المرحوم عبدالوهاب النعيمي كما عرفته أنسانا وكاتبا وصحفيا
بعد ان تلقيت نبا وفاته بحزن شديد واسى بالغ وجدت من الوفاء ان اوثق لصديقي العزيز المرحوم الصحفي والقاص الموصلي العراقي عبدالوهاب النعيمي ما اعرفه عنه من سيرة عطرة فكانت هذه الكلمات التي كتبتها على عجل
رجل طيب القلب على درجة عالية من الأخلاق والمعرفة في مجال تخصصه ، بسيط متواضع كبير في عطائه وتعاونه ، هادي الطبع وجه بشوش نقي السريرة ، محب للآخرين ، متعاون ، صبور ، بينه وبين كره الآخرين والحقد والبغضاء مسافات بعيدة لا يقترب منها أبدا ، نذر نفسه طيلة حياته لحب وطنه وأمته والتعبير عن هذا الحب بكل ما في قرطاسه وقلمه من مدى وأناقة وأحاســــيس ومشاعر صادقة معبرة .. عفيف النفس ، يغلب الحياء في طبعه على الخجل ، وكان يدرك أن الحياء شعبة من شعب الأيمان بينما الخجل يشكل نقطة ضعف في شخصية الإنسان .. لقد كان تعامله مع الآخرين يستند على هاتين الصفتين وعلى خصائص ومكونات شخصيته الأخرى الطيبة التي امتاز بها ونال محبة وإعجاب أصدقائه ومحبيه ...كان شامخا في تواضعه شموخ تاريخ الرافدين ونينوى الحضارة ، والذي كتب عنه وعنهما الكثير من نبع الحب الصافي والالق المتدفق بلا حدود .. بلا قيود .. كان همه الذي أثقل عليه كثيرا هو معاناة وطنه الذي مر بعهود مختلفة تكالب عليه الأعداء وقوى الشر سنين طويلة وأخرها الاحتلال البغيض فكتب عن همه ما يؤرق كيد الأعادي ويثلج صدور العراقيين والمحبين ويفرح قلوبهم..أحبّ العراق والعراقيين بكل أطيافهم الزاهية وكنّا نتحاور أنا – العبد لله- وأخي أبو زياد – رحمه الله - دائما في الأمور التي كانت وما زالت تؤرق العراقيين وتدمي قلوبهم واعني بها مأساتهم الناتجة عن الاحتلال وافرازاته المأساوية وما آلت إليه أمور البلاد والعباد والهزات التي لازالت تعصف بهم وبحياتهم وأمنهم واستقرارهم وأوضاعهم الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي أحالت حياتهم إلى جحيم لا يطاق ..
وعندما كنا نتاقش ونتحاور بين الحين والآخر حول هذه الجوانب كنا غالبا ما نلتقي وقلما نختلف في الآراء ولكن على خلفية اجتهادات
إن أصابت كتب الله لنا بها اجرين وان أخطأت كان لنا فيها نصيب الأجر الواحد إن شاء الله ..
كان هناك قاسم مشترك بيني وبينه فيما يخص وجهات النظر حول مختلف الجوانب الوطنية والعربية والدولية وكانت هناك بيننا مسافة لا تفصلنا عن بعض لأكثر من شعرة رفيعة تكاد لا ترى ولا نحس بها أحيانا ..ومن هنا عملنا ما قدرنا عليه في عكس وجهات النظر هذه
عبر كتاباتنا مناقشاتنا وكان له نصيب مشهود من هذه الكتابات في جريدة الإنقاذ العراقية التي اتراس تحريرها ، وطبعا في الصحف والمجلات الأخرى هي كثيرة .
ومثلما كانت لنا رؤى مشتركة أو متشابهة فيما يخص الجوانب المار ذكرها كنا متفقين تماما حول مسالة اخرى مهمة واعني بها حب العراقيين ووحدتهم الوطنية وفسيفسائهم الجميلة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب .. بلدا واحدا وشعبا واحدا وحضارة واحدة وتاريخا مشتركا .. فلا فرق بين هذا المذهب أو ذاك الدين أو هذه القومية أو ذاك الطيف .. الكل سواء وهمهم واحد في بلدهم وخيراته ومستقبله لا فرق بين أي مكون على مكون مهما اشتدت الخطوب واكتظت أيامنا بالآلام والأحزان ..
عبدالوهاب النعيمي: أديب وصحفي عراقي موصلي من جيل الرواد ، أسهم في مسيرة الصحافة العراقية منذ عام 1964 محترفا ، عمل في مجموعة كبيرة من الصحف والمجلات العراقية وحصل على امتياز لإصدار جريدة ( الشروق ) في مدينة الموصل عام 1965 ، في أواخر عام 1967غادر الموصل إلى العاصمة بغداد للعمل في إحدى صحف المؤسسة العامة للصحافة ، وظل يمارس عمله الصحفي والكتابة إلى جانب كتاباته الإبداعية في الرواية والقصة القصيرة والنقد والدراسات الأدبية حتى آخر أيام حياته رحمه الله ..
الاتحادات والجمعيات المشارك فيها مع ابرز نشاطاته :
1 . عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق منذ إعادة تأسيسه عام 1969
2 . عضو الاتحاد العام للأدباء العرب
3 . عضو نقابة الصحفيين العراقيين منذ عام 1964
4 . عضو الاتحاد العام للصحفيين العرب
5 . عضو منظمة الصحفيين العالميين ومقرها في بلغاريا
6 . شارك في جميع مؤتمرات اتحاد الأدباء في العراق
7 . شارك في المؤتمر الأول للرواية والقصة في بغداد
8 . شارك في مؤتمر الرواية العراقية الذي أقامه نادي الجمهورية الثقافي في بغداد
9 . شارك في أعمال ملتقى القصة الأول الذي أقامته وزارة الإعلام العراقية / دار الشؤون الثفافية العامة .
10 . كتبت عنه عدة دراسات وبحوث نقدية في دوريات عراقية وعربية.
ومن خلال هذه النبذة القصيرة عن سيرته وحياته أوصي ولديه العزيزين ( زياد ) و( عدي )( وعدي هم احد طلابي في كلية الآداب / جامعة الموصل وقد قمت بتدريسه اللغة العبرية والأدب العبري واللغة الآرامية وتاريخ اللغات الجزرية او السامية ) ..أوصيهما بإتباع منهج والدهما في الحياة العامة والفكرية واشدد على تمسكهما بأمور دينهما وأخلاقهما ومواصلة نفس المنهج الذي سار عليه والدهما رحمه الله وان يطورا ويبدعا ولا يقفان عند أي حد من العطاء فطريق الإبداع طويل وهو شاق وأقول لهما أن وطننا وامتنا بحاجة إلى أمثالهما من الشباب المؤمن بقضيته وعروبته ودينه وفكره ، وبارك الله فيهما ورعاهما والى والدتهما أختي أم زياد اعزيها اشد العزاء وأدعو الله أن يرضى عنها ويبارك لها في أولادها ويديم عليهم جميعا نعمة الصحة والسلامة والإيمان والهدى انه نعم المولى ونعم المجيب ..
رحم الله فقيد الصحافة العراقية والأدب العراقي المرحوم عبدالوهاب النعيمي واسكنه فسيح جناته والهم أهله وذويه الصبر والسلوان ..
إنا لله وإنا إليه راجعون ..
الباحث الدكتور عبدالوهاب محمد الجبوري
جامعة الموصل
رئيس تحرير جريدة الإنقاذ العراقية