الدكتور شاكر مطلق
عضو جمعية الشعر في اتحاد الكتاب العرب – دمشق
الشّاعر الصّيني القديم
" لِي - تَايْ - بَاي "
Li Tai - bai
( من روائع الشِّعر العالمي )
قدّم له الأستاذ " وانغ قوي فا "
الملحق الثقافي الصيني بدمشق
ترجمة عن الألمانية
د. شاكر مطلق
الشّاعر الصّيني القديم
" لِي - تَايْ - بَاي " Li Tai - bai
( من روائع الشِّعر العالمي )
قدّم له الأستاذ وانغ قوي فا
الملحق الثقافي الصيني بدمشق
ترجمة عن الألمانية
د. شاكر مطلق
المشتمَـل
- مقدمة الأستاذ "وانغ قوي فا "
- مقدمة من المترجم (د.شاكر مطلق) 7
- شروحات لأسماءٍ وردت في النصوص 12
-ترجمة لقصائد المجموعة : 19
* جلسة شراب تحت نور القمر
21
* من الصعب أن أمشي في طريقه
24
* ليلة خريفية
27
* كُتبتْ في البعيد.
28
* نشيدٌ للشراب.
29
* رحلة ليليّة مع الأصدقاء
33
* ذكرى جبل الشرق
34
* كضيفٍ في (مدينة) "لان - لينغ"
38
* وداع الأصدقاء في مدينة "دشين - لينغ"
39
* طيران جنية.
40
* شراب مسائي مع ناسك في الجبال
43
* جواب إلى صديق عرض علي قبّعة الموظفين
44
* وحيداً أتأمل جبل "دشينغ - تينغ"
47
* على منطقة المياه الضحلة
49
* عمال " صهر المعادن" على نهر ليلي
59
* في بافليون الشاعر "هْسيه تياو"
60
* حرب على حدود الإمبراطورية
63
* قصر يُوي
72
*الفتى في بلد الحدود المجاور
69
* جبال " شو "
73
مكتوبة إبان الهروب.. 82
تقديم
الشاعر الصيني القديم :
" لي – تاي – باي "
بقلم : "وانْغْ قُويْ فَا "
" المستشار الثقافي للسفارة الصينية بدمشق "
يُعتبر الشّاعرُ لي باي ( 762/1/7 ) م . أعظم شاعر رومانسي بعد الشاعر تشيوي يوان (340 – 278 ق م ) في تاريخ الأدب الصيني .
انتسب الشاعر لي باي إلى الأسرة الملكية ، ولكن بسبب انهيار المملكة وسقوط العائلة الحاكمة هرب أبوه إلى المنطقة الغربية – منطقة شينجيانغ في آسيا الوسطى اليوم – حيث عاش متخفِّياً وكاتماً لاسمه الحقيقي ، وباشر أعمال التجارة حتى أصبح تاجراً غنياً ، وعندها ولد الشاعر " لي باي " في المنطقة الغربية المذكورة ، وعندما بلغ الخامسة من عمره انتقل مع عائلته إلى جيانغيوى بمملكة شو (مقاطعة سيتشوان اليوم) وقضى هناك أيام طفولته وشبابه،ونظراً لأنّ أمه رأت في حلمها عند ولادته نجمة الزُّهرة تدخل في حِضنها، فقد أطلق عليه أبوه اِسم باي ولُقّبَ "تاي – باي" ( يقصد الصّينيون القدامى بـ " تايباي " النجم الذهبي الذي يظهر في غرب السماء عند الغروب أي الزّهرة أو فينوس .
بدأ الشاعرُ " لي باي " القراءةَ وهو في الخامسة من عمره ، وكان يحفظ كل ما طالعه من محتويات كتب المدارس الفكرية المختلفة والكتب المقدسة البوذية والطَّاوّية . وأسرع في استيعاب نظم الشعر وكتابة المقالات . وفي نفس الوقت أتقنَ عزف القانون والغناء والرقص ،حتى صار شخصاً يمتاز بمواهب متعدّدة وفنون متنّوعة بسبب اجتهاده في الدراسة منذ طفولته .
كوّنَ الشاعرُ " لي باي " لنفسه طموحاً عظيماً
وإرادةٍ قوّيةً وروحاً نزيهاً وخلقاً كريماً منذ طفولته: فهو إمّا أن يكون من رجال ركيزة الدولة ويصعد إلى مكانةٍ بارزةٍ ، وإمّا أن يعيش طوال حياته كالناس العاديين . لم يشترك ، ولو مرة ، في امتحان اختيار الموظفين ، ورفض كل ترشيح له ليكون موظفاً صغيراً ، وكان يشّبه نفسَه بالسياسي " شيه أَنْ " في " أسرة جين " وكان " شيه أنْ " سياسياً مشهوراً في أسرة " جين " الشرقية ، ترك وظيفته وعاش معزولاً عن الناس في " دونغشان " بتشيجيانغ ، وعندما تعرّضت أسرة " جين " الشرقية لخطورة شديدة دعاه الحاكم ليكون موظفاً كبيراً فأنقذ أسرة " جين " الشرقية من الوضع الخطير الذي كان يحيط بها .
قام الشاعر لي باي ، بعد السنة الخامسة والعشرين من عمره ، بثلاث رحلات ، واشتغل مرّتين بالأعمال السياسية فجمع بذلك تجاربه الكثيرة في الحياة ونضج إبداعه في نظم الشعر مع مرور الأيام . كان شغفه في التَّرحال تصاحبه لذّةُ شرب الخمر ، فكلما قابل أصدقائه الحميمين أو شاهد مناظر الجبال الساحرة والأزهار الجميلة شرب الخمر حتى الارتواء ، وحفزت نشوةُ الخمر حماسَته في نظم الشعر، فبعد شربه ثلاثة أقداح من الخمرة تدفقت من فمه أبيات جميلة مثل مياه الينابيع. وعلى سبيل المثال ، كتب " باي " قصيدة ذائعة الصيت في برج هوانغ خه ( الكراكي الأصغر ) في ووتشانغ عند وداع صديقه الحميم الشاعر " منغ هاو ران " .
غادر صديقي برج هوانغ خه
متّجهاً نحو الغرب
نزل إلى يانغتشو في آذار
أيام تفتح الأزهار
ابتعد مركبُه الشراعي
حتى اختفى ، ببطء ، في نهاية الأفق
ولمْ يُرَ إلاّ نهرُ اليانغتسي
يسيلُ من السّماء .
في عام 742 ميلادي تلقّى الشاعرُ " لي باي "، وكان في رحلة بتشجيانغ ، دعوةَ استقبالٍ من قبل الإمبراطور " لي لونغ جي " من أسرة " تانغ " . قال الإمبراطور له إبّان استقباله : لقد عرفنا اسمك ولم يكن لك وظيفة رسمية في البلاط ، فمن البدَهيَّ أنك رجل مهذب متأدب فدعاه إلى وجبة الطعام وبرَّدَ له الحساء بيده عند الأكل . كان " لي باي " يرى أن هذه المعاملة الحسنة من الإمبراطور تجلب له فرصةً سانحةً لتحقيق طموحاته لإدارة المملكة . ولكن الإمبراطور لم يُنعِم عليه بمنصبٍ ولم يمنحه سلطةً حقيقّيةً ، وعُيِّن عضواً في الأكاديمية الإمبراطورية يُناطُ به نَظمُ الشّعر .
كانت مدينة تشانغان في عهد أسرة تانغ مركزاً ثقافياً في شرق العالم ، يتجمع فيها الكثير من أرباب القلم والعلم ، وفيها تعرَّف الشاعرُ " لي باي " الشاعرين الكبيرين " دوفو " و " خه تشي تشانغ " وغيرهما من الشعراء المشهورين . أطلقَ الناسُ آنذاك على الشاعرين " دوفو " و " خه تشي تشانغ " وغيرهما من أصدقائهما السَتة لقبَ (ثمانية أرباب الشعر في الخمر) . أما الشاعرُ " دوفو " فوصفَ " لي باي " بأنه يُنشِدُ مائة قصيدة بعد أن يشرب أقداحاً من الخمر ، وينام تجار الخمر في أسواق تشانغان . ولا يلبي ندائه ابن السماء الإمبراطور الصاعد إلى النصر ، فأطلق على نفسه لقب ربّ (ملاك) الشعر في الخمر .
