استراتيجية مذهبة الصراع في الخطاب الاعلامي الاسرائيلي
نرى أنه من الضرورة بمكان،قبل تحليل هذه الاستراتيجية أن نبدأ بالسؤال : لماذا يحرص الخطاب الإعلامي الإسرائيلي،على تبني استراتيجية مذهبة الصراع في الشرق الأوسط،؟ لأن معرفة الاجابة تحيلنا على معرفة الأهداف المعلنة على سطوح الأنساق اللغوية لهذه الاستراتيجية ، و كذلك المقاصد المتبطنة على جدر الكلمات، وعلى أغلفة الأنساق العبارية، وبالتالي التمكن من الوصول إلى معرفة المقاصد الجزئية لهذه الاستراتيجية، والتي تشكل في مجموعها المعانى، والأهداف الكلية للخطاب، فمن الواضح أن منتجي الخطاب على دراية معرفية بشكل أو بآخر بالسيكولوجيا العامة للشعوب، التي تحرك شعوب المنطقة وجماهيرها.خصوصا أن"الانضمام إلى مذهب يقتضي التحيز اليه،والتزام ما فيه من الأوهام"( 1)
وينضاف إلى ذلك امتلاك منتجي الخطاب إلى الوعي المعرفي في الحقول الدينية والتاريخية والثقافية للمنطقة ولشعوبها، وعلى اطلاعهم الواسع، على أسباب الخلافات بين المذهبين السني والشيعي، وتداعيات هذه الخلافات عبر المراحل التاريخية المختلفة.، من هنا مكنت المرحعيات المعرفية منتجو الخطاب من توظيف هذه المعرفة لخدمة أغراض الخطاب في هذه المرحلة بالذات.
والذي ينمحهم المؤهل المعرفي اللازم للتلاعب بالعقول وتأليب النفوس،بقصد التوطئة لاشعال وقيد الفتنة،واذكاء نار الصراع بين الشعوب العربية ودول الجوار على أساس مذهبي في خضم الصراع على منع ايران من امتلاك السلاح الذري، والذي يخلق توازن رعب في المنطقة ويقلص من هيمنة اسرائيل ونفوذها وسيطرتها على الاراضي الفلسطينية، ويحد من توسعها نحو الشرق.
لذلك، يرى منتجو الخطاب الإعلامي أن الأمر قد " أصبح واضحا كالشمس، إن المحور المركزي للصراع في الشرق الأوسط، ليس هو الصراع الإسرائيلي العربي، بل في داخل الإسلام نفسه،بين السنيين والشيعة.
ويقف هذا الصراع من وراء ستار حمام الدم في سوريا بين النظام العلوي الذي تؤيده إيران الشيعية من جهة، وبين الاكثرية السنية من سكان سوريا، الذين تؤيدهم اثنتان: العربية السعودية وقطر،غذى الصراع السني الشيعي الحروب الداخلية، في لبنان سنين طويلة والتي انتصر الشيعة في نهايتها، بواسطة ممثلتهم حزب الله.. ويقف الصراع السني الشيعي أيضا وراء الهبة الشعبية في البحرين،على السلطة السنية.
من الصحيح إلى الآن، أن مصالح إسرائيل، فيما يبدو قريبة من مصالح السنيين، وذلك في الأساس، لأن إيران هي العامل الذي يحث الشيعة نحو مواقع القوة...
نشأ الانقسام الأصلي بين السنين والشيعة، في القرن السابع الميلادي حول مسألة من يخلف محمد، فقد آمن السنيون بالرواية القبلية، والتي تقضي بأن يختار شيوخ القبيلة من بينهم، أجل قائد، ليصبح خليفة الجماعة المسلمة ، واختار الشيعة صهر محمد علي، ونصبوا آباءه أئمة عن تصور أن خليفة محمد يجب أن يأتي من عائلته،تطورت الصراعات على الخلافة بعد ذلك، لتصبح فروقا عقادية،كانت لها آثار عسكرية استراتيجية، حينما سيطر السنيون والشيعة على قوى إسلامية متعادية، وبلغ الصراع السني الشيعي ذرى جديدة ،مع تأسيس المملكة الشيعية الصفوية في سنة 1501، حينما أصبح الإسلام الشيعي الدين الرسمي لبلاد فارس، تحت حكم الشاه اسماعيل. وقد حاربت المملكة الشيعية الصفوية الدولة العثمانية السنية، ويزعم المسلمون السنيون إلى اليوم، أن سبب فشل العثمانيين في دخول أبواب فينا، واحتلال أوروبا كلها، أن الشيعة" طعنوا العثمانيين بسكين في الظهر... يرفض زعيم الشيعة في العراق آية الله السيستاني التطرف الايراني،وكتب في موقعه على الانترنت أن اليهود والمسيحيين طاهرون،وأن عقيدة الاخوان المسلمين قد غذت على نحو دائم توجهات معادية لإسرائيل بين السنيين ومع مجئ الربيع العربي، أخذت هذه التوجهات تنتشر مع عدم تسامح الحركات السلفية، مع من ليس جزءا من الدين الاسلامي، يجب على إسرائيل، أن تحافظ على مصالحها الحيوية، في الشرق الأوسط، لكن ينبغي لها ألا تجر إلى الصراع السني الشيعي، اعتمادا على أفكار مقولبة، غير مسوغة عن هذا الجانب أو ذاك" (2 )
نلاحظ كيف يوظف الخطاب التمذهب في المنطقة، لأنه يدرك بشكل أو بآخر أن "المذهب يربط الأفراد ببعض الأنماط المعينة من التعبير،ويحرم عليهم نتيجة لذلك، كل الأنماط الأخرى، لكنه في المقابل،يستخدم بعض اشكال التعبير،لكي يربط الأفراد فيما بينهم،ولكي يميز عن كل الآخرين،فإن المذهب يحقق إخضاعا مزدوجا: إخضاع الذوات المتكلمة للخطابات، وإخضاع الخطابات لجماعات الأفرادالمتكلمين ،ولو كانت جماعة ضمنية على الأقل."( 3)
ولتحقيق هذه الغاية،يستخدم الخطاب أسلوب التكرارلمصطلحي "السني والشيعي" مع اشتقاقاتهما داخل الخطاب في استعمالات عبارية مختلفة، لخدمة المقاصد والأهداف.فيشتغل على إظهار الصراع في الشرق الأوسط على أنه" المحور المركزي للصراع داخل الإسلام نفسه، وعلى وجه التحديد، بين "السنيين وا لشيعة". وحتى نتمكن من معالجة الخطاب،تطلب الأمر منا إلى "إخراج الفضاء الذي تتم فيه الأحداث الخطابية إلى واضحة النهار...(مما) يعني أننا نريد أن نبيح لأنفسنا وصف مجموع العلاقات داخله وخارجه"(4)
ولكي تتمكن الذوات المتلقية للخطاب من تتبع أحداثه الخطابية اتخذ الخطاب وضعيات خطابية متعددة،هي:
الوضعية الأولى: هي إبراز الصراع في سوريا على أساس مذهبي طائفي" بين النظام العلوي الذي تؤيده إيران الشيعية من جهة، وبين الاكثرية السنية من سكان سوريا، الذين تؤيدهم اثنتان: العربية السعودية وقطر".
