اليهود، لأن الإنسان سابق على الأديان. فالدين ليس عرقا أو قومية.
فالخطاب كما هو واضح يتبنى رؤية محددة بقصد تحميل المسؤولية لجامعة الدول العربية، لذا، يحرص على مطالبة جامعة الدول العربية ب"الاعتراف بما طال اليهود من إجحاف تاريخي وتشويه للعدالة من جانب الدول العربية ابتداء من 1948. وبأن تعترف بذنبها التاريخي، وأن تتحمل المسؤولية عن طرد اليهود من الدول العربية،الأمر الذي أدى إلى تحويلهم إلى لاجئين".
ومن ثم، يمضي الخطاب في انتقاء مفرداته التي تحمل المعنى التجريمي ذاته ، " بذنبها التاريخي" فالضمير في كلمة "ذنبها" يعود على جامعة الدول العربية، والذي يستعمله بالضرورة، وكما ستتضح صورته وأهميته بعد الاعتراف بالذنب، يأتي العقاب، وهو التعويض المالي وفقاً " لمبادئ "صندوق كلينتون" من العام 2000، لتعويض اللاجئين اليهود والفلسطينيين،وكذلك التي قامت باستيعابهم، مثل إسرائيل والأردن"
ويطالب الخطاب الرسمي الجامعة العربية بالاعتراف ب " المسؤولية عن نشوء مشكلة اللاجئين الفلسطينيين جراء شن الحرب على إسرائيل"، وكأن إسرائيل كانت دولة قائمة منذ زمن مثل الدولة العثمانية أو الدول الغربية ، ولا يحمل منتج الخطاب لا من قريب ولا من بعيد المشروع الصهيوني الاستيطاني الإحلالي، والذي تم تفعيله بعد وعد بلفور ، وبقوة غطاء صك الانتداب البريطاني، والذي جاء لإنشاء دولة يهودية ولحماية المهاجرين من اليهود.
وأما الرسالة الأخطر الواردة في الخطاب فهي التأكيد على البنية الإستراتيجية للعقل الصهيواسراديني وهي التوطين للاجئين الفلسطينيين، حتى تبقى إسرائيل ذات غالبية يهودية، وليست ثنائية القومية، يشكل فيها الفلسطينيون الغالبية، الأمر الذي سيتمخض عنه تحويل إسرائيل إلى كيان تمييز عنصري، في حال "أن إسرائيل سوف تصر على دمج اللاجئين الفلسطينيين في الدولة الفلسطينية لدى قيامها،تماما كما تم استيعاب اللاجئين اليهود في إسرائيل".ولكن هناك خطاب آخر، لكنه وقف على مسافة بعيدة من هذا الخطاب ويمكننا أن نسميه خطاب الضد، والرد في آن معا، ليكون في مواجهة مع الخطاب الرسمي "الوثيقة" الذي ضمنها الخطاب الإعلامي داخله، وعلى غيرها من الأنشطة التي قامت بها وزارة الخارجية الإسرائيلية ذات الصلة بموضوع"العدالة للاجئين اليهود من الدول العربية" فقد جاء الرد من خطاب معارض ومتضاد مع الخطاب الإسرائيلي الرسمي، والذي يمكننا أن نسميه "خطاب الضد" لأنه ضد كل ما يطرحه الخطاب الرسمي بخصوص اللاجئين اليهود من الدول العربية، وهذا الخطاب جاء على شكل مقابلة صحافية، فحمل في داخله سرديات تاريخية، بهدف كشف، وفضح عمليات التضليل التاريخي، وللمؤامرة على اليهود العرب في الدول العربية.
ففي خطاب المقابلة التي أجراها المشهد الإسرائيلي مع الناشط السياسي الإسرائيلي العراقي الأصل صديق صديق، الذي كان عضوا في الحزب الشيوعي العراقي، وانتسب إلى الحزب الشيوعي الإسرائيلي بعد مجيئه إلى إسرائيل،وعن سؤال من المشهد الإسرائيلي حول كيف يرى الحملة الإسرائيلية فيما يتعلق ب"اللاجئين اليهود من الدول العربية"قال :" لا توجد قضية لاجئين يهود،وإنما هناك قضية لاجئين واحدة،هي قضية اللاجئين من الشعب العربي الفلسطيني في العام 1948.وإثارة إسرائيل لقضية لاجئين يهود،هي مجر د تغطية لرفضها، حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه الوطنية، وإقامة الدولة الفلسطينية في العام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وأنا اعتقد أن على إسرائيل أن تلتزم بقرارات الأمم المتحدة لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين، وهي قرارات صدرت منذ نهاية سنوات الأربعين، وإسرائيل لم تطبق هذه القرارات أيضا، وإثارة قضية التعويضات لليهود من الدول العربية،الآن، يريدون منها التغطية على محاولات إسرائيلية لمنع طرح قضية الشعب العربي الفلسطيني أمام الجمعية العامة في دورتها السنوية الحالية.