كان الشاعرُ " لي باي " متغطرساً وشجاعاً ومستقيماً . فَلَمْ يتلقَّ الاهتمام والثقة من الإمبراطور في السياسة . ولمّا رأى احتكار رجال البلاط وأقربائهم في سلطاتهم ومصالحهم الشخصية، اضطر الشاعر " لي باي " الذي يرفض التزلف والتملُّق إلى الاستقالة من وظيفته وترك تشانغان منشداً وضاحكاً بصوت عال .
بعد أن انتهى الشاعرُ " لي باي " من الأعمال السياسية لمدة ثلاثة سنوات ، بدأ رحلَته ومدّتها عشر سنوات وخلال هذه الفترة ، نظم قصائد كثيرة يضم مضمونها نقد المجتمع المظلم بالإضافة إلى وصف الجبال الخَلاّبة والأنهار الجميلة ولذّته في شرب الخمر وإبداء سخطهِ لعدم إيجاد الفرصة لإظهار مواهبه . وبرهن كل ذلك على أنّ الشاعرَ قد أدركَ وقائع المجتمع بصورة أعمق .
وعند وقوع حادثةَ تمرُّد آن لوشان وشي سي مينغ – أزمة سياسية في أسرة تانغ – كان الشاعرُ " لي باي " في الخامسة والخمسين من عمره . وعلى الرغم من أنه قد استوعب آنذاك أساليب التعامل ( التّودُّدُ والتَّجافي السائدان في المجتمع ) .
ووصفَ ، في بعض قصائده ، السياسية بأنها
طريقٌ غير مستقيم وطريق خطير ولكن كان لديه روحٌ وطنيٌّ حماسيٌّ في صميم القلب دعاه إلى النّكران الذاتي فألقى بنفسه في قمع الفتنة واشتغل بالأعمال السياسية مرة ثانية . ولكن النتيجة هذه المَّرة تقشعَرتْ لها الأبدانُ بسبب تنافس السلطات داخل البلاط . وعلى الرغم أنه أُعِفيَ من تهمة القتل فقد نُفِيَ إلى يه لانغ – قرب مدينة تشيو نيبي بمقاطعة قويتشو اليوم ، وعندما أعفاه الإمبراطور سوتسونغ مع المجرمين داخل البلاط بمناسبة تنصيب ولي العهد الجديد ، كان الشاعرُ " لي باي " قد بلغ الستينَ . وعندما تَلقّى الإعفاء عاد أدراجَه إلى المجرى الأسفل من نهر اليانغستي لبدءِ رحلته الثالثة .
لم تبلغ رحلة الشاعر الأخيرة إلاّ ثلاث سنوات ازدادت فيها تجاربه الشخصية في الحياة أكثر ، فحَقدَ من صميم قلبه على أساليب الدوائر الرسمية حقداً أشد ورغب في ألفة الناس العاديين ، وبرهنت على ذلك قصيدة ( هدية إلى وانغ لون ) :
ركبتُ أنا لي باي
قارباً استعداداً للرّحيل
فجأةً سمعتُ أغنيةً تتعالى من ضفّة النّهر
ومهما بلغ عمقُ بركة الدّراق
لأكثر من ألف ذراع
فهو لا يضاهي مشاعر السيد وانغ لون العميقة
إبّان وداعي
وكان " وانغ لون " فلاحاً في مقاطعة هوبي وكتب الشاعرُ عن الشعور العميق بينهما بصورة مخلصة باستخدام المجاز الرائع .
توفي الشاعرُ " لي باي " في عام 762 الميلادي فقيراً ومريضاً في دانغتو ( محافظة دانغتو. بمقاطعة آنهوى اليوم ) ويقال أنه يجذّف القاربَ بعد السَّكَر ، على نهر اليانغستي في الليل الذي كان القمرُ يعلق فيه على السماء ، وعندما شاهد صورة القمر المنعكسة الصافية الوضاءة تثبُ إلى سطح الماء ألقى بنفسه في النهر للقبض على القمر . إنّ هذه الحكاية لمْ تكُنْ حقيقيةً ولكنّها تصِفُ مِزاجَ الشاعر : إنّه الشاعرُ الذي سعى طوال حياته وراء مَثلٍ نزيهٍ صافٍ مثل القمر الصافي الوضّاء . ولكن في العصر الإقطاعي المستبد لا يمكن للشاعر أن يحقّق طموحه أبداً فلم يبقَ له إلا مَثل القمر في الماء والزُّهرة في المرآة .
كان زمن حكم أسرة تانغ يُعتبر عصراً ذهبيّاً لتطوّر الشعر الصيني وكان الشاعران " دوفو " و " لي باي " ذروة الشعراء وكان من أكبر ميزات الشاعر " لي باي " في فن الشعر الخيال الخصيب مثل أمواج البحر وسحب السماء تتغير وتتلاطم . وكان الشاعر " لي باي " قد تعرّضَ لشتى أنواع الكبح ( لم يتلقّ الرعاية والاهتمام من قِبَل الإمبراطور ) وهو على قيد الحياة ، ولكن الشعب أثنى عليه ثناءً عالياً بعد موته . ويستحق الشاعرُ " لي باي " أنَ يَدخلَ صفوف الأدباء المرموقين في العالم كشاعرٍ عظيمٍ .
يسّرنا كثيراً أن يترجم الدكتور شاكر مطلق عضو اتحاد كتاب العرب في الجمهورية العربية السورية والشاعر الموهوب المعاصر تسع عشرة قصيدة من شعر " باي لي " إلى اللغة العربية ،وقبل دفعها للطباعة أرسلها إليّ للمطالعة وطلب مني أن اكتب لها مقدمةً . في الحقيقة لا أقدر على تحمّل هذه المهمة فلم أكتب إلاّ موجزاً عن سيرة الشاعر " لي باي " وأحلل أحوال إبداع قصائده تحليلاً سطحياً من حيث العصر الذي عاش فيه وذلك لمساعدة القراء العرب على قراءة ومعرفة قصائد الشاعر " لي باي " بصورة جيدة .
إنّ قصائد الشاعرين " دوفو " و " لي باي " لقِيتْ ترحيباً حاراً متن القراء الصينيين وتمتعتْ بشهرةٍ عظيمةٍ حيث أنّ معظم الصينيين يعرف أعمالها البديعة ، وما من أحد لا يفتخر بحفظ عددٍ من قصائدهما . ولكن أشعار أسرة تانغ صعبة الفهم بسبب أساليبها القديمة وعروضها المُحكَم وبخاصةٍ عند ترجمتها إلى اللغات الأجنبية حيث يغدو الأمر أكثرَ صعوبةً ، وحيث نادراً ما يتمّ الإبقاءُ على معنى الشعر الأصلي في الترّجمة .
وبعد قراءتي لأعمال الدكتور شاكر مطلق شعرت أنّه قد بذل أقصى جهوده في الترجمة ويجب أن أقول أن مستوى ترجمته جّيدٌ جدّاً وكلماته دقيقة ومعناه مطابق للشعر الأصلي . ولذا أعبرّ عن الشكر من صميم قلبي لجهوده ، واثقاً بأن جهوده تسهّل على القراء العرب زيادة فهم أشعار الصين الكلاسيكية .
وتعتبر سورية مهداً للحضارة الإنسانية وليس هذا فحسب بل هي قصر الشعر العربي أيضاً ، حيث يظهر الشعراء الموهوبون فيها جيلاً بعد جيل، وأتمنى أن تُترجمَ دواوين الشعر السورية القديمة والمعاصرة الممتازة إلى اللغة الصينية لتقديمها إلى القراء الصينيين في يوم آجلٍ وعاجلٍ .
كُتِبتْ يوم 12 / 7 / عام 1998 م . دمشق -سورية
الشّاعر " لي - تايْ - باي "
مقدّمة من المترجم إلى العربية
د.شاكر مطـلق
"لي - تايْ - باي" ويسمى - في الواقع- " لي باي" فقط ، ويلفظُ ، حسب اللهجة الصينية المعاصرة ، " لي باي " ، هو شاعر شهير في الصين حتى الآن.