فالخطاب استخدم مصطلح "العلوية" لتعميق المفهوم داخل المذهب الشيعي،ولإظهار الخلاف داخل هذا المذهب أيضا،مع حرصه على إبراز الحاضنة الاقليمية للمذهب، وهي إيران، في حين عمل على إبراز حدة الصراع بصفته المذهبية، وليس بصفته الوطنية أو الثورية والاجتماعية مع حاضنته السنية الاقليمية (السعودية وقطر).
الوضعية الثانية: هي إبراز شكل آخر من الصراع الطائفي في لبنان وحربه الأهلية،
فقد "غذى الصراع السني الشيعي الحروب الداخلية، في لبنان سنين طويلة والتي انتصر الشيعة في نهايتها، بواسطة ممثلتهم حزب الله.." وتهدف هذه الوضعية إلى اختزال الحرب الأهلية "في لبنان، على أنه صراع سني شيعي،فقط." في عملية تبئير واضحة للحرب الأهلية اللبنانية، مع إقصاء واستبعاد متعمدين عن مشهد الحرب الأهلية لكل من المسيحيين والدروز، والفلسطينيين، الذين اشتركوا في هذه الحرب أيضا.
والوضعية الثالثة، هي إظهار الصراع في البحرين على أساس مذهبي" ويقف الصراع السني الشيعي، وراء الهبة الشعبية في البحرين،على السلطة السنية". بقصد توحيد الوجدان الجماهيري في الخليج العربي على أساس مذهبي في الاتجاهين المتضادين السني، والشيعي.مما يؤكد على أن الجماعات لا تعرف من المشاعر إلا ما كان متطرفا بسيطا،وهي لذلك تقبل ما يلقى إليها،من الأراء والأفكار والمعتقدات، بجملتها. أو ترفضها كذلك. فتأخذها حقائق مطلقة،أو ترغب عنها أباطيل مطلقة على أن هذا هو طريق التلقلي،لا التي تتصل بالإنسان من طريق النظر والتعقل(وكل يعرف)"والكل " يعرف ما للمعتقدات الدينية من التأثير في عدم احتمال المخالف ومن السلطان على النفوس"( 5 )
والوضعية الرابعة هي: تعمد الخطاب ربط المصلحة الإسرائيلية بالمصلحة السنية، في ما يسمى (بتقاطع المصالح) إنطلاقا من مقولة (عدو عدوي صديقي ) وهي مقولة براغماتية، قريبة من النزعة الميكافلية، وهي أن "مصالح إسرائيل، فيما يبدو قريبة من مصالح السنيين، وذلك في الأساس، لأن إيران هي العامل الذي يحث الشيعة نحو مواقع القوة..." فتتقاطع المصالح في هذه الاستراتيجية بالعداء الى ايران الشيعية، ومن هم في محورها،ويشترك الطرفان السني والإسرائيلي في وحدة الهدف، وهو تحجيم الدور الإيراني في المنطقة،وإطلاق يد إسرائيل بدلا منها.
فالخطاب وضع الذوات المتلقية أمام وضعية تقابلية عبر استعماله نسق عباري" مصالح إسرائيل، فيما يبدو قريبة من مصالح السنيين". بقصد الإيحاء بالتكافؤ في المصالح،ولكن استعمال الخطاب لملفوظي "يبدو قريبة" قلص هذه الاحتمالية، وأضعفها لأن كلمة يبدو، لا تشير إلى الحقيقة، التي يمكن إدراكها،وإنما تشير إلى وجود علامات توحي بالحقيقة. ومن أجل تعزيز وجود هذه السيميائية أسند إليها كلمة "قريبة".
من هنا،عمل منتجو الخطاب على زحزحة هذه الوضعية، باتجاه عامل الترجيح لصالح التكافؤ، بهدف تحقيق الرغبة في الإقناع للذوات المتلقية، فلجأ إلى إسلوب التبرير، لهذا التقارب بين إسرائيل كدولة، وبين السنيين كجماعات بشرية،عبر إبراز الدور الإيراني في دفع الشيعة كجماعات بشرية أيضا، إلى "مواقع القوة"..وبالتالي إلى مواقع التهديد، لإسرائيل الدولة، وللجماعات البشرية السنية في آن واحد.
الوضعية الخامسة: توظيف الهستريوغرافيا(التاريخوغرافيا ،هي إعادة تشكيل التاريخ بالاعتماد على مواد تاريخية متداولة وتشكيها من جديد انطلاقا من منظور تاريخي، كأن يكون فنيا أو أيدولوجيا أو تهكميا، يوضع التفسير في الهامش) لتغذية الصراع ،ويتضح ذلك من خلال اختيار الملفوظات ذات المعاني الخلافية والصراعية، عبر تحقيب الصراع في مراحل مختلفة: المرحلة الاولى: هي الكشف عن بدايات الخلاف،إذ" نشأ الانقسام الأصلي بين السنين والشيعة، في القرن السابع الميلادي حول مسألة من يخلف محمد، فقد آمن السنيون بالرواية القبلية، والتي تقضي بأن يختار شيوخ القبيلة من بينهم، أجل قائد، ليصبح خليفة الجماعة المسلمة واختار الشيعة صهر محمد علي، ونصبوا آباءه أئمة عن تصور أن خليفة محمد يجب أن يأتي من عائلته".
إن معالم استراتيجية مذهبة الصراع، تتضح بجلاء من خلال توظيف الخطاب لمفردات ذات دلالة انشطارية، من البدايات التاريخية لمسألة الحكم بعد وفاة الرسول "صلعم" وبروز قضية الاختلاف على من يحكم ويدير شؤون المسلمين، بعد انتقال الرسول "صلعم" إلى الرفيق الأعلى،وهذه المفردات" الانقسام الأصلي،السنيين والشيعة". فالخطاب، يعيد هنا، بناء الوقائع التاريخية، وفقا لمقاصده وأهدافه،عبر تصوير الانقسام بأنه أصيل، وليس شكليا،وذكر اسم الرسول محمد "صلعم" ثلاث مرات مجردا من صفات النبوة والرسالة التي حملها إلى الناس كافة، لذلك استعمل جملا تحمل هذا التجريد من الصفات، "يخلف محمد، خليفة محمد، صهر محمد " وكأن محمدا شخص عادي،أو كأنه خلفية للمسلمين، وليس نبيا ورسولا، ثم يحصر ذلك المفهوم بمن يأتي بعد محمد"صلعم"بالسنة" آمن السنيون بالرواية القبلية" واستعمل نسقا عباريا لدعم وجهة نظره" بأن يختار شيوخ القبيلة،من بينهم قائد". وذلك لتحديد موضوع الخلافة في السنة وحصرها بالذين يصفهم الخطاب"بالجماعة المسلمة" مستبعدا ملفوظ السنة، ليقوم بإظهار ملفوظ الشيعة في معادلة الاختيار مع تجريد مقصود للرسول محمد "صلعم" من صفاته النبوية"واختار الشيعة صهر محمد، علي" واستعمل جملة "شيوخ القبيلة"،للتعبير عن التفكير السني القبيلي، وهو يؤشر بذلك باتجاه طبيعة الحكم في الأوضاع الراهنة،للجماعات السنية التي تحكمها الثقافة القبيلية.
