. . . إنهُ لأمرٌ محزِنٌ حقاً أن نرى صورةً لطريقٍ الصالحيةِ في دمشق قبل ستين عاماً أي في عام ( 1964 ) ، فنلاحظَ فيها روعةَ رصفِ الطريقِ بأحجارٍ مستويةٍ منضبطةٍ وكأنها رُصفت بالمسطرةِ الدقيقة ، كذلك حجارةَ الأرصفةِ البازلتية السوداء اللامعة والنظافةَ الشديدةَ الملفتةَ للنظر .
الأمرُ الأعجبُ من ذلك أنه حتى عربةِ عاملِ النظافةِ تبدو في الصورة أنيقة ومرتبة ومغطاة ، وليست مكشوفةً تنشرُ رائحةَ القمامةِ في الطريق .
كما تظهرُ في الصورةُ سيارةٌ من طراز قديم ماركة بيجو ( 403 ) .
من يذكرُ مدرسةَ الفيحاءِ الابتدائية وعلى اليسار كان هناك محل ( حواء ) وبعده محل نايني الإيراني .
وهناك لوحةُ طبيب الأسنان المشهور الحاذق آنذاك المرحوم الدكتور صلاح الدين العجة .
ومن أجمل ما في الصورة سكةُ الترام ، ذلك الترامِ الذي ألغيناه نحن واحتفظ به الغرب ، وأضافته إلى حياتها بلدانٌ أخرى في الشرق .
وهناك محل دامر القديم ، والجامع الذي احترق ، وخلف الجامع كانت هناك بيوت لها ذكريات كثيرة مثل بيت العظم وبيت القطب وبيت السويد ، كان أولادهم يلعبون جميعاً مع أولاد الحارة ، وهناك مدرسةُ العصماء ، وكان بجانبها مكتبة اسمها ( على كيفك ) .
كانوا يستيقظون جميعاً على صوت الترامواي .
رحم الله تلك الأيام .
ويبقى السؤالُ الملِحُّ جداً : لماذا في ذلك الوقت لم يكن أحدٌ يرمي المحارم والأوراق وأكياس النايلون وقشور البصل وقشور الموز ومخلفات البيوت والبطاريات التالفة وأكياس القمامة إلا في الأماكن المخصصة لها وفي الأوقات المسموح بها . ؟ .
هل كان التربية تختلف عن تربيتنا اليوم أم كانت تعليمات المدارس أشد من تعليمات اليوم ، أم كانت تعليمات الأديان أوضح في الأذهان .
ما الذي دهانا اليوم لكي يرمي بعضُنا كل ما يريد أن يرميه على الأرصفة وعلى قارعة الطريق وفي الحدائق العامة ، يرميه من الشرفات ومن نوافذ السيارات .