لم أعمل بحياتي خارج بلدي سوريا رغم العقود التي عرضت علي منذ تخرجي. وفي سنة الثمانين من القرن الماضي كنت بزيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذني حال روحي عظيم فدعوت الله أن يجعل لي زيارة أخرى له ولو في آخر العمر. وبظروف عجيبة يطول شرحها كان الترتيب الإلهي أن أعمل في محافظة بدر الشهداء في منطقة المدينة المنورة وتكررت بناء على ذلك زياراتي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعندها علمت بأن الدعاء قد استجيب وأن هذه هي رحلة آخر العمر. وتأكد لي ذلك بعد وقوع حادث سيارة قيل لي بأنَّ خروجي منه كان معجزة. والحمد لله تمكنت من كتابة هذه القصيدة الثانية بعد الحادث (الأولى بعنوان دعاء حفظ الأثر/ منشورة هنا) ، وقد ألقيت القصيدة في حفل تكريم لي في المستشفى الذي عملت فيه ببدر الشهداء.
رحلة آخر العمر
حطَّتْ رحالي في العريش ودارها ...... فوضعت حملي زائراً لمزارها
شهداء بدر شعلة في مهجتي ..... .. ونجوم بدر نهتدي بمنارها
يا أخوتي فخري بكم بلغ الذرى....... فالنور منكم قد سرى بمدارها
وتلألأت قبب السماءِ مضيئةً .... وازدانت الأجواء من أقمارها
كحمائم الطير الودود وسربها .... وجمال وجه الحور في إزهارها
نمضي معاً لنذود سوءاً قاهراً .....من طارئ قد حل في زوارها
هي رحلة تمضي بنا لقضائنا...... هي محنة نجتازها بأوارها
قد تفتنون بفتنة أو غيرها .....، فاصبر ترَ الرحمنَ في أسرارها
ذكرى المدينة قد مضت وببدرنا ... كوميض عين قد زهت بحَوارها
هذي المدينة نُورت برسولنا.... ووسيم هدْيٍ من هُدى أبرارها
بزيارة لحبيبنا نجلو الصدا .... ويزول وحر النفس من أغوارها
وبمكةَ العظمى جلال باهر ....... مازرت بيتاً من عظيم فخارها
فبحجة مبرورة نجني التقى ....... عـج وثـج متعة بجوارها
عرفات يعرفني بقلب ذاكر ...... ومنى لتذكرني برمي جمارها
والسبح في طوف العتيق جماله .... كعروسة مستورة بخمارها
ذكرى مضت كالبرق في وَمَضَاته... بقي الحنين لكعبة بستارها
تفنى الدنى بجمالها وبمالها .... وتُقَيَّم الأعمال في آثارها
فاغنم من الأعمال ما نفع الورى... ومن الليالي دمعة بدثارها
واجعل لقاء الله منيتك العلا .... يُسكنْك أبراج الهدى بفنارها
كن جاهزاً للقائه تلقَ الرضا .... وجنانه مفتوحة بسوارها
يارب نسألك الرضا وشفاعة ....ياربِّ جنبنا الجحيمَ بنارها
ألف الصلاة على النبي وآله ....مادام أمر الله في إقرارها
الحمد لله رب العالمين