منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. #1

    دراسة.. محطات على طريق نكبة فلسطين

    محطات على طريق نكبة فلسطين

    ا.د. محمد اسحق الريفي

    لوحة رقم (01): مقدمة

    إن الحديث عن نكبة فلسطين يقودنا إلى الحديث عن أوضاع الأمة العربية قبل النكبة، والتي جاءت نكبة فلسطين نتيجة حتمية لها. فنكبة فلسطين هي نكبة الأمة العربية، وبالتالي هي نكبة الأمة الإسلامية. وما حلت هذه النكبة بأمتنا إلا بسبب الضعف والتشرذم والصراعات الداخلية التي مزقت أمتنا العربية، والتي أدت إلى نشوء فراغ قيادي وسياسي، وتدهور كبير في كافة المجالات وخصوصاً الاقتصادية، وتبعية لبريطانيا، ما مكن الدول الغربية المنتصرة في الحرب العالمية الأولى، والثانية، من استغلال ضعف أمتنا وتوظيفه في إنشاء قاعدة عسكرية غربية في فلسطين، لتمزيق العالم العربي وإنهاكه، ولضمان استمرار الهيمنة الغربية عليه، وذلك بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.

    لقد جاءت نكبة فلسطين في سياق صراع الحضارات، بين الحضارة العربية والإسلامية، وبين الحضارة الغربية، التي انتصرت في الحرب العالمية الأولى، فتقاسمت كل من بريطانيا وفرنسا واليهود ممتلكات الرجل المريض (الدولة العثمانية)، حيث التقت المصالح الغربية الاستعمارية مع مصالح اليهود في إقامة وطن قومي لهم في فلسطين. وحتى تضمن بريطانيا استمرار تمزق العالم العربي، لتسهل الهيمنة الغربية عليه، قررت هي والولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون إنشاء قاعدة عسكرية صهيونية في فلسطين وسط منطقتنا العربية والإسلامية، لترعى المصالح الغربية في منطقتنا، وتحول دون استقرارها، وتستنزف العالم العربي والإسلامي، وذلك عبر إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.

    استغلت بريطانيا تناحر العرب على السلطة والحكم في الحجاز والشام والعراق، فحرضت زعماء والعشائر والقبائل العربية على الدولة العثمانية، واستخدمتهم لإسقاطها، في مقابل وعود زائفة بمنحهم دولة عربية كبرى تشمل كل الوطن العربي باستثناء مصر والشمال الإفريقي. فتآمر العرب على الدولة العثمانية، التي حالت في عهد السلطان عبد الحميد الثاني دون بيع فلسطين وتحويلها إلى وطن قومي لليهود. وبعد سقوط الدولة العثمانية، غدرت بريطانيا بالعرب، وظهرت نواياها الحقيقية، فتقاسمت مع فرنسا العالم العربي وفق اتفاقية سايكوس–بيكو. وبعد سنتين من سقوط الدولة العثمانية في 1917، تم عقد صفقة بيع فلسطين في 3 يناير 1919 بين الأمير فيصل ابن ملك الحجاز في ذلك الوقت، وبين "حاييم وايزمن"، الذي تقلد فيما بعد منصب رئيس المنظمة الصهيونية العالمية، ما ساعد على إنجاز وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.

    تدفقت الهجرة اليهودية والصهيونية إلى فلسطين بعد سقوط الدولة العثمانية؛ من الدول الغربية والشرقية، وفق اتفاقية فيصل–وايزمن، ما مكن العصابات الصهيونية المسلحة من تهجير الشعب الفلسطيني والإعلان عن قيام (إسرائيل) في 1948. جاء جيش الإنقاذ العربي إلى فلسطين لإنقاذها، ولكنه لم يتمكن من حماية الفلسطينيين من العصابات الصهيونية، التي ارتكبت المذابح الدموية البشعة ضد الفلسطينيين، بل سهل هجرة الفلسطينيين ونزوحهم. ثم منحت الدول العربية الصهاينة هدنة لمدة شهر، استغلتها العصابات الصهيونية في تنظيم صفوفها وتسليح أفرادها، وارتكبت خلالها العديد من المذابح الدموية البشعة ضد الفلسطينيين.


  2. #2

    رد: دراسة.. محطات على طريق نكبة فلسطين

    محطات على طريق نكبة فلسطين


    لوحة رقم (02): الموقف العربي

    وبعد إقامة الكيان الصهيوني عام 1948، لم يكن للعرب إستراتيجية لمواجهة المشروع الصهيوني غير التعويل على الأمم المتحدة والوعود البريطانية والتهديد الفارغ، واستغلت بريطانيا ولاء العرب لها في شق الصف الفلسطيني، بين معول على الوعود البريطانية بحل القضية الفلسطينية حلاً سلمياً عبر قرارات الأمم المتحدة، التي خذلت الشعب الفلسطيني، وبين متبن لخيار المقاومة في مواجهة العدوان الصهيوني الزاحف. وكانت القيادات العربية هي التي مررت الوعود البريطانية وخلقت الانقسام الفلسطيني في ذلك الوقت، عبر الوعود التي تلقتها بوقف ثورة 1936 لخمس سنوات.

    وعندما حاول الحاج أمين الحسيني لملمة الصف وتوحيد الجهود الفلسطينية المبذولة للتصدي إلى العصابات الصهيونية والاستيطان بإقامة حكومة عموم فلسطين سنة 1948، برئاسة أحمد حلمي باشا، ضمت المملكة الأردنية الهاشمية الضفة الغربية إليها، وبعد أقل من شهر واحد وضعت الحكومة المصرية قطاع غزة تحت إدارتها. وبذلك انفصلت الضفة عن غزة، وانقسم الشعب الفلسطيني إلى جزء في المناطق التي سيطرت عليها العصابات الصهيونية عام 1984، وجزء في الضفة الغربية الفلسطينية، وجزء في قطاع غزة. فحرم الشعب الفلسطيني من كيان سياسي يواجه الكيان الصهيوني، وأخذ الانقسام الفلسطيني أبعاداً اقتصادية وجغرافية وسياسية عميقة، ما زالت هي الأساس الذي يقوم عليه الانقسام الفلسطيني الراهن.

    وبدراسة دقيقة للموقف الرسمي العربي الراهن تجاه قضية فلسطين، نجد أنه استمرار لاتفاقية فيصل–وايزمن (1919)، الذي يتضمن موافقة العرب على السماح لليهود بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين، وتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وحماية المهاجرين اليهود، مقابل سماح بريطانيا للعرب في الحجاز بإقامة دولة عربية. مكَّن اتفاق فيصل–وايزمن بريطانيا من إنجاز وعد بلفور لليهود سنة 1917 بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين، وورط الدول العربية في التزامات أبدية تجاه الكيان الصهيوني. وتم بموجب هذا الاتفاق قبول مصر والأردن بهدنة مع العدو الصهيوني دعت إليها الولايات المتحدة في تموز 1948، ورفضتها سوريا والعراق، ثم قبول مصر والسعودية والأردن واليمن بمبدأ التقسيم. وفي المحصلة، تمت الموافقة على قرار التقسيم بأكثرية الدول العربية، وقبلت الدول العربية إجراء مفاوضات لعقد هدنة دائمة مع الكيان الصهيوني في لوزان بسويسرا.