وُلد " لي باي " في عام 701)م( في المقاطعة الحدوديّة " أَنْ - هْسِي " - An - Hsi - لوالدٍ تاجرٍ ، من عائلةٍ ثريّةٍ مالكةٍ للأرض ، نُفيَ والده في عام (706) إلى مقاطعة " سيتشْوان " - Setschuan - .
حصل الشاعر على تربيةٍ كلاسيكيةٍ عاليةِ المستوى وتعلّم فنَّ المبارزة .
ابتدأ في عام (725) رحلة تجوالٍ طويلةٍ قادته إلى معظم مقاطعات الصين ، تعرّف خلالها العديدَ من شخصيات عصره مثل الشاعر " منْغ هاو - ران " - Meng Hau - Ran - والشاعر " دو فو " - Du Fu - .
انضم في عام (742) إلى المجمع القيصري المنوط به صياغة الأوامر والتعليمات القيصرية ، المسمى " مجمع غابة الفراشي " ، الفرشاة هي أداة رسم الخطّ في الصين وغيرها مثل اليابان ،
- Pinselwald - Kollegium - لكنه طرد منه في عام (745) بأمر من القيصر " هْسُووان - دْسُونغ "
- Hsuean - Dsung - لأنَّه لم يعد يُحتمل .
بعدها تابع رحلاته التَّجوالية في الصين . دخل عام (755) في خدمة أميرٍ منازعٍ لولي العهد على عرش الطاووس القيصري ، قام بثورة ضده - ثورة " أنْ لو - شانس " - An - Lu - Schans - وخسر المعركة .
عندها تم إلقاءُ القبض على الشاعر " لي باي " ونفي إلى أقصى جنوب البلاد .
وفي عام (759) تمَّ العَفو عن الشاعر الذي عُرف عنه حبّه الشديد للحرية ، وتعدّد المواهب لديه ، أكثر من أي شاعر آخر في الصين القديمة .
توفي الشاعر عام (762) في منزل أحد أقاربه ، في " دانغْ - تو " - Dang - Tu " عن عمر يناهز الواحد والستين عاماً .
في الختام نورد قصيدةً للشاعر " دو فو "المعاصر لشاعرنا " لي-باي " ،الذي تعرّفه كما أوردنا في عام (725)أثناء تجواله ، يقول فيها ( عن صديقه " باي " ) :
يجلسُ إلى الكتابةِ ، مُمسِكاً بالفرشاة
تتفجّر عاصفةٌ
يَجلِدُ المطرُ ، فيها ، ذرى الأشجار
وعندما ينتهي من إكمال قصيدته
تنتحبُ ، من فرط التّأثُّرِ ،
حتى الأرواح والأشباح
كما يقول عنه " ليْو دا-دتشيي " - Lju Da - dschje - :
" كانت حياة " لي تاي باي " عاديّةً وغير عاديّةٍ في آنٍ واحدٍ معاً .
عاديّة لأنه ، طوال حياته ، لم يقم بعمل منتَظمٍ، وغير عاديّةٍ ، لأنه قام بكل ما يمكن تصوُّره من أعمالٍ ، وتذوّق كلَّ ما يمكن للإنسان تذوُّقه .
رأى ، بعينيه ، كلَّ الجبال والأنهار الشهيرة .
كان عبقرياً ، شاعراً ، روحاً بدون جسدٍ ، مقاتلاً متهوّراً ، متنسّكاً ، سكّيراً ، متشرّداً ، سياسياً : هذا كله وحَّدَه في شخصه ، وأعطى شعرَه التّعبير المكثَّف " .
صدرت له مجموعة أعماله الكاملة في بيجين
" بكين " عام ( 1957 ) ، وقام الألماني " كْلابوند "
- Klabund - عام 1915 بترجمةٍ حرة جداً لقصائده إلى اللغة الألمانية ، كما نُشرتْ له في ألمانيا (1958) مجموعة من أشعارهِ " دخَانٌ وخلود " .
أما النّسخة التي أعتمِدها هنا ، في الترجمة هذه ، فقد عثرتُ عليها في برلين ، إبان زيارتي لأحد مؤتمرات المجمع العيني الألماني ، كعضوٍ أصيلٍ فيه منذ ثلاثة عقود ، بتاريخ (1997 / 11) ،في إحدى المكتبات التي تعرِض الكتب القديمة والنادرة أيضاً ، وهي نسخة صدرت تحت عنوان : " أَلبوم الشّعر " وتحمل الرقم (138) عن دار نشر " الحياة الجديدة " - برلين - في جمهورية ألمانيا الديمقراطية- سابقاً - عام (1979).
وقد قام " إرْنسْت شْوارتْسْ " - E. Schwarz - باختيارها وبترجمتها أيضاً -عن اللغة الصينية- .
************************
شروحات لأسماءٍ وردتْ في النّصوص :
-1 " أميرُ تْشن " - Tschen - :
هو لقب للشاعر " تْسَاوْ دتْشِيهْ " - Tsau Dschih - 191-232)م( وهو إبن لمؤسس سلالة(وي)- We - Dynastie- .
-2 " دونغ - تِنْغ " - Dung - Ting - :
هو اسم ثاني أكبر أنهار الصين ، ويقع في شمالي مقاطعة " هو - نان " - Hu - Nan - ترفده العديد من مجاري المياه ويصب في النهر الأصفر الشهير - Yang - Dse - يانغ دسي ، الذي يقام عليه الآن أحد أكبر سدود العالم .
-3 " منغ هاو - ران " - Meng Hau - Ran - :
شاعر شهير من عصر " تانغ -Tang Dynstie - عاش 689 ) أو 740 - 691 م ( .
رسب في فحص الالتحاق بالوظيفة، وأصبح شاعراً معروفاً بأدبه الرّيفيّ .
-4 " غوانغ - لينغ - " - Guang - Ling - :
هوالاسم القديم لمدينة"يانغ دتشو"-Yang- Dschow- في مقاطعة " دْشيانغ - سو " - Dschjang - Su - .
-5 " بافِلْيون الكراكي " :
البافليون : هو بناء دائري الشكل ، قائم على أعمدة عديدة، ويوجد في الحدائق والقصور والمتنزَّهات عادةً - والبافليون الوارد هنا ، هو ذلك البناء الذي تردد ذكره كثيراً في الشعر الصيني الكلاسيكي ، ويقع على حيدٍ صخريٍّ في أواسط نهر " اليانغ دتسي" في مقاطعة " هو - نان " .
-6 " لان - لينغ " - Lan - Ling - :
مكان يقع اليوم في شمال مقاطعة
" شان - دونغ " - Schan - Dung - .
-7 " دْشين - لينغ " - Dschin - Ling - :
هو الاسم القديم لمدينة " نان - كينغ "
-8 " لو - يانغ " - Lo - Yang - :
هو اسم العاصمة الشرقية لسلالة تانغ
(907-618) م - Tang Dynast . - فيما كانت العاصمة الغربية " تشانغ - أن " - Tschang - An - .
-9 " دشينغ - تِنغ " - Dsching - Ting - :
اسـم جبل يقع في مقاطعة " أن - هوي "
- An - Hue - أواسط الصين .
-10 " شو " - Schu - :
اسم قديم لمقاطعة سيتشوان - Setschuan - وقد استعمل " برتولد بريشت " - ألألماني
(Bertold Brecht) -اسم المقاطعة هذه عنواناً لإحدى مسرحياته: ( الرّجل الطيب من سيتشوان ) .
-11 " يو - فو " - Yue - fu - و " تسان - تسونغ "
- Tsan - Tsung :
هما اسمان لحاكمَيْن شهيريْن في مقاطعة " شو" ، (سيتشوان) حالياً .
-12 هِنْغ - وشيانع - فورث :
مخاضةٌ تقع على مجرى النهر الأصفر (يانغ دسي) في مقاطعة (أن - هوي) .
