العنف والانتقام عند الاديب الصهيوني ( شاؤول تشرنخوفسكي )
عبدالوهاب محمد الجبوري (*)
تبنى الأدب العبري الحديث / المعاصر فلسفة خاصة في تطبيق العنف وعزز من الرغبة في الانتقام ليجرد اليهودي من ( إنسانيته ) بعزله عن سائر البشر ومن ثم تجريد البشر من إنسانيتهم بدفعهم إلى التفرج على ما سمي بالمأساة اليهودية، وبالتالي جعل اليهودي شريكا من الناحية الأخلاقية في العنف الذي يحيق به وحول ( الاستشهاد ) اليهودي إلى مجرد مذبحة وقعت لشعب لا يرفض العنف الذي هو ضحيته( )، وأصبحت شعارات مثل الانتقام والثأر والإمساك بالسيف بدلا من الكتاب هي الشعارات التي ترددت كثيرا في الشعر العبري، ففي قصيدة شاؤول تشرنيخوفسكي( ) זאת תהיה נקמתנו " ليكن هذا ثأرنا " تعبير عن حقد مسموم لا يمكن لأي إنسان فهمه أو معرفة كنهه سوى اليهود وحدهم وهو تعبير أيضا عن إحساس بالألم يستلب من صاحبه إنسانيته ويعمق من كرهه وحقده للاغيار، فيقول:
( יום תתקע פגומת מאכלתך בגרון/ אחיך בן־אמך ותשחטנו/ כשחטך בחצרך ובמגרש הכפר/ את־בחיר־חזיריך בערבי פסחיך/ ואזנך קוטלה בנחרת גסיסתו/ מתענוג של חג ונגינתו/ יום נקם )( ) " سيأتي اليوم وتغرس حد سكينك في عنق/ أخيك، ابن أمك/ كأنك تذبح خنزيرك المفضل/ في عيد القيامة، في الفناء أو في ميدان القرية/ وسيكون رنين أنات موته مثل الموسيقى أو المهرجان في أذنيك المتلهفتين/ يا يوم الثأر ".
ومن اشهر قصائد تشرنيخوفسكي التي تقطر سماً زعافاً وحقداً ضد الجوييم ( غير اليهود ) وتدعو إلى الانتقام منهم هي قصيدة ( باروخ المغنيستي )( )، والقصيدة طويلة للغاية ولكنها تبدأ بالحديث عن هذا الموضوع الشائع المتكرر في الأدب العبري، اضطهاد اليهود واستشهادهم:
( וברחובות קהל אכרים/ אמנם פרשים/ נאקות חלל בכי עוללים/ קול תחנוני־נשים/ שברי־כלים קרעי־בגד/ כתמי־דם ברפש/ קול הקוראים הכוס שחאם )( ) " في الشوارع جموع الفلاحين/ والحرفيين والفرسان/ أنات الموتى وبكاء الأطفال/ أصوات النساء/ الأواني محطمة وملابس مهلهلة/ الدماء تجري فوق الطين/ وصرخات تنادي فلتضربهم حتى الموت "( ).
وفي قصيدة ( بقوة روحي ) يصور تشرنيخوفسكي الإنسان اليهودي الجديد، الغازي والفاتح والمنتقم والمؤمن بالعنف، بأنه قادر على معالجة الموقف عبر الانتقام بالسيف:
( يا سيفي، أين سيفي، سيفي المنتقم؟/ اعطني سيفي لانتصر على أعدائي/ أين أعدائي؟ لسوف اصرعهم/ وأحطمهم وأقطعهم إربا إربا/ سوف اجعل سيفي يشرب فخوراً من دمهم/ وستستحم خطواتي في دماء الصرعى/ سأقطع من يمين واحصد من شمال/ اعطني سيفي- فلن اغمده مرة أخرى/ حتى اذبح كل أعدائي )( ).
للحديث صلة ان شاء الله عن موقف الادباء العبريين الصهاينة من مسالة العنف والحرب والانتقام ..
(*) استاذ اللغة العبرية والادب العبري في جامعة الموصل