هذا المقال امتداد للمقالين المنشورين سابقاً, المؤمن ما بين ذاكر وشاكر, وكيف تكون ذاكراً شاكراً . وأكتب هذا المقال حول ثمرات الذكر والشكر التي يقطفها المؤمن يانعة في الدنيا والآخرة. وأقول : هنيئاً لكل مؤمن عاش حياته ذاكراً شاكراً , ولقي ربّه ذاكراً شاكراً , فهو بحق أهل لنيل الثمرات تفضلاً من الله عليه ومنّة وتكرّماً . ودعني أحدّثك أخي المؤمن عن ثمرات الذكر , لعلّها تحفز فيك استنهاض طاقاتك لتكون مع ربك الّذي هو معك . نعم ربك معك عندما تذكره وشاهد ذلك : عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل : أنا مع عبدي حين يذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وان ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ هم خير منهم وان اقترب إليّ شبراً اقتربت إليه ذراعاً وان اقترب إليّ ذراعاً اقتربت إليه باعاً فإن أتاني يمشي أتيته هرولة. وقال بن نمير في حديثه أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حيث يذكرني . يا للسعادة أنت مع الله والله معك . أظنك تتطلع للحديث عن تلكم الثمرات اليانعات التي يجنيها في كل حين المؤمن الذاكر . فما هي ثمرات الذكر?
ثمرات الذكر : والمراد بثمرات الذكر , فوائده .وقد فصل القول فيها علم شامخ من علماء المسلمين . إنّه المجتهد الثبت أبو بكر بن قيّم الجوزية , وذلك في كتابه: الوابل الصيّب من الكلم الطيّب , حيث ذكر ثلاثاً وسبعين فائدة للذكر أعرضها عليك لأكفيك عناء البحث : 1- أنه يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره . 2- أنه يرضي الرحمن عز و جل . 3- أنه يزيل الهم والغم عن القلب . 4- أنه يجلب للقلب الفرح والسرور. والبسط . 5- أنه يقوى القلب والبدن .
6- أنه ينور الوجه والقلب. 7- أنه يجلب الرزق . 8- أنه يكسو الذاكر المهابة والحلاوة والنضرة .
9- أنه يورثه المحبة التي هي روح الإسلام وقطب رحى الدين ومدار السعادة والنجاة وقد جعل الله لكل شيء سببا وجعل سبب المحبة دوام الذكر فمن أراد أن ينال محبة الله عز و جل فليلهج بذكره فإنه الدرس والمذاكرة كما أنه باب العلم فالذكر باب المحبة وشارعها الأعظم وصراطها الأقوم .
10- أنه يورثه المراقبة حتى يدخله في باب الاحسان فيعبد الله كأنه يراه ولا سبيل للغافل عن الذكر إلى مقام الإحسان كما لا سبيل للقاعد إلى الوصول إلى البيت .
11- أنه يورثه الإنابة وهي الرجوع إلى الله عز و جل فمتى أكثر الرجوع إليه بذكره أورثه ذلك رجوعه بقلبه إليه في كل أحواله فيبقى الله عز و جل مفزعه وملجأه وملاذه ومعاذه وقبلة قلبه ومهربه عند النوازل والبلايا .
12- أنه يورثه القرب منه فعلى قدر ذكره لله عز و جل يكون قربه منه وعلى قدر غفلته يكون بعده منه .
13- أنه يفتح له بابا عظيما من أبواب المعرفة وكلما أكثر من الذكر ازداد من المعرفة .
14- أنه يورثه الهيبة لربه عز و جل وإجلاله لشدة استيلائه على قلبه وحضوره مع الله تعالى بخلاف الغافل فإن حجاب الهيبة رقيق في قلبه .
15- أنه يورثه ذكر الله تعالى له كم قال تعالى : { فاذكروني أذكركم } ولو لم يكن في الذكر إلا هذه وحدها لكفى بها فضلا وشرفا وقال صلى الله عليه و سلم فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى [ من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ] .
16- أنه يورث حياة القلب وسمعت شيخ الاسلام ابن تيمية قدس الله تعالى روحه يقول : الذكر للقلب مثل الماء للسمك فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء ؟ 17- أنه قوت القلب والروح فإذا فقده العبد صار بمنزلة الجسم إذا حيل بينه وبين قوته وحضرت شيخ الاسلام ابن تيمية مرة صلى الفجر ثم جلس يذكر الله تعالى إلى قريب من انتصاف النهار ثم التفت إلي وقال : هذه غدوتي ولو لم أتغد الغداء سقطت قوتي أو كلاما قريبا من هذا وقال لي مرة : لا أترك الذكر إلا بنية إجمام نفسي وإراحتها لأستعد بتلك الراحة لذكر آخر أو كلاما هذا معناه .
18- أنه يورث جلاء القلب من صداه وكل صدأ وصدأ القلب الغفلة والهوى وجلاؤه الذكر والتوبة والاستغفار .
19- أنه يحط الخطايا ويذهبها فإنه من أعظم الحسنات والحسنات يذهبن السيئات.
20- أنه يزيل الوحشة بين العبد وبين ربه تبارك وتعالى فإن الغافل بينه وبين الله عز و جل وحشة لا تزول إلا بالذكر .
21- أن ما يذكر به العبد ربه عز و جل من جلاله وتسبيحه وتحميده يذكر بصاحبه عند الشدة فقد روى الإمام أحمد في المسند عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن ما تذكرون من جلال الله عز و جل من التهليل والتكبير والتحميد يتعاطفن حول العرش لهن دوي كدوي النحل يذكرن بصاحبهن أفلا يحب أحدكم أن يكون له ما يذكر به . ) ؟
22- أن العبد إذا تعرف إلى الله تعالى بذكره في الرخاء عرفه في الشده وقد جاء أثر معناه أن العبد المطيع الذاكر لله تعالى إذا أصابته شدة أو سأل الله تعالى حاجة قالت الملائكة : يا رب صوت معروف من عبد معروف والغافل المعرض عن الله عز و جل إذا دعاه وسأله قالت الملائكة : يا رب صوت منكر من عبد منكر .
23- أنه ينجي من عذاب الله تعالى كما قال معاذ رضي الله عنه ويروى مرفوعاً: ( ما عمل آدمي عملا أنجى من عذاب الله عز و جل من ذكر الله تعالى . )
24- أنه سبب تنزيل السكينة وغشيان الرحمة وحفوف الملائكة بالذاكر .
