د. سليمان إبراهيم العسكري
على صفحات هذا العدد تنشر «العربي العلمي» حوارا مع الفتاة المصرية عائشة مصطفى طالبة العلوم بجامعة سوهاج, التي ابتكرت اختراعا جديدا يختص بتوفير طاقة لدفع الصواريخ في الفضاء بشكل مختلف. وصحيح أن الأمر يدعو للفخر، واليقين في توفر الطاقات العربية في المجالات العلمية، لكن ما يلفت الانتباه في الحوار الذي أجرته معها «العربي العلمي» قولها إنها وجدت صعوبة كبيرة في فهم المنهج العلمي المقرر عليها، وهو ما دفعها، عبر شبكة الإنترنت، للبحث عن المناهج العلمية المثيلة في الجامعات الغربية، وخاصة في كندا، ومن خلال هذا البحث استطاعت أن توسع حصيلتها العلمية، بل وتنتقل من مرحلة عدم الفهم إلى النبوغ.
غلاف عدد أغسطس من العربي العلمي إن ما تقوله هذه الفتاة المجتهدة، التي لفتت صحافة العالم العلمية في الغرب والولايات المتحدة، ينبغي أن يكون بمثابة دق لنواقيس الجامعات العلمية في العالم العربي، خصوصا تلك التي لا تزال تعتمد على مناهج تقليدية تقوم على الحفظ والتلقين وليس على الابتكار والفهم، لكي تقوم بعملية مراجعة شاملة لمناهجها العلمية، وتغييرها وفقا لمقتضيات العلم الحديث، خصوصا وأن العالم العربي اليوم يمر بمرحلة تغيير شاملة تعبر عن إرادة الشعوب في النهضة، وهذه النهضة لا يمكن أن تتحقق بدون رفع مستوى التعليم والبحث العلمي.
إن الفضاء الجديد الذي وفرته شبكة المعلومات العالمية «الإنترنت» أصبح اليوم قادرا على تخطي الحدود التي كانت في الماضي تمثل معوقا للاتصال بالعالم، وهو اليوم يوفر لمستخدمي الشبكات الافتراضية المعلوماتية كنوزا من المعارف في كل شيء تقريبا، وإذا لم تتمكن الجامعات ومؤسسات التعليم العربية من استيعاب هذه الطفرة فإنها مهددة بالفعل بما يشبه الانقراض من مجتمع التعليم العلمي العالمي الذي يشهد اليوم في الغرب طفرات هائلة في وسائل التعليم وفي طبيعة العلوم والمعارف التي يتم تحصيلها.
لهذا فكرنا بإضافة تبويب جديد بعنوان «تكنولوجيا أون لاين» يختص بتعريف قارئ «العربي العلمي» بالجديد في مجال تكنولوجيا المعلومات، والذي يعده الزميل جمال محمد غيطاس، رئيس تحرير مجلة لغة العصر في مؤسسة الأهرام، وأحد الأسماء البارزة في هذا المجال، والذي تسعدنا مبادرته وإضافته التي لا شك ستكون مميزة على صفحات مجلتنا.
إننا نأمل أن يكون الدرس الذي يمكن أن يتعلمه الجيل الجديد من تجربة عائشة هو محاولتهم لتغيير منهجهم الذهني في تحصيل العلوم، والتيقن من أن المعرفة أكبر كثيرا من المناهج المحدودة، وأن عليهم بذل الكثير من الجهد للتحصيل العلمي من الوسائل المتاحة لهم أينما كانت لخلق طاقات جديدة يمكن لها أن تسهم وبإبداع في تنمية بلادهم، فهذا هو ما سوف يسهم في تنمية المنطقة العربية بشكل عام، ونأمل أن يكون ذلك في أفق المستقبل المنظور.
http://www.alarabimag.com/Arabi-Elmy/2012/Issues/Issue_8/Default-Elmy.htm