وعن أسئلة وجهها المشهد الإسرائيلي،متى هاجر؟ وكيف هاجر؟ وما هي الدوافع؟ وعن الضغوط أجاب صديق صديق قائلا:"أنا مولود في العراق،وهاجرت إلى إسرائيل في العام 1951، ولم أهاجر وحدي؟.، ومجيئنا إلى إسرائيل تم من خلال مؤامرة وصفقة جرى تنفيذها، في العام 1947، في سويسرا بين[رئيس الحكومة العراقية] نوري السعيد ودافيد بن غوريون[رئيس حكومة إسرائيل] وقضت هذه الصفقة ببيع يهود العراق، من خلال مغادرتهم لبلادهم والمجئ إلى إسرائيل.وعن شكل الصفقة قال:"كان هذا لقاء سريا، فقد التقيا وجها لوجه في سويسرا وأبرما هذه الصفقة بخصوص يهود العراق، وقد ثبت في المحاكمات التي جرت في العامين1958- 1959، بعد ثورة عبد الكريم قاسم،،أن الحكومة العراقية وخصوصا رئيس الحكومة توفيق السويدي، تسلم مقابل رأس كل يهودي جنيها استرلينيا، وبعد هذه الصفقة مارس نوري السعيد ضغوطا اقتصادية وسياسية ضد يهود العراق، من أجل إرغامهم على مغادرة بلدهم ووطنهم...
وحول قصة تفجير الكنس في العراق في ذلك الوقت قال صديق أنها"إحدى الوسائل التي استخدمت لإرغام يهود العراق على مغادرة وطنهم هي الحركة الصهيونية، بواسطة عملائها، نفذت تفجيرات في كنس اليهود،من أجل أن يقال أن العرب يفجرون الكنس كي يطردوا اليهود.
لكن تم إلقاء القبض على يهود كانوا ضالعين في تفجير الكنس اليهودية في بغداد، وأعتقد أنه قتل أشخاص جراء ذلك، لكني لا أتذكر بالضبط أعدادا أو أسماء. لكن ما أريد قوله أن زعامة الدول العربية،مثل نوري السعيد،والحكومات الهاشمية في العراق وغيره،تعاونت مع إسرائيل ضد اليهود في الدول العربية.والعلاقات بين إسرائيل والمغرب، مثلا كانت وثيقة جدا ...لكن الأمر الذي أود توضيحه هنا،هو أن يهود العراق لم يأتوا إلى إسرائيل انطلاقا من دوافع صهيونية. وكانت غالبية يهود العراق من التقدميين الذين انخرطوا في نضال الشعب العراقي ضد الاستعمار البريطاني والرجعية العراقية.وكان عدد كبير من يهود العراق أعضاء في الحزب الشيوعي العراقي، وكان قسم منهم قيادات هذا الحزب،كما أن المئات من يهود العراق الشيوعيين كانوا في السجون وقسم منهم تم إعدامه في هذه السجون."(18).
لقد أوردنا خطاب المقابلة المنشور في المشهد الإسرائيلي الصادر عن مدار من أجل الكشف عن الفروقات في بناء الخطابين، وهذا راجع إلى اختلاف مرجعيات المنتجين لهذين الخطابين واختلاف مقاصدهما.
بقراءة متأنية لخطاب الضد يتبين لنا حجم المفارقة التي تحملها الأحداث الخطابية المشكلة لهذا الخطاب، فكل حدث خطابي يحمل مفارقة متضادة مع الحدث الوارد في الخطاب السابق،لأن الحدث الخطابي متشكل من نسق عباري حامل لحقائق تاريخية عايشها منتج الخطاب،ولهذا جاءت المفارقة واضحة لأن الخطاب الرسمي حرص على استعمال اللغة البلاغية للتأثير على الرأي العام ويتجلى ذلك بوضوح في الأحداث الخطابية،" من إجحاف بحقهم، إذ تم إهمال حقوق ملكيتهم، والعدالة التي يستحقونها. تهجير نحو 850 ألفاً من اليهود الذين كانوا مقيمين في الدول العربية، وفقدان ممتلكاتهم، والمتاعب التي واجهوها، عند هجرتهم إلى إسرائيل"
وتتضح تجليات الاستبعادات والاكراهات للخطاب الرسمي من خلال حرص خطاب الضد على إظهار الأحداث الخطابية التي اشتغل الخطاب الرسمي على استبعادها وهي:
1. اعتراف خطاب الضد بقضية اللاجئين الفلسطينيين،والاعتراف بعروبتهم وعروبة فلسطين، لأن منتج الخطاب عربي يهودي من العراق ، ولأن قضية اللاجئين الفلسطينيين نشأت في العام 1948 .