واستعمل كلمات" آباءه أئمة، من عائلته" للتعبير عن التفكير الشيعي.لأن السنة أرسو دعائم نظام الخلافة في النظام السياسي للدولة الإسلامية، والشيعة أرسو دعائم الإمامة في النظام السياسي للدولة.
وحتى نتمكن من توضيح المقاصد لاتخاذ الخطاب الإعلامي الإسرائيلي لهذه الوضعيات الخطابية، ولمعرفة الاقصاءات، والاستبعادات، والاكراهات لملفوظات معينة،وإظهاره، واستعماله لملفوظات بعينها، ليكون استعمالها، يهدف إلى نقل حمولة معرفية مستمدة من التاريخ، ولكن بعد إعادة تفكيك هذه الحمولة،واختيار وقائع محددة،ومن ثم إعادة بناء هذه الوقائع والأحداث التاريخية، وفقا لرؤية منتج الخطاب الإعلامي، وهو ما يطلق عليه الهيستوريوغرافيا،كما أسلفنا سابقا.
وهكذا،تتضح تجليات اختيار منتجي الخطاب لملفوظات بعينها،واستبعاد ملفوظات أخرى، وإلى كيفية بناء الأنساق العبارية. مما يؤكد على أن "لكل لفظ ذاكرة تاريخية،واستعماله يتم في سياق تاريخي محدد"( 6)
مما يعني أيضا أنه عندما تكون "العبارات طفيفة، يلم أشتاتها في كليات توحدها، ويضاعف عدد المعاني، التي تنطوي عليها كل عبارة"( 7)
ومن أجل التعرف على أهداف الخطاب المضمرة منها، والمعلنة. سأورد هذا الخطاب الذي يتطرق إلى المرحلة التاريخية التي بنى عليها الخطاب الإعلامي السابق استراتيجيته، في محاولة منه لمعالجة جذورالأزمة السياسية في النظام السياسي العربي،وفي المنطقة، لإجراء مقاربة بينه وبين هذا الخطاب " وفي أول خلاف نشأ في تاريخ الدولة الإسلامية،عشية انتقال الرسول إلى الرفيق الأعلى،رفضت "قريش" رفضا باتا ونهائيا مبدأ تداول السلطة أو المشاركة فيها،وذلك حين طرح الانصار –أهل المدينة-"منا أمير ومنكم أمير" أو منكم الأمراء ومنا الوزراء"وكان معنى هذا الرفض من جانب قريش تحويل المشروع الاسلامي المطروح في القرآن، وهو مشروع عربي انساني- إلى مشروع قبيلي وربط النبوة بآفاق القبيلة"( 8)
نلاحظ كيف تعامل هذا الخطاب منذ البداية مع الخلاف داخل النظام السياسي الجديد ، على أنه خلاف ناشئ داخل الدولة الاسلامية حول توريث الحكم، ولم يكن في بداياته الاولى بين السنة والشيعة، لأن منتجه مفكر عربي. من هنا، غابت المفردات الدالة على التمذهب،وكما أنه لم يصف النبي محمد "صلعم" مجردا من صفاته،بل، يذكر اسم النبي محمد بصفاته، لملاءمة الصفة مع الموصوف، فهو رسول يحمل رسالة للناس كافة،لأنه لم يكن شيخ قبيلة، ولم يك خليفة،كما أشار الخطاب الإعلامي السابق.
وعند استعراض الخلاف،استخدم الخطاب مفردات تدل على المكان"قريش" وقريش تحمل في جوانيتها دلالات تؤشر باتجاه القبائل المكونة لهامن جهة،ولأنها تحولت إلى حاضنة للإسلام بعد فتح مكة.
ومن ثم وصف أهل المدينة بالصفة المحببة إليهم"أهل الأنصار" نظرا لما يحمله المصطلح من معان ودلالات ،كالتذكير بدورهم في تعزيز الاسلام ونصرته، وفي دورهم في استقبال المهاجرين المسلمين من قريش، ومن استقبالهم للرسول محمد "صلعم"،في احتفالية كبيرة تليق بصاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام،وإلى طبيعة العلاقة التي كانت قائمة بين القريشيين(المهاجرين) وأهل المدينة(الأنصار) إذ وصلت إلى درجة المؤخآة.وبقيت حتى اللحظة انتقل فيها إلرسول إلى الرفيق الأعلى لذا،قدم منتج الخطاب، جملة "أهل الأنصار" على المدينة،وكان بإمكانه أن يقول" أهل المدينة ويكتفي "، فلا تحمل هذه الجملة الدلالات ذاتها سواء أكانت متبطنة، أو معلنة، لأنها جملة، يمكن أن تطلق على أية مدينة،ولا تفهم إلا من خلال السياق التي وضعت فيه، وتحتاج إلى جهد كبير للقيام بعملية تأويل لهذه الجملة ،فتفقد وضعها التدوالي في اللغة الإعلامية.لذلك، فإنه" حينما يصبح التعبير الرمزي مهيمنا على الاحالات المرجعية يصبح لدى القارئ حرية أكبر للتأويل والتخييل على حد سواء"(9)
ومن ثم ينتقل الخطاب إلى الحديث عن المشروع العربي الإنساني، وليس عن المشروعين المذهبيين،الشيعي والسني، اللذين أظهرهما الخطاب الإعلامي الإسرائيلي في حالة تناحرية وصراعية.ويخطو باتجاه الكشف عن التحول الذي طرأ على بنية النظام السياسي الإسلامي، وهو ربط النبوة بآفاق القبيلة.
فالخطاب لم يستخدم أية مفردات دالة على الانقسام أو التمذهب أو التصارع،لأن الخلاف تطور بعد مقتل عثمان ابن عفان،وإن تم توظيف الاختلاف الذي حصل في (سقيفة بني ساعدة) ، لتعزيز التشيع لعلي ابن أبي طالب رضي الله عنه لاحقا.في عملية هرمينوطقية، للوقائع التاريخية.
المرحلة الثانية وهي : حرص الخطاب الإعلامي الإسرائيلي، على إبراز ، تطور الصراع على الخلافة ،لتصبح فروقا عقادية مذهبية، "حينما سيطر السنيون والشيعة على قوى إسلامية متعادية، وبلغ الصراع السني الشيعي ذرى جديدة ،مع تأسيس المملكة الشيعية الصفوية في سنة 1501، حينما أصبح الإسلام الشيعي الدين الرسمي لبلاد فارس، تحت حكم الشاه إسماعيل. وقد حاربت المملكة الشيعية الصفوية الدولة العثمانية السنية، ويزعم المسلمون السنيون إلى اليوم، أن سبب فشل العثمانيين في دخول أبواب فينا، واحتلال أوروبا كلها، أن الشيعة" طعنوا العثمانيين بسكين في الظهر... ". فالخطاب يحرص على إظهار ما"للحوادث اللاشعورية في حركة الادراك"بوصفها"الشأن "الأول،(في قانون الوحدة الفكرية والنفسية)...وأن حياة النفس الشاعرة ليست إلا شيئا يسيرا، بجانب حياتها اللاشعورية."(10)
لذلك أدرك منتجو الخطاب أهمية العمل الاركيولوجي التاريخي بقصد إحداث ارتدادات تاريخية في الوعي التاريخي الديني، والمذهبي الشيعي والتي تشكل ككيان في سنة(1501 ) ليعطي مصداقية لمقاصده الحجاجية، والاقناعية في الخطاب. وليقدم أدلة تاريخية أن من يناصب العداء لكم بصفتكم المذهبية والقومية للسنة هم الفرس في دلالة المفردة القومية والعرقية والثقافية، يضاف لها ملفوظ "الشيعة".