25- أنه سبب اشتغال اللسان عن الغيبة والنميمة والكذب والفحش والباطل فإن العبد لا بد له من أن يتكلم فإن لم يتكلم بذكر الله تعالى وذكر أوامره تكلم بهذه المحرمات أو بعضها ولا سبيل الى السلامة منها البتة إلا بذكر الله تعالى والمشاهدة والتجربة شاهدان بذلك فمن عود لسانه ذكر الله صان لسانه عن الباطل واللغو ومن يبس لسانه عن ذكر الله تعالى ترطب بكل باطل ولغو وفحش ولا حول ولا قوة إلا بالله .
26- أن مجالس الذكر مجالس الملائكة ومجالس اللغو والغفلة مجالس الشياطين فليتخير العبد أعجبهما إليه وأولاهما به فهو مع اهله في الدنيا والآخرة .
27- أنه يسعد الذاكر بذكره ويسعد به جليسه وهذا هو المبارك أين ما كان والغافل واللاغي يشقى بلغوه وغفلته ويشقى به مجالسه .
28- أنه يؤمن العبد من الحسرة يوم القيامة فإن كل مجلس لا يذكر العبد فيه ربه تعالى كان عليه حسرة وترة يوم القيامة .
29- أنه مع البكاء في الخلوة سبب لإظلال الله تعالى العبد يوم الحر الأكبر في ظل عرشه والناس في حر الشمس قد صهرتهم في الموقف وهذا الذاكر مستظل بظل عرش الرحمن عز و جل .
30- أن الاشتعال به سبب لعطاء الله للذاكر أفضل ما يعطي السائلين ففي الحديث عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( قال سبحانه وتعالى من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين ) .
31- أنه أيسر العبادات وهو من أجلها وأفضلها فإن حركة اللسان أخف حركات الجوارح وأيسرها ولو تحرك عضو من الانسان في اليوم والليلة بقدر حركة لسانه لشق عليه غاية المشقة بل لا يمكنه ذلك .
32- أنه غراس الجنة فقد روى الترمذي في جامعه من حديث عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم [ لقيت ليلة أسرى بي إبراهيم الخليل عليه السلام فقال : يا محمد أقرئ أمتك السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان وأن غراسها : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ] قال الترمذي حديث حسن غريب من حديث أبن مسعود . وفي الترمذي من حديث أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة . ) قال الترمذي حديث حسن صحيح .
33- أن العطاء والفضل الذي رتب عليه لم يرتب على غيره من الأعمال ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ( من قال:لا إله إلا الله وحده لا شريك له,وله الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه ومن قال : سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر . )
34- أن دوام ذكر الرب تبارك وتعالى يوجب الأمان من نسيانه الذي هو سبب شقاء العبد في معاشه ومعاده .
35- أن الذكر يسير العبد هو في فراشه وفي سوقه وفي حال صحته وسقمه وفي حال نعيمه ولذته وليس شيء يعم الأوقات والأحوال مثله حتى يسير العبد وهو نائم على فراشه فيسبق القائم مع الغفلة فيصبح هذا وقد قطع الركب وهو مستلق على فراشه ويصبح ذلك الغافل في ساقة الركب وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .
36- أن الذكر نور للذاكر في الدنيا ونور له في قبره ونور له في معاده يسعى بين يديه على الصراط فما استنارت القلوب والقبور بمثل ذكر الله تعالى قال الله تعالى ( أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها .... )
37- أن الذكر رأس الأصول وطريق عامة الطائفة ومنشور الولاية : فمن فتح له فيه فقد فتح له باب الدخول على الله عز و جل فليتطهر وليدخل على ربه عز و جل يجد عنده كل ما يريد فإن وجد ربه عز و جل وجد كل شيء وإن فاته ربه عز و جل فاته كل شيء .
38- في القلب خلة وفاقه لا يسدها شيء البته إلا ذكر الله عز و جل فإذا صار شعار القلب بحيث يكون هو الذاكر بطريق الأصالة واللسان تبع له فهذا هو الذكر الذي يسد الخلة ويفني الفاقة فيكون صاحبه غنيا بلا مال عزيزا بلا عشيرة مهيبا بلا سلطان فإذا كان غافلا عن ذكر الله عز و جل فهو بضد ذلك فقير مع كثرة جدته ذليل مع سلطانه حقير مع كثرة عشيرته .
39- أن الذكر يجمع المتفرق ويفرق المجتمع ويقرب البعيد ويبعد القريب فيجمع ما تفرق على العبد من قلبه وإرادته وهمومه وعزومه والعذاب كل العذاب في تفرقتها وتشتتها عليه وانفراطها له والحياة والنعيم في اجتماع قلبه وهمه وعزمه وإرادته ويفرق ما اجتمع عليه من الهموم والغموم والأحزان والحسرات على فوت حظوظه ومطالبه ويفرق أيضا ما اجتمع عليه من ذنوبه وخطاياه وأوزاره حتى تتساقط عنه وتتلاشى وتضمحل ويفرق أيضا ما اجتمع على حربه من جند الشيطان فإن إبليس لا يزال يبعث له سرية وكلما كان أقوى طلبا لله سبحانه وتعالى وأمثل تعلقا به وإرادة له كانت السرية أكثف وأكثر وأعظم شوكة بحسب ما عند العبد من مواد الخير والإرادة ولا سبيل إلى تفريق هذا الجمع إلا بدوام الذكر وأما تقريبه البعيد فإنه يقرب إليه الآخرة التي يبعدها منه الشيطان والأمل فلا يزال يلهج بالذكر حتى كأنه قد دخلها وحضرها فحينئذ تصغر في عينه الدنيا وتعظم في قلبه الآخرة ويبعد القريب إليه وهي الدنيا التي هي أدنى إليه من الآخرة فإن الآخرة متى قربت من قلبه بعدت منه الدنيا كلما قربت منه هذه مرحلة بعدت منه هذه مرحلة ولا سبيل إلى هذا إلا بدوام الذكر .
40- أن الذكر ينبه القلب من نومه ويوقظه من سنته والقلب إذا كان نائما فاتته الأرباح والمتاجر وكان الغالب عليه الخسران فإذا استيقظ وعلم ما فاته في نومته شد المئزر وأحيا بقية عمره واستدرك ما فاته ولا تحصل يقظته إلا بالذكر فإن الغفلة نوم ثقيل .