2. إظهار أهداف الخطاب الرسمي، لكونه الحاضن لأهداف الحكومة الإسرائيلية من إثارة هذه القضية :
وهي اختراع غطاء تاريخي مفتعل ومضلل لحجب الرؤية عن الرفض والتعنت الإسرائيلي لإقامة دولة فلسطينية في حدود العام 1967، والهدف الثاني لطرح هذه القضية هو منع طرح قضية الشعب الفلسطيني أمام الجمعية العامة في دورتها الحالية.ويطالب خطاب الضد إسرائيل أيضا،الاعتراف بقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بقضية اللاجئين الفلسطينيين.
ويؤكد خطاب الضد على حقيقة مفادها أن عدد المهاجرين من العراقيين العرب اليهود قد بلغ حوالي 130 ألف، وهو يذكر رقما في مواجهة تضخيم الرقم في الخطاب الرسمي، وهذا كشف أركولوجي عن عملية التهجير الجماعي من منتج لخطاب الضد الذي عايش الأحداث،التي ألمت باليهود العرب في البلاد العربية، وقدم دليلا على سرعة الاقتلاع لهم من منابتهم الأصلية. وأبرز خطاب الضد عمليات الإكراه والاستبعاد الذي مارسه الخطاب الرسمي موظفا مجال السلطة للسيطرة على الخطاب، والذي يكشف عنه خطاب الضد، بأن عملية التهجير كانت نتيجة مؤامرة، وصفقة تمت بين نوري السعيد ودافيد بن غوريون، وأن هذه الصفقة،حيث كان اللقاء سريا (فقد التقيا وجها لوجه في سويسرا، وأبرما هذه الصفقة بخصوص يهود العراق، وقد ثبت في المحاكمات التي جرت في العامين1958- 1959، بعد ثورة عبد الكريم قاسم،،أن الحكومة العراقية وخصوصا رئيس الحكومة توفيق السويدي، تسلم مقابل رأس كل يهودي جنيها استرلينيا، وبعد هذه الصفقة مارس نوري السعيد ضغوطا اقتصادية وسياسية ضد يهود العراق، من أجل إرغامهم على مغادرة بلدانهم ووطنهم)، فقد اقتضت بيع اليهود العرب العراقيين عبر مغادرتهم وطنهم وبلدهم والمجئ إلى فلسطين(إسرائيل) في العام 1948.
ويكشف خطاب الضد عن مقاصد الخطاب الرسمي من وراء استبعاد هذه المؤامرة ،التي كانت تحوكها الحركة الصهيونية مع النظم العربية المتواطئة والمتورطة،"كانت مؤامرة بين الحركة الصهيونية والرجعية العربية التي حكمت في ذلك الوقت،وهذه المؤامرة طالت اليهود في دول عربية أخرى. وشاركت في تنفيذها الجماعات الصهيونية في هذه الدول.وفي العراق كان الهدف هو إرغام اليهود على الهجرة إلى إسرائيل.نلاحظ استخدامه لمصطلح"الرجعية العربية" هذا المصطلح الذي شاع استعماله في الأدبيات السياسية للأحزاب الشيوعية العربية، واستخدامه هنا يأتي في سياق الاغتراف من هذه المرجعية،لأنه كان عضوا في الحزب الشيوعي العراقي.