    وفي أكتوبر 1948، خلال انعقاد المجلس الوطني الأول لفلسطين في مدينة غزة، عندما تبنت اللجنة العربية العليا برئاسة أمين الحسيني خيار المقاومة والجهاد لتحرير فلسطين من بحرها إلى نهرها، رفض الأردن الاعتراف بحكومة عموم فلسطين، متساوقاً في موقفه هذا مع بريطانيا والولايات المتحدة، اللتين رفضتا الاعتراف بحكومة عموم فلسطين، ثم أعلن الأردن عن ضم الضفة الغربية إلى إمارة شرق الأردن وقيام الملكة الأردنية الهاشمية. وبعد أسابيع قليلة من ضم الضفة الغربية للأردن، وضعت مصر قطاع غزة تحت إدارتها، ومنعت حكومة عموم فلسطين من ممارسة أعمالها في غزة، ثم فرضت عليها إقامة جبرية في القاهرة.

    وفي حقبة أوسلو، تخلى النظام الرسمي العربي عن قضية فلسطين وأناب عنه تياراً متصهيناً خاضعاً للإملاءات الصهيونية والغربية، فأعفى الرسميون العرب أنفسهم من فضيحة التآمر المباشر على قضية فلسطين، وأراحوا العدو الصهيوني من عبئ السيطرة على الضفة وغزة ومحاربة المقاومة وملاحقة المقاومين، ولكنهم أتعبوا الشعب الفلسطيني، وكرسوا انقسامه، وعمقوا صراعه الداخلي وحصاره. واختصاراً لوقت القارئ الكريم، نخلص إلى أن الموقف الرسمي العربي الراهن هو استمرار للموقف الرسمي العربي القديم المبني على أساس اتفاقية فيصل–وايزمن، وهو بيع فلسطين لليهود في مقابل تكفل الغرب بعدم المساس بالأنظمة العربية الخاضعة له.

    نكبة فلسطين هي نجاح مشروع توطين اليهود في فلسطين، وإنشاء كيان صهيوني معترف به من الأمم المتحدة، ومتفوق عسكرياً واقتصادياً وعلمياً وتكنولوجياً على العالم العربي، وتهجير الفلسطينيين من أرضهم، وانتعاش الهجرة اليهودية إلى فلسطين. وفيما يلي المحطات التي مر بها المشروع الصهيوني وأدت إلى نكبة فلسطين، وهي محطات زمنية وسياسية لها أعاد محلية وإقليمية وعالمية، أو أحداث وقعت عبر أزمنة ممتدة من 1695 إلى 1948، وأتت في سياق صراع الحضارات والمشاريع الاستعمارية الغربية في منطقتنا العربية والإسلامية. وهذه المحطات هي:




  3. #3

    رد: دراسة.. محطات على طريق نكبة فلسطين

    محطات على طريق نكبة فلسطين

    لوحة رقم (03): المحطات

    1- التقاء المصالح اليهودية والمسيحية الغربية في إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
    • بدأت فكرة توطين يهود أوروبا في فلسطين تلوح في الأفق بعد ظهور حركة الإصلاح الديني على يد مارتن لوثر، حيث روج أصحاب المذهب البروتستنتي فكرة أن اليهود ليسوا جزءاً من نسيج المجتمع الغربي، وأنهم شعب الله المختار، وأن وطنهم المقدس فلسطين، وأنه يجب عودتهم إليه.
    • في عام 1695 وضع التاجر الدنمركي "أوليغر بولي" أول خطة لتوطين اليهود في فلسطين وسلمها إلى ملوك أوروبا في ذلك الوقت.
    • في عام 1799 كان الإمبراطور الفرنسي "نابليون بونابرت" أول زعيم دولة يقترح إقامة دولة يهودية في فلسطين أثناء حملته المشهورة على مصر وسوريا.
    • اشتدت الدعوة الغربية لتوطين اليهود في فلسطين عند ظهور ما يعرف بالمسألة الشرقية، وهي مسألة تقاسم القوى الاستعمارية الأوروبية ممتلكات الرجل المريض (الدولة العثمانية) في القرن التاسع عشر.
    • تولى عدد من زعماء اليهود الدعوة إلى توطين اليهود في فلسطين، منهم اللورد "شاتسبوري" الذي دعا إلى حل المسألة الشرقية عن طريق استعمار اليهود لفلسطين بدعم من الدول العظمى.
    • قام اللورد "بالمرستون"، الذي كان زير خارجية بريطانيا ثم رئيس مجلس وزرائها، قام بتعيين أول قنصل بريطاني في القدس عام 1838 وكلفه بمنح الحماية الرسمية لليهود في فلسطين، كما طلب من السفير البريطاني في القسطنطينية التدخل لدى السلطان العثماني للسماح لليهود بالهجرة إلى فلسطين.
    • كان الغرب الأوربي يريد أن ينتقم من الأمة العربية الإسلامية التي زحفت إلي غرناطه واقتربت من الحدود الفرنسية في سنوات ازدهارها، وفي هذا السياق قال المؤرخ البريطاني "جيبسون" في كتاب انحلال وسقوط الإمبراطورية البريطانية: "لو استمر الزحف لأوصل جيوش العرب إلي بولندا واسكتلندا دون أن تشتبك في معركة حربية بسبب ضعف الجيوش الأوربية، فكان من المحتمل أن يدرّس القرآن العربي والتاريخ العربي الإسلامي كمادة أساسية في مدارس أكسفورد وكمبردج".
    • احتل البريطانيون القدس خلال الحرب العالمية الأولى في 9 ديسمبر 1917، وأعلنوا عن طبيعة هذا الاحتلال عندما قال القائد البريطاني "النبي" في خطابه:" اليوم انتهت الحروب الصليبية"، وهذا ما فعله القائد الفرنسي "غورو" عندما احتلَّ سوريا، حيث وقف على قبر صلاح الدين الأيوبي، رحمه الله، وقال بلهجة المنتشي المنتصر: "ها قد عدنا يا صلاح الدين".

