على هامش حوار حول "الإخوان"
مرة أخرى .. تضيق مساحة "تويتر"عن حوار دار بيني وبين أحد الإخوة. هذه المرة كان الحوار حول "جماعة الإخوان المسلمين" .. الحوار مع أخٍ يكفي الاسم الذي اختاره لنفسه لترتاح له النفس .. (سمو الأخلاق : @fdh500).
وعدتُ بالحوار .. حين أجد وقتا .. ثم – كالعادة – رأيت أن سيلا من"التغريدات"قد يشتت الأفكار.. فرأيت أن أكتب .. لا محاورا .. وإنما باسطا وجهة نظري .. ولكن .. قبل بسط وجهة النظر تلك .. هذه بعض الوقفات :
الوقفة الأولى : تحية لمن شاركنا الحوار من ليبيا (@_no_one_o) ..
الوقفة الثانية : بما أنني أنتمي إلى بلد لا مكان فيه للأحزاب .. والجماعات .. فإن اهتمامي بجماعة الإخوان يدخل ضمن الاهتمام العام بكل ما يخص المسلمين .. وعليه فإن ما أكتبه هنا هو الصورة العامة التي تكونت لديّ عبر السنين عن تلك الجماعة . . ولا أكتب بعد بحث استقصائي .. لذلك فالأمر يتعلق بانطباع عام.
الوقفة الثالثة : ليست أكثر من ملاحظات على بعض تعليقات أخي "سمو الأخلاق" .. والذي قال:
1 –( جزاك الله خيرلو رجعت لبداية ردي على الاخ ان موقفي تجاههم انهم حزب سياسي يستغل الدين للوصول للسلطة وعند ذلك يتبرئون من جميع وعودهم الانتخابية)
2 –(وينسفون جميع ماكانوا يؤمنون به ويكفرون به ويتبعون العلمانية ويتبرؤون من الشريعة وانها تعيق تقدمهم)
ملاحظتي .. كل ما سبق حديث عن "النوايا" حين يصلون للسلطة يتبرؤون من الوعود .. ينسفون جميع ما كانوا يؤمنون به ويكفرون به ويتبعون العلمانية .. إلخ .كل هذا داخل في"نوايا"لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى .. إضافة إلى سؤال بسيط : أليس العالم الإسلامي الآن – باستثناء ضئيل – يُحكم بالعلمانية المعلنة أو المستترة؟ إذا من يسعى للسلطة لمجرد السلطة أليس الأسهل السعي لها عبر العلمانية وسيكون مؤيدا من الغرب القوي؟ لماذا أخذ هذه الدورة المؤلمة .. سجون .. وتعذيب ... ثم وصول إلى السلطة .. والتحول إلى العلمانية مرة أخر!
وهنا نتذكر قول علي عزت بيجوفيتش :
(لو كانت الفضيلة مريحة حقا لتسارع إلى اقتحامها الانتهازيون ليكونوا نماذج للفضيلة ) .. أقصد لو كان هؤلاء انتهازيون لوثبوا على السلطة من نفس البوابة التي وثب منها غيرهم .. ولا سجون ولا معتقلات .. ولا تضحيات.
وأيضا ... القول أنهم سينكثون بالوعود الانتخابية،إضافة أنه حديث عن "النوايا"وترديد لقول خصومهم .. فإن الواقع يقول أن المجموعة الوحيدة في عالمنا العربي التي وصلت للسلطة عبر صناديق الاقتراع،وغادرت الحكم عبرها هي"حزب النهضة " التونسي الإسلامي الإخواني .. فالدليل أو الواقع هنا ضد أخي الكريم وليس معه.
الوقفة الرابعة : في إطار البحث عن حقيقة هذه الجماعية .. وهي متشعبة،مثل كل الحقائق المركبة .. سنجد "منزلقا" أو مرتعا لتداخل المعطيات ..
خلط الإخوان المسلمين .. بالجماعة التكفيرية "الجهاد والهجرة" – وهي نتاج موجات التعذيب الوحشي في سجون"عبد الناصر" – وقد تعمدت"الدراما"خلط الأوراق لتشويه صورة الإخوان المسلمين .. وأخيرا،وفي إطار خلط الأوراق،تمت إضافة "حزب العدالة والتمنية"التركي إلى "الإخوان".. ولا يتعلق الأمر فقط بأن "الأتراك"لا ينتمون "تنظيميا"للجماعة .. وإنما أريد بالخلط الإيحاء للمسلمين بأن هذه الحركة سوف "تعلمن الإسلام"! .. إذا فحركة الإخوان المسلمين .. أيضا "ستعملن الإسلام"،إن وصلت للسطلة!!
وهنا نقطة .. فقط لتبيان كيف أجمع نقاطا صغيرة سعيا لتشكيل صورة،لا أقول شاملة،ولكن تسعى لذلك .. شاهدت مقطعا من برنامج"الاتجاه المعاكس" يقول فيه علماني خليجي .. أن كاتبا إسرئيليا يأخذ على "أردوغان" أنه يسعى "لأسلمة تركيا" .. فقد سمح بالحجاب .. إلخ.
يقول الشاعر .. إذا عادتا محاسني التي أدل بها عيوبا .. فقل لي كيف أعتذر!
"حزب العدالة" سيؤسلم تركيا أم سيعلمن الإسلام!
الوقفة الخامسة : مع أنها ذيل للوقفة السابقة إلا أنني فصلت بينهما .. عمدا.
