|
شجاني بريقٌ في الغياهبِ لامعُ |
أثارَ حنيناً حاصرته المدامعُ |
جلا ظلمةَ الليلِ فبانتْ معالمٌ |
فلله دربٌ أظهرته المطالع |
ولله برقٌ بالحجاز وميضُه |
له في أعالي الشام وهجٌ وطالع |
هوى ذو شعابٍ في الظلام كأنها |
عِذاقٌ عَلَت ,فيها ضرى النارَ جامع |
أتى من قبابِ الغيم شَقَّ خيامَها |
طريدَ السما والأرضُ فيه تُنازِع |
بشيرٌ بغَوث القَفرِ عند سطوعِهِ |
نذيرٌ إذا ما الرَّيحُ جاءت تُصارع |
هدى خطوةَ الساري و آنسَ قلبَه |
بلمحٍ فبوحٍ واللبيبُ يُسارع |
حبيباتُ قلبي يا بروق تعاقبت |
فمن سُنَّةِ المختار فيكِ طبائع |
بمرِّ الليالي ما تناهت عظاتُها |
كغيمٍ على عطشى المَحاقلِ هامع |
ثقيلٌ على واهي البناءِ و إنما |
مغيثٌ لغَرْثى , للنفوسِ موادع |
بقلبِ بلادِ العُربِ شعَّ سناؤها |
فضاءت حجازٌ جُرْدُها والمرابع |
بأرضٍ تَولَّتها الضغائنُ أحقُبا |
فللقهرِ فيها مرتعٌ ومنابع |
على قاعها كادت تمورُ جبالُها |
كصرحٍ تهاوى مادَ والسقفُ واقع |
قلوبٌ غَلَت حقداً ودنيا تهافتت |
دماءٌ أريقت في ظنونٍ تخادع |
وخاضوا غِمارَ البغي غافين جملة |
وغطَّت على الحقِّ المنى والمطامع |
وظنُّوا الردى مأوىً وما من قيامةٍ |
و ربهُمُ صخرٌ وما الصخرُ سامع |
إلى أن رمَتهُم بالرزايا مسالكٌ |
تشظَّت إلى أنْ حارَ بالخَرق ِ راقع |
حباهم إلهُ العالمينَ برحمةٍ |
بديعُ البرايا مانحٌ هو مانع |
بطه البشيرِ الطاهرِ المصطفى رَبَتْ |
بطاحٌ و قد زانت رسومٌ بلاقع |
نَمَتْهُ النجومُ الزُّهرُ من آلِ هاشمٍ |
لهم في المعالي مَعقِلٌ ومناجع |
وفي زهرةِ الخيراتِ زانَتْ به عُرى |
وبَزَّتْ بني سعدٍ عليهِ المَراضِع |
أمينٌ كريمُ العهدِ بِيضٌ خِصالُهُ |
تَعلَّى به خَلْقٌ وطابت نوازع |
وقورٌ على الخَطبِ الجليلِ محمدٌ |
له في الصفايا موكبٌ وطلائع |
عظيمُ المَقاليدِ كريمٌ سِبالُهُ |
دِثارُ المُلِمَّاتِ إذِ الأمرُ رائع |
حليمٌ تسامته السجايا فَتُه به |
أيا شعرُ إنْ عَزَّتْ عليكَ المطالع |
إلى أن رمى في الأربعين رِمايةً |
وحانتْ أتى أمرٌ منَ اللهِ جامع |
على غيرِ قارٍ قد تَنَزَّل وحيُهُ |
و بالحقِّ يا طه أتتك الشرائع |
فضاءتْ بها الدنيا و أقبلَ سَعدُها |
ورجّت بها في الخافقين مواقع |
وأذوى لها عرشٌ لكسرى وقيصرٍ |
ودُكَّتْ على صدرِ الطغاةِ مصانع |
وداستْ على بَعْلِ المناسِمُ والخُطى |
ورأس إسافٍ في المزابلِ قابع |
وأدَّتْ قريشٌ للنبيِّ قِيادَها |
وفرسانُ قيسٍ عامرٌ وأشاجع |