    2- ضعف الدولة العثمانية والصراعات الداخلية وسوء الإدارة والفساد وتردي الاقتصاد.
    • تم السماح في عهد الدولة العثمانية بهجرة عشرات الآلاف اليهود الفارين من الاضطهاد من دول أوروبا الشرقية، لدواعي إنسانية، واستجابة لضغوط بريطانيا، وتعاوناً معها ضد محمد علي باشا، الذي كان يحتل فلسطين وسوريا في المدة 1831-1840، ورغبة في إنعاش الاقتصاد المنهار للدولة العثمانية، ولم تكن فكرة إقامة دولة يهودية في فلسطين متبلورة في ذلك الوقت.
    • استطاع "مونتفيوري" بضغط بريطاني أن يحصل على فرمان عثماني ويشترى أرضاً بالقرب من القدس، وهي الأرض التي أقيم عليها "الحي اليهودي" فيما بعد، وقد عرفت آنذاك بحي "مونتفيوري"، فكانت تلك هي النواة الأولى للمستوطنات اليهودية.
    • وخلال مرحلة ما قبل الانتداب البريطاني، وهي مرحلة مليئة بالأحداث والصراعات الداخلية العربية، برز دور السلطان عبد الحميد الثاني، رحمه الله، الذي كان على درجة عالية من الوعي المبكّر بخطورة المؤامرة الصهيونية العالمية على فلسطين، فقد أصدر أمراً يمنع هجرة اليهود إلى الأراضي الفلسطينية، إلا في فترة الحج، ويمنع المسافرين اليهود من الإقامة في فلسطين أكثر من ثلاثة أشهر، كما أمر بمنع اليهود من شراء أية أراض في فلسطين.
    • وقد سعى اليهود إلى محاولة رشوة السلطان عبد الحميد الثاني، فعرضوا عليه سداد جميع ديون الدولة العثمانية، وبناء أسطول لحمايتها، كما عرضوا تقديم قرض قدره 35 مليون ليرة ذهبية، مقابل التنازل عن جزء من أرض فلسطين، ولكنه رفض عرضهم.
    • بدأ اليهود بالاستيلاء على الأراضي الفلسطينية بشتى الوسائل، منها الشراء والاستئجار لمدة طويلة، ولعبت المؤسسات اليهودية التي أنشئت لهذا الغرض دوراً هاماً في ذلك، من بينها: الجمعية الاستعمارية "بيكا"، والوكالة اليهودية التي انبثقت من المؤتمر الصهيوني العالمي الأول عام 1897، والصندوق القومي اليهودي "الكيرن كايمت"، وصندوق التأسيس اليهودي "الكيرن هايسود" والشركة الإنجليزية الفلسطينية، ومكتب فلسطين برئاسة "آرثر روبين" 1907-1908.
    • كان من بين المهاجرين اليهود إلى فلسطين "ديفيد بن غوريون"، الذي هاجر إلي فلسطين سنة 1906، ليكون واحداً من الرواد الذين كونوا المستوطنات اليهودية الزراعية في فلسطين.
    • أسست المنظمة الصهيونية العالمية البناء العسكري الصهيوني في 1907، بإنشاء المنظمات العسكرية الصهيونية في فلسطين، وكانت فكرة إنشاء قوة عسكرية ترددت في المؤتمر الصهيوني الأول سنة 1897 حين نادي احد زعماء الصهيونية بتأسيس فرقة يهودية يعهد إليها بغزو فلسطين. ونشأت المنظمات العسكرية الصهيونية الارهابية وأهمها: "الهاجاناه"، "البالماخ"، "شتيرن"، "أرغون"، التي اندمجت فيما يسمى الآن "جيش الدفاع الإسرائيلي" أثر الإعلان عن قيام الدولة سنة 1948.
    • جيش الصهاينة رجالهم منذ إنشاء منظمة " هاشومير" شبة العسكرية سنة 1907، والتي تحولت إلي فرقة "أبناء صهيون"، لخدمة الجيش البريطاني في الحرب العالمية الأولي، وقد بلغ عددها خمسة وعشرون ألف رجل مسلح من اليهود الصهاينة.

    3- تصارع العرب على الحكم ووقوعهم في فخاخ الإنجليز وتآمرهم على الدولة العثمانية.
    • استغلت بريطانيا تناحر العرب على السلطة والحكم في الحجاز العربية والشام والعراق، حيث كانت البنى العشائرية والإقطاعية تحكم العلاقات الاجتماعية العربية وأدت إلى تخلف العرب، فحرضتهم بريطانيا على الدولة العثمانية، واستخدمتهم لإسقاطها، في مقابل وعود زائفة بمنحهم دولة عربية كبرى تشمل كل الوطن العربي باستثناء مصر والشمال الإفريقي.
    • تآمر العرب على الدولة العثمانية، التي حالت دون بيع فلسطين وتحويلها إلى وطن قومي لليهود. وبعد سقوط الدولة العثمانية، غدرت بريطانيا بالعرب، وظهرت نواياها الحقيقية، فتقاسمت مع فرنسا العالم العربي وفق اتفاقية سايكوس–بيكو.
    • بعد سنتين من سقوط الدولة العثمانية في 1917، تم عقد صفقة بيع فلسطين في 3 يناير 1919 بين الأمير فيصل ابن ملك الحجاز في ذلك الوقت، وبين "حاييم وايزمن"، الذي تقلد فيما بعد منصب رئيس للمنظمة الصهيونية العالمية، ما ساعد على إنجاز وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.

    4- وعد بلفور في 1917 بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
    • جاء هذا الوعد على خلفية ما يعرف بالمسألة الشرقية، والي تتعلق بتقسيم ممتلكات الدولة العثمانية المنهارة، وذلك مع بداية الانتداب البريطاني على فلسطين. مثلت هذه المحطة نقطة انطلاق كبيرة لتنفيذ مخطط توطين اليهود في فلسطين، حيث انتهت مقاومة الدولة العثمانية لبيع فلسطين لليهود، فتدفقت الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وتم تأسيس المؤسسات العسكرية والاقتصادية والتعليمية لإقامة الكيان الصهيوني.

    5- اتفاقية فيصل–وايزمن على هامش مؤتمر السلام في باريس 1919 التي سهلت هجرة اليهود إلى فلسطين واحتلالها وأدت إلى إنجاز وعد بلفور.
    • البند الرابع من الاتفاقية ينص على: "يجب أن تتخذ جميع الإجراءات لتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين على مدى واسع والحث عليها وبأقصى ما يمكن من السرعة لاستقرار المهاجرين في الأرض عن طريق الإسكان الواسع والزراعة الكثيفة".
    • لم تكن اتفاقية فيصل–وايزمن أبرز المحطات على طريق نكبة فلسطين، ولكنها كانت الأخطر على الإطلاق.
    • أدت اتفاقية فيصل–وايزمن إلى إنجاز وعد "بلفور" المشئوم الصادر في 2 نوفمبر 1917، وتنفيذه عملياً، وإلزام الأمة العربية بحماية الكيان الصهيوني المقام في فلسطين المغتصبة.
    • أدت اتفاقية فيصل–وايزمن إلى اعتراف النظام الرسمي العربي بما يسمى (إسرائيل)، وشكلت جوهر السياسة العربية تجاه القضية الفلسطينية ومحدداتها منذ ذلك الوقت وحتى الآن، وألزمت العرب بتبني نهج التسوية السياسية تجاه المشروع الصهيوني.
    • وظهر ذلك واضحاً في خطاب "بن غوريون" أمام الكنيست بعد احتلال (إسرائيل) لأراضي سيناء المصرية في العدوان الثلاثي عام 1956 عندما قال: "إن قواتنا المسلحة أنجزت حملة صاعقة استمرت أقل من سبعة أيام لتطهير شبه جزيرة سيناء من القوات المعادية وتمت لها السيطرة على خط يمتد من رأس النقب إلى شرم الشيخ ومن إيلات إلى رفح بعمق يصل إلى قناة السويس وخليجها الجنوبي"، في إشارة واضحة لحدود الدولة الصهيونية وفقاً لاتفاقية فيصل–وايزمن، والتي تشمل الجنوب اللبناني ونهر الليطاني والجولان السورية وأجزاء من الأراضي الأردنية والضفة الفلسطينية، إضافة إلى قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء.