ويفضح خطاب الضد ما قام باستبعاده الخطاب الرسمي، وهو الادعاءات الصهيونية حول استعمال العنف ضد اليهود من أجل تعزيز الخوف ودفعهم للهجرة إلى فلسطين(إسرائيل) في العام 1948.من خلال إيراده" قصة تفجير الكنس في العراق" في ذلك الوقت والتي عدها الخطاب أيضا أنها كانت "إحدى الوسائل التي استخدمت لإرغام العرب اليهود من العراق على مغادرة وطنهم هي الحركة الصهيونية، بواسطة عملائها، نفذت تفجيرات في كنس اليهود، من أجل أن يقال أن العرب يفجرون الكنس كي يطردوا اليهود
وأما الاستبعاد والإكراه الذي مارسه الخطاب الرسمي، وعمل خطاب الضد كشفه وفضحه، فهو تورط النظم العربية الرجعية في تهجير الفلسطينيين ،" تعاونت الرجعية العربية مع الصهيونية على ترحيل اللاجئين الفلسطينيين"، من فلسطين في العام 1948.
ويؤكد خطاب الضد على مسألة في غاية الأهمية، وهي أن تهجيرهم إلى فلسطين لم يكن بسبب أيديولوجي صهيوني، وإنما جاء نتيجة الإجراءات الإرهابية التي مورست في العراق ضد العراقيين اليهود، ولدفعهم إلى الهجرة." فيهود العراق لم يأتوا إلى إسرائيل انطلاقاً من دوافع صهيونية، وكانت غالبية يهود العراق من التقدميين الذين انخرطوا في نضال الشعب العراقي ضد الاستعمار البريطاني والرجعية العراقية.
وكان عدد كبير من يهود العراق أعضاء في الحزب الشيوعي العراقي"بل،أنه في المحصلة والنتيجة النهائية أننا قد"خرجنا من العراق بالملابس التي كنا نرتديها، وحصل كل واحد منا على خمسة دنانير، لكن تم تجميد أرصدتنا في البنوك، وصادروا أملاكنا ومحلاتنا التجارية، وحصلت حكومة العراق على كل شئ".على الرغم من"أن يهود العالم يفضلون البقاء في أوطانهم، إلا أن الصهيونية تعتبرهم رأس جسر الاستيطان" لشعب يهودي عالمي"وتنكر خلقها لهذه القوميات"(19)
يطرح الخطاب آليتين لتعويض اللاجئين الفلسطينيين واليهود من الدول العربية،وهما:
أولا: العرض الذي قدمه بن غوريون، عرضا لتعويض اللاجئين الفلسطينيين، وهي أملاك اليهود في البلاد العربية، فقد قال بن غوريون،إن تعويض اللاجئين الفلسطينيين،ينبغي أن يتم من خلال أملاك اليهود الذين كانوا في الدول العربية".
وقد كان للعرب اليهود العراقيين، أملاك كثيرة، وكأن بن غوريون يريد أن يكمل معادلة التفريغ والإحلال، بمعادلة تبادل للجغرافيا عبر طرح فكرة التعويض عن طريق الأملاك، للعراقيين اليهود، وبهذا يتم توطين الفلسطينيين الذين هجروا عن طريق العنف والقتل كما هجر العراقيون اليهود عن طريق العنف في عملية تبادلية وإلا كيف وصل اللاجئون الفلسطينيون إلى العراق.
ثانيا: يطرح منتج خطاب الضد آلية لتعويض العرب اليهود، الذين هجروا من العراق إلى فلسطين، وهي أن تقوم الحكومة الإسرائيلية بتعويضهم "ويجب أن نأخذ تعويضاتنا على هذه الأملاك،من الحكومة الإسرائيلية.ومع ذلك، فإننا لم نحصل على أي شئ ، خرجنا من العراق بالملابس التي كنا نرتديها،وحصل كل واحد منا على خمسة دنانير"
لقد استخدم منتج الخطاب عددا من الملفوظات في سياق عباري ليؤشر بها على أيدلوجيته، وهي" التقدميين، الذين انخرطوا في نضال الشعب العراقي ضد الاستعمار البريطاني والرجعية العراقية. وكان عدد كبير من يهود العراق أعضاء في الحزب الشيوعي العراقي".
اللاجئون الأفارقة:
أما اليوم فتواجه إسرائيل مشكلة أخلاقية من نوع آخر ، وذلك انطلاقاً من مزاعمها الديمقراطية والإنسانية، بأنها دولة ديمقراطية في تعيش وسط محيط عربي استبدادي متخلف، ومتعصب،ألا وهي مشكلة اللاجئين الأفارقة.
