مازالت تقبع في فكرنا مفاهيم خاطئة لا نفطن لها بقوة وبسرعة وهي:
إن القراءة هي العامل الأوحد في التجديد الثقافي, والذي يضمن التجديد وسعة الاطلاع الذي يؤدي لذلك لاحقا, ومازلنا ندق هذا الوتر عبثا وبلا عمل, بينما نحن بحاجة ملحة فعلا ,لتجديد فكري وطريقة سلوكية ثقافية نجدها جلية في جيلنا الجديد بطريقة ما.
نجد حاليا أن المنتديات العربي الثقافية آخذة بالنزول عن منبرها القيادي في التجديد, لعدم وضع خطط تطويرية فكريه فيها, وتراجع جاذبيتها لدى المثقفين الجدد من أبنائنا,
وهذا من حقهم علينا إذ ان عالم الإقبال لا يتحقق فقط بطرح المعلومة الهامة والجديدة والطازجة بقدر تحريكها بكوادر شابة أيضا مثله لذا فعالم الثقافة سوف يصاب بالشيخوخة ثم العجز ثم الموت تدريجيا إن بقينا على أسلوبنا القديم, ومن ثم دخول غرفة الإنعاش رغما..
فإما ان نزرع قلبا جديدا وإما ان يبقى معلولا ,وهذا ببساطة حقيقة عالمنا الثقافي الهرم, وإن سلمنا بان عالم التجديد يحتاج إلى جانب الكوادر والهمة والعمل عامل مادي, فإننا هنا يجب ألا نعول على المؤسسات فإنها باتت ممسوخة القوام سلبية السلوك ,باردة المشاعر وعقيمة الفائدة, فلم لانفتح للشباب عالما جديدا يقدمون لنا ما وصلوا إليه ونمزج بين تجربتينا بمرونة وهمة وإقبال وتفهم؟.
إن حصل حولنا فهو قليل لا ينتشر ولا يتسع , حتى في سائر البلدان العربية ,لأنها مقيدة اليدين عموما.
ولأن عالم النت فتح لنا مغاليق لم تكن موجوده من قبل فقد بات التجديد لزاما وضروريا وامرا إسعافيا لا كماليا.
من هنا نبدأ ومن هنا الفكرة, يقول الكاتب محمد محفوظ:
أن التجديد في جوهره هو عبارة عن تجسيد الوعي، بضرورة صنع الحاضر، وفقا للاختيارات الفكرية الكبرى، والمجدد الفذ، هو الذي يتمكن من تحقيق مقولات الوعي والتجديد الثقافي في الواقع الخارجي. وإن الأرض الخصبة، التي تؤهل المجدد الثقافي، لعمليات الإنتاج المبدع، هي التي تتشكل من جراء التفاعل الخلاق والرشيد بين المجدد أو المفكر والواقع، لا لكي يخضع المفكر مقاييسه ومعاييره المعرفية إلى الواقع، وإنما لكي يكون إنتاج المفكر ذا جدوى وفائدة عملية على صعيد الواقع. لأن ابتعاد المفكر القادر على التجديد الثقافي عن عصره وواقعه يؤدي إلى تكثيف العناصر الكابحة في ذهن المفكر وواقعه، المانعة لعمليات التجديد والإبداع.
ويقول أيضا:
فالتجديد الثقافي، هو ذلك الجهد الفكري، الذي يتجه إلى الإجابة عن تلك الأسئلة والتحديات الثقافية والفكرية. ولهذا نجد أن أقطاب التجديد الثقافي في العالم العربي والإسلامي في العصر الحديث، كانوا يواكبون تطورات العصر، ويجيبون على تحدياتها إجابات تنطلق من واقع الخصوصية العربية والإسلامية، وتستهدف تحديد الرأي المطلوب تجاهها.[1]
إن أصول التجديد الحضاري منوط بالتجديد الفكري والثقافي, بطريقته و منهجته ومن ثم افكاره المتجددة لخدة قضايانا الكبرى, ولأن الغرب انشط حركة استحوذ على جذب أنظار الجيل الجديد, بينما جهدنا هو الأولى للحفاظ على ممتلكاتنا الثقافية.
وإذن لو درسنا أسباب الهزيمة الفكرية والحضارية بداية ماذا نقول:
يقول محفوظ هنا:
إن التأمل العميق في مسلسل الهزيمة الذي أصاب المجال العربي والإسلامي في العصور السالفة، يجعلنا نكتشف أن الجمود الثقافي أو الأزمة الفكرية التي استفحلت في جسد الأمة وأصابته بالعطب والعقم، من الأسباب الرئيسة التي أدت إلى الكثير من الإخفاقات والنكبات. فلم تكن تنقص الأمة قيم ومبادئ، لأن القيم والمبادئ التي صنعت تلك الحقبة التاريخية لأمتنا هي ذاتها القيم والمبادئ المتوفرة لدينا حاليا.
ولكن الفرق أو الذي تغير، هو الإنسان الذي عجز بفعل ثقافته اللامسوؤلة وفكره التبريري، أن يتعامل تعاملاً حسناً وفعالاً مع تلك القيم والمبادئ.