41- أن الذكر شجرة تثمر المعارف والأحوال التي شمر إليها السالكون فلا سبيل إلى نيل ثمارها إلا من شجرة الذكر وكلما عظمت تلك الشجرة ورسخ أصلها كان أعظم لثمرتها فالذكر يثمر المقامات كلها من اليقظة إلى التوحيد وهو أصل كل مقام وقاعدته التي ينبي ذلك المقام عليها كما يبني الحائط على رأسه وكما يقوم السقف على حائطه وذلك أن العبد أن لم يستيقظ لم يمكنه قطع منازل السير ولا يستيقظ إلا بالذكر كما تقدم فالغفلة نوم القلب أو موته .
42- أن الذكر قريب من مذكوره ومذكوره معه وهذه المعية معية خاصة غير معية العلم والإحاطة العامة فهي معية بالقرب والولاية والمحبة النصرة والتوفيق كقوله تعالى : { إن الله مع الذين اتقوا } { والله مع الصابرين } { وإن الله لمع المحسنين } { لا تحزن إن الله معنا } وللذاكر من هذه المعية نصيب وافر كما في الحديث الإلهي : أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه . وفي أثر آخر وأهل ذكري أهل مجالستي وأهل شكري أهل زيارتي وأهل طاعتي أهل كرامتي وأهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي : إن تابوا فأنا حبيبهم فأني أحب التوابين وأحب المتطهرين . وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعايب .
43- أن الذكر يعدل عتق الرقاب ونفقة الأموال والحمل على الخيل في سبيل الله عز و جل ويعدل الضرب بالسيف في سبيل الله عز و جل وقد تقدم أن : ( من قال في يوم مائة مرة لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه حتى يمسي . )
44- أن الذكر رأس الشكر فما شكر الله تعالى من لم يذكره وذكر البيهقي عن زيد بن أسلم أن موسى عليه السلام قال : رب قد أنعمت علي كثيرا فدلني على أن أشكرك كثيرا قال : اذكرني كثيرا فإذا ذكرتني كثيرا فقد شكرتني كثيرا وإذا نسيتني فقد كفرتني .
45- أن أكرم الخلق على الله تعالى من المتقين من لا يزال لسانه رطبا بذكره فإنه اتقاه في أمره ونهيه وجعل ذكره شعاره . فالتقوى أوجبت له دخول الجنة والنجاة من النار . وهذا هو الثواب والأجر , والذكر يوجب له القرب من الله عز و جل والزلفى لديه وهذه هي المنزلة .
46- أن في القلب قسوة لا يذيبها إلا ذكر الله تعالى فينبغي للعبد أن يداوي قسوة قلبه بذكر الله تعالى . وذكر حماد بن زيد عن المعلى أبن زياد أن رجلا قال للحسن يا أبا سعيد أشكو إليك قسوة القلب . قال : أذبه بالذكر . وهذا لأن القلب كلما اشتدت به الغفلة اشتدت به القسوة فإذا ذكر الله تعالى ذابت تلك القسوة كما يذوب الرصاص في النار فما أذيبت قسوة القلوب بمثل ذكر الله عز وجل .
47- أن الذكر شفاء القلب ودواؤه والغفلة مرضه فالقلوب مريضة وشفاؤها دواؤها في ذكر الله تعالى قال مكحول : ذكر الله تعالى شفاء وذكر الناس داء وذكر البيهقي عن مكحول مرفوعا ومرسلا ذكرته شفاها وعافاها فإذا غفلت عنه انتكست كما قيل إذا مرضنا تداوينا بذكركم فنترك الذكر أحيانا فننتكس )
48- أن الذكر أصل موالاة الله عز و جل ورأسها والغفلة أصل معاداته ورأسها فإن العبد لا يزال يذكر ربه عز و جل حتى يحبه فيواليه ولا يزال يغفل عنه حتى يبغضه فيعاديه قال الاوزاعي : قال حسان ابن عطية : ما عادى عبد ربه بشيء أشد عليه من أن يكره ذكره أو من يذكره فهذه المعاداة سببها الغفلة ولا تزال بالعبد حتى يكره ذكر الله ويكره من ذكره فحينئذ يتخذه عدوا كما اتخذه الذاكر ولياً.
49- أنه ما استجلبت نعم الله عز و جل واستدفعت نقمة بمثل ذكر الله تعالى فالذكر جلاب للنعم دافع للنقم قال سبحانه وتعالى ( إن الله يدافع عن الذين آمنوا ) وفي القراءة الأخرى ( إن الله يدفع ) فدفعه ودفاعه عنهم بحسب قوة إيمانهم وكماله ومادة الإيمان وقوته بذكر الله تعالى فمن كان أكمل إيماناً وأكثر ذكراً كان دفع الله تعالى عنه ودفاعه أعظم ومن نقص نقص ذكراً بذكر ونسياناً بنسيان وقال سبحانه وتعالى : ( وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ) والذكر رأس الشكر , كما تقدم والشكر جلاب النعم وموجب للمزيد قال بعض السلف رحمة الله عليهم : ما أقبح الغفلة عن ذكر من لا يغفل عن ذكرك .
50- أن الذكر يوجب صلاة الله عز و جل وملائكته على الذاكر ومن صلى الله تعالى عليه وملائكته فقد أفلح كل الفلاح وفاز كل الفوز قال سبحانه وتعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا * وسبحوه بكرة وأصيلا * هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما ) فهذه الصلاة منه تبارك وتعالى ومن ملائكته إنما هي سبب الإخراج لهم من الظلمات إلى النور فأي خير لم يحصل لهم وأي شر لم يندفع عنهم ؟ فيا حسرة الغافلين عن ربهم ماذا حرموا من خيره وفضله وبالله التوفيق .