إذ يعاني المجتمع والحكومة الإسرائيليين معا، من هذه المشكلة الأخلاقية الثالثة، وهي مشكلة اللاجئين الأفارقة، والتي يمكننا رصدها وتضمينها لإستراتيجية القبول والرفض للاجئين التي تبناها الخطاب الإعلامي الإسرائيلي، ففي خطاب المقابلة التي أجرها المشهد الإسرائيلي مع المرشح السابق لرئاسة بلدية تل أبيب، وعضو الكنيست عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة الدكتور "دوف حنين، يكشف عن النظرة الإسرائيلية العنصرية للآخر:" لماذا ترفض إسرائيل حتى اليوم معالجة قضية اللاجئين الأفارقة الموجودين فيها ؟
حنين: "دخول اللاجئين الأفارقة يتناقض مع أيديولوجية الحكم في إسرائيل،التي تنص على أن إسرائيل هي دولة بإمكانها استقبال أفراد في البلاد بشرط، واحد فقط ،وهو أن يكونوا يهودا. والأفراد الذين ليسوا يهودا لا يستقبلهم الحكم هنا بالترحاب،ولذلك فإن دخول اللاجئين يتناقض مع هذه الإيديولوجية" لكن اللاجئين غير اليهود تسعى الحكومة إلى نفي محنتهم.وهو النفي نفسه والمحنة نفسها التي شاهدناها على مدار سنوات طويلة تجاه اللاجئين الفلسطينيين ونحن نشهدها اليوم تجاه اللاجئين الأفارقة."( 20)
يقف الخطاب على عتبة المفارقة العنصرية التي تحرص الحركة الصهيونية على تغذيتها باستمرار، وهي العمل على دعم كل قانون أو تشريع، يمكن أن يساعد على ضمان هجرة اليهود إلى فلسطين، ومقاضاة كل من لا يساعد على ذلك، والتنصل والتنكر للقانون الدولي من قبل إسرائيل عندما يتعلق الأمر بالآخر(فلسطيني،أم أفريقي)، فتصبح دولة فوق القانون. ولكن المفارقة العنصرية الأهم، وهي معاملة اللاجئين اليهود الذين لا يعانون من أي خطر كان، ويتم اقتلاعهم من أوطانهم الأصلية، لتزرعهم في فلسطين، ( لأن اللاجئين اليهود يستقبلون بالترحاب ويفرش لهم بساط احمر). فهي ترفض عودة اللاجئين الفلسطينيين الذين اقتلعتهم الحركة الصهيونية من أرضهم، وبيوتهم، ووطنهم عن طريق استعمال القوة (المجازر، والتطهير العرقي،الطرد،الترحيل) بقصد تفريغ الأرض من السكان الأصليين ، ولكن بعض الخطابات تتبنى إستراتيجية نقدية للسلوك غير الإنساني فتكشف هذه الخطابات عن كيفيات المعاملة العنصرية للاجئين الأفارقة.
" إن مدعي البلاهة إزاء من يرفضون إيجار الأثيوبيين شققا وبيعها، هم الأشخاص أنفسهم الذين داسوا تحذير "شلومو مولا"، وأجازوا "قانون لجان التمييز" الذي يدعو المواطنين إلى منع" من لا يلاءمون النسيج الاجتماعي- الثقافي" من أن يصبحوا جيرانهم. وهو النظام الذي لا يزال ينفق على حاخمي المدن ويدعمهم وهم الذين حظروا بيع العرب شققا وإيجارها. وهو نظام شعب اللاجئين الذي أجاز تحت جنح الظلام بإشراف نتنياهو قانون إنشاء معسكرات اعتقال للاجئين الأفارقة ثلاث سنين بدون محاكمة، وليس هذا في الداخل فقط، ... تميزت نظم فاشية باختيار الطريق المعاكسة طريق ، والعنف الداخلي مع المقامرة الخارجية التآمرية نحو الخارج إن العيون الدهشة ترى نظام نتنياهو يبتنى الرزمة كلها" (21)
في هذا الخطاب نجد أن التمييز العنصري الإسرائيلي قد اتخذ من الأغيار(الإثيوبيين والفلسطينيين العرب في إسرائيل،هدفا لهذه العنصرية، ويتجلى ذلك بوضوح في استعمال منتج الخطاب أنساق عبارية تكاد تكون متساوية ، مع أنها متشابه،ومتساوية ومتكافئة ( يرفضون إيجار الأثيوبيين شققا وبيعه حظروا بيع العرب شققا وإيجارها).