وبتتبع استخدام الخطاب للغة، نجد أن منتجو الخطاب قد وصفو "الإسلام الشيعي" "بالدين"، وليس بالمذهب، وكأن الإسلام، ما هو تشكيلة دينية، م (مجموعة ديانات شيعية وسنية)... مما يفتح الباب على مزيد خلق الديانات داخل الإسلام، عبرقيام الخطاب الإعلامي، وغيره من الخطابات بتحويل كل مذهب إسلامي إلى دين، واستعمل الخطاب جملة "بلاد فارس" لإثارة النزعة القومية العربية، ولتعزيز النزعة القومية الفارسية عند الإيرانيين،ولم يقل "ايران"،واستحضر كلمة "الشاة" لتنسجم مع ذكره جملة "بلاد فارس" في السياق العباري. بقصد تصوير الصراع على انه في أحد جوانبه يقوم على القومية بين الفرس الشيعة، وبين العرب السنة.وهكذا تنكشف المقاصد المتبطنة في الخطاب،وتنكشف الأهداف التوظيفية للتاريخ
.ويمضي الخطاب في حفرياته التاريخية ليقوم بازالة الغبار عن جذور الصراع بين السنة والشيعة، مع تحديده لطبيعة الصراع بمكر، وفق مزدوج مذهبي وقومي،إذ" حاربت المملكة الشيعية الصفوية التي نشأت في إيران الدولة العثمانية السنية" تحتاج الى توسع في تاريخ الدولة الشيعية الصفوية.
ويتضح هذا المكر ،من خلال استخدامه لملفوظ "يزعم" بقصد التشكيك بالرواية عند المسلمين السنة،منذ بدايات الصراع الواردة في الرواية التاريخية التي استخدمها الخطاب الإعلامي، "ويزعم المسلمون السنيون إلى اليوم" ونلافيه قد اضاف شبه الجملة(ظرف الزمان) "إلى اليوم" للايحاء والتأشير باتجاه عدم صدقية السنة، منذ بدايات الصراع، وحتى تاريخ انتاج الخطاب.
ويستخدم في النسق العباري نفسه" أن الشيعة" طعنوا العثمانيين" في إشارة واتهام للشيعة بالغدر والخيانة بهدف التحريضعليهم، وتعبئة الوجدانات بالكراهية والعداء."إذن،فلا شيء متعمد أو مدروس لدى الجماهير،فهي تستطيع أن تعيشكل أنواع العواطف،وتنتقل من النقيض إلى النقيض،بسرعة البرق،وذلك تحت تأثير المحرض"( 11)
الوضعية السادسة: وهي اظهار موقف الزعيم السيستاني المذهبي، الأمر الذي تطلب من منتجي الخطاب إجراء تغيير مفاجئ على مسار الحدث الخطابي، بحيث يتخذ الخطاب، وضعية جديدة،مما يجعل الذوات المتلقية أكثر تأثرا بالعدوى المذهبية خصوصا أن خطاب السيستاني يحتوي على المحرضات الكفيلة بانتقال العدوى وهي: ""يرفض زعيم الشيعة في العراق آية الله السيستاني التطرف الإيراني، وكتب في موقعه على الانترنت أن اليهود والمسيحيين طاهرون،وأن عقيدة الإخوان المسلمين قد غذت على نحو دائم توجهات معادية لإسرائيل، بين السنيين. ومع مجيء الربيع العربي، أخذت هذه التوجهات، تنتشر مع عدم تسامح الحركات السلفية، مع من ليس جزءا من الدين الاسلامي". فقد اتبع منتجو الخطاب أسلوب التضمين لخطاب آخر،بقصد تأجيج عواطف السنة ضد الشيعة في العراق أولا، حيث يتمظهر الصراع المذهبي والطائفي والاثني في أوضح صوره وتجلياته. ويهدف منتجو الخطاب من وراء تضمين الخطاب لخطاب آخر، هو كشف المواقف المتباينة عند بعض الاتجاهات الشيعية، والسنية فيما يتعلق بالموقف من إسرائيل والمسيحيين، وبالموقف الشيعي، وتحديدا اتجاه السيستاني من بعض تيارات الاسلام السياسي السني.
ويوظف الخطاب:
- هجوم السيستاني على الإسلام السني، عبر الهجوم على عقيدة الاخوان المسلمين، ليس لأنها تناصب العداء للشيعة. بل، لأن توجهات حركة الاخوان المسلمين معادية لإسرائيل.
في حين أظهرت الخطابات السابقة لهذا الخطاب وضعيات علاقات التقاطع في المصالح بين إسرائيل والسنة، ولكن هذه الوضعية التي أبرزها الخطاب تكشف عن حدث خطابي بالغ الأهمية وهو تحويل تقاطع المصالح مع السيستاني وجماعته ضد السنة وهم(الاخوان المسلمين) بالترافق مع عملية فرز مذهبي داخل المذهب الواحد.والحدث الخطابي اللافت للانتباه هو اتهام شخصية شيعية مؤثرة لإيران بالتطرف في حدث خطاب مضاد له، وهو(الاشادة بالمسيحيين واليهود)
أما الوضعية السابعة والآخيرة للخطاب والتي تبلور أهداف الخطاب، ومقاصده من وراء تبني هذه الاستراتيجية، هو تغذية الصراع بين السنة والشيعة، ولكن دون التورط فيه". يجب على إسرائيل، أن تحافظ على مصالحها الحيوية، في الشرق الأوسط، لكن ينبغي لها ألا تجرإلى الصراع السني الشيعي، اعتمادا على أفكار مقولبة، غير مسوغة عن هذا الجانب أو ذاك".(12)
من هنا، دأب الخطاب الإعلامي الإسرائيلي، على تبني استراتيجيات، قابلة للتطوير والتعديل أو الاخفاء والاضمار او الكشف والاظهار، ففي عصر الشاه إلايراني التزم الخطاب الإعلامي بتسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي، مع اختلاف الخطاب في مضمونه ولغته، لأن العلاقة الإيرانية الإسرائيلية كانت في أوجها ، فهي قوية في مجالات متعددة.،وليستك كما هو عليه الحال اليوم،إذ بعد انتصارالثورة الإيرانية بقيادة آية الله الخميني، ورفع الثورة شعار (أمريكا الشيطان الأكبر وإسرائيل الشيطان الأصغر) وقد ارتفعت حدة العداء والكراهية - في عهد احمدي نجاد- فعلى سبيل المثال لا الحصر، بقي الخطاب الإعلامي ملتزما بتسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي، ، بقصد الإبقاء على النزعة القومية الفارسية في حالة اشتعال، وتوقد في مواجهة النزعة القومية العربية، وتحاشى الخطاب تسميته بالخليج الشيعي أو السني، لأن أي تحول في العلاقة بين إيران ومحيطها العربي الإسلامي قد سيصار إلى تسميته بالاسلامي كاطار جامع وشامل لجميع المذاهب الإسلامية،وإزاء هذه التسمية تشعر جميع الشعوب الاسلامية بالرضا بغض النظر عن الم ذهب، واستدراكا من الخطاب واستباقا لمثل وقوع هذه التحولات التزم الخطاب بالتسمية ذات البعد القومي الفارسي كنقيض لتسميته بالعربي. من هنا، ما يزال هذا المصطلح شائع الاستعمال في الخطاب الإعلامي الإسرائيلي " وتهب رياح حرب على الخليج الفارسي" (13)
مذهبي،إلا أنه يبقي النوافذ مفتوحة على الصراع القومي" لذلك جاء عنوان الخطاب"الربيع الفارسي يطبخ ببطء" ولم يقل الربيع الشيعي، في محاولة لإذكاء الصراع بين النزعتين القومية والدينية المذهبية، داخل المجتمع الإيراني نفسه، وخصوصا بين الاتجاهات العلمانية واللبرالية من جهة، واتجاه الآيات من جهة أخرى،مما ينعكس سلبا على العلاقة بالقوميات الأخرى ذات الانتماء للمذهب الشيعي.
