أديب الأطفال جاسم محمد صالح المستوعب لمداركهم بأسلوبه المبسط • أحمد البياتي – شاعر وناقد عراقي ) الريشة الملونة ) مجموعة قصص قصيرة للأطفال ، تأليف جاسم محمد صالح احتوت على رسوم للفنان محمد سمير الطحان وتضمنت ( 15 ) قصة ، عند قراءتي لها لمست ان المؤلف كان يقظاً وفطناً يعيش حياته وكأنه طفل استطاع ان يعمل ويتصور ويحس ويفرح ويحزن ، وهذا الإحساس جعل قصصه غاية في الدقة والوضوح وتمكن ان يخلق كوكبه الخاص بإبداعه في هذا النوع من الكتابة ، اغلب قصصه ضمنها الكثير من النصائح والإرشادات في السلوك والتخاطب والالتزام وفعل الخير ، كونه متيقن تماماً ان الصغار يساهمون في كل معضلات عصرنا بحسب درجة تطورهم وعلى طريقتهم الخاصة ، لذلك تمكنَ ان يُكيّف في كتاباته للأطفال لأنه استوعب مداركهم ، فكتب بالبساطة الممكنة وابتعد عن التعقيد ، في هذه القصص أراد المؤلف أن يفسح المجال الواسع لتنمية قدرات الأطفال الإبداعية وتعويدهم على تركيز انتباههم وتعبئة قواهم الذهنية وإطلاق العنان لخيالهم اللامحدود وتدريب قدراتهم على التذّكر والتذكير كي يصلوا إلى الدور الإيجابي الفعال في صقل مشاعرهم وتهذيب أذواقهم وتعويدهم على الدقة واحترام مشاعر الآخرين ، كما هو متعارف عليه أن اللعب يعتبر هو النشاط الأكثر جدية الذي يصرفه الطفل في مجرى حياته اليومية وفي أثناء تعبيره عن نشاطه وفي مسعاه للتعرف على البيئة المحيطة به ، لأنه المجال السايكولوجي الذي عن طريقه تنشأ وتتبلور وتتطور جميع قدراته وتتكامل شخصيته ويكتسب معرفته عن العالم المحيط به ، اللعب بالنسبة للطفل أداة تسلية تصقل مشاعره وتهذّب ذوقه وتغرس فيه صفات التبادل والثقة بالنفس وبالآخرين . المؤلف كان موقناً تماماً ان الإبداع في المجال الفني القصصي تعبير عن مشاعر مكبوتة ، فالطفل المبدع في تصور المؤلف هو الذي يتصف بوراثة بايولوجية تتسم بعدد من قدراته الإبداعية يعبّر من خلالها عن نفسه في استخدام الأشياء المألوفة بأساليب غير مألوفة ، بمعنى انه ينظر الى الأشياء وعلاقاتها ووظائفها في ضوء قرينة جديدة غريبة بالنسبة للكبار ، وهذا يبدو جلياً في العابهم وفي مواقفهم من ادواتهم لأن إشارات التطور العقلي للطفل تكمن في تعلمه الأشياء عن الناس ويتعلم كذلك مهارات جديدة ويكتسب الخبرات والذكريات لتكون تجربته الحياتية أشمل ، المؤلف مؤمن تماماً بأن إبداعية الطفل تتجلى بتبلور نسبي منذ السنة الرابعة من عمره وتأخذ بالارتفاع في مستواها ، لذلك عمل من خلال كتاباته لهم على تشجيعهم وحثهم للتصرف السليم حين يصبحوا شباب المستقبل نافعين لبلدهم وأسرهم لقد امتاز الأديب جاسم محمد صالح بالصدق في التعامل معهم عن طريق كتابته لهم ، حقيقياً في المواضيع التي يبثها لهم بأحسن ما يستطيع ، أُثني على جهده المميز والرائع في هذه المجموعة القصصية وأتمنى له التألق الدائم لأنه صاحب يراعٍ يسطّر جمال الكلمة الصادقة والهادفة والنقية . بغداد 29-9-2013 صحيفة الدستور الغراء / بغداد