-13 " تْياو - دشي " - Tjau - Dschi - :
كانت في عصر " هان " - Han - دولة صغيرة تقع في منطقة " إيران " الحالية .
-14 " تْشين " - Tschen - :
اسم سلالة صينية حكمت بين (221-206) ق.م وحلّت محلها سلالة (هان) (206-220) ق.م .
-15 قصر "يُويهْ " - Yuee - :
الملك " فو - تشا " - Fu - Tscha - ملك "فو"
- Wu - ( مقاطعة " دشيانغ سو " حالياً ) والملك
" غو - دشيان " - Go - Dschjaen - ملك (يوي) الواقعة في مقاطعة (دشي - دشيانغ) حالياً ، قاما في النصف الأول من القرن الخامس قبل الميلاد ، بعـدة حروب ضد بعضهما البعض من أجل السيطرة على إمبراطورية دتشو - Dschou - بانتصارات متناوبة .
-16 " تيان - مو " - Tjaen - Mu - :
جبل يقع في مقاطعة " دشي - دشيانغ " .
-17 " هسْيه - تياو " - Hsje - Tjau - :
شاعر تغنّى بالريف،عاش بين ( 464 - 499) ق.م وكان يحترم الشاعر (لي - تاي - باي) - صاحب مجموعتنا الشعرية هذه - كثيراً . اخترع حذاءً لصعود الجبال والهبوط منها ، يحتوي على مسامير عند الكعب للصّعود ، وعند الأصابع للهبوط ( وهذا المبدأ معروف في أحذية تسلّق الجبال اليوم ) .
==========
ترجمـة
لقصائد المجموعة
* ملاحظـة : كما في كلّ ترجماتي ، وبخاصةٍ الشّعرية منها للأدب الألماني أو الياباني أو الصِّينيّ ، فإنني أضعُ ضمن قوسين ( ) الكلمات التي لابدّ من إضافتها للنّص ، لضروراتٍ فنيّةٍ أو جماليّةٍ أو لفهم النّص بشكلٍ أفضل ، وللتوافق مع البيان العربي.
(المترجم)
(جلسةُ) شرابٍ تحت نور القمر
وحيداً ، أشرب بين الورود العابقاتِ
مع إبريقٍ مليءٍ بالنّبيذِ
رفعتُ كأسيَ لأرجو البدرَ
أن يكونَ ضيفيَ الأسمى هذه الليلةَ
عندها رأيتُ ظلّي
وكثالثٍ ، قمتُ بدعوته ، (هذا) الوفيَّ الأزليَّ .
a a a
القمرُ لا يعرف شيئاً عن النّبيذ وأفراحه
وظِلّي يتبعني ، كالأعمى ، إلى الأفراحِ والأتراحِ
ومع ذلك ، فأنا أشربُ ، برغبةٍ ، مع الاثنين
ولا يجب للمَرْءِ أن يهدرَ أيَّ يومٍ ربيعيٍّ
فالربيع وقتُ السّنةِ (الخاص) بالأفراحِ .
a a a
وبينما أرفعُ صوتيَ ، عالياً ، بالغناءِ
يتمايل القمرُ ، عالياً ، في بحر النجوم البعيدِ
وبينما أطفو ، الآنَ ، راقصاً في الحلُمِ
يطفو ظلّي ، راقصاً ، من حولي .
a a a
عندما كنّا بايعيٍ صافٍ ، كنّا نعرف المُزاحَ
ولكن السَّكَرَ هو الذي فرّق بيننا .
أحبُّكم أيّها الأصدقاءُ ، بدون قلوبٍ !
الوَداع ، إذن سنلتقي قريباً
على نجمةٍ ما في قُبّةِ السَّديم .
============
" مِنَ الصّعبِ أنْ امشي في طريقه "
مأدبةً كانت،(وأيّةُ مأدبة!). من يعلمُ كم تساوي ؟
في الأقداح الذهبيّة أثمنُ النبيذ
في صحون الجاد (اليَشَب)* أطيب المأكولات .
عندها رميت بعِصيِّ الطعام
وقلبتُ القدحَ
واستَلَلْتُ ، غاضباً ، سيفيَ من غِمده
محدّقاً ، بانزعاجٍ ، في دائرة (الجالسين) حولي
وأنا أعلم ما يُكدِّرُني .
- هل تريد اجتياز (نهر) هوانغ - هو ؟
- إنّه متجمّدٌ
- أنْ تتسلّق (جبلَ) تاي - هانغ ؟
- ضاعت الآثارُ ، في الثلج ، من زمان
(أنْ) تصطادَ (الأسماكَ) في الجدول ؟
وتجلسَ ، هناك ، بهدوءٍ تامٍّ ؟
أن تسافر إلى العاصمةِ
حيث لا أحدَ يرغبُ بكَ ؟
من الصعب أن تمشي في طريقهِ
من الصعب أن تمشي في طريقكَ
كثيرةٌ هي التقاطعات
ولا دربَ (هناكَ) في أيّ مكانٍ
ولا هدفَ …
a a a
هكذا حان الوقتُ بالنسبة لي :
أنْ أتحدّى كلَّ العوائقِ
وكلَّ الصّعوبات حولي
كلَّ العواصف والأمواج العاليةِ
(وحان الوقتُ)
أن أرفع الشرّاعَ
وأنطلقَ إلى البحر اللاّ متناهي .
=========
* الجاد (Jade) : هو اليَشَب وهو حجرٌ نصف كريم يشبه "الزّبرجَد" ولكنه أشدّ منه نقاءً ، ويسمى أيضاً : اليَشَم ، واليَشَب وموطنه الصّين .
المترجم
ليلةٌ خريفيّةٌ
نقيّةٌ ريح الخريف .
ساطعٌ نور القمر .
الأوراق ، حتى اللحظة مجتمعةً
تتبعثر سريعاً .
الغِربانُ تلجأُ إلى الراحة في الغصون
لم تزل ترفرفُ
مُقلِقٌ نور القمر المتجمّد
أفكّرُ فيكِ .
متى أراكِ ؟
لا أستطيع تحمُّلَ غيابكِ
هذه الساعة
في هذه الليلة (الخريفيّة) .
===========
كتِبَتْ في البعيد
عندما كنتِ ما تزالين هناك ، أزهر العالمُ .
الآنَ ، أحدّقُ في سريري : باردٌ ، وحيدٌ وفارغٌ .
بكمْ من الرعايةِ،حافظت على ملاءاتِ الحريرِ(تلك)
التي لَمْ أستعملها منذ رحيلكِ
(والتي) لَمْ تزل تتنفس عبيرَ جسدكِ
لثلاثِ سنواتٍ طوالٍ ، عبَرتْ .
عطركِ باقٍ للأبد (أيّتها) المرأةُ الجميلة !
ولكنّكِ لا تعودين إلى هنا .
شاحباً يقطر النّدى على الطحالب الخضراءِ .
حلُمي ، يدفع أمامه ، كريح الخريف
الأوراقَ اليابسةَ الصفراءَ ،
في الغبارْ .
==========
نشيدٌ للشَّراب
أوَلَم ترَوْا التيّار الأصفرَ
يتدحرجُ من أطراف السماءِ
ويستمرُّ ، مسرعاً ، بدون عودةٍ
لينصبَّ في البحر ؟!
a a a
فليتمتّع الإنسانُ بحياتهِ !
قريباً ستكون من دون طعمٍ
فلا ترفعوا ، أبداً ، كأسَ (الشّراب) الذهبيِّ
فارغاً صوب القمر !
a a a
لماذا - إذن - أعطتنا السماءُ العطايا ؟
لسعادتنا
حفنةُ الذّهب التي بذّرناها (في الشّرابِ)
سوف تعود
a a a
اذبحوا - إذن - الثّورَ ، واشووا الخروفَ
ودعونا نَكُنْ مرحينَ !
من يرغبُ في الشراب معنا ، فليصبَّ في فمه
ثلاثمئةَ قَدَحاً من النّبيذ !
a a a
أيها المعلّم " تْسِنْ " !
أنتَ - يا صديقي - " دان تشيو " !