51- إن من شاء أن يسكن رياض الجنة في الدنيا وغيره من حديث جابر بن عبد الله قال : ( خرج علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال يا أيها الناس ارتعوا في رياض الجنة قلنا : يا رسول الله وما رياض الجنة ؟ قال مجالس الذكر. ثم قال اغدوا وروحوا وأذكروا فمن كان يحب أن يعلم منزلته عند الله تعالى فلينظر كيف منزلة الله تعالى عنده فإن الله تعالى ينزل العمل منه حيث أنزله من نفسه . )
52- إن مجالس الذكر مجالس ملائكة فليس من مجالس الدنيا لهم مجلس إلا مجلس يذكر الله تعالى فيه .كما أخرجا في الصحيحين من حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إن لله ملائكة فضلا عن كتاب الناس يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تعالى تنادوا : هلموا إلى حاجتكم قال : فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا : فيسألهم ربهم تعالى ـ وهو أعلم بهم : ما يقول عبادي ؟ قال : يقولون : يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك قال فيقول : هل رأوني ؟ قال : فيقولون: لا والله ما رأوك قال : فيقول : كيف لو رأوني ؟ قال : فيقولون : لو رأوك كانوا أشد لك عبادة وأشد لك تحميدا وتمجيدا وأكثر لك تسبيحا قال : فيقول ما يسألوني ؟ قال : يسألونك الجنة قال : يقول : وهل رأوها ؟ قال : يقولن : لا والله يا رب ما رأوها قال فيقول : فكيف لو أنهم رأوها ؟ قال يقولون : لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصا وأشد لها طلبا وأعظم فيها رغبة فيقول : فمم يتعوذون ؟ قال : يقولون : من النار قال : يقول : وهل رأوها ؟ قال : يقولون : لا والله يا رب ما رأوها قال : يقول : فكيف لو رأوها ؟ قال : يقولون : لو رأوها كانوا أشد منها فرارا وأشد لها مخافة قال : يقول : فأشهدكم أني قد غفرت لهم فيقول ملك من الملائكة : فيهم فلان ليس منهم وإنما جاء لحاجة قال : هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم ) فهذا من بركتهم على نفوسهم وعلى جليسهم فلهم نصيب من قوله { وجعلني مباركا أين ما كنت } فهكذا المؤمن مبارك أين حل والفاجر مشؤوم أين حل فمجالس الذكر مجالس الملائكة ومجالس الغفلة مجالس الشياطين وكل مضاف إلى شكله وأشباهه امرئ يصير إلى ما يناسبه .
53- إن الله عز و جل يباهي بالذاكرين ملائكته كما روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري قال : خرج معاوية على حلقة في المسجد فقال : ما أجلسكم ؟ قالوا : جلسنا نذكر الله تعالى قال : آلله ما أجلسكم إلا ذاك ؟ قالوا : والله ما أجلسنا إلا ذاك قال : أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم وما كان أحد بمنزلتي من رسول الله صلى الله عليه و سلم أقل عنه حديثا مني [ وإن رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج على حلقة من أصحابه فقال : ما أجلسكم ؟ قالوا : جلسنا نذكر الله تعالى ونحمده على ما هدانا للإسلام ومن علينا بك قال : آلله ما أجلسكم إلا ذاك ؟ قالوا : والله ما أجلسنا إلا ذاك قال : أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم ولكنه أتاني جبريل فأخبرني أن الله تبارك وتعالى يباهي بكم الملائكة ] فهذه المباهاة من الرب تبارك وتعالى دليل على شرف الذكر عنده ومحبته له وأن له مزية على غيره من الأعمال .
54- إن مدمن الذكر يدخل الجنة وهو يضحك لما ذكر ابن أبي الدنيا عن عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي عن أبيه عن أبي الدرداء قال : الذين لا تزال ألسنتهم رطبة من ذكر الله عز و جل يدخل أحدهم الجنة وهو يضحك .
55- إن جميع الأعمال إنما شرعت إقامة لذكر الله تعالى والمقصود بها تحصيل ذكر الله تعالى قال سبحانه وتعالى : ( وأقم الصلاة لذكري ) قيل المصدر مضاف إلى الفاعل أي لأذكرك بها وقيل مضاف إلى المذكور أي لتذكروني بها واللام على هذا لام التعليل وقيل : هي اللام الوقتية أي أقم الصلاة عند ذكري كقوله أقم الصلاة لدلوك الشمس ) وقوله تعالى : ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة ) وهذا المعنى المراد بالآية لكن تفسيرها به يجعل معناها فيه نظر لأن هذه اللام الوقتية يليها أسماء الزمان والظروف والذكر مصدر إلا أن يقدر زمان محذوف أي عند وقت ذكري وهذا محتمل والأظهر أنها لام التعليل أي أقم الصلاة لأجل ذكري ويلزم من هذا أن تكون إقامتها عند ذكره وإذا ذكر العبد ربه فذكر الله تعالى سابق على ذكره فإنه لما ذكره ألهمه ذكره فالمعاني الثلاثة حق . وقال سبحانه وتعالى : (اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر ) فقيل : المعنى أنكم في الصلاة تذكرون الله وهو من ذكره ولذكره الله تعالى إياكم أكبر من ذكركم إياه . وهذا يروى عن ابن عباس وسلمان وأبي الدرداء وابن مسعود رضي الله عنهم . وذكر ابن أبي الدنيا عن فضيل بن مرزوق عن عطية ( ولذكر الله أكبر ) قال : وهو قوله تعالى : ( فاذكروني أذكركم ) فذكر الله تعالى لكم أكبر من ذكركم إياه . وقال ابن زيد وقتادة : معناه : ولذكر الله أكبر من كل شيء وقيل لسلمان : أي الأعمال أفضل ؟ أما تقرأ القرآن ( ولذكر الله أكبر ) ويشهد لهذا حديث أبي الدرداء ( ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق ..........) الحديث وكان شيخ الإسلام أبو العباس قدس الله روحه يقول : الصحيح أن معنى الآية أن الصلاة فيها مقصودان عظيمان وأحدهما أعظم من الآخر : فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر وهي مشتملة على ذكر الله تعالى ولما فيها من ذكر الله أعظم من نهيها عن الفحشاء والمنكر وذكر ابن أبي الدنيا عن ابن عباس أنه سئل : أي العمل أفضل ؟ قال : ذكر الله أكبر وفي السنن عن عائشة عن النبي صلى اله عليه وسلم قال : إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله تعالى . رواه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن صحيح .
56- أن أفضل أهل كل عمل أكثرهم فيه ذكراً لله عز وجل فأفضل الصوام أكثرهم ذكرا لله عز و جل في صومهم وأفضل المتصدقين أكثرهم ذكرا لله عز وجل وأفضل الحاج أكثرهم ذكرا لله عز وجل وهكذا سائر الأحوال . وقد ذكر ابن أبي الدنيا حديثاً مرسلاً في ذلك: أن النبي صلى الله عليه و سلم سئل : أي أهل المسجد خير ؟ قال : أكثرهم ذكرا لله عز و جل قيل : أي الجنازة خير ؟ قال : أكثرهم ذكرا لله عز و جل قيل : فأي المجاهدين خير ؟ قال : أكثرهم ذكرا لله عز و جل قيل فأي الحجاج خير ؟ قال : أكثرهم ذكرا لله عز و جل قيل : وأي العباد خير ؟ قال : أكثرهم ذكرا لله عز و جل . قال أبو بكر : ذهب الذاكرون بالخير كله وقال عبيد ابن عمير : إن أعظمكم هذا الليل أن تكابدوه وبخلتم على المال أن تنفقوه وجبنتم عن العدو أن تقاتلوه : فأكثروا من ذكر الله عز و جل .