    6- قرار التقسيم وانتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين بعد إسناد السلطة لليهود واندلاع معارك بين اليهود والفلسطينيين وتولي الجيوش النظامية العربية مهمة التصدي للعدو الصهيوني 1948 وإقصاء المقاومين والمجاهدين وتسهيل هجرة الشعب الفلسطيني.
    • كان هناك نحو خمسين ضابطاً بريطانياً يخدم في الجيش العربي الأردني تحت قيادة الجنرال البريطاني الذي يسمى "غلوب باشا".
    • كان عدد المتطوعين العرب وجنود جيش الإنقاذ أقل بكثير من عدد أفراد العصابات الصهيونية المسلحة، ناهيك عن الفرق الكبير في التسليح بين العرب وتلك العصابات الصهيونية.
    • وصل عدد "الهجناة" إلى نحو 45300 فرداً، وعدد "البالماخ" إلى نحو 2200 فرداً، ثم انضم إلى "الهجناة" 30 ألف مجند ونحو 20 ألف يهودي من أوروبا.
    • ارتفع عدد "الهجناة" في الأسبوع الأولى من يونيو 1948 إلى نحو 107300 فرداً.
    • صدرت الأوامر إلى قائد الجيش المصري في فلسطين بتجريد الإخوان المسلمين من أسلحتهم، ووضعهم في المعتقلات في رفح والعريش، ونفذ الأمر، وسجن الإخوان المسلمون في ساحة المعركة ثم سيقوا إلى المعتقلات والسجون في مصر وإلى سلسلة مريرة من التحقيق والإذلال.
    • وافقت مصر والأردن على عقد هدنة بهدنة مع العدو الصهيوني دعت إليها الولايات المتحدة في تموز 1948، ورفضتها سوريا والعراق، ثم قبول مصر والسعودية والأردن واليمن بمبدأ التقسيم.
    • تمت الموافقة على قرار التقسيم بأكثرية الدول العربية، وقبلت الدول العربية إجراء مفاوضات لعقد هدنة دائمة مع الكيان الصهيوني في "لوزان" بسويسرا.

    7- ضم الضفة الغربية للملكة الأردنية الهاشمية ووضع قطاع غزة تحت الإدارة المصرية وعزل حكومة عموم فلسطين.
    • وفي أكتوبر 1948، خلال انعقاد المجلس الوطني الأول لفلسطين في مدينة غزة، عندما تبنت اللجنة العربية العليا برئاسة الحاج أمين الحسيني خيار المقاومة والجهاد لتحرير فلسطين من بحرها إلى نهرها، رفض الأردن الاعتراف بحكومة عموم فلسطين، متساوقاً في موقفه هذا مع بريطانيا والولايات المتحدة، اللتين رفضتا الاعتراف بحكومة عموم فلسطين.
    • أعلن الأردن عن ضم الضفة الغربية إلى إمارة شرق الأردن وقيام الملكة الأردنية الهاشمية.
    • وبعد أسابيع قليلة من ضم الضفة الغربية للأردن، وضعت مصر قطاع غزة تحت إدارتها، ومنعت حكومة عموم فلسطين من ممارسة أعمالها في غزة، ثم فرضت عليها إقامة جبرية في القاهرة.
    • وبهذا تكون الأراضي الفلسطينية التي أقرها قرار هيئة الأمم المتحدة سنة 1947 قد انقسمت إلى ثلاثة أقسام، الداخل الفلسطيني الذي سيطرت عليه العصابات الصهيوني في حرب 1948، والضفة الغربية التي ضمها إلى الأردن، وقطاع غزة الذي وضعته السلطات المصرية تحت إدارتها.
    • أصبحت فلسطين والشعب الفلسطيني وحركته الوطنية مقسمة بحكم الواقع الذي طرأ بعد حرب 1948، وعزل كل قسم عن الأخر، مما فرض على هذا الشعب أن يناضل كل من مكانه وبحكم إمكانياته وقدراته، وبالتالي لم يعد للشعب الفلسطيني أي كيان سياسي أو قانوني مستقل.

    8- الفراغ القيادي والسياسي الفلسطيني.
    • على مر التاريخ، كانت فلسطين تحكم من الخارج؛ من القاهرة، ومن دمشق، ومن اسطنبول، فمثلا قسم العثمانيون فلسطين إلى مقاطعات (سناجق)؛ سنجق القدس ويدار من اسطنبول مباشرة، وسنجق نابلس كان يتبع ولاية بيروت، وسنجق عكا وكان يتبع ولاية بيروت أيضا.
    • أنشأ الشيخ عز الدين القسام، وهو سوري، سنة 1928م أول تنظيم سري عسكري في فلسطين يعمل ضد الاحتلال البريطاني واليهود، وقد أطلق على هذا التنظيم اسم "المنظمة الجهادية"، وبذلك يعد الشيخ عز الدين من أوائل المؤسسين للفرق الجهادية ضد الاحتلال البريطاني، ويعد من أوائل المجاهدين ضد الاستعمار الأجنبي في المنطقة العربية والإسلامية.
    • وفي الوقت الذي كانت العصابات اليهودية والصهيونية تبني نواة جيش الكيان الصهيوني الذي يعرف الآن باسم "جيش الدفاع الإسرائيلي"، خلت الساحة الفلسطينية من أية تنظيمات عسكرية مسلحة، ولهذا تجرأت العصابات الصهيونية على ارتكاب المذابح الدموية البشعة ضد الفلسطينيين واضطرت الآلاف منهم إلى الرحيل عن أرضهم والنزوح والهجرة.



