جدارية فنية بأقل التكاليف اعتماداً على المخلفات الصناعية

[ريمه الخاني]

جدارية فنية بأقل التكاليف اعتماداً على المخلفات الصناعية

24 كانون الثاني 2011
وحوار مع التشكيلي موفق مخول


بدعوة من السيد سامر قزح مدير غاليري قزح للفنون التشكيلية توجه «اكتشف سورية» لأحد أحياء دمشق وتحديداً لمدرسة بسام حمشو مقابل حديقة التجارة، لاستطلاع أحد المشاريع الفنية المُزينة لجدار المدرسة بفسيفساء لونية جميلة قوامها مواد صناعية ومنزلية تالفة، وهي فكرة وإشراف الفنان التشكيلي موفق مخول الذي حول الجدار إلى مقصد فني جاذب للعين بألوانه البراقة وتشكيلاته التجريدية والزخرفية، وفضول من جميع المارة حول ماهية المواد الداخلة في تركيب العمل الجداري، فمن علب التونة الفارغة وأقراص الجلخ إلى الصحون والسيراميك المُكسر، وغيرها من المواد التالفة، شكل الفنان مخول مع زملائه جدارية مبهرة للعين، وُظفت لتكون محط إعجاب لكل من مر بذلك الطريق، والذي أضفى على جدار المدرسة من الجمال البصري ما نتمناه لمدينتنا الأجمل والأعرق والأقدم.

ففي هذه التجربة يقدم الفنان موفق مخول عملاً جدارياً كي يكون ملكاً للشارع والناس، عساه أن يكون بداية لمشروع كبير ومُمنهج نلون من خلاله جميع المدن السورية.

الفنان موفق مخول

«اكتشف سورية» التقى التشكيلي والموجه التربوي بمديرية تربية دمشق والمشرف على مشروع الجدارية موفق مخول، وعن الخطوات الأولى لمشروع الجدارية يقول: «بداية أنطلق من توجه الدكتور علي سعد -وزير التربية- والدكتور هزوان الوز -مدير التربية- اللذين خلقا أرضية جيدة للاقتراح البناء من خلال إفساح المجال للعمل على تكريس الخطط والتوجهات التربوية والجمالية على أرض الواقع، بما يخدم مدننا السورية وتقديمها بشكل جمالي وحضاري يعكس القيمة التاريخية والحضارية لسورية، فكانت فكرتي في عمل فني معاصر بعيداً عن إطار اللوحة القماشية، وبما يتماشى مع الصورة الجمالية للمدن العالمية التي يسعى لتكريسها فنانو ومهندسو العالم، فهنالك الكثير من المدن العالمية استفادت من الفن المعاصر في تجميل أبنيتها وشوارعها، فكانت فكرتي في عمل فني وبأقل التكاليف والاستفادة من البيئة المحلية ومخلفاتها الصناعية، وأنوه بأن دمشق تطمر أكثر من 2 طن من السيراميك المكسر يومياً في أحد جوانب جبل قاسيون، وهنا أطرح سؤالاً، لماذا لا نستغل هذه التوالف في تزيين دمشق وجدرانها، بدل طمر هذه الكمية الكبيرة من السيراميك المُكسر».

وعن المواد المستخدمة في جدارية الفنان موفق مخول أضاف: « تتكون الجدارية من مواد صناعية ومنزلية تالفة منها الحديد الصدِئ وبعض من قطع السيارات والدراجات الهوائية التالفة، وكِسرٌ من الرخام والسيراميك والزجاج والصحون. وما تفاجأنا به هو تعاون بعض أهالي الحي، حيث قاموا بتزويدنا بأشيائهم التالفة كالصحون وفناجين القهوة المكسورة والأزرار، وما إلى ذلك من مواد منزلية ليسوا بحاجة إليها، إضافة إلى تعاون بعض ميكانيكيي السيارات وما لديهم من عُدد صناعية تالفة، واعتمدنا على المواد المقاومة لتأثير عوامل المناخ والزمن، ما يرفع من عمر الجدارية إلى ما يزيد عن 75 سنة قادمة، فأساس الجدارية هو الأسمنت الذي يعمل على تثبيت المواد المُستخدمة بشكل قوي وثابت».