57- أن إدامته تنوب عن التطوعات وتقوم مقامها سواء كانت بدنية أو مالية كحج التطوع وقد جاء ذلك صريحا في حديث أبي هريرة : ( أن فقراء المهجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا : يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم والمقيم يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ولهم فضل أموالهم يحجون بها ويعتمرون ويجاهدون فقال : ألا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم وتسبقون به من بعدكم ولا أحد يكون أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله قال : تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة الحديث متفق عليه فجعل الذكر عوضا لهم عما فاتهم من الحج والعمرة والجهاد وأخبر أنهم يسبقونهم بهذا الذكر فلما سمع أهل الدثور بذلك عملوا به فازدادوا ـ إلى صدقاتهم وعبادتهم بمالهم ـ التعبد بهذا الذكر فحازوا الفضيلتين فنفسهم الفقراء وأخبروا رسول الله صلى الله عليه و سلم بأنهم قد شاركوهم في ذلك وانفردوا لهم بما لا قدرة لهم عليه فقال : ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .)
58- أن ذكر الله عز و جل من أكبر العون على طاعته فإنه يحببها إلى العبد ويسهلها عليه ويلذذها له ويجعل قرة عينه فيها ونعيمه وسروره بها بحيث لا يجد لها من الكلفة والمشقة والثقل ما يجد الغافل والتجربة شاهدة بذلك .
59- أن ذكر الله عز و جل يسهل الصعب وييسر العسير ويخفف المشاق فما ذكر الله عز و جل على صعب إلا هان ولا على عسير إلا تيسر ولا مشقة إلا خفت ولا شدة إلا زالت ولا كربة إلا انفرجت فذكر الله تعالى هو الفرج بعد الشدة واليسر بعد العسر والفرج بعد الغم والهم .
60- أن ذكر الله عز و جل يذهب عن القلب مخاوفه كلها وله تأثير عجيب في حصول الأمن فليس للخائف الذي قد اشتد خوفه أنفع من ذكر الله عز و جل إذ بحسب ذكره يجد الأمن ويزول خوفه حتى كأن المخاوف التي يجدها أمان له والغافل خائف مع أمنه حتى كأن ما هو فيه من الأمن كله مخاوف ومن له أدنى حس قد جرب هذا وهذا والله المستعان .
61- أن الذكر يعطي الذاكر قوة حتى إنه ليفعل مع الذكر ما لم يظن فعله بدونه وقد شاهدت من قوة شيخ الإسلام ابن تيمية في سننه وكلامه وإقدامه وكتابه أمرا عجيبا فكان يكتب في اليوم من التصنيف ما يكتبه الناسخ في جمعه وأكثر وقد شاهد العسكر من قوته في الحرب أمراً عظيماً . وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة وعليا رضي الله عنهما أن يسبحا كل ليلة إذا أخذوا مضاجعهما ثلاثاً وثلاثين ويحمدا ثلاثاً وثلاثين ويكبرا أربعاً وثلاثين لما سألته الخادم وشكت إليه ما تقاسيه من الطحن والسعي والخدمة فعلمها ذلك وقال : إنه خير لكما من خادم . فقيل : أن من داوم على ذلك وجد قوة في يومه مغنيه عن خادم .
62- أن عمال الآخرة كلهم في مضمار السباق والذاكرون هم أسبقهم في ذلك المضمار ولكن القترة والغبار يمنع من رؤية سبقهم فإذا انجلى الغبار وانكشف رآهم الناس وقد حازوا قصب السبق قال الوليد بن مسلم قال محمد بن عجلان : سمعت عمرو مولى غفرة يقول : إذا انكشف الغطاء للناس يوم القيامة عن ثواب أعمالهم لم يروا عملا أفضل ثوابا من الذكر فيتحسر عند ذلك أقوام فيقولون : ما كان شيء أيسر علينا من الذكر وقال أبو هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سيروا سبق المفردون قال : الذين أهتروا في ذكر الله تعالى يضع عنهم أوزارهم أهتروا بالشيء وفيه أولعوا به ولزموه وجعلوه دأبهم وفي بعض ألفاظ الحديث المستهترون بذكر الله ومعناه الذين أولعوا به يقال : استهتر فلان بكذا إذا ولع به .
63- أن الذكر سبب لتصديق الرب عز و جل عبده فإنه أخبر عن الله تعالى بأوصاف كماله ونعوت جلاله فإذا أخبر بها العبد صدقه ربه ومن صدقه الله تعالى لم يحشر مع الكاذبين ورجي له أن يحشر مع الصادقين .
64- أن دور الجنة تبنى بالذكر فإذا أمسك الذاكر عن الذكر أمسكت الملائكة عن البناء ذكر ابن أبي الدنيا في كتابه عن حكيم بن محمد الأخنسي قال : بلغني أن دور الجنة تبنى بالذكر فإذا أمسك عن الذكر أمسكوا عن البناء فيقال لهم : فيقولون : حتى تأتينا نفقة . وذكرابن أبي الدنيا من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( من قال : سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم - سبع مرات - بني له برج في الجنة . )
65- إن الذكر سد بين العبد وبين جهنم فإذا كانت له إلى جهنم طريق من عمل من الأعمال كان الذكر سداً في تلك الطريق فإذا كان ذكراً دائماً كاملاً كان سداً محكماً لا منفذ فيه وإلا فبحسبه .قال عبد العزيز بن أبي رواد : كان رجل بالبادية قد اتخذ مسجدا فجعل في قلبه سبعة أحجار كان إذا قضى صلاته قال : يا أحجار أشهدكم أنه لا إله إلا الله قال : فمرض الرجل فعرج بروحه قال : فرأيت في منامي أنه أمر بي إلى النار قال : فرأيت حجراً من تلك الأحجار أعرفه قد عظم فسد عني بابا من أبواب جهنم ثم أتى إلى الباب الآخر وإذا حجر من تلك الحجار أعرفه قد عظم فسد عني باباً من أبواب جهنم حتى سدت عني بقية الأحجار أبواب جهنم .
