نالت الدكتورة السعودية نبال العنبر شهادة الماجستير بتفوق لبحثها السلوكي عن تواصل الوالدين لطفلهما التوحدي، وهي الدراسة الأولى من نوعها في العالم، ومن أهم ماجاء في نتائجها ان والدي الطفل التوحدي تنخفض قدراتهما بصورة ملحوظة فيما يتعلق بضبط انفعالات الآخرين وإدارتها ويتفاقم نمط التواصل التوجيهي لدى الوالدين فيزداد حدة من جراء شدة الألم النفسي لديهما وما يحملان من إدراك للتحكم الشخصي في اضطراب طفلهما.
ويتصف تواصل الوالدين بمزيد من الضعف عندما يشعران بعدم الفهم لاضطراب طفلهما، فضلا عن هذا فان التجاوب الانفعالي للطفل من شانه التأثير على تواصل الوالدين فيما بينهما.
وتشير النتائج المنوه عنها آنفا إلى الإمكانات الانفعالية وقدرات التفاعل وأنماط التواصل لدى الوالدين تمثل موضوعا ملائما للأبحاث الرامية إلى الكشف عن العوامل الوراثية المرتبطة بالتوحد. وتقترح هذه الدراسة كذلك من اجل تحسين مستوى تواصل الوالدين مع طفلهما، ينبغي في البداية تخفيف الألم النفسي لديهما كما ينبغي إجراء تشخيص محدد في أسرع وقت ممكن، أما التدخلات البسيطة التي تهدف إلى تحسين مستوى تجاوب الوالدين مع طفلهما فهي قد تكون بمثابة أداة فعالة للارتقاء بقدرات الطفل وبالتالي يلزم إخضاعها للتقويم في حالة إصابة الطفل التوحدي.
ولكي يكون الأداء في هذا البحث مستوفيا للشروط المطلوبة فقد عكفت الدكتورة نبال العنبر على دراسة دبلوم عن أدوات تشخيص مرض التوحد واستخدامها مع فريق كارثين لورد الذي يكتسب صيتا عالميا ذائعا في مجال البحث في التوحد وقد تلقت تدريبا خاصا على التصوير بالفيديو كما تعلمت كيفية استخدام أساليب التسجيل المتعلقة بعلم النفس وعلم وظائف الأعضاء ولأغراض هذا البحث صممت نبال العنبر أول استبانه لاستطلاع كيفية إدراك الآباء والأمهات للتوحد ونظرتهم إليه.
وعرفت العنبر التوحد بانه عبارة عن اضطراب نمائي شمولي دائم ناجم عن خلل وظيفي يتعلق بالضعف في التفاعل الاجتماعي والصعوبات الواضحة في التواصل اللفظي وغير اللفظي بالإضافة إلى النمطية والتكرار والمحدودية في السلوكيات والاهتمام والنشطات "أي حركات متكررة واهتمامات محددة وسلوكيات محدودة".
ويصل معدل انتشار التوحد في الوقت الحالي إلى ما يتراوح بين حالة واحدة إلى أربع حالات بين كل الف طفل علما بان التوحد يعد اضطرابا على درجة عالية من قابلية التوارث ولئن كان التدخل التربوي والتعليمي يشكل حجر الزاوية في التحكم بالتوحد وإدارته فان تواصل الوالدين يلعب دورا جوهريا في تطور المهارات اللغوية والسلوك الاجتماعي لدى طفلهما.
ولقد ذكرت الدراسة على تحديد اوجة القصور في التواصل والمعالجة الانفعالية من قبل الوالدين لطفلهما التوحدي مما يمكن أن يندرج تحت خصائصهما الوراثية عند مقارنتهما مع والدي طفل ذي اضطراب نمائي شامل غير توحدي. وأجريت عمليات حسابية وإحصائية لتقدير عناصر الارتباط بين الألم النفسي والذكاء في التواصل الانفعالي والتفاعل العاطفي والإدراك والقدرة على فهم المرض بالنسبة لوالدي الطفل وتواصلهما معه. أما القدرات الانفعالية للأطفال التوحديين فقد جرى تقييمها من خلال قياس استجاباتهم لمقتطفات من أفلام كرتونية بينما تم استخدام الالكترودات "الأقطاب الكهربائية" لقياس تفاعلات القلب والجلد ونشاطات عضلات الوجه ذات الأهمية في التعبير عن الانفعالات لديهم.
وأما التوصل الثنائي بين الام أو الأب والطفل وفق تصوير مظاهره وتجلياته عن طريق الفيديو خلال ثلاثة مشاهد مختلفة، وذلك تحديدا اثناء ممارسة اللعب، وعند تعلم الكلمات بالاستعانة بالصور واثناء تناول شاي، فيما تم ترميز أنماط السلوك التواصلي، وقد كان تشخيص التوحد قائما على أفضل أسلوب متاح وهو نموذج الكشف عن التوحد من خلال المقابلة التشخيصية للتوحد نسخة منقحة "adi-r ".
وذكرت الدكتورة نيبال أنها اختارت موضوع رسالتها عن العلاقة السلوكية لأطفال التوحد مع والديهم لما لمسته من معاناة الوالدين جراء عدم فهمهم للوسيلة الصحيحة للتعامل مع ابنهم التوحدي، وفي مرض التوحد يعمل الوالدان مع ابنهما المصاب طيلة اليوم في جميع أيام الأسبوع بمعنى انه تزيد مسؤوليات الوالدين تجاه ولدهما التوحدي لأنهما هما الداعم الوحيد له مع ملاحظة ان أطفال التوحديين قليلو النوم وقد تصل ساعات نومهم إلى ساعتين يوميا.
و أضافت العنبر انه مما يزيد صعوبة التواصل الوالدين مع الطفل التوحدي عدم وجود أي وسيلة للتعبير عن متطلباته أو احتياجاته، ولذا اخترت هذه الدراسة حول تحسين التواصل الطفل التوحدي مع والديهم، ومن العقبات التي واجهتني هو صعوبة التحكم في حركة الأطفال لتطبيق الاختبارات وكانت أعمارهم تتراوح بين الثالثة والخامسة، ومن جهة أخرى كان الإباء يعانون من ضغوط نفسية كبيرة لصعوبة تواصلهم مع ابنهم المصاب، وأخير قالت د. العنبر انها تقوم الآن بدراسة بحثية عن الاضطرابات النفسية وهي الدراسة التي سوف تناقشها قريبا بإذن الله.
والجدير بالذكر ان الدكتورة نبال العنبر تخرجت من جامعة ديكارت بمدينة باريس وذلك يوم الثلاثاء السادس عشر من شهر ديسمبر لعام 2008م بعد ان حصلت على درجة الدكتوراه في علم النفس العيادي السريري كأول امرأة سعودية تحصل على الدكتوراه في علم النفس من جامعة فرنسية وقد استحوذت الآنسة نبال على اسمي الدرجات من قبل أعضاء الهيئة التي انعقدت لمناقشة رسالتها حيث تقدموا لها بالتهنئة على عملها الممتاز الذي أفضى إلى فتح آفاق جديدة للبحث والعلاج في مجال مرض التوحد وقد ترأس الهيئة البروفسور فليب مازيت من جامعة باريس رقم 6بينما تولى البروفسور رولاند دارنيس من كلية الطب بجامعة ديكارت الاشراف على رسالة الدكتوراه والتي تطرقت إلى استكشاف النواحي المتعلقة بالكيفية التي من خلالها يتواصل الوالدان مع طفلهما التوحدي وكذا العوامل التي من شأنها التأثير على ذلك التواصل.
منقول