  4. #4

    رد: دراسة.. محطات على طريق نكبة فلسطين

    محطات على طريق نكبة فلسطين

    ا.د. محمد اسحق الريفي

    إن الحديث عن نكبة فلسطين يقودنا إلى الحديث عن أوضاع الأمة العربية قبل النكبة، والتي جاءت نكبة فلسطين نتيجة حتمية لها. فنكبة فلسطين هي نكبة الأمة العربية، وبالتالي هي نكبة الأمة الإسلامية. وما حلت هذه النكبة بأمتنا إلا بسبب الضعف والتشرذم والصراعات الداخلية التي مزقت أمتنا العربية، والتي أدت إلى نشوء فراغ قيادي وسياسي، وتدهور كبير في كافة المجالات وخصوصاً الاقتصادية، وتبعية لبريطانيا، ما مكن الدول الغربية المنتصرة في الحرب العالمية الأولى، والثانية، من استغلال ضعف أمتنا وتوظيفه في إنشاء قاعدة عسكرية غربية في فلسطين، لتمزيق العالم العربي وإنهاكه، ولضمان استمرار الهيمنة الغربية عليه، وذلك بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.

    لقد جاءت نكبة فلسطين في سياق صراع الحضارات، بين الحضارة العربية والإسلامية، وبين الحضارة الغربية، التي انتصرت في الحرب العالمية الأولى، فتقاسمت كل من بريطانيا وفرنسا واليهود ممتلكات الرجل المريض (الدولة العثمانية)، حيث التقت المصالح الغربية الاستعمارية مع مصالح اليهود في إقامة وطن قومي لهم في فلسطين. وحتى تضمن بريطانيا استمرار تمزق العالم العربي، لتسهل الهيمنة الغربية عليه، قررت هي والولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون إنشاء قاعدة عسكرية صهيونية في فلسطين وسط منطقتنا العربية والإسلامية، لترعى المصالح الغربية في منطقتنا، وتحول دون استقرارها، وتستنزف العالم العربي والإسلامي، وذلك عبر إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.

    استغلت بريطانيا تناحر العرب على السلطة والحكم في الحجاز والشام والعراق، فحرضت زعماء والعشائر والقبائل العربية على الدولة العثمانية، واستخدمتهم لإسقاطها، في مقابل وعود زائفة بمنحهم دولة عربية كبرى تشمل كل الوطن العربي باستثناء مصر والشمال الإفريقي. فتآمر العرب على الدولة العثمانية، التي حالت في عهد السلطان عبد الحميد الثاني دون بيع فلسطين وتحويلها إلى وطن قومي لليهود. وبعد سقوط الدولة العثمانية، غدرت بريطانيا بالعرب، وظهرت نواياها الحقيقية، فتقاسمت مع فرنسا العالم العربي وفق اتفاقية سايكوس–بيكو. وبعد سنتين من سقوط الدولة العثمانية في 1917، تم عقد صفقة بيع فلسطين في 3 يناير 1919 بين الأمير فيصل ابن ملك الحجاز في ذلك الوقت، وبين "حاييم وايزمن"، الذي تقلد فيما بعد منصب رئيس المنظمة الصهيونية العالمية، ما ساعد على إنجاز وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.

    تدفقت الهجرة اليهودية والصهيونية إلى فلسطين بعد سقوط الدولة العثمانية؛ من الدول الغربية والشرقية، وفق اتفاقية فيصل–وايزمن، ما مكن العصابات الصهيونية المسلحة من تهجير الشعب الفلسطيني والإعلان عن قيام (إسرائيل) في 1948. جاء جيش الإنقاذ العربي إلى فلسطين لإنقاذها، ولكنه لم يتمكن من حماية الفلسطينيين من العصابات الصهيونية، التي ارتكبت المذابح الدموية البشعة ضد الفلسطينيين، بل سهل هجرة الفلسطينيين ونزوحهم. ثم منحت الدول العربية الصهاينة هدنة لمدة شهر، استغلتها العصابات الصهيونية في تنظيم صفوفها وتسليح أفرادها، وارتكبت خلالها العديد من المذابح الدموية البشعة ضد الفلسطينيين.

    وبعد إقامة الكيان الصهيوني عام 1948، لم يكن للعرب إستراتيجية لمواجهة المشروع الصهيوني غير التعويل على الأمم المتحدة والوعود البريطانية والتهديد الفارغ، واستغلت بريطانيا ولاء العرب لها في شق الصف الفلسطيني، بين معول على الوعود البريطانية بحل القضية الفلسطينية حلاً سلمياً عبر قرارات الأمم المتحدة، التي خذلت الشعب الفلسطيني، وبين متبن لخيار المقاومة في مواجهة العدوان الصهيوني الزاحف. وكانت القيادات العربية هي التي مررت الوعود البريطانية وخلقت الانقسام الفلسطيني في ذلك الوقت، عبر الوعود التي تلقتها بوقف ثورة 1936 لخمس سنوات.

    وعندما حاول الحاج أمين الحسيني لملمة الصف وتوحيد الجهود الفلسطينية المبذولة للتصدي إلى العصابات الصهيونية والاستيطان بإقامة حكومة عموم فلسطين سنة 1948، برئاسة أحمد حلمي باشا، ضمت المملكة الأردنية الهاشمية الضفة الغربية إليها، وبعد أقل من شهر واحد وضعت الحكومة المصرية قطاع غزة تحت إدارتها. وبذلك انفصلت الضفة عن غزة، وانقسم الشعب الفلسطيني إلى جزء في المناطق التي سيطرت عليها العصابات الصهيونية عام 1984، وجزء في الضفة الغربية الفلسطينية، وجزء في قطاع غزة. فحرم الشعب الفلسطيني من كيان سياسي يواجه الكيان الصهيوني، وأخذ الانقسام الفلسطيني أبعاداً اقتصادية وجغرافية وسياسية عميقة، ما زالت هي الأساس الذي يقوم عليه الانقسام الفلسطيني الراهن.

    وبدراسة دقيقة للموقف الرسمي العربي الراهن تجاه قضية فلسطين، نجد أنه استمرار لاتفاقية فيصل–وايزمن (1919)، الذي يتضمن موافقة العرب على السماح لليهود بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين، وتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وحماية المهاجرين اليهود، مقابل سماح بريطانيا للعرب في الحجاز بإقامة دولة عربية. مكَّن اتفاق فيصل–وايزمن بريطانيا من إنجاز وعد بلفور لليهود سنة 1917 بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين، وورط الدول العربية في التزامات أبدية تجاه الكيان الصهيوني. وتم بموجب هذا الاتفاق قبول مصر والأردن بهدنة مع العدو الصهيوني دعت إليها الولايات المتحدة في تموز 1948، ورفضتها سوريا والعراق، ثم قبول مصر والسعودية والأردن واليمن بمبدأ التقسيم. وفي المحصلة، تمت الموافقة على قرار التقسيم بأكثرية الدول العربية، وقبلت الدول العربية إجراء مفاوضات لعقد هدنة دائمة مع الكيان الصهيوني في لوزان بسويسرا.