66- إن الملائكة تستغفر للذاكر كما تستغفر للتائب .كما روى حسين المعلم عن عبد الله بن بريدة عن عامر الشعبي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : أجد في كتاب الله المنزل أن العبد إذا قال : الحمد لله قالت الملائكة رب العالمين وإذا قال : الحمد لله رب العالمين قالت الملائكة : اللهم اغفر لعبدك وإذا قال : سبحان الله قالت الملائكة : اللهم اغفر لعبدك وإذا قال : لا إله إلا الله قالت الملائكة : اللهم اغفر لعبدك .
67- إن الجبال والقفار تتباهى وتستبشر بمن يذكر الله عز و جل عليها قال ابن مسعود : إن الجبل لينادي الجبل باسمه : أمر بك اليوم أحد يذكر الله عز و جل ؟ فإذا قال : نعم استبشر . وقال عون بن عبد الله : إن البقاع لينادي بعضها بعضاً : يا جارتاه أمر بك اليوم أحد يذكر الله ؟ فقائلة : نعم وقائلة : لا .فقال الأعمش عن مجاهد : إن الجبل لينادي الجبل باسمه : يا فلان هل مر بك اليوم ذاكر لله عزوجل ؟ فمن قائل : لا ومن قائل : نعم .
68- إن كثرة ذكر الله عز و جل أمان من النفاق فإن المنافقين قليلو الذكر لله عز وجل قال الله عز و جل في المنافقين : ( ولا يذكرون الله إلا قليلا ) .
69- إن للذكر من بين الأعمال لذة لا يشبهها شيء فلو لم يكن للعبد من ثوابه إلا اللذة الحاصلة للذاكر والنعيم الذي يحصل لقلبه لكفى به ولهذا سميت مجالس الذكر رياض الجنة قال مالك بن دينار : وما تلذذ المتلذذون بمثل ذكر الله عز و جل فليس شيء من الأعمال أخف مؤنة منه ولا أعظم لذة ولا أكثر فرحة وابتهاجا للقلب .
70- إنه يكسو الوجه نضرة في الدنيا ونورا في الآخرة فالذاكرون أنضر الناس وجوها في الدنيا وأنورهم في الآخرة ومن المراسيل عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : ( من قال كل يوم مائة مرة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير أتى الله تعالى يوم القيامة ووجهه أشد بياضا من القمر ليلة البدر .)
71- إن في دوام الذكر في الطريق والبيت والحضر والسفر والبقاع تكثيرا لشهود العبد يوم القيامة فإن البقعة والدار والجبل والأرض تشهد للذاكر يوم القيامة قال تعالى : ( إذا زلزلت الأرض زلزالها * وأخرجت الأرض أثقالها * وقال الإنسان ما لها * يومئذ تحدث أخبارها * بأن ربك أوحى لها ) فروى الترمذي في جامعه من حديث سعيد المقبري عن أبي هريرة قال : [ قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه الآية : { يومئذ تحدث أخبارها } فقال : أتدرون ما أخبارها ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال : فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها تقول : عمل يوم كذا كذا وكذا ] قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح والذاكر لله عز و جل في سائر البقاع مكثر شهوده ولعلهم أو أكثرهم أن يقبلوه يوم القيامة يوم قيام الأشهاد وأداء الشهادات فيفرح ويغتبط بشهادتهم .
72- إن في الاشتغال بالذكر اشتغالا عن الكلام الباطل من الغيبة واللغو ومدح الناس وذمهم وغير ذلك فإن الإنسان لا يسكت البتة : فإما لسان ذاكر وإما لسان لاغ ولا بد من أحدهما فهي النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل وهو القلب إن لم تسكنه محبة الله عز و جل سكنه محبة المخلوقين ولا بد وهو اللسان إن لم تشغله بالذكر شغلك باللغو وما هو عليك ولا بد فاختر لنفسك إحدى الخطتين وأنزلها في إحدى المنزلتين .
73- وهي التي بدأنا بذكرها وأشرنا إليها فنذكرها ههنا مبسوطة لعظيم الفائدة بها وحاجة كل أحد بل ضرورته إليها وهي أن الشياطين قد احتوشت العبد وهم أعداؤه فما ظنك برجل قد احتوشه أعداؤه المحنقون عليه غيظا وأحاطوا به وكل منهم يناله بما يقدر عليه من الشر والأذى ولا سبيل إلى تفريق جمعهم عنه إلا بذكر الله عز و جل وفي هذا الحديث العظيم الشريف القدر الذي ينبغي لكل مسلم أن يحفظه فنذكره بطوله لعموم فائدته وحاجة الخلق إليه وهو حديث سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن سمرة بن جندب قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم يوما وكنا في صفه بالمدينة فقام علينا فقال : [ إني رأيت البارحة عجبا : رأيت رجلا من أمتي أتاه ملك الموت ليقبض روحه فجاءه بره والديه فرد ملك الموت عنه ورأيت رجلا من أمتي قد بسط عليه عذاب القبر فجاءه وضوؤه فاستنقذه من ذلك ورأيت رجلا من أمتي قد احتوشته الشياطين فجاءه ذكر الله عز و جل فطرد الشيطان عنه ورأيت رجلا من أمتي قد احتوشته ملائكة العذاب فجاءته صلاته فاستنقذته من أيديهم ورأيت رجلا من أمتي يلهب ـ وفي رواية يلهث ـ عطشا كلما دنا من حوض منع وطرد فجاءه صيام شهر رمضان فأسقاه وأرواه ورأيت رجلا من أمتي ورأيت النبيين جلوسا حلقا حلقا كلما دنا إلى حلقة طرد فجاءه غسله من الجنابة فأخذ بيده فأقعده إلى جنبي ورأيت رجلا من أمتي بين يديه ظلمة ومن خلفه ظلمة وعن يمينه ظلمة وعن يساره ظلمة ومن فوقه ظلمة ومن تحته ظلمة وهو متحير فيها فجاءه حجه وعمرته فاستخرجاه من الظلمة وأدخلاه في النور ورأيت رجلا من أمتي يتقي بيده وهج النار وشرره فجاءته صدقته فصارت سترة بينه وبين النار وظللت على رأسه ورأيت رجلا من أمتي يكلم المؤمنين ولا يكلمونه فجاءته صلته لرحمه فقالت : يا معشر المسلمين إنه كان وصولا لرحمه فكلموه فكلمه المؤمنون وصافحوه وصافحهم ورأيت رجلا من أمتي قد احتوشته الزبانية فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فاستنقذه من أيديهم وأدخله في ملائكة الرحمة ورأيت رجلا من أمتي جاثيا على ركبتيه وبينه وبين الله عز