وربط التشكيلي مخول عمله الجداري بالعمل المعاصر وابتعاده عن تشكيلات هندسية معمارية معروفة كتجسيد لمدينة تدمر الأثرية أو مدرج بصرى، ويقول عن ذلك: «ابتعدنا عن الصور أو التشكيلات المعمارية الموجودة في سورية، فكان خيارنا بالمعاصرة التشكيلية أو الفن المعاصر، وتوظيفه بشكل شرقي حديث، من غير الابتعاد عن هوية دمشق والفسيفساء التي تخزنها تاريخياً وتراثياً، فكانت البداية بتنفيذ العمل الجداري على مساحة أربعة أمتار ليتطور ويمتد فيما بعد على مساحة الجدار بطول 170 متراً وارتفاع أربعة أمتار».

وينهي موفق مخول حديثه عن موضوع الجدارية بالقول: «ما دفعنا لهذا العمل هو استغلال المواد التالفة في عملية التشكيل الفني وتحريض الناس للاستفادة من أشيائهم التالفة، كما أنها محاولة لتعميم ثقافة بصرية شعبية، من خلال فتح باب التطوع لمن يريد المشاركة في إنجاز هذا المشروع الفني، وأنا على يقين بأن الشعب السوري ذواق للجمال ولكن نحن بعيدون عنه، فالفن ومعارضه التشكيلية على اختلاف مدارسها محصورة للأسف بمعظمها ضمن جدران صالات العرض».

السيد عمار درويش

كما التقى «اكتشف سورية» أحد المارة، السيد عمار درويش وعن انطباعه حول مشروع الجدارية قال لنا: «أشكر جميع القائمين على مشروع الجدارية، وخاصة أنه عمل فني جميل مُلفت للانتباه، كما أنها جدارية تعبر عن أصالة دمشق، وما أتمناه هو تعميم هذه التجربة على جميع جدران دمشق، التي اشتهرت بقماش الداماسكينو، وهنا أشبه هذه الجدارية بـ "داماسكينو" جداري جميل».

ومن جانب آخر وأثناء زيارتنا لمشروع الجدارية، اطلع «كتشف سورية» على مشروع قيد الإنجاز وهو مشروع «المركز التربوي للفنون التشكيلية» التابع لمديرية تربية دمشق بجانب مدرسة بسام حمشو مقابل حديقة التجارة.

وعن هذا المشروع يتابع التشكيلي موفق مخول: «مديرية تربية دمشق هي الداعمة لهذا المشروع، حيث نستهدف من خلاله بناء أكبر صالة عرض للفنون التشكيلية في سورية، تُعنى بعرض التجارب التشكيلية للفنانين السوريين والعالميين، كما سيكون "المركز التربوي للفنون التشكيلية" مقراً للمعرض السنوي للفنون التشكيلية، بقسميه معرض الخريف والربيع، إضافة لإقامة ملتقيات للنحت وبينالي عالمي للنحت في حديقة المركز، وذلك بالاتفاق مع النحات أكثم عبد الحميد مدير مديرية الفنون الجميلة، كما ستقام في هذا المركز دورات تأهيلية لمعلمي الفنون، إضافة لدورات تعليم فن الرسم للمهتمين».

وعن أقسام «المركز التربوي للفنون التشكيلية» يضيف الفنان مخول: «يضم البناء أربع قاعات خاصة بورشات العمل، وقاعتي عرض بمساحة 400 متر لكل قاعة، وما يميز مكان المشروع هو سهولة الوصول إليه إضافة لوجود مساحة كبيرة لرصف سيارات الزوار، ومن المحتمل أن يُفتتح مشروع "المركز التربوي للفنون التشكيلية" في صيف 2011، حيث سيستضيف بشكل دائم المعرض السنوي للفنون التشكيلية».

يذكر أن الفنانين المشاركين في إنجاز الجدارية هم: موفق مخول، الفنان علي سليمان، ليال نصر الله، رجاء وبّي، صفاء وبّي، ناصر نبعة.

مازن عباس - دمشق
اكتشف سورية

[عبدالكريم الحسن]

موضوع مهم جدير بالهتمام استخدام المخلفات وتشكيلها بهذه الطريقة عمل يهتاج الى فنان متمكن
(كل اشكر سيدتي على هذا الموضوع المهم)
الفنان التشكيلي
عبد الكريم الحسن