ولكي يتمكن منتجو الخطاب من توظيف هذه النزعة القومية في المستقبل في الصراع المحتدم بين إسرائيل وإيران، بقصد إحداث تشققات في الجبهة الداخلية في المجتمع الإيراني،وصولا إلى إحداث التصدعات ذاتها في العلاقة بين إيران مع بقية الشيعة من القوميات الأخرى،فتفقد بذلك عمقها الجيومذهبي، في مواجهة النزعة القومية العربية،أو في أي مواجهة عسكرية محتملة مع إسرائيل.
مع أن النزعة القومية العربيةرحلت برحيل ابرز اصاحبها وهو جمال عبدالناصر زعيم القومية العربية،ومع تطور ملحوظ في تعزيز القطرية لكونها الضمانة لاستمرار النظم السياسية العربية القبلية، وأبنت القومية بعد هزيمة نكراء للبعثيين توجه بتطهير البعث واجتثاث البعثيين من العراق والتي ابرزها اعدام صدام حسين ، فلم يبق منها إلا أشتات حزبية من القومية، مثلما حصل لليسار العربي، تماما، بعد رحيل الشيوعية في الاتحاد السوفيتي سابقا. فمنتجو الخطاب يحرصون على ابراز قصد هم المعرفي، فعملوا على توظيف الطاقة الكامنة في المصطلحات اللغوية ذات البعد القومي أوالمذهبي في المنطقة، حتى يتسنى لهم مد السيطرة على الخطاب عبر امتلاك سلطة اللغة،ومن ثم مد النفوذ والسيطرةعلى السلط في المنطقة، من خلال زحزحة خطاب، وإقصاء خطاب آخر.لذلك"فإن صيغ عبارات الخطاب تحيل على المتكلم الذي يصدر عنه الخطاب،فردا كان ام جماعة الأمر الذي يستدعي الوقوف على القوة الرمزية التي تخول المتكلم من الكلام وامتلاك الحقيقة،وادعائها ومصادرة كلام الآخرين واختزال تجاربهم وخبراتهم، والتكلم باسمهم".( 14)
مع أننا اليوم، نقف على عتبات جديدة للخطاب الإسرائيلي الإعلامي،عتبات مختلفة عن المرحلة السابقة ، فها هوالخطاب يعدل من مفرداته، فالقومية الفارسية في زمن الشاه وقفت بقوة في مواجهة القومية العربية، وما تزال تحتل جزيرتي طنب الكبرى والصغرى العربيتن، ليتحدث الخطاب عن بعد آخر، وهو البعد الإسلامي المذهبي، فيصبح الصراع داخل الاسلام نفسه، وعليه يصبح الفرس شيعة، والشاهات يغيبون ويحل محلهم في الخطاب آلآيات في معادلة الصراع الناشئة في المنطقة، وهي المواجهة المحتملة او الافتراضية داخل العالم الاسلامي بين مذهبيه الكبيرين السني العربي ، والشيعي الفارسي،من أجل ايجاد استعدادات نفسية عند الجماهير السنية لتقبل أي عمل إسرائيلي عسكري ضد إيران، أو حزب الله أو ضد سوريا، على خلفية العداء المزدوج المذهبي والعرقي (القومي)لأن المحور الشيعي القومي مكون من (ايران،حزب الله،سوريا) ويشكلون تهديدا افتراضيا مشتركا لإسرائيل، وللعالم العربي السني، فليست إسرائيل، هي من تحتل الأرض العربية، والتي تشكل تهديدا يوميا لدول المنطقة وشعوبها.بل المحور السابق من يمارسون الاحتلال والتهديد بالاحتلال ،فالخطاب يوظف السياقات التاريخية والصراعية المنبعثة والمتجددة في المنطقة توظيفا ماكرا، لإعادة إنتاج العدو الإستراتيجي في المنطقة بين الأطراف المتصارعة فيما بينها،وبين هذه الأطراف وإسرائيل.وهذا العدو،هو عدو مذهبي ،قومي، يشكل تهديدا للعرب السنة ولإسرائيل في آن واحد، وهذا سيفضي بالضرورة إلى إعادة بناء التحالفات في المنطقة.
لذلك، فإن الخطاب يرى أن" المعطى الأساس في الشرق الأوسط اليوم، هو الصدام المتصاعد بين السنة والشيعة.النزاع الكامن أبدا،لا يضع الحكومات السنية، والنظام الإيراني مع حلفائه الإقليميين وحدهم، في مواجهة بعضهم بعضا. بل أيضا، ومنذ بداية التمرد السوري، حيث وضعت ديكتاتورية ذات ولاء شيعي، في مواجهة أكثرية سكانية سنية، وتتسع الهوة بين المذهبين الإسلاميين على مستوى المؤمنين بهما.
وبعد تفاقم التوترات بين الأقلية السنية، والأكثرية الشيعية في العراق،يأتي الصراع السوري، ليقسم الشرق الأوسط بين أمم وجماعات (من الدينيين المذهبيين) ومن الحكومات والسكان، هناك الشيعة من جهة - إيران وحزب الله ، والنظام السوري-- والسنة في الجهة الثانية، وأيضا دول الخليج وتركيا والحكومات الإسلامية، التي جاءت نتيجة الربيع العربي".( 15)
يرمي الخطاب إلى إقناع الجمهور، بأن الظرف الموضوعي، بات مواتيا لإسرائيل، لتوجيه الضربة العسكرية الاستباقية، في سياق الاصطفاف، والاستقطاب، والتحالف الدولي القائم في المنطقة العربية، على أرضية الصراع المحتدم في سوريا، والذي عمل الإعلام على تصويره، بأنه صراع مذهبي بين السنة والشيعة،متكئين في ذلك على تفسيرالموقفين الروسي والصيني الداعم لنظام الأسد على خلفية وجود الإسلام السني في كلتا الدولتين.
من هنا،يؤشر الخطاب بوضوح الى وجود المذهب السني في كل من الصين وروسيا، بهدف تحريض الحكومتين عليهما.ولإظهار طبيعة التحالف مع النظام السوري القائمة على معاداة السنة،لتقوية التقارب الإسرائيلي مع العالم السني.