و جل حجاب فجاءه حسن خلقه فأخذ بيده فأدخله على الله عز و جل ورأيت رجلا من أمتي قد ذهبت صحيفته من قبل شماله فجاءه خوفه من الله عز و جل فأخذ صحيفته فوضعها في يمينه ورأيت رجلا من أمتي خف ميزانه فجاءه أفراطه ورأيت رجلا من أمتي قائما على شفير جهنم فجاءه رجاؤه في الله عز و جل فاستنقذه من ذلك ومضى ورأيت رجلا من أمتي قد أهوى في النار فجاءته دمعته التي بكى من خشية الله فاستنقذته من ذلك ورأيت رجلا من أمتي قائما على الصراط يرعد كما ترعد السعفة في ريح عاصف فجاءه حسن ظنه بالله عز و جل فسكن رعدته ومضى ورأيت رجلا من أمتي يزحف على الصراط ويحبو أحيانا فجاءته صلاته علي فأقامته على قدميه وأنقذته ورأيت رجلا من أمتي انتهى إلى أبواب الجنة فغلقت الأبواب دونه فجاءته شهادة أن لا إله إلا الله ففتحت له الأبواب وأدخلته الجنة ] رواه الحافظ أبو موسى المديني في كتاب الترغيب في الخصال المنجية والترهيب من الخلال المردية وبنى كتابه عليه وجعله شرحا له وقال : هذا حديث حسن جدا رواه عن سعيد بن المسيب عمرو بن آزر وعلي بن زيد بن جدعان وهلال أبو جبلة وكان شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يعظم شأن هذا الحديث وبلغني عنه أنه كان يقول : شواهد الصحة عليه والمقصود منه قوله صلى الله عليه و سلم [ ورأيت رجلا من أمتي احتوشته الشياطين ذكر الله عز و جل فطرد الشيطان عنه ] فهذا مطابق لحديث الحارث الأشعري الذي شرحناه في هذه الرسالة وقوله فيه : [ وأمركم بذكر الله عز و جل وإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو فانطلقوا في طلبه سراعا وانطلق حتى أتى حصنا حصينا فأحرز نفسه فيه ] فكذلك الشيطان لا يحرز العباد أنفسهم منه إلا بذكر الله عز و جل وفي الترمذي عن أنس بن مالك : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ من قال ـ يعني إذا خرج من بيته ـ بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله يقال له : كفيت وهديت ووقيت وتنحى عنه الشيطان فيقول لشيطان آخر : كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي ] ؟ رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال : حديث حسن . وقد تقدم قوله صلى الله عليه و سلم [ من قال في يوم مائة مرة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير كانت له حرزا من الشيطان حتى يمسي ] وذكر سفيان عن أبي الزبير عن عبد الله بن ضمرة عن كعب قال : إذا خرج الرجل من بيته فقال بسم الله قال هديت وإذا قال توكلت على الله قال الملك كفيت وإذا قال لا حول ولا قوة إلا بالله قال الملك حفظت فيقول الشياطين بعضهم لبعض : ارجعوا ليس لكم عليه سبيل كيف لكم بمن كفي وهدي وحفظ ؟
وقال أبو خلاد المصري : من دخل في الإسلام دخل في حصن ومن دخل المسجد فقد دخل في حصنين ومن جلس في حلقة يذكر الله عز و جل فيها فقد دخل في بيته حصونا وقد روى الحافظ أبو موسى في كتابه من حديث أبي عمران الجوني عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا وضع العبد جنبه على فراشه فقال : بسم الله وقرأ فاتحة الكتاب أمن من شر الجن والإنس ومن كل شيء )
وفي صحيح البخاري عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال : ولأني رسول الله صلى الله عليه و سلم زكاة رمضان أن أحتفظ بها فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته فقال : دعني فأني لا أعود فذكر الحديث وقال : فقال له في الثالثة : أعلمك كلمات ينفعك الله بهن إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها إلى آخرها فإنه لا يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح فخلى سبيله فأصبح فأخبر النبي صلى الله عليه و سلم بقوله فقال : ( صدقك وهو كذوب ) وذكر الحافظ أبو موسى من حديث أبي الزبير عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إذا أوى الإنسان إلى فراشه ابتدره ملك وشيطان فيقول الملك اختم بخير ويقول الشيطان وبات يكلؤه فإذا استيقظ ابتدره ملك وشيطان فيقول الملك : افتح بخير ويقول الشيطان : افتح بشر فإن قال : الحمد لله الذي أحيا نفسي بعد موتها ولم يمتها في منامها الحمد لله الذي يمسك عليها الأخرى إلى أجل مسمى الحمد لله الذي يمسك السموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده الحمد لله الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه طرد الملك الشيطان وظل يكلؤه . وفي الصحيحين من حديث سالم بن أبي الجعد عن كريب عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أما إن أحدكم إذا أتى أهله قال : بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فيولد بينهما ولد لا يضره الشيطان أبدا ) وذكر الحافظ أبو موسى عن الحسن بن علي قال : أنا ضامن لمن قرأ هذه العشرين الآية أن يعصمه الله تعالى من كل شيطان ظالم ومن كل شيطان مريد ومن كل سبع ضار ومن كل لص عاد : آية الكرسي وثلاث آيات من الأعراف (إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض) وعشرا من الصافات وثلاث آيات من الرحمن ( يا معشر الجن والإنس ) وخاتمة سورة الحشر ( لو أنزلنا هذا ) وقال محمد بن أبان : بينما رجل يصلي في المسجد إذا هو بشيء إلى جنبه فجفل منه فقال : ليس عليك مني بأس إنما جئتك في الله تعالى ائت عروة فسله : ما الذي يتعوذه ؟ يعني من إبليس الأباليس قال : قل آمنت بالله العظيم وحده وكفرت بالجبت والطاغوت واعتصمت بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم حسبي الله وكفى سمع الله لمن دعا ليس وراء الله منتهى .