اليومَ ، ستهزّون أقداحَكم بَحيْرةٍ
أنصتوا ! سأغنّي لكُم نشيداً :
a a a
ما قيمةُ أشياء الحياة النّفيسة ؟!
ما قيمة(احتفالات)العزف والقرع (وأكل) الطّيبات؟!
أريد أن أشربَ إلى الأبد
وأكونَ مخموراً ، لا أصحو أبداً .
a a a
وحيدين في القبرِ ، يستريح الناسُ الأكثرُ حكمةً
المجدُ القديمُ قد تلاشى من زمانٍ
ولكنّ السُّكارى المرحينَ
يتذكّرهم الناسُ حتى اليوم
وأسماؤهم تبقى محفوظةً .
a a a
سنفعلُ كما فعل أميرُ (الشّعر)"تْسِنْ"،ذات يومٍ
لقد عرف كيف يعيش حقاً
حتى اليوم، ترنُّ بوضوحٍ ضِحْكتهُ في الآذانِ
لأنّ النّبيذَ ، كان يجري كالتيار ، في مآدب الأميرِ
a a a
ماذا يقول مُضيفيَ الغالي -إذن-؟ المالُ قليلٌ ؟
هيّا ! خذوا كلَّ هذا ، كلَّ ما أملك !
حصانيَ الجميل ، والفروَ الثمينَ
أرسلوا (ليَ) الخادمَ ! هاأنتَ أيها الغلام !
اِمضِ سريعاً ، وحوّلْ كلَّ هذا الرُّكام إلى نبيذٍ !
أريد أن أُبرّدَ الألمَ المشتعل في الصّدرِ
دعونا (الآنَ) نبتلعْ ، بجرعةٍ عظيمةٍ
العذابَ القديمَ ، المُتجدّدَ أبداً !
============
* انظر لائحة الشّروحات رقم (1) .
رحلةٌ ليليّةٌ مع الأصدقاء
على بحيرة " دونغ - تِنْغ "*
لا أثر للضّباب ، على البحيرة ، في الخريف
حتى ، ليكاد يبدو ، أنّ المرءَ يستطيع
- على هذا المتّسع الفضيّ -
أن يخطوَ ، بخطٍّ مستقيمٍ صاعداً إلى السّماء .
وبما أنّ كلّ خطوةٍ ، هنا ، دون جدوى
دَعُونا ، سريعاً ، نؤمّنْ بعضَ النّبيذ !
عندها ، سينشر الفكرُ جناحيه حرّاً
وعندما ننزلقُ ، بالمركب ، إلى أطراف السّماءِ
على البحيرةِ
أعِرنا القمرَ .
============
* انظر لائحة الشّروحات رقم (2) .
ذكرى جبل الشّرق
متى كنتُ - يا ترى - على جبل الشّرق ؟
وكم من الوقت انقضى (على ذلك) ؟
كم مرّةٍ أزهرتْ الورودُ هناكَ
والغيمةُ تسكّعتْ ، وحيدةً ، على السّماء
بدون حاجةٍ لحراستها ؟
لمن يَشعُّ ، الآنَ ، القمر هناك ؟
==========
لوحة (القيصر كوانغ فو) يعبر نهراً ، للفنان " شيو ينغ "
- Ch'iu ying - (1691-1620) غاليري كندا (أوتاوا) .
طائر الكراكي الأصفر
مهداة إلى (الشاعر) " مينغ - هاو - ران " عندما غادر " قصر مالك الحزين "إلى مدينة " غوانغ - لينغ" .
من قصر " عشّ الكراكي " * نحو الشّرق
سافر الصديقُ (مينغ) في نسيم الربيع وعطر الورود
نحو مدينة " غوانغ - لينغ " * *
الشّراعُ توارى في الأزرق
طليقاً في هواء الرّبيع
المركبُ غاب . فراغٌ الآنَ
والنهرُ ينساب ، كشريطٍ ضيّقٍ
بعيداً على أطراف السّماء .
=============
* اسم طائر مائي كبير ، يسمى(Kranisch) -مالك الحزين- وفي الفرنسية (Jaune) ، ورد ذكره في الأسطورة والشعر ، وبخاصة الأصفر منه ، كما عند الشاعر " تسوي - هاو " من عصر سلالة " تانغ"
** انظر الشروحات رقم (5) , (4) , (3) .
كضيفٍ في (مدينة) " لان - لينغ" *
في (مدينة)"لان-لينغ"يعطّرون النّبيذ بالصَّفْران
فينساب في القدح ، كالكهرَمان .
صبايا ، بنشاطٍ ، لضيفكم النّبيذَ !
أُراهن : عندما يصبح ثمِلاً
وينسى بيتَه
عندها سيَرى ، في كل مكانٍ ، بيتاً له .
==========
* انظر الشروحات رقم (6) .
وداع الأصدقاء
في (مدينة) " دْشِينْ - لينْغ " *
الرّيحُ تحملُ عبيرَ المروج الرّبيعيّ
إلى حانة الشاطئ .
فتاة الحانة تملأُ أقداحَنا
وتدعو للشّراب
سادةٌ كثيرون من " دشين - لينغ "
يلتقون هنا للوَداع
وسواءً أظلّوا هنا ، أمْ سافروا معي
فقد أفرغَ الجميعُ كؤوسَ النّبيذ
نهر " يانغ - دسي " - الذي يجري شرقاً -
أم عذاب الوَداع
أيّهما أقصر ؟ - أتساءلُ -
وأيّهما أطول ( يا ترى ) ؟
=============
* انظر الشروحات رقم (7) .
طيرانُ جنِّيَّةٍ *
من ناحية الشرقِ
تسلّقتُ الجدارَ الصخريَّ
إلى قمّةِ " اللَّوْتَس " * *
هناك ، في البعيد ، تلوح لي
- كطيف نجمة خفيفٍ -
جنيةُ الجبل
حاملةً بيدها زهرةَ " لوْتَس "
رداؤُها الغيومُ المتوهّجة
الطّافية في فضاء الأثير الصافي
حزامُها العريض يخفق في الريحِ
بدتْ لي ، وكأنها تخطو على أزرقٍ متماوجٍ
دعتني إلى قصر الغيوم ( الدّائريّ )
لأُحيّي (فيه) أميرَ الجنّيات " وي شُو - تْشِنْغ " .
طرت إلى السماء ، على ظهر (طائر) التَّمِّ ***
وأصابني الهَلعُ ( مما رأيت ) :
هناكَ ، في الأسفل، تحت قدميّ
تقع (مدينةُ) " لو - يانغ "
والبرابرةُ يحيطون بها من كل الجهات :
دخانٌ وأهوالٌ
وبقعُ دماءٍ تتناثر على الشوارع والوادي الوسيع
هناكَ ، كانت الذئاب وأبناءُ آوى (تسود)
( متخفِّيةً) تحت قبعات الموظفين .
==============
* الجنّية : هنا هي ذلك الصنف من الأرواح الأنثوية المسماة ، في الأدب الأوروبي (Fee) ، وهي ، غالباً ، ما تكون من الأرواح الطيبة ، وأحياناً يمكن ترجمتها بحورية الماء ** الّلوتَس : وردة مائية مقدسة في (اليوغا) والمعتقدات البوذية (الصين ، الهند) والشِّنتوئية بعامة (اليابان) ذات دلالات روحانية مقدسة .
*** التَّم : هو الطائر المائي الجميل المسمى (Schwan) والذي يترجم ، خطأً تحت اسم البجع (Pelikan) . المترجم
" شرابٌ مسائي مع ناسكٍ في الجبال "
أفرَغنا ، بطريقةٍ مزهرةٍ
الكثيرَ من أقداح النّبيذِ
واحداً آخرَ ، وآخرَ دوماً
عندها قلت : يا صديقي !
اِذهب الآن إلى البيت !
إنّني ثملٌ وسأستلقي (لأنام)
وإذا بقِيَتْ ، بعدها ، رغبةٌ عندكَ في الغدِ
فتعالَ إليَّ ! حاملاً العود .