مع العلم، أن هناك علاقات متعددة، و ارتباطات مختلفة تصل إلى درجة التحالف بين العرب السنة، وبين أمريكا، والغرب، لذلك ركزت دوائر التحليل، وكذلك القراءات الإعلامية الغربية، والإسرائيلية على معطى تمذهب الصراع، بقصد كسب السنة.،من أجل تعزيز الانقسام داخل الإسلام نفسه، بالتزامن مع العمل على تغذية بذور الفتنة، وتفجيرالصراع. مما يدفع منتجو الخطاب إلى أن يعاودو النظر في لغة الخطاب،كي يخلق لغة جديدة للتوصيف مرتبطة باستراتيجية تمذهب الصراع:" ولكن السبب الحاسم في أن إسرائيل قد تهاجم إيران هو الغرب منذ عشر سنوات والغرب يبدي وهنا للبرنامج النووي الشيعي".( 16)
فالخطاب يصف البرنامج النووي الإيراني "بالشيعي"، ولم يصفه بالفارسي،أو الإيراني، كما استمر بوصف الخليج العربي "بالخليج الفارسي"، وذلك بهدف تسويق الخطر الشيعي،وخطر القومية الفارسية،في العالم العربي السني في هذه المرحلة، وإضمار متعمد للخطر والتهديد الفعليين لإسرائيل على العالم العربي السني نفسه، مع أن الخطاب الإعلامي الإسرائيلي يتجاهل أيضا وعن قصدية مسبقة، التطرق إلى استمرار الإحتلال الإسرائيلي، للضفة الغربية، والقدس، والجولان، وأراضي شبعا في جنوب لبنان منذ عام م1967، في محاولة من منتجي الخطاب ذر الرماد في العيون، بهدف إخفاء الحقائق،حتى تبدو إسرائيل في ثياب الدولة الديمقراطية وفي اهاب الواعظينفي محيط عربي متخلف، ومتعصب.
ولهذا، فهي حريصة على مساعدة السنة في المواجهة مع إيران الشيعية، وحلفائها في المنطقة، وتستبعد من الخطاب أي مفردة سيميائية تشير إلى إسرائيل، بوصفها قوة احتلال وأن أهداف الرجل الأبيض نبيلة، ويتناسى منتجو الخطاب أي ذكر او تلميح،إلى قيام إسرائيل بتدمير المفاعل النووي العراقي السني، وقتل العلماء العراقيين والمصريين في مراحل متقدمة، وإغتيالهم قبل الاحتلال الأميريكي للعراق، وبعده.
فلا غرابة ، أن نجد، أن "ما تنجزه الملفوظات من وظائف(داخل الخطاب، ما هو إلا) تجسيد لتلك الأهداف." ( 17)
لذا، نرى أن الخطاب يصر على تضخيم الخطر الشيعي، عبر تصويره على أساس مذهبي "هل يستطيع إسرائيليو القرن الواحد والعشرين الاستمرار في العيش في الوقت الذي تغشاهم فيه مظلة شيعية؟." (18)
فالخطاب يستخدم لغة بلاغية في النسق العباري" تغشاهم فيه مظلة شيعية" ليحمل الدلالات المذهبية من جهة ،ولإحداث تأثير في عواطف الذوات المتلقية(الرأي العام) من جهة ثانية،بهدف التأكيد على أن الخطر الذي تواجهه اليوم اسرائيل هو الخطر الشيعي، في عملية تشميل لكل الجماعات الشيعية في الخليج العربي وخصوصا،البحرين، والسعودية، والكويت ولبنان وحتى باكستان..الخ، على إسرائيل وليس الخطر إيرانيا،لأن ملفوظ"إيران" يشير إلى الدولة،وليس إلى المذهب في امتداداته البشرية والجغرافية،وهكذا يتجاوز الخطاب علاقة إسرائيل بإيران في عهد الشاه قبل اعتماد هذا المصطلح في الخطاب الإعلامي، لأنها كانت دولة حليفة، تربطهما اتفاقات تعاون عسكري واقتصادي وأمني،وهكذا يشتغل الخطاب على الدفع بالمصطلح إلى العالم العربي السني، كي يستشعر الخطر الشيعي الذي يتهدده، والذي نراه شائع الاستعمال بكثرة في بعض الفضائيات العربية، لتكريس الانشقاق في العالم الإسلامي،وهو يتساوق في مفرداته ولغته الاصطلاحية مع الخطاب السابق والذي يؤكد على مذهبة الصراع. وعلى طبيعة العلاقة الإيرانية السورية، بوصفها علاقة مذهبية كما يرد في الخطاب :" أن تأييد طهران لحليفها بشار الأسد الذي يذبح أبناء شعبه من السنيين في سوريا زاد عزلتها ويضعضع مكانتها الإقليمية" (19)
فالخطاب يركز على السنة الذين يتعرضون للذبح " يذبح أبناء شعبه من السنيين" على أيدي بشار الأسد" المتحالف مع إيران الشيعية، ولما كان بشار ينتمي إلى الطائفة العلوية ،فالتحاف إذن بين النظامين قائم على أساس مذهبي، وليس على أساس الممانعة ضد إسرائيل،لذلك نستطيع القول: أنه ليس صعبا اقتفاء"هذه التعبيرات التي هي بمنزلة مواقف، لكنها، تمثل في الوقت نفسه،استراتيجيات تهدف إلى تعديل الوضع القائم بالفعل."( 20) فالمقاصد المتبطنة في هذا الخطاب، تشير بوضوح إلى طبيعة الصراع في سوريا، وإلى طبيعة العلاقة التحالفية المبنية على أساس مذهبي. لذا، أشارباللغة المباشرة دون تشفير،إلى أن بشار العلوي، يقوم بذبح السنة من شعبه، وليس بذبح ابناء شعبه، بدعم من حليفتها إيران الشيعية.واستبعاد الذبح للطوائف الأخرى.
ويمضي الخطاب في تعزيز مذهبة الصراع فيقول" ... وسيسعى طالبو الثأر ليس فقط، لطلب رأس الأسد،عائلته، وباقي الأقلية العلوية.بل، وأيضا إلى حسابهم مع الجهات التي ساعدت على بقاء النظام، روسيا،إيران،حزب الله. الأسد يصمد بفضل شريحة القيادة العلوية لجيشه.( 21 )
فالعنوان يؤكد على حتميتين هما: حتمية الثأر، لأن بشار يواجه مجتمعا قبليا ريفيا أقرب إلى البدوا منه إلى المدنية، وما يزال العربي إلى اليوم يؤمن بعادة الأخذ بالثار، والذي يعني القتل لمن يريدون من الصفوة.
والحتمية الثانية: هي نهاية الأسد.وهنا"نشاهد إعادة تشييد منطق الانتقام الذي ينتظم ضده كل منطق قانوني، أو حتى سياسي."( 22إنه لمئشار دلالي باتجاه المجتمع السوري، على أنه مجتمع قبلي ريفي مع اضافة جرعة مذهبية، لذا فهو يسعى إلى الأخذ بالثأر، وتصوير الصراع على أنه سني متسم بالقبلية الريفية مع المذهبية،في مواجهة مفتوحة مع الشيعة والطائفة العلوية(القبيلية الريفية) التي تحمل الصفات والخصائص ذاتها، ثم يتعمد ذكر الأسد وعائلته وطائفته، في نسق مئشاري دلالي إلى إيران وحزب الله، مع تجاهل الخطاب التأشير باتجاه روسيا والصين من حفلة الثأر القبيلية الريفية.