وقال بشر بن منصور عن وهيب ابن الورد قال : خرج رجل إلى الجبانة بعد ساعة من الليل قال : فسمعت حسا ـ أو صوتا ـ شديدا وجيء بسرير حتى وضع وجاء شيء حتى جلس عليه قال : واجتمعت إليه جنوده ثم صرخ فقال : من لي بعروة بن الزبير ؟ فلم يجبه أحد حتى تتابع ما شاء الله من الأصوات فقال واحد : انا أكفيكه قال : فتوجه نحو المدينة وأنا ناظر ثم أوشك الرجعة فقال : لا سبيل إلى عروة وقال : ويلكم وجدته يقول كلمات إذا أصبح وإذا أمسى فلا نخلص إليه معهن قال الرجل : فلما أصبحت قلت لأهلي جهزوني فأتيت المدينة فسألت عنه حتى دللت عليه فإذا بشيخ كبير فقلت : شيئا تقوله إذا أصبحت وإذا أمسيت ؟ فأبى أن يخبرني فأخبرته بما رأيت وما سمعت فقال : ما أدري غير أني أقول إذا أصبحت : آمنت بالله العظيم وكفرت بالجبت والطاغوت واستمسكت بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها والله سميع عليم وإذا أصبحت قلت ثلاث مرات وإذا أمسيت قلت ثلاث مرات . وذكر أبو موسى عن مسلم البطين قال : قال جبريل للنبي صلى الله عليه و سلم : إن عفريتا من الجن يكيدك فإذا أويت إلى فراشك فقل أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء وما يعرج فيها ومن شر ما ذرأ من الأرض وما يخرج منها ومن شر فتن الليل والنهار ومن شر طوارق الليل والنهار إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن . وقد ثبت في الصحيح أن الشيطان يهرب من الأذان قال سهل بن أبي صالح : أرسلني أبي إلى بني حارثة ومعي غلام ـ أو صاحب ـ لنا فنادى مناد من حائط باسمه فأشرف الذي معي على الحائط فلم ير شيئا فذكرت ذلك لأبي فقال : لو شعرت أنك تلقى هذا لم أرسلك ولكن إذا سمعت صوتا فناد بالصلاة فإني سمعت أبا هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( إن الشيطان إذا نودي بالصلاة ولى وله حصاص.) وذكر الحافظ أبو موسى من حديث أبي بكر الصديق قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( استكثروا من لا إله إلا الله والاستغفار فإن الشيطان قال : قد أهلكتهم بالذنوب وأهلكوني بقول لا إله إلا الله والاستغفار فلما رأيت ذلك منهم أهلكتهم بالأهواء حتى يحسبون مهتدون فلا يستغفرون .) وذكر أيضا عن إبراهيم بن الحكم عن أبيه عن عكرمة قال : بينا رجل مسافر إذ مر برجل نائم ورأى عنده شياطين فسمع المسافر أحد الشياطين يقول لصاحبه : اذهب فأفسد على هذا النائم قلبه فلما دنا منه رجع إلى صاحبه فقال : لقد نام على آية ما لنا إليه سبيل فذهب إلى النائم فلما دنا منه رجع قال : صدقت فذهب ثم إن المسافر أيقظه وأخبره بما رأى من الشياطين فقال : أخبرني على أي آية نمت قال على هذه الآية ( إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ) وقال أبو النضر هاشم بن القاسم : كنت أرى في داري فقيل : يا أبا النضر تحول عن جوارنا قال : فاشتد ذلك علي فكتبت إلى الكوفة إلى ابن إدريس والمحاربي وأبي أسامة فكتب إلي المحاربي : إن بئرا بالمدينة كان يقطع رشاؤها فنزل بهم ركب فشكوا ذلك إليهم فدعوا بدلو من ماء ثم تكلموا بهذا الكلام فصبوه في البئر فخرجت نار من البئر فطفئت على رأس البئر قال أبو النضر : فأخذت تورا من ماء ثم تكلمت فيه بهذا الكلام ثم تتبعت به زوايا الدار فرششته فصاحوا بي : أحرقتنا نحن نتحول عنك وهو : بسم الله أمسينا بالله الذي ليس منه شيء ممتنع وبعزة الله التي لا ترام ولا تضام وبسلطان الله المنيع نحتجب وبأسمائه الحسنى كلها عائذ من الأبالسة ومن شر شياطين الإنس والجن ومن شر معلن أو مسر ومن شر ما يخرج بالليل ويكمن بالنهار ويكمن بالليل ويخرج بالنهار ومن شر ما خلق وذرأ وبرأ ومن شر إبليس وجنوده ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم أعوذ بالله بما استعاذ به موسى وعيسى وإبراهيم الذي وفى من شر ما خلق وذرأ وبرأ ومن شر إبليس وجنوده ومن شر ما يبغي أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ( والصافات صفا * فالزاجرات زجرا * فالتاليات ذكرا * إن إلهكم لواحد * رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق * إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب * وحفظا من كل شيطان مارد * لا يسمعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون من كل جانب * دحورا ولهم عذاب واصب * إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب ) . هذه ثمرات الذكر وضعتها أمامك لعلها تكون حافزاً لك فتكثر من ذكر الله تعالى فتصبح أكثر قرباً منه عزّ وجلّ . وتنجو من النار وتدخل الجنة .
ومع ثمرات الشكر أمضي بك لتعرف أكثر وتنض على قاعدة المعرفة شاكراً ربّك تبارك وتعالى . فماهي ثمرات الشكر ؟ إنها عشر ثمرات , خذها بحقها :
1- الزيادة من الله عز وجل (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ .)
2- حفظ النعم ودوامها ومن المأثورات التي يتناقلها الناس( وبالشكر تدوم النعم)
3- الجزاء الّذي ادخره الله تعالى للشاكرين (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ . ) (145) آل عمران .
4- شكر الله تعالى لهم سعيهم ( وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا )
5- الشاكرون خاصة الله وأحباؤه , لأنهم في عالم العباد قليل ( وقليل من عبادي الشكور ) .
6- فرح الشاكرين وشوقهم لما خبئ لهم من عظيم الجزاء وشوقهم لنيله .
7- إكثارهم من صنائع المعروف في العباد فشكرهم نفع لمن حولهم من الناس .
8- لا يجحدون معروفاً وفد إليهم من أحد بل تلهج ألسنتهم بشكر من فعله معهم .
9- الصبر والحلم خلق الشاكرين فتراهم يسعون الخلق من حولهم ويتحمّلون ما يصدر عنهم من إساءة ويقابلون ذلك بالصفح والمغفرة . تخلقاً بأخلاق الله .
10- الكرم والسخاء دأب الشاكرين تخلقاً بخلق الله وتأسّياً برسوله صلى الله عليه وسلم . هنا أكون قد قّمت لك بياناً مفصّلاً بثمرات الذكر والشكر . آمل أن تكون خير حافز لك ولكل المسلمين لتكون أمتنا أمة الذكر والشكر كما أراد لها ربها . وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله ربّ العالمين .