==============
جوابٌ إلى صديقٍ عَرضَ عليَّ
قبّعةَ الموظّفين
قبّعة الموظّفين السوداء الحريريةِ
- (التي أرسلتموها إليَّ ) -
تبدو رائعةً بجانب قبّعتي القماشيّة ( البسيطة )
ما يؤسفني ، كناسكٍ ، فقط
هو أنّني لا أملكُ مرآةً .
الأطفالُ ، في القرية ، يقولون :
إنّها ( القبّعةُ ) تناسبني .
===========
جوابٌ إلى ضيفٍ زارني في الجبال
تسألُني لماذا أعشّـشُ هنا
في الجبال الخضراء ؟
إنني أبتسِمُ ، صامتاً ،
وأتظاهر بأنّني لا أعرف تماماً ( السّببَ ) .
بساطٌ من أزهار الدَّراق
يتأرجحُ على ظهر الجدول نحو البعيد .
ربّما كان العالمُ هنا
أَقربَ ، إنسانياً ، إلى النّجوم .
==============
وحيداً ، أتأمّلُ جبلَ
" دشينغ - تينغ "
من زمانٍ طارت العصافيرُ
إلى الأعالي البعيدةِ .
من يدري
إلى أين ستهربُ
تلك الغيمةُ الصغيرةُ المرحة ؟
اثنان لا يَملاّن
رؤية بعضهما بعضاً
جبلُ " وشينغ - تينغ " وأنا .
==============
* انظر الشروحات رقم (9) .
على منطقة المياه الضَّحلةِ
على مخاضة المياه الضَّحلةِ " هينغ - دشْيانغ" *
( من النهر الأصفر ) يقول الجميعُ :
إنها رائعةُ الجمال
(أمّا) أنا فلا أرى ذلك .
لثلاثة أيام تزمجر العاصفة هنا
وتكاد تقلب لنا الجبالَ
وحتى قوس بوّابة معبد " وا - غوان " ،
تبعثرُ هبّاتُ الرّيح الزّبدَ .
في منطقة " هينغ - دشيانغ "
يسخرُ منّي البحَّارُ
وهو ينظر ، بتعابير ناطقةٍ نحو الشرق
حيث يتشكّل جوٌّ متلبّدٌ ، فوق البحر (ويقول) :
لاشكَّ أنّ عندكم هناك
أموراً لا تقبلُ التأخير .
حتى أن العاصفة ، والأمواج العالية الثائرةَ
لا تخيفكم .
============
في الحلُم ، صعدتُ جبلَ " تيان - مو "
وكتبتُ قصيدة أهديها لوَداع الأصدقاء
ما يرويه البّحارةُ عن جزيرة الحورياتِ
" ينغْ - دشو "
هو خفيف ( المصداقيّةِ )
كالبخار فوق البحر .
لا تبحثْ ، فلن تجدَها !
عندما يتحدث أهلُ " يوي " *
ويمتدحون جمال (جبل) " تيان - مو " *
يعـتريني شوقٌ للسفر إلى هناك .
لا الجبال المقدسة الخمسة
ولا(جبل) " تشي - تشنغ "
ولا أيّ جبل آخر ، يقارنُ ( بجماله )
جبل " تيان - مو " يعلو ، رشيقاً ، في السماء
جدرانُه الشّاهقةُ ، شديدةُ الانحدار
تكاد لا تُطال .
أمامه ( يقع جبل ) " تيان - تاي "
الذي يرتفع لخمسين ألف " كلافْتَر " **
عالياً في السماء
ثُمَّ يجثو ، باحترامٍ
(منحَنياً) صوْبَ الجنوب - الشّرقي .
عندها تذكّرتُ بشوقٍ
عندها أحاطني حلُمٌ
وحمَلني إلى ( مدينة ) " يوي " :
كنتُ أطفو ، طائراً نحو البعيدِ
طوال الليل
عابراً بحر المرايا
في ضوء القمرْ
واصلاً ، شواطئ " شان "
المغطّاة بنور القمر ( السّاطع )
هناك
حيث غنّى الشاعرُ " هْسيه " النّهرَ
وحيث لازالت الأمواج داكنة الخُضرةِ
تتدفّق هادرةً
سكونُ الليل يقطعه
صراخُ القرود المخيف الجَهور
انتَعَلْتُ حذاءَ التسلّق
المروِّضِ كعابَ الأقدام
- كما فعل " هْسيه " *
وتسلّقتُ ، بعَياءٍ ، الدروبَ الصّخريةِ
وما كدت أقطع نصفَ الجدار الصخريّ
حتى بزغتْ الشمسُ
وديكُ السماء نادى
موقظاً كلّ ديوك العالَم
عبْرَ عدد لا يحصى من النُّـتوءاتِ والأخاديدِ
يقود الدّربُ الجبليّ .
(تلك) الصخور الملوَّنةُ
وأزاهير الجبل ، ذات البهاء النّادر
تغري وتدعو العين للتريُّث (هناك) .
من الوديان صعد الغسقُ وحلَّ الظَّلام
من الذُّرى والمنحدراتِ
من الجداول والينابيع
ينفث التّنينُ برهبةٍ
ويئنُّ ويصرخ الدُّبُّ
فتهتزُّ الصخورُ حتى القمّة
والغابة ( ترتجف ) .
الغيوم السوداءُ تزحفُ متقدّمةً
لتعلن عن ( اقتراب ) المطر
شلاّل الجبلُ يندفع ، هادراً مزبداً
بضباب متبخّرٍ ، لينصبَّ في الوادي
البرقُ ينتفض ساطعاً
الرعد يضرِبُ ، واللّهبُ يلمع
انشطرَ جدار الجبل وانهار في ذاته
وأسفَر عن مغارة (مائيةٍ) دون حدود
في السماء الساطعة شعّتْ قصورُ الحواري
ملابسهنّ محوكةٌ من قوس القُزح
عرباتهنّ تجرها طيورُ " فونِكسْ " النارية
عرباتٌ ناعمةٌ
والحواري يتوافدنَ ، بأسرابٍ لا تُحصى
عندها (شعرتُ) وكأنّ صوتاً ينادي
ويقص ، بوحشيّةٍ ، قلبي .
مترنّحاً نهضتُ ، وتنهّدتُ عميقاً
وتلفّتُ حولي .
ماذا كان بإمكاني أن أرى ؟!
فُرُشٌ ووسائدُ (حولي)
هكذا انتزَعتْ اليَقَظةُ منّي
بقسوةٍ ، عالمَ الحوريات الساحر .
أعرفُ أنّ الأصدقاء جميعاً
سيمضون ، كمياه الأنهار المحكومة بالجريان .
الآنَ ، أترككم - يا سادتي - !
ومتى أعود - لا أستطيع معرفته .
الوعل الأبيضُ ، هناكَ على المنحدر ،
مُسْرجَاً ، متأهّباً للرحيل
سأمتطيه الآن
وفي الأعوام القادمةِ
سأزور كلَّ جبال العالم السّحرية
ذات الشّهرةِ الذائعة
أتظنون أنّي سوف أحني ظهري
أمام أولئكَ السادة النّبلاء
ذَوِي القوَّة والجاه
أو ربّما أزحفُ (أمامهم) ؟
لن أستطيع تحمّل ذلك !
هكذا أنا . لاأفعل مالا أحبّ .
===============
* انظر الشروحات رقم (10) , (12) .
** كلافتر : هي وحدةُ قياسٍ قديمةٍ للأطوال مثل القدم ، والفرسخ .. الخ .
* انظر الشروحات رقم (17) .
المترجم
عمّال (صهر المعادن) على نهرٍ ليليٍّ
أفرانُ صهر ( المعادن ) تتوهّجُ
بلهيبٍ مُتأجِّجٍ .
السماء والأرض ينفثان اللهيب .
شُهبٌ تتبعثرُ في أرْجُوان الغيوم .
رجالٌ بلون الجمر الأحمرِ
- في ليلة القمر الفضيِّ -
ينشدون الأغاني
يصرّون على النزول إلى النّهر
حتى تستيقظَ الموجةُ المزْبدةُ الجليديّةُ .
============
في " بافِلْيون " الشاعر " هْسيه تْياوْ "
هنا ، حيث شرب الشاعرْ " هْسيه "
- من زمنٍ بعيدٍ -
مع صديقه " فان - يون " آخرَ الأقداح
لا يزال يحيط " بالبافليون "
حزنٌ شفيفٌ .
