قلها بصدق وإخلاص ونقاء قلب وروح وضمير
لله على ما منحك من فيض فضله وإحسانه
كرما ووجودا ورزقا ونعما لا تعد ولا تحصى!!
وقلها لوالديك ؛ أمك وأبيك اعترافا بفضلهما عليك
وقلها لمن يسدي إليك خيرا ، أو شرا
فيزيد عطاء المحسن لك أن قدرته وبلطف ردك شكرته
ويقل شر المسيء إليك لأنك لم ترد عليه الإساءة بمثلها
شكرًا .
الشكر عمل إيجابي , وقيمة أخلاقية رفيعة , لأنه يستوجب سبق تقديم أداء من المشكور بإحسان وفضل ,حصلَ منه على الرضا والإقبال بالمزيد من العطاء المقابل على من قدم الشكر له .
تأمل قول الله تعالى لنبيه داود عليه السلام :{يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }سبأ13
وقد فسره بعض أهل التفسير منهم ـ محمد بن كعب الكرظي ـ قال : الشكر : العمل .
وهذا الشكر هو الحمد والثناء على نوعين ؛
الشكر العام , والشكر الخاص :
فأما الشكر العام ؛
فهو الحمد باللسان واعتراف المرء بالنعمة من الله تعالى .
وأما الشكر الخاص ؛
فهو العمل بقول اللسان , والمعرفة بالقلب والجنان , والخدمة بالأركان , وحفظ كافة الجوارح عما لايحل للإنسان , والمداومة على ذلك .
وصاحب الشكر يمتلك خصلتين ؛
من كانتا فيه كتبه الله عنده شاكرا صابرا وهما :
أن ينظر في دينه إلى من هو فوقه فيقتدي به ,
وينظر في دنياه إلى من هو دونه فيحمد الله ويشكره على ما منحه من فضله وكرمه .
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( عجبا لأمر المؤمن ؛ إن أمره كله خير ؛ إن أصابه خير فشكر فكان خيرا له , وإن أصابه شر فصبر , كان خيرا له .)
وقيل إن موسى عليه السلام سأل ربه فقال :
( يارب كيف استطاع آدم أن يؤدي شكر ما صنعت له؟!؛ خلقته بيدك , ونفخت فيه من روحك , وأسكنته جنتك , وأمرت الملائكة أن تسجد له , فسجدوا , قال :
( ياموسى عَلِم آدم أن ذلك مني ,فحمدني عليه ,فكان ذلك شكرا لما صنعت إليه .)
وذكر أن عيسى عليه السلام خرج ذات يوم إلى أصحابه , وعليه مدرعة من صوف ...باكيا متغير اللون من الجوع , فقال :
(السلام عليكم يابني إسرائيل , تهاونوا بالدنيا تهن عليكم , وتكرم لكم الآخرة , ولا تهينوا الآخرة فتكرم عليكم الدنيا ؛ فإن الدنيا ليست بأهل كرامة , وهي تدعو كل يوم إلى الفتنة والخسارة , إن كنتم جلسائي وأصحابي فوطنوا على عداوة الدنيا , فإن لم تفعلوا فلستم بأصحابي , يابني إسرائيل اتخذوا المساجد بيوتا , والقبور دورا , كونوا كأمثال الأضياف ؛ ألا ترون إلى طيور السماء لايزرعون ولا يحصدون , والله في السماء يرزقهم , يابني إسرائيل كلوا من خبز الشعير , ومن بقول الأرض , واعلموا أنكم لم تؤدوا شكر ذلك , فكيف ما فوق ذلك .)
ونحن نقرأ في كتاب ربنا سبحانه وتعالى القرآن الكريم قوله جل وعلا :
( وقليل من عبادي الشكور )
قد يشكر مرة وينسى مرات , فجاء اللفظة ( الشكور) بصيغة المبالغة بمعنى كثير الشكر والحمد .
والمداوم على الشكر لإحسان وفضل الله عليه الذي لاتحصى نعمه .
وروي أنه ركب نبي الله سليمان عليه السلام مركبا , فجاء أناس من قومه فقالوا : (يارسول الله أُعْطِيتَ شيئا ما أُعْطِيَ أحدا من قبلك)
, قال سليمان عليه السلام :
(أربع خصال منْ كُنَّ فيه فقد أُعْطِيَ خيرا مما أُعْطِيَ آل داوود من الدنيا ؛
خشية الله في السر والعلانية ,
والقصد في الغنى والفقر ,
والعدل في الغضب والرضا ,
وحمد الله في السراء والضراء .)
والحمد هو الشكر .
والشكر كلمة تتردد كثيرا على ألسنتنا , حينما نريد أن نعبر عن جميل يُقَدم إلينا من أحد .
فمتى تقول ( شكرًا) في مواقف حياتك ؟!
وكيف تقولها ؟
وماذا نجني من ثمارها ؟!
كما أشكرك الآن على تفضلك بمنحي من وقتك الثمين ,
ما قضيته في قراءة موضوعي المتواضع عن الشكر .
وأعدك أن أقرأ لك من إبداعاتك معنا .
مع احترامي وتقديري وشكري.