كما يتم خلط الإخوان بالتكفير والهجرة ..و بالميراث العلماني التركي .. يخلط البعض،عمدا،أو خطأ بين دول تضع لافتة عريضة كُتب عليها"الجمهورية" ويسمح نظامها بالتحزب .. وبين الدول ذات الحكم الملكي أو الأميري – وبعضها يسمح بالأحزاب مثل المغرب الكويت – ثم يخلط ذلك بالجانب الدعوي من حركة الإخوان،والساعي لمحاربة التغريب .. فيصنع من هذا الخليط "عريضة دعوى"ضد الإخوان ..
بعد الوقفات .. يأتي دور تصوري أو الصورة التي للإخوان في ذهني ..
هذه الجماعة الدعوية تأسست في عهد الاحتلال البريطاني لمصر .. فكان من الطبيعي أن تتعامل مع المحتل بشيء من العنف .. كما شاركت في "حرب 48"ضد الصهائنة .. ومرت بتجربة "اغتيال الشيخ البنا" .. واغتيالها هي،كما قيل لـ"النقراشي باشا" .. ثم تبلور دورها في مهمتين .."الدعوة" والتي تعني إصلاح المجتمع من الأسفل .. ليمتنع الناس عن الذهاب إلى"الخمارات"حين تقرها الدولة .. والمهمة الثانية "خدمة الناس" .. وهذه الأخيرة هي قربتها من الناس .. وبعد فترة الابتلاء سجنا وتعذيبا وتنكيلا .. في عهد "المستبد غير العادل : جمال عبد الناصر"جاء الفرج على يد"السادات" وكما سلم"ناصر"،" الثقافة والإعلام" لليساريين نكاية في الإخوان،سهل "السادات"مهمتهم لضرب اليساريين ولتجنب تغولهم .. ثم تمددت دعوتهم بين الفئات المثقفة أكثر .. وتجلى ذلك في سيطرة الجماعة على نقابتي "الأطباء والمهندسين" .. خصوصا في عهد"مبارك"
ثم جاء"الربيع أو الخريف" العربي .. والذي نأى الإخوان بجماعتهم عنه في البداية .. ثم انغمسوا فيه .. وحين أزيح "مبارك"وجاء عهد صناديق الانتخابات،كان من الطبيعي أن تفوز جماعة ترفع راية الإسلام .. المعتدل ،كما تراه .. جماعة .. خدمة الناس ..
وحين بدأت بوادر الانقلاب عليهم .. قال أحد قادتهم في الخارج .. أنهم في حالة العنف سيخسرون .. أطباء .. ومهندسون .. لا يعرفون كيف يُستعمل السلاح أصلا!
وبعد .. تجنبا للإطالة هذه الفكرة التي لديّ عن الجماعة .. وبقيت ملاحظة .. على تعليق آخر لأخي "سمو الأخلاق"أعني قوله :
(الاخوان هم مايتم به ضرب المسلمين واستخدامهم من قبل اعدائنا لتدمير بلاد المسلمين لأن حب السلطة اعمى اعينهم عن كل الدمار الذي سببوه للمسلمين)
الحقيقة أن الدهشة طوقتني وأنا أقرأ هذا الكلام!!
الإخوان لم يستلموا الحكم أصلا !! وحين اقتربت منه "جبهة الإنقاذ"في الجزائر .. تم الانقلاب عليها .. وحين فازت "حركة حماس" في الأراضي المحتلة .. تمت محاربتها ... وحين فازت الحركة في مصر .. تم الانقلاب عليها ... وصمت العالم – باستثناءات قليلة – على قيام وزير دفاع بحجز وحبس رئيس مدني منتخب .. وتعطيل الدستور .. ولم يُعتبر هذا الفعل "انقلابا" .. من دعاة الديمقراطية في الغرب!!
"الإخوان"سببوا الدمار للمسلمين!! هل هم الذين قصفوا "حلبجة"بالكيماوي؟ هل هم الذين دمروا"حمص "و"حماة"؟ هل هم الذين ملئوا السجون وعذبوا الناس؟ هل هم الذين باعوا النفط للصهائنة بأقل من سعر التكلفة؟ هل هم الذين فتحوا "معتقل البريقة"؟ أهم الذين صنعوا"أيلول الأسود؟ أهم الذين صنعوا "سجن تازمامرت"؟ .. والقائمة تطول .. وتطول .
وقفة قبل الختام .. في شهادة لأحد"الإخوان" ذكر أن شباب الإخوان في المعتقلات كانوا يقفون على حافة الدرج ،بعد انتهاء "ساعة الفسحة"في سجون"ناصر" ويتلقوا السياط حتى يتمكن "كبار السن والمرضى"من العودة إلى عنابرهم .. وهذه شهادة يمكن الشك فيها لأنها صادرة عن أحد الجماعة .. ولكن شهادة مطابقة صدرت عن مؤلف رواية"القوقعة" وهو مسيحي سجنه"حافظ الأسد" أو زبانيته .. فعاشر الإخوان في المعتقل .. وذكر أن شبابهم كانوا يتلقون السياط أيضا حتى يمر المرضى وكبار السن.
ختاما .. قد تكون معلوماتي خاطئة .. رغم أنني استقيتها على مدار سنوات طويلة .. ولا علاقة لها بما حصل أخيرا من تغيرات .. نعم. قد تكون خاطئة .. وقد يكون فيها الكثير من الصواب .. ولكن الأطروحة الأساسية التي أجادل حولها .. كيف تكون جماعة لم تستلم الحكم أصلا .. أسوأ من دكتاتورية العسكر العلمانية ؟!!
تلويحة الوداع : حين سئل الدكتور "المرزوقي" .. كيف سكت الغرب عن انتهاكات "ابن علي"لحقوق الإنسان؟ رد بأن ثمة شروطا ثلاثة إذا توفرت في أي حاكم فلا مشكلة لدى الغرب في التعامل معه :
الاستقرار .. فتح الأسواق .. العلاقة مع إسرائيل..
أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني