رسالة من الشيخ أحمد عمران مفتي الدريكيش بالساحل إلى الشيخ محمد حبش..
........الأخ الدكتور محمد حبش المحترم :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
قرأت مقالتكم الكريمة بعنوان " نداء إلى أهلي أبناء الإمام علي في الجبال الخضراء " قرأتها بتمعن وحب لأننا في هذا الزمن المجنون نحن بحاجة إلى العقل والعقلاء وقلتَ : " هذه الطائفة الكريمة تحولت للأسف إلى كبش فداء " وهذا صحيح ولذلك هي بحاجة إلى تطمين من الطرف المقابل فإن فتاوى التكفير والقتل والسبي وما يسمعون به من قتل وتقطيع وتمثيل وسبي رسّخ قناعة لدى غالبيتهم بأنّ ملاذهم وأمنهم هو بالنظام القائم سواء أكان النظام لديه أخطاء أم لا فمثلا يقولون أن الدكتور محمد حبش وهو الذي يتكلم ويقول أنه لا يؤمن بالطائفية في خلال توصيفه للحالة قال : "وفي الثورة اليوم مسلمون ومسيحيون وعلويون ودروز …." فلم يعتبر العلويين من المسلمين مع العلم أنهم من فرق المسلمين ويتعبدون لله على مذهب الإمام جعفر الصادق (ع) فهذه فتوى السادة العلماء من مشايخ الطائفة المسلمة العلوية نُشرت في مجلة "المرشد العربي " في عام 1357 هجرية الموافق عام 1938 م وهذا نصها : " {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ } {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } القرآن الكريم
قرأنا هذا البهتان المفترى على العلويين طائفة أهل التوحيد ونحن نرفض هذا البهتان أيا كان مصدره ، ونرد عليه بأن صفوة عقيدتنا ما جاء في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ،{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ } قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ{1} اللَّهُ الصَّمَدُ{2} لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ{3} وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } ، وان مذهبنا في الإسلام هو مذهب الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) والأئمة الطاهرين ( عليهم السلام ) سالكين بذلك ما أمرنا به خاتم النبيين سيدنا محمد بن عبد الله رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حيث يقول : " إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما " . هذه عقيدتنا نحن العلويين ، أهل التوحيد ، وفي هذا كفاية لقوم يعقلون . مفتي العلويين في قضاء صهيون يوسف غزال ، المحامي عبد الرحمن بركات ، قاضي طرطوس علي حمدان ، صالح إبراهيم ناصر ، عيد ديب الخير ، كامل صالح ديب ، يوسف حمدان عباس ، مفتي العلويين في قضاء جبلة علي عبد الحميد ، الفقير لله تعالى صالح ناصر الحكيم ، حسن حيدر ، قاضي المحكمة المذهبية في قضاء مصياف محمد حامد ، في 9 جمادي الآخرة 1357 ه .
وهذه صورة أخرى عن فتوى الرؤساء الروحيين في صافيتا المنشورة في جريدة النهار : " طالعنا في جريدتكم الغراء المؤرخ في 31 تموز سنة 1938 عدد 1448 ، مقالة لمراسلكم في اللاذقية تحت عنوان هل العلويون مسلمون تتضمن المفتريات الكافرة التي نسبها المحامي إبراهيم عثمان لعقائد العلويين وتكفيره لهم بادعائه وزعمه أنهم ليسوا بمسلمين ينكرون – والعياذ بالله وناقل الكفر ليس بكافر – شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأنهم يدينون بدين غريب يقوم على فكرة التثليث ، وينكرون فكرة التوحيد . لذلك فقد اجتمعنا نحن الرؤساء الروحيين في قضاء صافيتا ، وأصدرنا الفتوى الآتية راجين نشرها بنفس الصحيفة التي نشرتم بها كلمة المراسل عملا بقانون المطبوعات ، إن تصريحات المحامي المومى إليه هي محض الكفر الصريح ، وان المسلمين العلويين بإجماعهم المطلق يستنكرونها أشد الاستنكار ، ويبرؤون منها ومن مثيريها إلى الله ورسوله ( صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ) ، يعلنون في الدنيا والآخرة إنهم على شهادة لا إله إلا الله ، وانّ محمداً عبده ورسوله شهادة حق وصدق ، فمن آمن منهم بالشهادتين والوحدانية فهو منهم ومَن جحدها فهو غريب عنهم كافر بهم ومَن يتخذ من إتّباع المسلمين العلويين مذهب الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) سبباً لإبعادهم عن الدين الإسلامي الحنيف نعتبره بدعواه جاحداً للحق ، ناكراً للصدق ، عاملاً بالباطل . التواقيع : صافيتا في 3 آب 1938 الشيخ ياسين عبد اللطيف ياسين يونس ، الشيخ علي حمدان قاضي المحكمة المذهبية الشرعية بطرطوس ، الشيخ يوسف إبراهيم قاضي المحكمة المذهبية الشرعية بصافيتا ، الشيخ محمد محمود ، الشيخ محمد رمضان ، شوكت العباسي ، الشيخ عبد الحميد معلا ..