    وفي أكتوبر 1948، خلال انعقاد المجلس الوطني الأول لفلسطين في مدينة غزة، عندما تبنت اللجنة العربية العليا برئاسة أمين الحسيني خيار المقاومة والجهاد لتحرير فلسطين من بحرها إلى نهرها، رفض الأردن الاعتراف بحكومة عموم فلسطين، متساوقاً في موقفه هذا مع بريطانيا والولايات المتحدة، اللتين رفضتا الاعتراف بحكومة عموم فلسطين، ثم أعلن الأردن عن ضم الضفة الغربية إلى إمارة شرق الأردن وقيام الملكة الأردنية الهاشمية. وبعد أسابيع قليلة من ضم الضفة الغربية للأردن، وضعت مصر قطاع غزة تحت إدارتها، ومنعت حكومة عموم فلسطين من ممارسة أعمالها في غزة، ثم فرضت عليها إقامة جبرية في القاهرة.

    وفي حقبة أوسلو، تخلى النظام الرسمي العربي عن قضية فلسطين وأناب عنه تياراً متصهيناً خاضعاً للإملاءات الصهيونية والغربية، فأعفى الرسميون العرب أنفسهم من فضيحة التآمر المباشر على قضية فلسطين، وأراحوا العدو الصهيوني من عبئ السيطرة على الضفة وغزة ومحاربة المقاومة وملاحقة المقاومين، ولكنهم أتعبوا الشعب الفلسطيني، وكرسوا انقسامه، وعمقوا صراعه الداخلي وحصاره. واختصاراً لوقت القارئ الكريم، نخلص إلى أن الموقف الرسمي العربي الراهن هو استمرار للموقف الرسمي العربي القديم المبني على أساس اتفاقية فيصل–وايزمن، وهو بيع فلسطين لليهود في مقابل تكفل الغرب بعدم المساس بالأنظمة العربية الخاضعة له.

    نكبة فلسطين هي نجاح مشروع توطين اليهود في فلسطين، وإنشاء كيان صهيوني معترف به من الأمم المتحدة، ومتفوق عسكرياً واقتصادياً وعلمياً وتكنولوجياً على العالم العربي، وتهجير الفلسطينيين من أرضهم، وانتعاش الهجرة اليهودية إلى فلسطين. وفيما يلي المحطات التي مر بها المشروع الصهيوني وأدت إلى نكبة فلسطين، وهي محطات زمنية وسياسية لها أعاد محلية وإقليمية وعالمية، أو أحداث وقعت عبر أزمنة ممتدة من 1695 إلى 1948، وأتت في سياق صراع الحضارات والمشاريع الاستعمارية الغربية في منطقتنا العربية والإسلامية. وهذه المحطات هي:

    1- التقاء المصالح اليهودية والمسيحية الغربية في إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
    • بدأت فكرة توطين يهود أوروبا في فلسطين تلوح في الأفق بعد ظهور حركة الإصلاح الديني على يد مارتن لوثر، حيث روج أصحاب المذهب البروتستنتي فكرة أن اليهود ليسوا جزءاً من نسيج المجتمع الغربي، وأنهم شعب الله المختار، وأن وطنهم المقدس فلسطين، وأنه يجب عودتهم إليه.
    • في عام 1695 وضع التاجر الدنمركي "أوليغر بولي" أول خطة لتوطين اليهود في فلسطين وسلمها إلى ملوك أوروبا في ذلك الوقت.
    • في عام 1799 كان الإمبراطور الفرنسي "نابليون بونابرت" أول زعيم دولة يقترح إقامة دولة يهودية في فلسطين أثناء حملته المشهورة على مصر وسوريا.
    • اشتدت الدعوة الغربية لتوطين اليهود في فلسطين عند ظهور ما يعرف بالمسألة الشرقية، وهي مسألة تقاسم القوى الاستعمارية الأوروبية ممتلكات الرجل المريض (الدولة العثمانية) في القرن التاسع عشر.
    • تولى عدد من زعماء اليهود الدعوة إلى توطين اليهود في فلسطين، منهم اللورد "شاتسبوري" الذي دعا إلى حل المسألة الشرقية عن طريق استعمار اليهود لفلسطين بدعم من الدول العظمى.
    • قام اللورد "بالمرستون"، الذي كان زير خارجية بريطانيا ثم رئيس مجلس وزرائها، قام بتعيين أول قنصل بريطاني في القدس عام 1838 وكلفه بمنح الحماية الرسمية لليهود في فلسطين، كما طلب من السفير البريطاني في القسطنطينية التدخل لدى السلطان العثماني للسماح لليهود بالهجرة إلى فلسطين.
    • كان الغرب الأوربي يريد أن ينتقم من الأمة العربية الإسلامية التي زحفت إلي غرناطه واقتربت من الحدود الفرنسية في سنوات ازدهارها، وفي هذا السياق قال المؤرخ البريطاني "جيبسون" في كتاب انحلال وسقوط الإمبراطورية البريطانية: "لو استمر الزحف لأوصل جيوش العرب إلي بولندا واسكتلندا دون أن تشتبك في معركة حربية بسبب ضعف الجيوش الأوربية، فكان من المحتمل أن يدرّس القرآن العربي والتاريخ العربي الإسلامي كمادة أساسية في مدارس أكسفورد وكمبردج".
    • احتل البريطانيون القدس خلال الحرب العالمية الأولى في 9 ديسمبر 1917، وأعلنوا عن طبيعة هذا الاحتلال عندما قال القائد البريطاني "النبي" في خطابه:" اليوم انتهت الحروب الصليبية"، وهذا ما فعله القائد الفرنسي "غورو" عندما احتلَّ سوريا، حيث وقف على قبر صلاح الدين الأيوبي، رحمه الله، وقال بلهجة المنتشي المنتصر: "ها قد عدنا يا صلاح الدين".

