الرقم "7" في العراق القديم
اعداد الدكتور حسيب الياس حديد
تعدّ دراسة الرقم سبعة في العراق القديم من الامور المهمة في علم الآثار والتي تصب في بوتقة هذا العلم الذي لايزال متعطشاً الى الدراسة والبحث كما ان تكرار الرقم سبعة في النصوص المسمارية امر ملفت للنظر. فقد جاءت العلامة التي تدل على الرقم(7) في الكتابة السومرية على شكل انصاف دوائر صغيرة فاقدة النصف الايمن وهي مرتصفة عمودياً.اما قراءة الرقم في السومرية فهيIMIN وتعني سبعة واذا جاء هذا الرقم مسبوقاٌ بالحرف (d) فانه يدل على معنى الالهة السبعة. وفي اللغة الاكدية تتم قراءة الرقم (7) بطريقة مشابهة للقراءة العربية (sebe) او((seba واذا سبقه الحرف(d) يعني كما ذكرنا الالهة السبعة التي آمن بها سكان العراق القديم. وتأتي اهمية هذا الرقم من قراءته بطرق عديدة وان اهم ما يميزه ان قراءته تكون بالطريقة الرمزية. ويكتب ايضا بالعلامات الرمزية وليس بطريقة الكتابة المقطعية.وهنالك مميزات اخرى للرقم (7) منها وصفية ومنه ازلية وقسم منها معروف مثل الايام السبعة والسموات السبع والارضين والكواكب السيارة ومنها ماورد بشأن الحكمة انها بنت بيتها على اعمدة سبعة ...الخ.وفي اسطورة الخليقة البابلية قد جاءت بسبعة الواح واطلق عليه فريق من الباحثين ب (رقم الخليقة السبعة). وطبقاً لنظرية العراقيين القدماء ان الجنسين البشريين من الذكور والاناث خلقوا من مجموع (14) قطعة من الصلصال حسب ما ورد في احدى التعويذات حيث وضعت الالهة (مامي) سبعة على اليمين وسبعة على اليسار.ومن الاهمية بمكان ان نشير الى ان الرقم (7) ورد في ملحمة كلكامش مرات عديدة ابتداء من بناء السفينة الذي استغرق (7) ايام حسب ما روى اتونابشتم وان الطوفان حل في سبع ليال.ويذكر انه في اليوم السابع تم اطلاق حمامة وتم تقديم القرابين السبعة وقاموا بتحضير (7) قدور.ويذكر ايضا ان حكماء البشر عددهم (7) . وعندما نجري مسحاً على الابنية القديمة نلاحظ بما لا يقبل الشك ان الرقم(7) موجود على هذه الابنية.وينبغي ان نشير الى ان الرقم(7) ورد في الكتب السماوية ويحضى بذات الاهمية. ولابد من ان يكون وراء هذا الرقم غير سر فانه مليء بالاسرار التي ربما تتجاوز حدود الفهم الانساني.اذ ان لهذا الرقم قدسية خاصة لدى العراقيين القدماء وله ايضا مدلولات خاصة.ويجب ان نذكر ان العراقيين القدماء كانوا يعلقون اهمية خاصة للرقم (7) ومضاعفاته. اذ كانوا يهتمون بالايام السابع والرابع عشر والحادي والعشرين والثامن والعشرين من كل شهر.
وفي العصر الحديث نلاحظ ان لهذا الرقم السحري صدى كبير في اعمال الادباء والشعراء والمفكرين. فقد كان عنواناً لروايات عديدة منها " اعمدة الحكمة السبعة" للورنس (العرب) والمصابيح السبعة للفن المعماري وغير ذلك.
ولكي لا نثقل القاريء الكريم وددت ان اجمل اهمية الرقم (7) في نقاط محددة وبصورة مقتضبة حسب مفهوم هذا الرقم في العراق القديم لان شرحها يطول:
- هنالك (7) ايام فاصلة بين الحياة البدائية والحضرية لانكيدو ليصبح ذلك تقليداً للزواج فيما بعد.
- ان قمّة النشوة بالنسبة للعراقيين القدماء تناول سبعة اقداح من الخمر.
- ارتداء الحجابات السبعة لمن اراد ان يختفي عن الانظار.
- ان اقرب الناس منزلة عند الالهة من كان له (7) اولاد
- فترة الحداد كانت (7) ايام وهي الفترة الني تبقى فيها روح الميت على اتصال بعالم الاحياء.
- لو بقي كلكامش مستيقضاً سبعة ايام لكتب له الخلود الذي كان يبحث عنه.
- استغرق الطوفان (7) ايام وتجمع الناس في سفينة مكونة من (7) طوابق وصنعت في (7) ايام.
- عندما لا تهب الرياح لمدة(7) ايام تقلق الالهة وتستطلع الامر.
- كانت هنالك (7) مواقف ومحطات بين المدن للراحة.
- كان العالم السفلي محاطاً ب (7) اسوار و(7) بوابات و(7) حجب.
- فترة التطهير من الدنس كانت (7) ايام.
- يكمن الدواء الشافي في (7) قطرات من السائل .
- وصل كلكامش مأربه بعد مسيرة (7) ساعات وعبر (7) جبال وحمل سلاحاً يزن (7) طالنات.
- خصص العزف على القيثارة ل(7) اناشيد.
- تم تمثيل شجرة النخيل المباركة في العراق ب (7) اغصان او فروع.
- كان للانسان الطائر (7) رؤوس وصولجان له (7) عيون.
- كان هناك (7) الهة تقدر مصائر البشر وهنالك (7) قضاة و(7) الهة للعالم السفلي....................................
من هذا الاستعراض السريع والمقتضب يمكننا ان نستنتج وعلى وجه الدقة واليقين الاهمية الاستثنائية التي يتمتع بها هذا الرقم السحري والمقدس. ومن الطبيعي ان ما ذكرته موجود في مصادر كثيرة وهناك مادة علمية غزيرة حول هذا الموضوع لانه موضع اهتمام الانسان حيثما كان. كما ان ما ذكرته في هذا المقال يمثل المعتقدات التي كانت سائدة في العراق القديم ولكن هنالك الكثير من النقاط تستوقفنا وتثير فينا الدهشة والاستغراب والانبهار لما كان عليه العراق القديم وسكانه قبل الاف السنين.
استميح القاريء الكريم عذراً على الاطالة ولكن شاء بها.