إلى غيرها من الفتاوى التي تؤكد على إسلامهم حتى أن الشيخ سليمان الأحمد عضو مجمع اللغة العربية آنذاك قدّم استقالته من منصب قاضي قضاة المسلمين العلويين لأن الجنرال " بيوت " الحاكم باللاذقية آنذاك قال له بإمكانك أن تفتي بحسب العرف والعادة لا بحسب المذهب الجعفري والذي كان يحاول الشيخ اعتماده وقال له الشيخ : " سواء عبدنا الحجر أو عبدنا المدر فليقيننا أن هذا هو ما جاء به محمد بن عبد الله فلِشاك أن يشك في صحة فهمنا لما جاء به محمد (ص) وآله ولكن لامجال لأي شك في انتسابنا وإتباعنا له "
وقدم كتاب الاستقالة وذيّله بالتوقيع قاضي قضاة المسلمين العلويين
سليمان الأحمد
وهم كما وصفتهم بأنهم " طيبون ومن أكثر أبناء سوريا شهامة ونبلاً وبساطة وعفوية "
حتى وفي كل أدبياتهم وتراثهم لاتوجد فتوى بإباحة دم أو مال أو عرض الآخرين حتى في تاريخهم وعند انتصاراتهم لم يصدر عنهم إلا الحب فعندما تعرضوا للاضطهاد من جيرانهم وأتى المكزون السنجاري في القرن السابع الهجري ورفع عنهم الضغط طلب منه بعض العوام القضاء على الجيران الذين كانوا يضطهدونهم فقال لهم : " نحن جماعة معدودة من أهل الإيمان تميل إلى التصوف والزهد وما جئنا إلى هنا إلاّ لإعلاء كلمة الله وإظهار معالم دينه فإن بغوا علينا فنحن بحيث يعرفون "
فالمسلمون العلويون يؤمنون أنّ مفعول الحب هو الأقوى كما يقول شاعرهم المنتجب :
ما تفعل البيض وسمر القنا يوم الوغى ما يفعل الحب
ويقول المكزون السنجاري :
قد بدت البغضاء منهم لنا ……….كما لهم منّا بدا الحبُّ
في بداية القرن الماضي عندما تعرض للوطن للاحتلال تعاون الشيخ صالح العلي ابن الساحل مع المجاهد إبراهيم هنانو ابن جبل الزاوية وتعاون مع الملك فيصل في دمشق وتم لقاء بينه وبين الوزير يوسف العظمة بقرية " السويدة " في مصياف وأيضاً تم التعاون والتنسيق مع سلطان باشا الأطرش ابن جبل العرب فكان الوطن مقدماً على الانتماء الطائفي والمذهبي
وعندما حاولوا تقسيم سوريا إلى دويلا ت رفض المسلمون العلويون التقسيم وفي مركز نفوس بانياس عندما كانوا يكتبون المذهب في الهوية ويُسأل الشيخ صالح العلي عن مذهبه فيقول لهم : " مسلم سني " وهكذا رفاقه المجاهدون وبوطنيتهم أجهضوا التقسيم
هكذا هم قديماً وهم حديثاً كذلك لم ولن يصدر منهم لشركائهم بالوطن إلا الحب
المسلمون العلويون طائفة مظلومة من قبل النظام ومن قبل شركائهم في الوطن ما يجري في سوريا اليوم ليس للمسلمين العلويين فيه ناقة ولا جمل
يوجد نظام ومعه موالاة من المسلمين العلويين ومن غيرهم وهناك معارضون للنظام من المسلمين العلويين ومن غيرهم فلا يجوز تصوير أو تحويل الأمور إلى صراع مذهبي سني وعلوي
أيها الأخ المحترم :
العنف مرفوض والقتل جرم فظيع والكلام عن إيقاف القتل شيء جميل لكن كيف السبيل لذلك
أولاً : علينا أن نتفق أن وجود السلاح بأيدي المدنيين لا يجوز وغير مبرر حتى بحجة الدفاع عن النفس لأنّ هذا السلاح وبهذا الشكل يزيد من العنف ومن القتل ولا يخففه حتى ولا يمكن إسقاط النظام بهذه الطريقة بل يؤدي إلى حرب داخلية
نحن نشد على أيدي مَن يستطيع أن يضبط الشارع ونحن مع التغيير السلمي وضد الفساد
أنا حزين على كل نقطة دم تسقط من سوري على أرض سوريا الحبيبة وأنا مع إيقاف هذه الحرب المجنونة وأيدينا ممدودة للسلام وقلوبنا مفتوحة للجميع علينا أن نرى الحقيقة من وجوهها المتعددة فمن الظلم أن ينظر للمسلم العلوي بأنه شبيح وفقط نحن الآن في قرانا ومناطقنا في طرطوس والدريكيش وفي كل قرى الساحل يوجد لدينا من كل المناطق من حمص من إدلب من الرستن من حلب من كل المناطق أناس وضيوف لدينا يعيشون بأمان وسلام يبيعون ويشترون لا أحد يزعجهم بل مرحّب بهم وبإمكان أي منصف أن يتأكد من ذلك
ستبقى نظرتنا كما نظرة أجدادنا بأن الوطن مقدّم على الطوائف وان الطوائف مقدمة على الأنظمة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشيخ : علي محمد عمران خطيب مسجد الإمام جعفر الصادق (ع) بالدريكيش