ويكمل:
لهذا فإنه لا نهوض حضاري، يزيل عن الأمة عبء الاستلاب ويمنع المسخ الفكري من ممارسة دوره التخريبي في الأمة، بدون التجديد الثقافي والفكري، فهو الذي يحرك طاقات الأمة، ويزيل الخلل الفكري الذي يحول دون الانطلاق الحضاري. فالتجديد الثقافي هو الإضافة الفعلية والحقيقية إلى النتاج الحضاري للأمة عبر التاريخ.
.....هذا الغياب الحضاري الذي لا بد من العكوف على الذات، واكتشاف أسباب الأزمة وإدراك آثارها، وتحديد مواطن الخلل والإصابة، واستلهام القيم في صياغة فكرية معاصرة، قادرة على استرداد الشهود الحضاري وامتلاك المقياس السليم، وإعادة بناء الأمة الشهيدة على الناس: {لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا}, قيل:
إن المرء الذي يقدس التقليد ويرفض الاجتهاد والتجديد لا يعي أهمية العمل الجماعي, ولا يحسه ولا يمارسه.
ولذلك تجد المقلد يسلم نفسه إلى نخبة طاغية تتسلط على الأكثرية, وتفرض عليهم ثقافة الصمت, ليجتمع الإنسان وأقرانه في قطعان بشرية مدجنة مروضة, دون وعي حقيقي بحاضر أو أمل صادق بمستقبل/
تذكرت ردا على إحدى مقالاتي الصباحية من الأستاذة "زينب العامر" كان التالي:
صباحي مر كتلك القهوة ( أعلاه) ومتيقظ كسطورك .. وشجِن لما أُصبح عليه كل يوم، فأجده كأمسه، وغده
صباحي كتلك الابتسامات التائهة في وجوه الأسرى، وتلك الدموع الحيرى.. صباحي مُؤمرك.. برشفة الكابتشينو
أو مبرطن.. بالشاي البريطاني الخفيف , حتى كدت أنسى قهوة البن والهال والزعفران، وحبات التمر السبع !!
صباحي في المنتدى الأدبي ’ بعد أن غابت المنتديات النهضوية الأخرى , لذت بقلبي كما لاذ الجميع لغير فضاء
صباح العرب.. أبهت صباح طل على أمة , نحن نعرج على منحدر خطير.. حفرت من حوله الأمم كمائنها..
ومن الردود على ذات الموضوع يرد العضو ولد الزايد في منتدى جبيل:
(مازالت منتدياتنا لا تكتشف خير الأقلام) ...
وإذن لا تطور...
كان هذا ردا على :صباح الخير (45)كيف نفكر وكيف يفكرون!! [2]
أو عبر المواقع التي نشرت فيها .
ما أدهشني هنا أنني اجمع حلقات صباح الخير عبر السنوات السابقة لأجد تراجعا ملحوظا في التفكير العربي الحر, بات محجما محدودا متراجعا حيث كنا ننشر الحلقات عبر أكثر من 15 موقع, فبتنا الان ننشره في 5 مواقع واقتصرنا واختصرنا لأننا لم نعد نجد ردودا قيمة !! ألبس هذا تهمة لإدارة المنتديات وفكرها المتدني؟, أم الامر متعلق بالتجديد الذي أحدثه الغرب من قنوات جديدة منافسة استسلمنا لها كالفيس بوك
والتويتر وأمثاله؟, وكل يوم جديد حتى تشتت جهودنا والمعيل الاول للثقافة المنبر والكتاب؟, ايننا من هذا كله؟
يقول الباحث بوبكر جيلالي من الجزائر عن الجمود الفكري :
من طبيعي أن يختلف المفكر صاحب التكوين الديني الوثوقي الشمولي ويزداد الاختلاف اتساعا وربما يؤول إلى التعصب المقيت مع المفكر صاحب الفكر الحر النقدي المتجدد باستمرار القابل للتعاطي مع الرأي الآخر على سبيل الندية والتعاون والتكامل لا غير.
*******
فهل تقبل الآخر بات أيضا من الأمور التي تخدم التجديد الفكري؟, وإن قلنا نعم فأي طريقة ستكون الناجعة حينها هل مفكرينا اهتدوا لهذا فعلا؟, وهل الشابكة تكفيهم؟, وهل خدمهم الإعلام جيدا وخاصة المعتدلين فكريا؟
والذي لا ينتمون لجهة معينة ويتبنون الفكر الحر عموما؟
يقول الدكتور سليمان ابراهيم العسكري:
بينما يتعامل الغرب مع المستقبل باعتباره مجالا للمعرفة ,ينبغي اقتحامه واكتشافه ,لتحقيق المزيد من فهم العالم والمزيد من رفاهية الانسان ,فإن ثقافتنا العربية
هنا تبدو _مع الأسف- تخشى المجهول ,وتخاف اقتحامه وتفضل العودة لما تظن أنها تعرف من تراث مقلد حرفيا.[3]
ويبقى السؤال: كيف سيكون حال التجديد على ضوء المعطيات الحالية؟.[4]
الخميس 13-6-2013
[1] http://www.annabaa.org/nbanews/61/493.htm
[2] للاطلاع على مقالاتي كاملة الرداء المرو بالرابط التالي من موقع الفرسان:
http://www.omferas.com/vb/forumdisplay.php?f=259
[3] العربي العدد 655 من مقال: العلم ومستقبل العالم العربي.
[4] راجع عبر الروابط المبينة مواضيع لنا ذات صلة:
أصول التجديد:
http://www.omferas.com/vb/showthread.php?t=42147