فروسيا قد واجهت المحنة في أفغانستان على أيدي طالبان والقاعدة السنية والمشكلة من من المقاتلين العرب وغيرهم من السنة ، وهي اليوم تتحالف مع بشار الأسد الذي ينتمي الى الطائفة العلوية ومع إيران الشيعية،للإيحاء بأن روسيا تنتقم من السنة والعرب على مواقفهم من الوجود السوفياتي في أفانستان.
ويمضي الخطاب على الخطى ذاتها، وهي التأكيد على تمذهب الصراع في سوريا والمنطقة" أجل لاشيء كانشقاق رئيس الوزراء السني الذي يحسن تمثيل ملايين السوريين، الذين يحسبون من الطبقة الوسطى الحضرية السنية في دمشق وحلب." ( 23)
فالخطاب يأخذ وضعية جديدة عبر حدث خطابي جديد،فالوضعية الجديدة هي اخراج الخطاب من شرنفة المذهبة إلى دائرة الصراع الطبقي مع تغليفها بالمذهب السني" الطبقة الوسطى الحضرية السنية" ،والحدث الخطابي هو "انشقاق رئيس الوزراءالسني".
ويحاول الخطاب من خلال هذه الوضعية الخطابية، أن يفرض رؤيته من خلال:
اولا: ايراد مفردتين تحملان الدلالة والمعنى ذاته وهما" السني، والسنية" وثانيا:استبدال المضمون القائم على نزعة الثارالقبيلية الريفية بمصطلحين يعبران عن الصراع الطبقي والمصالحي، وهما (الطبقة الوسطى،الحضرية)، ويقف في الطرف الثاني : همج و متوحشون وقتلة، هذه الصورة التي تحمل المعنى المتخيل، والذي يربط واقعيا بما يجري على الأرض، فيصبح له معنى عبر تمثلاته الصورية في ذهنية الذوات المتلقية(الرأي العام)، فاللغة تتنج صورها في الخطاب الإعلامي المكتوب في سياق ضخ إعلامي مرئي من الفضائيات والمواقع الالكترونية،مما يساهم في خلق فضاء قابل للادراك والاسترجاع والتمثل لأنه يعتمد على الصورة .
وربما، قد لا يكون من الصعوبة بمكان، من أن تتعرف الذوات المتلقية(الرأي العام) على مقاصد استراتيجية مذهبة الصراع، التي يروج لها الخطاب الإعلامي الإسرائيلي،ويعمل على تعزيز ها بين الشيعة والسنة في سوريا في سياق الاصطفاف، والتحالف الحاصل في سوريا وفي المنطقة.
فالخطاب الإعلامي، اتبع هذه الاستراتيجية، وراح يقذف بها في داخل عقول الطرفين وأفئدتهم، من السنة والشيعة بحيث يمكن أن يتجرعها كل أصحاب المصالح في سوريا، وفي دول المنطقة المحيطة بها، والدول الإقليمية فتنتقل العدوى بسهولة بين صفوف الجماهيرالمتمذهبة. لذا، لم يشتغل الخطاب على تظهير حقوق المواطنين السوريين،أو حقوق الإنسان السوري بوصفهم مواطنين، وبوصفهم بشر، ولم يحتفل بترجمة مطالبهم الوطنية والحقوقية، بل قام بنقل نماذج خطابية مذهبية للأطراف المتصارعة على السلطة، وذلك بهدف الترويج لهذه الاستراتيجية،لإحداث ارتدادات تاريخوثقافية في محاولة لاسترجاع المشترك بين أصحاب المذهب الواحد في الذاكرة الجمعية. لتبرير السلوك السياسي والعنفي لكل طرف تجاه الآخر، مع حشد مكنة القتل الجماعي وإثارة الفوبيا المذهبية .فيصبح الطرفان في "متقابلة الفوبيا"،شيعوفوبيا تقابل سني فوبيا.
من هنا، فلا غرابة أيضا، أن نجد الخطاب الإعلامي الغربي يتبنى أيضا استراتيجية مذهبة الصراع،وكأنها عملية تناغم فكري وعقلي وثقافي كولونيالي" وتأجيجه لتحقيق أهداف منتجي الخطاب، وتأمين مصالح حكوماتهم الكولونيالية. مما يشير الى طبيعة البنى الايديولوجية الكولونيالية المشتركة بين الخطابين الإعلاميين الإسرائيلي والغربي.من هنا، يرى الخطاب الاعلامي الغربي أن:
" المعطى الأساس في الشرق الأوسط اليوم هو الصدام المتصاعد بين السنة والشيعة.النزاع الكامن أبدا، لا يضع الحكومات السنية، والنظام الأيراني،مع حلفائه الاقليميين،وحدهم في مواجهة بعضهم بعضا. بل، أيضا، ومنذ بداية التمرد السوري حيث وضعت ديكتاتورية ذات ولاء شيعي في مواجهة أكثرية سكانية سنية.وتتسع الهوة بين المذهبين الإسلاميين،على مستوى المؤمنين بهما،وبعد تفاقم التوترات بين الأقلية السنية والأكثرية الشيعية في العراق، يأتي الصراع السوري ليقسم الشرق الأوسط بين أمم أو جماعات،(من الدينين المذهبين) ومن الحكومات والسكان،هناك الشيعة من جهة، إيران وحزب الله والنظام السوري، والسنة في الجهة الثانية وأيضا دول الخليج وتركيا والحكومات الإسلامية التي جاءت نتيجة الربيع العربي."( 24 )
ويمضي الخطاب الإعلامي الإسرائيلي، في توظيف لغة طائفية ممذهبة، بقصد تكريس الكراهية، وتأجيج الصراع الدموي، لذا يستعمل دون تحفظ، أو مواربة المفردات والاصطلاحات التي تحمل المعاني الطائفية والمذهبية، "المعركة التي يقوم بها العلويون، من أجل استمرار حكمهم لسوريا،ولمجرد بقائهم بعيدة عن الحسم،كما أن أمل كثيرين من قادة إسرائيل، أن يسقط بشار الأسد في غضون أسابيع بضغط من الأكثرية السنية النازفة،... إن الصراع في سورية،متعدد المستويات في أساسه، المواجهة بين الأقلية العلوية،(7 في المائة) القريبة من الشيعة، وبين من الأكثرية السنية التي هي نحو 75 في المائة، من السكان.
