3) ادعوهم بألقاب محببة إليهم
لأن الاسم قد يكون عنوان الإنسان وصاحبه الذي يرافقه طول حياته فقد حرص الإسلام على تسمية المولود بأحسن الأسماء.
قال صلى الله عليه وسلم:"إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم فأحسنوا أسماءكم" رواه أبو داود. فالإسم الجميل و اللقب يساهمان في تكوين المفهوم الحسن عن الذات
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:" إن امرأة كانت تسمى عاصية فسماها صلى الله عليه وسلم جميلة" رواه البخاري.
وتتجلى هذه المعاني واللفتات التربوية في سورة يوسف بشكل ملفت، فقد ظل يعقوب عليه السلام الأب الحاني الذي يشملهم بأبوته العظيمة حتى في المواقف العصيبة. "قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا" آية 5"قال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة" آية67
"يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه وتيأسوا من روح الله" آية87
ولعل من فنون التعامل مع الآخر استعمال الإسم أو اللقب المحبب له وهو مدخل من مداخل بناء الثقة
ولو تأملنا حوار يوسف مع فتيان السجن لوجدنا هذا الأمر قد تجلى في حديثه إليهم حيث قال: "يا صاحبي السجن ءأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار" آية39، وقال "يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه" آية41.
إنه يتخذ منهما صاحبين ويتحبب إليهما بهذه الصفة المؤنسة ليدخل الى صلب الدعوة وجسم العقيدة، وهو لا يدعوهما مباشرة، وإنما يعرفهما بقضية موضوعية.
يتبع
(4) القرين بالمقارن يقتدي
تعتبر الصحبة مطلبا نفسيا لا يستغني عنه الإنسان منذ صغره، فهي مصدر من مصادر تربيته وأنسه ومعاونته، كما تساهم في تنمية سلوك الاتصال واكتساب المهارات عنده.
وقد ورد في سورة يوسف عليه السلام إشارة إلى الرفقة بمعنى العصبة قال تعالى: "إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلينا من أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين" آية8 قال الفراء ما زاد على العشرة والعصبة والعصابة العشرة فصاعدا
ونجد أن إخوة يوسف لم يكونوا على قلب رجل واحد، إذ أشار بعضهم إلى قتله بينما رأى أحدهم أن يلقوه في الجب وهذا أمر يدعو إلى الانتباه إلى أن الإنسان قد ينساق وراء الشخص المؤثر في العصبة سواء بشكل ايجابي أو سلبي، فالعواطف تنمو بالمجالسة والمعاشرة.
لذلك قال صلى الله عليه وسلم: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" أخرجه الترمذي
وروى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال" إنما الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبا، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا نتنة" متفق عليه.
إذا فلنشجع العلاقة الإيجابية بين الإخوة والأصدقاء ولتكن علاقة المربي بأصدقاء الأبناء علاقة طيبة رحيمة تبنى على الإحترام والتقدير حتى يتعرف على قيام وأفكار هؤلاء الأصدقاء فيوجهها نحو الأهداف السامية.
يتبع
(5) كاد المريب أن يقول خذوني
إن الاتصال غير الشفهي عملية معقدة تشمل الكلمات ونبرة الصوت وحركات الجسد، فالمتكلم لا يعبر دائما بالكلمات عن كل ما يفكر فيه، فجزء كبير من الرسالة يصل بأسلوب غير لفظي. لذلك من الأهمية بمكان أن يعرف الشخص كيف يحسن استغلال لغة الجسد وأن يتمكن من قراءة الإشارات الجسدية للطرف الآخر.
ولننظر إلى حالة الارتباك التي أحاطت بإخوة يوسف عندما ائتمروا وجاءوا أباهم:"قالوا يآ أبانا مالك لا تأًَمَـْــّنا على يوسف وإناّ له لناصحون أرسله معنا غدا يرتع ويلعب إناّ له لحافظون". كان في كلامهم ما يدل على كيد دبروه ليوسف وقد لاحظ ذلك سيدنا يوسف عليه السلام مما جعله يتردد في إرسال يوسف معهم "قال إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون"
إذا فتحنا القرآن وتأملنا في كلمة "لا تأمنا" نجد علامة الإشمام على حرف الميم والتي تدل على ضم الشفتين عند حرف الميم كمن يريد النطق بضمة إشارة الى أن الحركة المحذوفة ضمة من غير أن يظهر لذلك أثر في النطق وكأن النطق بها قريب من –لا تأممم نا- وهو ما يكون دالا على لتردد، وعدم انسجام القول مع ما هو مضمر في النفس –ممم. وهذا هو موضع الإشمام الوحيد في القرآن الكريم، وهو من أسرار القرآن وإعجازه وقد قيل: كاد المريب أن يقول خذوني.
