منهاج الوصول للإمام البيضاوي
الإمام القاضي عبد الله بن عُمر البيضاوي الشافعي أحد أبرز عُلماء القرن السابع الهجري, وصاحب العديد من المؤلفات التي حظيت بالقَبول وسارت بها الركبان, فقد ألف في تفسير القرآن الكريم كتابه الشهير ( أنوار التنزيل ) وهو أكثر كتب التفسير التي وضعت لها الحواشي و الشروح.
وله في علم الكلام كتاب طوالع الأنوار ومختصره المعروف بالمصباح, وفي الحديث له شرح على كتاب مصابيح السنة للإمام البغوي, وفي النحو له شرح على كافية ابن الحاجب, وفي أصول الفقه له شرح هام على مختصر ابن الحاجب سماه ( مرصاد الأفهام إلى مبادئ الأحكام ) وشرح المنتخب للإمام الرازي, وأشهر كتبه الأصولية وأخصرها وأكثرها ذيوعاً وعناية بين أهل العِلم هو كتابه منهاج الوصول إلى علم الأصول, الذي يأتي زبدة لكتب المتكلمين في أصول الفقه.
فكما هو معلوم أن عمدة المصنفات الأصولية عند المتكلمين أربعة وهي:
1. ( العهد ) أو ( العمد ) للقاضي عبد الجبار ت 451 هــ.
2. ( المعتمد ) لأبي الحُسين البصري ت 436 هــ.
3. ( البرهان ) لإمام الحرمين الجويني ت 478 هــ.
4. ( المستصفى ) لحجة الإسلام و المسلمين أبي حامد الغزالي 505 هــ.
هذا وقد لخص الإمام الرازي المتوفي سنة 606 هــ كتاب المعتمد في كتاب سماه المحصول في علم الأصول, واختصر الإمام تاج الدين الأرموي المتوفي سنة 656 هــ كتاب المحصول في كتاب سماه الحاصل من المحصول, ثم جاء الإمام البيضاوي واختصره في كتابه منهاج الوصول إلى علم الأصول.
وقد حضي منهاج الوصول باهتمام واسع فتسابق العُلماء لشرحه وفك عباراته, ومن تلك الشروح الهامة:
1. معراج المنهاج – للإمام شمس الدين محمد بن يوسف الجزري.
2. السراج الوهاج في شرح المنهاج – للإمام الجاربردي.
3. نهاية السول في شرح منهاج الوصول – للعلامة الإسنوي.
4. الإبهاج في شرح المنهاج – للإمام السبكي.
والعشرات من الشروح الأخرى و المنظومات, وعلى عدد من تلك الشروح أيضاً تعليقات وحواشي مفيدة وهامة.
امتاز منهاج الوصول بعدد من الميزات أذكرها وأدلل عليها في نقاط.
1. تحرير المصطلحات, وضبط الحدود بشكل كبير ومن تلك الحدود.
أ. عرَّف أصول الفقه: بمعرفة دلائل الفقه إجمالاً وكيفية الاستفادة منها وحال المستفيد, وهو أدق تعريف لعلم الأصول.
ب. الفقه: العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية.
ت. الحكم: خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير.
ث. العام: لفظ يستغرق جميع ما يصلح له بوضع واحد.
ج. السنة: قول النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – أو فعله, ولم يذكر التقرير.
ح. العدالة: ملكة في النفس تمنعها من اقتراف الكبائر و الرذائل المباحة.
خ. الإجماع: اتفاق أهل الحل و العقد من أمة محمد – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – على أمر من الأمور.
د. القياس: إثبات مثل حكم معلوم في معلوم آخر, لاشتراكهما في علة الحكم عند المثبت.
ذ. العِلة: هي المعرف للحكم.
ر. المناسب: ما يجلب للإنسان نفعاً أو يدفع عنه ضرراً.
ز. الترجيح: تقوية إحدى الأمارتين على الأخرى ليعمل بها.
س. الاجتهاد: استفراغ الجهد في درك الأحكام الشرعية.
2. الاختصار: فقد كان كلامه شديد التركيز و الاختصار خالي من الحشو و الإطالة.
3. استخدام أسلوب المناقشة و الرد, فقد كان يعرض للمسألة ويبين ما يراه صواباً ويدلل عليه ثم يعرض أقوال المخالفين وأدلتهم ويردها.
ومن سلبيات الكتاب: عدم الاستيعاب, وعورة بعض الألفاظ و العبارات وهذه ليست خاصة به بل أكثر كتب المتكلمين كذلك, إدخال ما لا مدخلية له من علم الكلام في المسائل الأصولية وهذه كسابقتها في كتب المتكلمين.
من الآراء الهامة التي وضعها في كتابه, ما قاله في كتاب الاجتهاد, في مبحث شروط المجتهد, وهو أن لا حاجة للمجتهد بعلم الكلام, أي أنه ليس من شروطه كي يتأهل للاجتهاد, وذلك في صفحة 250.
ومن الآراء في مسائل العقيدة, على سبيل الذكر لا الحصر:
1. قال: " أن الأنبياء معصومون من الذنوب إلا الصغائر سهواً " ص153.
2. كفر المجسمة, فقال: " فتقبل رواية الكافر الموافق كالمجسمة إن اعتقدوا حرمة الكذب " ص165.
ولا بد قبل ختام الكلام عن الكتاب أن أنبه على بعض العبارات في المنهاج.
1. إذا قال البيضاوي الأستاذ يريد أبو إسحاق الاسفراييني.
2. وإذا قال الشيخ يريد الإمام أبو الحسن الأشعري.
3. وإذا قال الإمام يريد فخر الدين الرازي.
4. وإذا قال القاضي يريد أبو بكر الباقلاني.
5. وإذا قال الحجة يريد الإمام أبو حامد الغزالي.
وفي الختام فقد طبع المتن منفرداً أكثر من طبعة قديماً وحديثاً, وهذه الطبعة يعود فضل تحقيقها للأستاذ الدكتور شعبان محمد إسماعيل – وفقه الله – و الذي حقق ثلاثة شروح من قبل لهذا المتن, فكان تحقيقه متقن لدرجة عالية, وتعليقاته جيدة إلا في مواطن يسيرة, وقدم له بمقدمة نافعة فجزاه الله خير الجزاء.
كتبه: غيث حلمي الملكاوي.
يوم الخميس 11 – رجب – 1436 هــ.
الموافق 30 – أبريل – 2015 مــ.
رابط الكتاب: http://www.mediafire.com/…/%D9%85%D9%86%D9%87%D8%A7%D8%AC+%…