وفي المستوى الذي فوقه المعركة الإقليمية بين السنيين والشيعة على الهيمنة في الشرق الأوسط. يرأس السنيين مصر والسعودية، وبإزائهما إيران وتجمعات الشيعة في العراق ودول الخليج (وعلى رأسها البحرين) وفي شرق السعودية.."( 25)
فالخطاب يلجأ إلى استعمال ملفوظات واضحة الدلالة، والمعنى،مثلالعلويون ثم يكررها في صيغة النسبة"الأقلية العلويية"، ويضع الخطاب هذه الملفوظات عن وعي مسبق في معادلة غير متساوية مع "الأكثرية السنية، والتي يصفها بالنازفة، فاكتفى بصفة النازفة، تاركا لمخيال الذوات القارئة، تصور الجراح النازف وتمثله، ومن ثم إدراكه، مع أنه بمقدور منتج هذا الخطاب اختيار لغة أكثر موضوعية، كأن يقول: مثلا:"قوات النظام السوري،جيش النظام،أجهزة النظام...الخ). وللتأكيد على مشروعية هذه اللغة، يستخدم النسب المئوية من أجل تكريس المفارقة في الصراع الهادف إلى سيطرة الأقلية على الأكثرية (7 في المائة) القريبة من الشيعة، وبين الأكثرية السنية التي هي نحو 75 في المائة)، ومن ثم ينتقل الخطاب إلى مستوى لغوي أكثر تمددا، بقصد توسيع دائرة الصراع، فيخرجها من دائرة القطرية داخل أراضي الدولة السورية، لتصبح هذه الدائرة إقليمية آخذة في الاستطالة لتشكل محاور إقيلمية. ولكن،على أساس عقائدي مذهبي داخل الإسلام نفسه،إذ أن" المعركة الإقليمية بين السنيين والشيعة على الهيمنة في الشرق الأوسط. يرأس السنيين مصر والسعودية، وبإزائهما إيران وتجمعات الشيعة في العراق ودول الخليج (وعلى رأسها البحرين) وفي شرق السعودية." مما يؤكد على أن طبيعة التلقي في الظروف الحالية والتي تعاني من تدفق ضخم في الرسائل الإعلامية،بحيث أصبح "لا يتلاءم مع القارئ الحالي،إلا مع إنتاجية غنية،لنص مقتضب،إنه قارئ مهوس بالكليات ورافض للتفاصيل،إلا إذا كانت تعكس قلقا وجوديا لا ارتياحا وتفاؤلا بالواقع"( 26
من هنا يحرص الخطاب على إيصال رسالته، عبر توظيف مفردات ذات دلالات ومعان كلية،مثل تكراره لمصطلحات "السنة والشيعة والعلوية"،فهذه المصطلحات حاملة للمعنى الكلي والمعنى العام، ولكنها مدركة ومفهومة من لدن المنتمين إلى هذه المذاهب،وذلك اعتمادا على " تشابه أفراد الشعب بالعناصر اللاشعورية التي تكون روحه العامة،وهم إنما يفترقون بالخواص التي نتيجة التربية وبالأخص نتيجة وراثة استثنائية،وأشد الناس افتراق من حيث مداركهم يتشابهون بالوجدانات والشهوات والمشاعر،وأعظم الرجال لا يتفاوتون عن العامة في الأمور التي مرجعها الشعور كالدين والسياسة والاداب والميل،والنفور"( 27)
مراجع الدراسة:
1- غوستاف لوبن،روح الاجتماع،ترجمة احمد فتحي زغلول،المجلس الاعلى للثقافة،القاهرة،ط1، 2005،ص3
2- دوري غولد، عنوان المقال،(اسرائيل والصراع السني الشيعي) اسرائيل اليوم الجمعة الحياة الجديدة،السبت،28/4/201
3- ميشل فوكو، نظام الخطاب،ترجمة محمدسبيلا،دار الفارابي،بيروت،2007ص32-33
4- ميشال فوكو،حفريات المعرفة،ترجمة سالم يفوت،المركز الثقافي العربي،الدار البيضاء،ط1،2003،ص 33.
5- مرجع سابق، جوستاف لوبون،روح الجماعة،ص62-63
6- د.حسين خمري،نظرية النص،الدار العربية للعلوم ناشرون،بيروت،منشورات الاختلاف الجزائر،ط1،2007،ص270
7- ميشيل فوكو حفريات المعرفة،ترجمة سالم يفوت، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء،المغرب،ط 3،،2005،ص112
8- د.حامد ابوزيد،النص والسلطة والحقيقة،ارادة المعرفة،ارادة الهيمنة،المركزالثقافي العربي،الدار البيضاء،ط1،2000،ص 21
9- مرجع سابق، حميد لحمداني،القراءة وتوليد الدلالة،المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء،ط1،2003،ص11
10- مرجع سابق، جوستاف لوبون،روح الجماهير.ص29
11- مرجع سابق،جوستاف لوبون،روح الجماهير،ص64.
12- دوري غولد، عنوان المقال،(اسرائيل والصراع السني الشيعي) اسرائيل اليوم الجمعة الحياة الجديدة،السبت،28/4/201
13- حجاي سيغال،عنوان المقال"الصيغة ماتت" يديعوت،الأحد،12/2/2012.الحياة الجديدة،الأثنين 13/2/2012
14-مرجع سابق،هيثم سرحان، خطاب الجنس،ص 47.
15- برنار غيتا،عنوان المقال" العد التنازلي، للهجوم على إيران الأيام، الاربعاء، 19/9/2012
16- ) اري شبيط،عنوان المقال،"نهاجم اولا نهاجم...السؤال الصعب منذ 1948 " هارتس، الخميس،15/3/212 الحياة الجديدة،الاربعاء،16/3/2012
17- عبدالهادي الشهري، استراتيجيات الخطاب،دار الكتاب الجديد المتحدة، بيروت،ط1،2004،ص152
18- اري شبيط،عنوان المقال" نهاجم او لانهاجم السؤال الاصعب منذ 1948هارتس، الخميس،15/3/2012، الحياة الجديدة،الجمعة،16/3/ 2012.
19- عكيفا الدار، عنوان المقال"حادثوا إيران... وكفوا عن لغة الصلف والتهديد"هارتس،الاثنين،20/2/2012، الحياة الجديدة،الثلاثاء،21/2/2012
20- ) بيير بورديو،التفزيون وآليات التلاعب بالعقول،ترجمة درويش الحلوجي،دار كنعان للدراسات والنشر والخدمات الإعلامية، دمشق ط1،2004، ص98
21- اسرائيل زيف(لواء احتياط ورجل أعمال) عنوان المقال(الأسد..النهاية)معاريف، الأنثنين،2/4/2012،الحياة الجديدة،الثلاثاء، 3/ 4/2012.
22- بيير بورديو،التلفزيزون وآليات التلاعب بالعقول،ترجمة درويش الحلوجي،دار كنعان للدراسات والنشر، والخدمات الإعلامية،دمشق،ط1،2004،ص 120
23- إ يال زيسر،عنوان المقال(قضي الأمر في الاتجاه إلى حسم في سوريا)اسرائيل اليوم،الثلاثاء،7/8/2012، الحياة الجديد، الأربعاء،8/8/2012.
24- برنار غيتا، عنوان المقال:"العد التنازلي للهجوم على إيران؟عن "ليبراسيون الفرنسية، الأيام، الأربعاء،19/9/ 2012
25- أفرايم هليفي،عنوان المقال"الطريق إلى دمشق وطهران"،يديعوت أحرنوت،الأربعاء،15م2/2012،الأيام ،الخميس،16/2/2012.
26- مرجع سابق، د.حميد لحمداني،القراءة وتوليد الدلالة،ص14
27- ) مرجع سابق،جوستاف لوبون،ص29-30