تحت المنحدر الأجردِ
ينساب النهر (بلونٍ) أخضر
السماءُ ساطعةً وسيعةً
الخريف ، عندما الأوراق تتساقط
وتتبعثر بحفيفٍ
(عندما) القمرُ ، غابةُ القصب ، الوَحدةُ .
سماءُ الرّبيع اللامعة فوق البحيراتِ
الأزاهيرُ تتبعثرُ على المروجِ
كل هذا يعود
ماعدا الضّيوف - ذهبوا إلى الأبد .
وبالرُّغم من ذلك
فثمّةَ رباطٌ بين الماضي واليوم
(رباطٌ) عليه أنْ يتلوّى خلال الأزمان .
وهذا هو ، (فعلاً) ، ما يعطيني القوّة
لأغنّي نشيداً
عن ألمٍ مضى منذ زمان .
===========
" آلة ا لبّوابة - رسم للعام الجديد من القرن التاسع عشر . للفنان " سوو شو" –Soo chou- . تُشرى مثل هذه اللوحات من الفلاحين في مطلع العام من مجموعة (فنلي ماكينزي ) الخاصة – انكلترا .
حربٌ على حدودِ الإمبراطوريّةِ
ما أكثر الذين قضَوا ، العام الماضي ،
بمعركة نهر " سان - غان " !
وكم عددُ الَّذين سيقضون ، هذا العام ،
في معركة نهر " تسونغ - لينغ " ؟!
توقَّفوا عن القتل !
لماذا ترغبون بمتابعة اللاندفاع قاتلين ؟!
طهِّروا أسلحتكم في بحر " تياو - تشي "
ودعوا خيولكم ترعى
في (مروج) " تيان - شان " !
لعشرة آلافِ ميلٍ
حملتُم معكم الموتَ ،
والآن تلفظون أنتم (أنفسكم)
آخرَ الأنفاس :
قتَلةٌ ، عُجَّزٌ ، مستهلَكون ، محطَّمون .
إنَّ (شعب) " الهونِنْ "
تعوّد الفلاحةَ بالسّيفِ
وما حصدوا سوى حقول من الجثث .
هكذا يستمرّ القتلُ منذ ألف عام .
الهيكل العظميُّ - يَبيضُّ في الرّمل الأصفر .
(سلالةُ) بيت " تشين" سَدّتْ
الطريقَ على البرابرة .
وبرغم ذلك مازالت تتربّصُ
ومِشعل الحرب يشتعل
الجنديّ (يقف) متأهباً
باعثاً الإشارات النّاريّةَ .
رغبةُ القتل تزدهر في كل السُّلالات .
القياصرةُ يتبدَّلون ، أما الجنرالات فلا .
بيتُ الـ " هان " يحطّم بيتَ " تْشِنْ "
والقتل يستمرّ .
الأرضُ حمراءُ ، الأحشاءُ مفرومةٌ
وأطرافٌ مقطّعةً
خيولٌ منهَكةٌ تصهل بجزعٍ
صوب السماء ،
وغِربانٌ ناعقةٌ في الأشجار
تحمل أحشاء الموتى
- ملتّفةً كحبال الزّينة الورقيّة -
على الأغصان العاريات .
على عشب السهل (يرتمي) الجيشُ المحطَّمُ .
هل يفهم سيّد المعركة ما تعنيه
إشارة الإصبع هذه ؟
بريقُ السّلاح وقساوتُه
لم يكونا ، يوماً ، بَركةً للعالَم
الحكيم يقبض ، مرغماً ، على السيف
لأن السلاح لم يكن إلاّ
عدَّةَ عملِ الشّر .
============
* انظر الشروحات رقم (15)
قَصرُ يُوِي *
عندما عاد مَلكِ "يوي"
بنصره المجيد على مَلكِ "فو"
كم كانت ثيابُ الأبطال ثمينةً
أولئك الذين ، في الحروب الدّاميةِ ،
كسِبوا له المعارك !
كالورود السّاحرات
استقبلتهُ سيّدات القصر .
اليومَ ، طيورُ الحجل وحدها
تطيرُ فوق الأنقاضِ
(الملقاة) بين الأغصان البريّةِ الكثيفة .
===========
* انظر الشروحات رقم 15 .
الفتى ( القَبَضايْ )
في بلد الحدود ( المجاور )
الفتى ( القبَضايْ ) في بلد الحدود (المجاور)
لا تحتاج لسؤاله ، عمّا قرأَ
إنه لم (يقرأ) سطراً واحداً
فهو أمّيٌّ
لكنه يستطيع الصّيدَ والرُّكوب
وهناك يبرهنُ ، بفخارٍ ، عن رجولته .
في الخريف
عندما تدوّي حذوات خيول البرابرةِ
على الأرض المتجمدةِ
- قويّةً من دسم عشب السّهول -
يصبح الرّكوب ممتعاً حقّاً
السّوطُ الذهبيُّ
يُدوّي إبّان العَدْوِ الوحشي
الثّلجُ والصقيعُ يدوران
كالإعصار نحو الغيوم
إنه (الفتى) سيتجرّأ
على قبول الرّهان مع الشّمس .
لاشيء يوقفه في عَدْوهِ الوحشيِّ
عندما يصفرُ ، في نشوتهِ ،
يأتيه الصّقرُ ، طائراً ، على الفور
وينطلقان في عجلةٍ ، (للصيد) .
يشدُّ وتر قوسهِ ، دائرياً ، كالبدرِ
سهمهُ لم يطشْ ، عن الهدف ، أبداً
كم مرّةٍ اخترق بسهمٍ واحدٍ
- عندما تعتريه الرّغبةُ -
طائريْن من " الكراكي " معاً !
عندما يراه ، من بعيدٍ ، سكّان الشاطئ
يُدْبرون خائفين .
غضبهُ وشجاعتُه تجلدان ، كالعاصفةِ ، الصَّحراءَ
وتطردان ، كالذّئاب ، الضّائقاتِ والأخطار
كم ستُرغم أن تبدو ضعيفةً
جماعةُ الأدباء ، بجانبه
(تلك) التي تتظاهر بالمعرفة
ولا تدري
وتدفع العمرَ ثمناً
حتى يبيَـضّ شعرُها تماماً .
============
جبالُ " شُو "
آهٍ ! ( أوّاهٍ ! يا ويلتاه ! )
خطِرةٌ أنتِ
يا جبال " شو" الشاهقات
صعودكِ أكثرُ مشقّةً
من تسلُّق السّماء
بعيدةٌ ، كالضّباب ، تلكَ الأزمانُ
حيث خلقَ " يو - فو " و " تسان - تسونغ "
إمبراطورية " شو "
منفصلةً عن الصين
لخمسين ألف عام .
من جهة جبل " تاي - باي "
ومن ارتفاع يُسبّب الدُّوار
ربّما يمكن للطيور أن تَعبرَ
قمّةَ " أو - مي " حادّة الارتفاع .
عندما وعدَ - ذات يومٍ -
ملكُ " تشِين " ملكَ " شو "
(بإهدائه) حسناواتٍ خمساً
أرسلَ (ملكُ شو ) لملاقاتهنّ ولحمايتهنّ
خمسةَ أبطالٍ .
عندها (عند اللقاء)
انطلقتْ أفعى عملاقة
(لتختبئ) بين الشُّقوق
بسرعة أمسكَ الأبطال بذيلها
وشدّوه ، بقوةٍ عظيمةٍ ،
حتى انهارَ الجبلُ ، ودَفنَ الجميع .
منذئذٍ يمكن الصعود إلى القمّة
على درجٍ قُدَّ في الصخور
وعلى أوتادٍ وعوارض (تمتدّ)
كالجسر المُقنطَر
فوق الأعماق الفاغرة .
حتى عربةُ الشمس
التي يقودها " هسي - هو "
ويجرّها تنّيناتُ ستٌّ
تجفُل راجعةً ، أمام مرأى
تلك الشجيرات النامية في (شقوق) الصخور
عاليةً كالسماء
وفي الأسفل ، قيعانُ الوديان
فيها تتلوى الجداولُ
مُزبدةً غضباً ، صاخبةً
متناثرةً على الصخور الحادّة .