وخَفَّتْ إليه حِمْيَرٌ ومَعَدُّها |
وكهلانُ من فوق ِ المطايا تُسارِع |
إلى أنْ توافته القبائلُ كلُّها |
وجَمَّعَ شملا مزقته المطامع |
شتاتاً حيينا قبلَه لا أعِزَّةً |
ذليلٌ لغيرِ الله من هو تابع |
رسولُ الهدى والسِّلمِ والعدلِ والنُّهى |
ونورُ كراماتٍ من الله ساطع |
أرِحنا بلالٌ بالأذانِ وحَيْ على |
فشرقٌ وغربٌ والدُّنى لكَ سامع |
وهندُ به والصينُ بعدَكَ رَجَّعتْ |
وفي طنجةٍ خَفَّتْ إليها رواكع |
بخارى وطشقندُ ومالي وفارسٌ |
وسودٌ وبيضٌ في العدالة طامع |
فلولا بزوغُ الفجرِ ما عُرِفَ الضُّحى |
ولولا صلاحُ العيشِ ما قامَ هاجع |
ولولا هداياتٌ من الله ما دَعتْ |
دواعٍ وما ثارتْ لحقٍّ خوانع |
ولولا سيوفٌ للجهادِ مُعَدَّةٌ |
بأيدي كُماةٍ في النضالِ قواطع |
بأيمان رهبان الدجى وفوارسٍ |
إذا ثارت الأوداجُ والحقُّ ناصع |
مهاجرةٍ إن رُمتَ رِفداً تواردوا |
وأنصارِها إذ صاحَ بالغَوْثِ فازع |
لما كانت الشامُ بأرضٍ لنا ولا |
عراقٌ ولافي مصرَ طابت مرابع |
ديارٌ ورثناها بطُهرِ دمائهم |
فلم نَرْعَها والنائباتُ نواقع |
أيا أمةً إسلامها شادَ عزَّها |
وتشكو صدىً لما تجفّّ المنابع |
كرهتِ مسيراً في طريق الهدى ضحىً |
وساقكِ دربٌ في المهالكِ هازع |
عراقكِ ما أمسى عراقاً فدجلةٌ |
غريقٌ وبين الشرق والغرب ضائع |
وأضحى فراتٌ رافداً لعيونِنا |
نَزَحناهُ دمعاً لن تَعيهِ الفواجع |
فعذراً رسولَ الله ليت عَذرتنا |
فمَسراكَ أنستنا عُلاهُ المنافع |
فهلْ قد يَبُزُّ الخيلَ أعرج ُفي الوغى |
وهل يصنعُ النصرَ المُؤزَّرَ هالع |
و هل شاقت الأوطان من ألِفَ النَّوى |
و هل ردَّت السُّراقَ قطُّ البضائع |
وما أشبعت ضبعَ البوادي وأطعمت |
ذئابَ الفلا إلا الشياهُ الضوائع |
شعوبٌ أضاعت ذاتَها بسُباتِها |
وآتٍ صباحٌ حاصرته المخادع |
وقارحُ خيلٍ لايزال وإنْ كبا |
له في ميادين الطَّرادِ مراجع |
وتاريخُنا ماأوجدته رُواتُه |
فما تصنعُ التاريخَ إلا الوقائع |
ولا يُستعاضُ السيفُ إلا بمثله |
وهلْ مُكمِلٌ ماضيه إلا مضارع |
فان لم يفلَّ الهامَ عالي الظُّبا فلن |
تعيدَ حقوقاً أحبُلٌ و مقامع |
إلهي ومولايَ وربي وخالقي |
ويا خيرَ من ناداهُ بالغيبِ ضارع |
ويا واحداً غطَّى الخلائقَ حُكمُه |
عُبَيدٌ ضعيفٌ بالمَذلَّةِ خاضع |
رضاك ورُحمى منك ياسيدي أنا |
بها من جزيلِ العفوِ عندك طامع |
وصلِّ إلهي ما دعَتكَ خليقةٌ |
على أحمدَ الهادي ولي هو شافع |