المراجع
1- الفين كرنان،موت الادب،ترجمة بدر الدين حب الله الديب، المجلس الاعلى للثقافة ،مطابع الاميرية ،الكويت2000،ص171
2- دمتري شومسكي، عنوان المقال، ،الحديث عن النكبة الآن، هآرتس، الأربعاء23، /5/2012، الحياة الجديدة،الخميس،24/5/2012
3- دمتري شومسكي، عنوان المقال، ،الحديث عن النكبة الآن، هآرتس، الأربعاء23، /5/2012، الحياة الجديدة،الخميس،24/5/2012
4- ) دمتري شومسكي، عنوان المقال، ،الحديث عن النكبة الآن، هآرتس، الأربعاء23، /5/2012، الحياة الجديدة،الخميس،24/5/2012
5- ) دمتري شومسكي، عنوان المقال، ،الحديث عن النكبة الآن، هآرتس، الأربعاء23، /5/2012، الحياة الجديدة،الخميس،24/5/2012
6- عكيفا الدار،عنوان المقال( من يقول طردنا) هارتس،الثلاثاء،24/1/2012 الحياة الجديدة،25/1/2012
7- ) رؤوبين باركو، عنوان المقال" البغض الاسلامي لأميريكا"اسرائيل اليوم،الأربعاء،19/9/2012،الايام الخميس،20/9/2012 ،
8- فيليب دوفور،فكر اللغة الروائي،ترجمة هدى مقنص،مركز دراسات الوحدة العربية،ط1، بيروت ،2011،ص17.
9- ) يهودا شنهاف، استاذ علم الاجتماع في جامعة تل أبيب، عنوان المقال( هاجس النكبة وحسابات اللاجئين- المقارنة بين اللاجئين الفلسطينيين واليهود الشرقيين آثمة وغير أخلاقية" ترجمة سعيد عياش، المشهد الإسرائيلي، الثلاثاء،25/2/2012. المركز الفلسطيني للدراسات الإسرئيلية "مدار" رام الله ص 7
10- ) غيلا غملئيل،عنوان المقال(لاجئو الدول العربية من اليهود أولا)،إسرائيل اليوم،الخميس، 27/9/2012، الحياة الجديدة، الجمعة،28/9/2012.
11- مرجع سابق ،غيلا غملئيل،عنوان المقال(لاجئو الدول العربية من اليهود أولا)،
12- ميشل فوكو، نظام الخطاب،ترجمة محمد سبيلا،دار الفارابي،بيروت، ص 20-21.
13- جدعون ليفي،عنوان المقال(كم وطنا لكم؟) هارتس،الخميس، 20/9/2012 .الحياة الجديدة،
14- ) يهودا شنهاف،عنوان المقال"هاجس النكبة وحسابات اللاجئين،المقارنة بين اللاجئين الفلسطينيين واليهود الشرقيين آثمة وغير أخلاقية"ترجمةس.عياش، المشهد الإسرائيلي، تصدر عن مركز مدار،الثلاثاء،25/9م2012
15- مرجع سابق يهودا شنهاف،عنوان المقال"هاجس النكبة وحسابات اللاجئين،المقارنة بين اللاجئين الفلسطينيين واليهود الشرقيين آثمة وغير أخلاقية".
16- مرجع سابق،يهودا شهناف، عنوان المقال"هاجس النكبة وحسابات اللاجئين،المقارنة بين اللاجئين الفلسطينيين آثمة وغير أخلاقية واليهود الشرقيين.
17- المشهد الاسرائيلي،"وثيقة جديدة صادرة عن وزارة الخارجية الإسرائيلية" مسألة تعويض اللاجئين اليهود من الدول العربية ستكون جزءا لا يتجزأ من أي مفاوضات" المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية(مدار9 رام الله، الثلاثاء ،15/5/2012
18- بلال ضاهر"مقابلة خاصة مع ناشط سياسي إسرائيلي من أصل عراقي،صديق صديق" المشهد الإسرائيلي،الثلاثاء، 9/10 /2012.المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار"رام الله.ص 1.
19- شلومو ساند،اختراع الشعب اليهودي،ترجمة سعيد عياش، تدقيق،أسعد زعبي،مراجعة وتقديم: أنطوان شلحت،المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية(مدار)رام الله، 2010،ص10
20- ) ب. ضاهر" إسرائيل تنتهك( معاهدةحقوق اللاجئ) في كل ما يتعلق باللاجئين من افريقيا) المشهد الإسرائيلي،الثلاثاء،29/5/2012.
21- ) ساف راخلفسكي، هارتس،الثلاثاء،24/1/2012.الحياة الجديدة،25/1/2012، الجمعة،21/9/2012