جناحا " الكراكيّ" تتعبان من الطيران .
القرودُ - متمّسكةً بمخالبها ، في الجدران
- الخشنة ِ ،شديدةِ الانحدار -
تفقد قواها .
كمْ (هو) شديدٌ (هذا) العُلوّ !
التفافُ الدّرب الجبليِّ
إلى قمّة " تشينغ - ني " :
تسع مرّاتٍ مئة خطوةٍ
وينعطف الدربُ إلى الوراءِ
النجومُ ، لقربها ، تكاد تمْسَكُ
الأنفاسُ تتعـثّرُ
وحده الزّفيرُ يخرج نفسَه ، بمشَقّةٍ ،
من الصّدر المُضيّقِ .
لماذا - إذن - تجذبكُم العودة ُ نحو الغرب
إلى دروبٍ شديدة الصعودِ
غير قابلةٍ للتّسلُّق ، خطرةٍ ؟
(هناك) حيث الطيور تشكو ا
- في غصون مُتشعّبةٍ ، متجعّدة ٍ، عاريةٍ -
وتحوم ، متعبةً من الطيران
فوق الأشجار العِجافِ
باحثةً عن أقرانها ؟
وعندما ينادي ، في العتمة ، " طائرُ الليل "
تبدو الجدرانُ الصخريّةُ موحِشةً
في ضوء القمر البارد .
يا جبال " شو " !
صعودكِ أكثرُ مشقَّةً
كلُّ من يسمع بكِ ، بأهوالكِ ، وأخطاركِ
- يا جبال " شو " ! -
ينزاح الدّمُ من خدّيهِ
( وتشحُبُ وجنتاه ) .
ذراكِ تندفع بقوّةٍ
عالياً بأسنانها الحادّةِ
نحو السماء ، التي لا تبعُدُ عنها
أكثر من ذراع .
من الشّقوق (الصخريّة) والتّصدُّعاتِ
تتعلق ، معوجَّةً وملتصقةً
الشّجيراتُ فوق المُنحدر .
هكذا أنتِ - يا جبال " شو " ! .
خدّاعةٌ ، خطرةٌ
ولكنْ أعلِميني !
لماذا يتجرّأُ الجوّالُ
على سلوك الطريق إليكِ
قادماً من البعيد ؟
بين الجبال السَّيفيّة ( الشّاهقةِ)
- التي تطعنُ (ذراها) ،كالنِّصال الصّخريةِ ،
حادّةً ودقيقةً ، في السّماءِ -
ينثني الدّربُ الضيّقُ .
محاربٌ واحدٌ
يدافع بشجاعةٍ ، عن هذا المعبر
(و) عشرة آلاف (من الأعداء) سيُصَدّون .
ولهذا سوف نكون ضائعين
لو لمْ تبقَ الحراسةُ هنا
بين أيدينا .
اِحترسْ ، في جبال " شو " نهاراً ،
من النَّمِر !
اِحذرْ الأفاعي !
التي تطلُب ، في اللّيل ، الطَّريدةَ
تلكُ الوحوش - جنس الأفاعي -
التي أخَذتْ تحدُّ أنـيابَها
مُتشهّـيةً الدماءَ ، كمصّاصي الدّماء !
الأمواتُ ، ممزَّقونَ ، مَنْهوشونَ
من وحوش الجبال .
ربّما كانت " دشين - تشينغ "
- المدينةُ ( النّاعمةُ) مثل " البروكار " -
رائعةً
(ولكن) من الأفضل (لكَ)
أنْ تبقى في بيتكَ .
لأنّ جبال " شو "
صعودها أشقّ من تسلُّق السّماء .
أُديرُ نظري نحو الغرب
- نحو " شو " -
وأَتنهّدُ فقط . . .
===============
مكتوبة إبّان الهُروب
شاحباً ، يمتدُّ البحرُ في البعيدِ
محروساً من السُّفن الراسية بانتظامٍ .
قلبي ، الذي يتشوّقُ إلى البيت ،
مُتعبٌ ، منذ زمانٍ ، من التَّجوالِ ،
مُتعبٌ ، كالشمس فوق النّهرِ
تُبعثرُ بهاءَها الهابط .
في المروج الربيعيّةِ
يضع حصاني قدمَه ، ويتوقّفُ .
أعرفُ أنّ عليَّ الاستمرار
ومتابعة مَسيرة التِّيهِ .
عندها ، يعذّبني بقسوةٍ ،
نداءُ " طائر اللّيل "
المليءِ بالأسى . . .
==================
- انتهى -
من إصدارات د . شاكر مطلق
مجموعات شعرية: عام
1 - نبأ جديد ……حمص-سورية مكتبة- الزهراء 1957
2 - معلقة كلكامش على أبواب "أوروك "..دار الإرشاد 1985 3 - تجليات " عشتار " حمص-سورية - دار الكتاب 1988
4- زمن الحلم الأول حمص-سورية -دار الذاكرة 1990
5- ذاكرة القصب حمص-سورية دار الذاكرة 1994
6- تجليات الثور البري حمص-سورية - دار الذاكرة 1997
7- يا أبانا / يا أبانا ( مكاشفات العارف) دار الذاكرة 1997
8- تجليات للعالم السفلي ……………..دار الذاكرة 1999 9- تجليات الظلال …………دار الذاكرة 1999
10- هكذا نتكلم يا " زرادشت " ( نص أدبي _ فكري ) –
اتحاد الكتاب العرب في دمشق. 2007
دراسة :
- من المشهد الشعري _ نهاية القرن العشرين في حمص … ببليوغرافيا مع مدخل نقدي ( بالاشتراك مع الشاعر محمد علاء الدين عبد المولى)
ترجمة( عن الألمانية ) ودراسة:
- فصول السنة اليابانية (شعر) – ترجمة –اتحاد الكتاب العرب –دمشق . 1990
- لا تبح بسرك للريح (شعر وحكم) من الصين واليابان –
دار الذاكرة-حمص/سورية 1991
- على شاطئ الأيام البعيدة (شعر ياباني) – دار الذاكرة 1995
- درب الكشف: شعر(زن) من الصين واليابان - دار الذاكرة /حمص 1999
-الشاعر الألماني هاينرش هاينه( بمناسبة مرور قرنين على ولادته) دار الذاكرة –حمص سورية 1997
- الشاعر الصيني القديم (لي- تاي- باي) - دار الذاكرة 1999
- كل شيء الآن كل شيء الشاعر الألماني فيرنر شبرنغر
وزارة الثقافة-دمشق . 2006
- الزِّن في فن الشعر ( الياباني ) - دراسة وترجمة – وزارة الثقافة في دمشق . 2007
مجموعة كتب علمية طبية (جراحة العين وفحصها )
- ألواح تشريحيّة . صدرت عن دار الذاكرة حمص-سورية .
قيد الإعداد للطبع :
- مجموعة كتب علمية للأطفال (ترجمة)
- الدِّلفين وجزيرة الفيل الأبيض-رواية للفـتيان
- الشخصية والألوان ( ترجمة) .
- جذور الحداثة الشعرية عبر التاريخ وحتى القرن الثامن ق.م .
( قدمت فصول منه في اتحاد الكتاب العرب – حمص – 1983 ) .
- مذكرات سارة شن ( اليابان ) من منشورات اليونسكو ( ترجمة ) .
- العلاج الصيني بواسطة الضَّغط ( ترجمة ) .
- مئة حالة للقمر( شعر على نمط الهايكو ) .
- خطيئة المقدس _ وردة الجحيم ................. ( شعر )
- من أجل ذاكرة الندى ........................... ( شعر )
- قد يحزن الرجال.................................. ( شعر )
- لستُ...لكن........................................ .( شعر )
- ذاكرة البحر ........................................( شعر )
- البوح الطويل ......................................( شعر )
- المراثي ............................................( شعر )
- الأدب الجرماني من البدايات حتى اليوم –
دراسة وترجمة ( في مجلدين ) .