    2- ضعف الدولة العثمانية والصراعات الداخلية وسوء الإدارة والفساد وتردي الاقتصاد.
    • تم السماح في عهد الدولة العثمانية بهجرة عشرات الآلاف اليهود الفارين من الاضطهاد من دول أوروبا الشرقية، لدواعي إنسانية، واستجابة لضغوط بريطانيا، وتعاوناً معها ضد محمد علي باشا، الذي كان يحتل فلسطين وسوريا في المدة 1831-1840، ورغبة في إنعاش الاقتصاد المنهار للدولة العثمانية، ولم تكن فكرة إقامة دولة يهودية في فلسطين متبلورة في ذلك الوقت.
    • استطاع "مونتفيوري" بضغط بريطاني أن يحصل على فرمان عثماني ويشترى أرضاً بالقرب من القدس، وهي الأرض التي أقيم عليها "الحي اليهودي" فيما بعد، وقد عرفت آنذاك بحي "مونتفيوري"، فكانت تلك هي النواة الأولى للمستوطنات اليهودية.
    • وخلال مرحلة ما قبل الانتداب البريطاني، وهي مرحلة مليئة بالأحداث والصراعات الداخلية العربية، برز دور السلطان عبد الحميد الثاني، رحمه الله، الذي كان على درجة عالية من الوعي المبكّر بخطورة المؤامرة الصهيونية العالمية على فلسطين، فقد أصدر أمراً يمنع هجرة اليهود إلى الأراضي الفلسطينية، إلا في فترة الحج، ويمنع المسافرين اليهود من الإقامة في فلسطين أكثر من ثلاثة أشهر، كما أمر بمنع اليهود من شراء أية أراض في فلسطين.
    • وقد سعى اليهود إلى محاولة رشوة السلطان عبد الحميد الثاني، فعرضوا عليه سداد جميع ديون الدولة العثمانية، وبناء أسطول لحمايتها، كما عرضوا تقديم قرض قدره 35 مليون ليرة ذهبية، مقابل التنازل عن جزء من أرض فلسطين، ولكنه رفض عرضهم.
    • بدأ اليهود بالاستيلاء على الأراضي الفلسطينية بشتى الوسائل، منها الشراء والاستئجار لمدة طويلة، ولعبت المؤسسات اليهودية التي أنشئت لهذا الغرض دوراً هاماً في ذلك، من بينها: الجمعية الاستعمارية "بيكا"، والوكالة اليهودية التي انبثقت من المؤتمر الصهيوني العالمي الأول عام 1897، والصندوق القومي اليهودي "الكيرن كايمت"، وصندوق التأسيس اليهودي "الكيرن هايسود" والشركة الإنجليزية الفلسطينية، ومكتب فلسطين برئاسة "آرثر روبين" 1907-1908.
    • كان من بين المهاجرين اليهود إلى فلسطين "ديفيد بن غوريون"، الذي هاجر إلي فلسطين سنة 1906، ليكون واحداً من الرواد الذين كونوا المستوطنات اليهودية الزراعية في فلسطين.
    • أسست المنظمة الصهيونية العالمية البناء العسكري الصهيوني في 1907، بإنشاء المنظمات العسكرية الصهيونية في فلسطين، وكانت فكرة إنشاء قوة عسكرية ترددت في المؤتمر الصهيوني الأول سنة 1897 حين نادي احد زعماء الصهيونية بتأسيس فرقة يهودية يعهد إليها بغزو فلسطين. ونشأت المنظمات العسكرية الصهيونية الارهابية وأهمها: "الهاجاناه"، "البالماخ"، "شتيرن"، "أرغون"، التي اندمجت فيما يسمى الآن "جيش الدفاع الإسرائيلي" أثر الإعلان عن قيام الدولة سنة 1948.
    • جيش الصهاينة رجالهم منذ إنشاء منظمة " هاشومير" شبة العسكرية سنة 1907، والتي تحولت إلي فرقة "أبناء صهيون"، لخدمة الجيش البريطاني في الحرب العالمية الأولي، وقد بلغ عددها خمسة وعشرون ألف رجل مسلح من اليهود الصهاينة.

    3- تصارع العرب على الحكم ووقوعهم في فخاخ الإنجليز وتآمرهم على الدولة العثمانية.
    • استغلت بريطانيا تناحر العرب على السلطة والحكم في الحجاز العربية والشام والعراق، حيث كانت البنى العشائرية والإقطاعية تحكم العلاقات الاجتماعية العربية وأدت إلى تخلف العرب، فحرضتهم بريطانيا على الدولة العثمانية، واستخدمتهم لإسقاطها، في مقابل وعود زائفة بمنحهم دولة عربية كبرى تشمل كل الوطن العربي باستثناء مصر والشمال الإفريقي.
    • تآمر العرب على الدولة العثمانية، التي حالت دون بيع فلسطين وتحويلها إلى وطن قومي لليهود. وبعد سقوط الدولة العثمانية، غدرت بريطانيا بالعرب، وظهرت نواياها الحقيقية، فتقاسمت مع فرنسا العالم العربي وفق اتفاقية سايكوس–بيكو.
    • بعد سنتين من سقوط الدولة العثمانية في 1917، تم عقد صفقة بيع فلسطين في 3 يناير 1919 بين الأمير فيصل ابن ملك الحجاز في ذلك الوقت، وبين "حاييم وايزمن"، الذي تقلد فيما بعد منصب رئيس للمنظمة الصهيونية العالمية، ما ساعد على إنجاز وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.

    4- وعد بلفور في 1917 بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
    • جاء هذا الوعد على خلفية ما يعرف بالمسألة الشرقية، والي تتعلق بتقسيم ممتلكات الدولة العثمانية المنهارة، وذلك مع بداية الانتداب البريطاني على فلسطين. مثلت هذه المحطة نقطة انطلاق كبيرة لتنفيذ مخطط توطين اليهود في فلسطين، حيث انتهت مقاومة الدولة العثمانية لبيع فلسطين لليهود، فتدفقت الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وتم تأسيس المؤسسات العسكرية والاقتصادية والتعليمية لإقامة الكيان الصهيوني.

    5- اتفاقية فيصل–وايزمن على هامش مؤتمر السلام في باريس 1919 التي سهلت هجرة اليهود إلى فلسطين واحتلالها وأدت إلى إنجاز وعد بلفور.
    • البند الرابع من الاتفاقية ينص على: "يجب أن تتخذ جميع الإجراءات لتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين على مدى واسع والحث عليها وبأقصى ما يمكن من السرعة لاستقرار المهاجرين في الأرض عن طريق الإسكان الواسع والزراعة الكثيفة".
    • لم تكن اتفاقية فيصل–وايزمن أبرز المحطات على طريق نكبة فلسطين، ولكنها كانت الأخطر على الإطلاق.
    • أدت اتفاقية فيصل–وايزمن إلى إنجاز وعد "بلفور" المشئوم الصادر في 2 نوفمبر 1917، وتنفيذه عملياً، وإلزام الأمة العربية بحماية الكيان الصهيوني المقام في فلسطين المغتصبة.
    • أدت اتفاقية فيصل–وايزمن إلى اعتراف النظام الرسمي العربي بما يسمى (إسرائيل)، وشكلت جوهر السياسة العربية تجاه القضية الفلسطينية ومحدداتها منذ ذلك الوقت وحتى الآن، وألزمت العرب بتبني نهج التسوية السياسية تجاه المشروع الصهيوني.
    • وظهر ذلك واضحاً في خطاب "بن غوريون" أمام الكنيست بعد احتلال (إسرائيل) لأراضي سيناء المصرية في العدوان الثلاثي عام 1956 عندما قال: "إن قواتنا المسلحة أنجزت حملة صاعقة استمرت أقل من سبعة أيام لتطهير شبه جزيرة سيناء من القوات المعادية وتمت لها السيطرة على خط يمتد من رأس النقب إلى شرم الشيخ ومن إيلات إلى رفح بعمق يصل إلى قناة السويس وخليجها الجنوبي"، في إشارة واضحة لحدود الدولة الصهيونية وفقاً لاتفاقية فيصل–وايزمن، والتي تشمل الجنوب اللبناني ونهر الليطاني والجولان السورية وأجزاء من الأراضي الأردنية والضفة الفلسطينية، إضافة إلى قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء.