جيء إلى ابن سينا بشاب هزيل أصابه السقم فلما كشف عنه وجده معافى جسديا، فوضع يده على رسغ الشاب وسأله أن يعدد أحياء المدينة، فذكرها وعندما وصل إلى حي معين زاد نبضه، فطلب منه أن يعدد شوارع ذلك الحي، فعددها حتى إذا مر بشارع زاد نبضه وزاد نفسه وارتفعت حرارته، فطلب منه أن يذكر بيوت ذلك الشارع حتى إذا ذكر بيتا برقت عيناه وتوترت أعصابه وخفق قلبه، فطلب منه ذكر أفراد تلك العائلة فذكرهم حتى إذا ذكر فتاة تسارعت دقات قلبه وارتعشت يداه وتصبب عرقا فقال ابن سينا: دواء ابنكم عند المأذون.
و عندما نقول إن لدينا إحساسا بان فلانا يكذب فإننا نعني أن لغة جسد المتكلم لا تنسجم مع كلماته، وهذا الأمر ينسجم مع الخديعة الثانية التي أراد إخوة يوسف أن يظهروا بها لإخفاء جريمتهم إذ تظاهروا بالحزن على ضياع أخيهم ظنا منهم أن هذا سينهض بحجتهم.
إن الصعوبة في الكذب هي أن العقل غير الواعي يعمل مستقلا عن الكذبة الشفهية إذ يرسل طاقة عصبية تبدو كإيماءة يمكن أن تعارض ما قاله الشخص. والملاحظ، أن الذين نادرا ما يكذبون يفضحون بسهولة غير أن الذين قد تنطوي أعمالهم على الكذب مثل السياسيين ومقدمي برامج التلفزيون قد صقلوا إيماءات جسدهم إلى الحد الذي يصعب معه رؤية الكذب.
قال تعالى:"ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول" سورة محمد: 30
ولفهم لغة الجسد ينبغي التركيز على العينين، والحاجبين، والفم، والجبهة، والكتفين، والذراعين، والأصابع. وقد وضع علم يهدف إلى تحليل الإشارات والإيماءات.
عن محمد بن كعب القرظي قال: جاء رجل إلى نبي الله سليمان عليه السلام فقال: إن لي جيران يسرقون إوزي، فنادى: "يا الصلاة جامعة، ثم خطبهم فقال في خطبته: وأحدكم يسرق إوز جاره، ثم يدخل المسجد و الريش على رأسه فمسح رجل برأسه، فقال سليمان: خذوه فإنه صاحبكم".
يتبع
(6) اتركهم يمرحون ويلعبون
يعتبر اللعب حاجة فطرية هامة و أداة رئيسة من أدوات التنشئة الاجتماعية، حيث يتعلم الطفل من خلاله الإدارة الاجتماعية ويتعود على مشاركة غيره. كما يساهم اللعب في بناء شخصية الطفل و تأهيله لتحمل المسؤولية في المستقبل.
"أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون" أي ارسله معنا يتسع في أكل ما لذ وطاب، يلهو ويلعب وغيره.وزيادة توكيد النصح والإخلاص تصوير لما ينتظر يوسف من النشاط والمسرة والرياضة، مما ينشط والده لإرساله معهم كما يريدون.
وما كانت حيلة إخوة يوسف إلا لإيقاع الأذى والقضاء عليه إذ كان تبرير اصطحابه إلى البرية هو اللعب وإدخال السرور في نفسه ذلك اليوم.
وقد يشكل اللعب طريقا لاستدراج الطفل ووقوعه في يد منحرف أو قرين سوء. لذا ينبغي على المربي أن ينتبه للأنشطة التي يقوم بها الطفل والزملاء الذين يشاركهم هذه الأنشطة. على أنه لا ينبغي للمربين أن يمنعوا أطفالهم نت اللعب بحجة حمايتهم من اكتساب عادات سيئة لأن هذا مبرر خاطئ وقد يحرم الابن من اكتساب الخبرات الملائمة والقدرة على تجاوز المشكلات التي تعترضه.
يقول ابن سينا: الصبي للصبي ألقن، وهو عنه آخذ وبه. فالتعليم باللعب يوفر جوا طليقا يندفع فيه الفرد الى العمل من تلقاء نفسه.
وهذه بعض فوائد اللعب عند الفرد:
* ينفس عن التوتر الجسمي والانفعالي
* يدخل التنوع والتغير ويتيح الفرصة للتعبير عن حاجيات
* يوفر المجال لتمرين العضلات
* يقوم العلاقات الاجتماعية
* يزود بالمهارات اللغوية
يتبع