    6- قرار التقسيم وانتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين بعد إسناد السلطة لليهود واندلاع معارك بين اليهود والفلسطينيين وتولي الجيوش النظامية العربية مهمة التصدي للعدو الصهيوني 1948 وإقصاء المقاومين والمجاهدين وتسهيل هجرة الشعب الفلسطيني.
    • كان هناك نحو خمسين ضابطاً بريطانياً يخدم في الجيش العربي الأردني تحت قيادة الجنرال البريطاني الذي يسمى "غلوب باشا".
    • كان عدد المتطوعين العرب وجنود جيش الإنقاذ أقل بكثير من عدد أفراد العصابات الصهيونية المسلحة، ناهيك عن الفرق الكبير في التسليح بين العرب وتلك العصابات الصهيونية.
    • وصل عدد "الهجناة" إلى نحو 45300 فرداً، وعدد "البالماخ" إلى نحو 2200 فرداً، ثم انضم إلى "الهجناة" 30 ألف مجند ونحو 20 ألف يهودي من أوروبا.
    • ارتفع عدد "الهجناة" في الأسبوع الأولى من يونيو 1948 إلى نحو 107300 فرداً.
    • صدرت الأوامر إلى قائد الجيش المصري في فلسطين بتجريد الإخوان المسلمين من أسلحتهم، ووضعهم في المعتقلات في رفح والعريش، ونفذ الأمر، وسجن الإخوان المسلمون في ساحة المعركة ثم سيقوا إلى المعتقلات والسجون في مصر وإلى سلسلة مريرة من التحقيق والإذلال.
    • وافقت مصر والأردن على عقد هدنة بهدنة مع العدو الصهيوني دعت إليها الولايات المتحدة في تموز 1948، ورفضتها سوريا والعراق، ثم قبول مصر والسعودية والأردن واليمن بمبدأ التقسيم.
    • تمت الموافقة على قرار التقسيم بأكثرية الدول العربية، وقبلت الدول العربية إجراء مفاوضات لعقد هدنة دائمة مع الكيان الصهيوني في "لوزان" بسويسرا.

    7- ضم الضفة الغربية للملكة الأردنية الهاشمية ووضع قطاع غزة تحت الإدارة المصرية وعزل حكومة عموم فلسطين.
    • وفي أكتوبر 1948، خلال انعقاد المجلس الوطني الأول لفلسطين في مدينة غزة، عندما تبنت اللجنة العربية العليا برئاسة الحاج أمين الحسيني خيار المقاومة والجهاد لتحرير فلسطين من بحرها إلى نهرها، رفض الأردن الاعتراف بحكومة عموم فلسطين، متساوقاً في موقفه هذا مع بريطانيا والولايات المتحدة، اللتين رفضتا الاعتراف بحكومة عموم فلسطين.
    • أعلن الأردن عن ضم الضفة الغربية إلى إمارة شرق الأردن وقيام الملكة الأردنية الهاشمية.
    • وبعد أسابيع قليلة من ضم الضفة الغربية للأردن، وضعت مصر قطاع غزة تحت إدارتها، ومنعت حكومة عموم فلسطين من ممارسة أعمالها في غزة، ثم فرضت عليها إقامة جبرية في القاهرة.
    • وبهذا تكون الأراضي الفلسطينية التي أقرها قرار هيئة الأمم المتحدة سنة 1947 قد انقسمت إلى ثلاثة أقسام، الداخل الفلسطيني الذي سيطرت عليه العصابات الصهيوني في حرب 1948، والضفة الغربية التي ضمها إلى الأردن، وقطاع غزة الذي وضعته السلطات المصرية تحت إدارتها.
    • أصبحت فلسطين والشعب الفلسطيني وحركته الوطنية مقسمة بحكم الواقع الذي طرأ بعد حرب 1948، وعزل كل قسم عن الأخر، مما فرض على هذا الشعب أن يناضل كل من مكانه وبحكم إمكانياته وقدراته، وبالتالي لم يعد للشعب الفلسطيني أي كيان سياسي أو قانوني مستقل.

    8- الفراغ القيادي والسياسي الفلسطيني.
    • على مر التاريخ، كانت فلسطين تحكم من الخارج؛ من القاهرة، ومن دمشق، ومن اسطنبول، فمثلا قسم العثمانيون فلسطين إلى مقاطعات (سناجق)؛ سنجق القدس ويدار من اسطنبول مباشرة، وسنجق نابلس كان يتبع ولاية بيروت، وسنجق عكا وكان يتبع ولاية بيروت أيضا.
    • أنشأ الشيخ عز الدين القسام، وهو سوري، سنة 1928م أول تنظيم سري عسكري في فلسطين يعمل ضد الاحتلال البريطاني واليهود، وقد أطلق على هذا التنظيم اسم "المنظمة الجهادية"، وبذلك يعد الشيخ عز الدين من أوائل المؤسسين للفرق الجهادية ضد الاحتلال البريطاني، ويعد من أوائل المجاهدين ضد الاستعمار الأجنبي في المنطقة العربية والإسلامية.
    • وفي الوقت الذي كانت العصابات اليهودية والصهيونية تبني نواة جيش الكيان الصهيوني الذي يعرف الآن باسم "جيش الدفاع الإسرائيلي"، خلت الساحة الفلسطينية من أية تنظيمات عسكرية مسلحة، ولهذا تجرأت العصابات الصهيونية على ارتكاب المذابح الدموية البشعة ضد الفلسطينيين واضطرت الآلاف منهم إلى الرحيل عن أرضهم والنزوح والهجرة.



المواضيع المتشابهه

  1. نكبة فلسطين وأخلاق سلطات فلسطين الحاكمة/ مصطفى إبراهيم
    بواسطة مصطفى إبراهيم في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 06-04-2016, 05:28 AM
  2. نكبة فلسطين
    بواسطة د.غازي حسين في المنتدى الدراسات الاسرائيلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-06-2013, 07:23 AM
  3. نكبة فلسطين نكبة الأمة العربية
    بواسطة د.غازي حسين في المنتدى الدراسات الاسرائيلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-01-2012, 04:27 AM
  4. أعلام وقادة فلسطين قبل نكبة 1948م
    بواسطة يسري راغب شراب في المنتدى فرسان الأبحاث التاريخية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 05-15-2012, 08:04 PM
  5. 60 عاما على نكبة فلسطين..لن يسقط المفتاح
    بواسطة جريح فلسطين في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 11-25-2008, 04:40 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •