ردا على الأستاذ جمال سلطان : هل الإخوان هم مشكلة مصر الوحيدة ؟!!
لست في حاجة إلى الإشادة بمجموعة الدكتور عبد العزيز قاسم البريدية،لأنني أعد نفسي جزء منها،ومدحي لها كأنني أمدح نفسي .. ومع ذلك فلابد من لفت النظر إلى الفرصة التي أتاحتها لنا رسائل المجموعة لنبدي وجهة نظر معينة .. أو نعلق على مقالة هنا وأخرى هناك .. وهذا الأمر ليس متاحا في الوسائل التي نطلع عبرها على مجمل ما يكتب من آراء وأفكار وأخبار ..إلخ.
مقدمتي هذه أضعها بين يدي تعليق أو وجهة نظري الخاصة فيما كتبه الأستاذ جمال سلطان تحت عنوان :
(الإخوان حين يخطئون التقدير مرة أخرى).
للأسف فإن الكاتب الكريم لم يكن منصفا للإخوان .. كمثال بعد أن ذكر الأستاذ (جمال) ادعاء الإخوان – أو المعتصمين في رابعة العدوية – أن التأييد الشعبي الرافض للانقلاب ولهم يزداد .. علق بالقول :
(لأن مسالة اكتساب بعض التعاطف الشعبي – بافتراض صحته – لا يمكنه أن يحسم خيارا سياسيا بحجم عودة رئيس تم عزله بقرار عسكري ودعم شعبي هائل ){الرسالة رقم"2804"من رسائل مجموعة الدكتور عبد العزيز قاسم البريدية}.
هل من الانصاف التعليق على التعاطف الشعبي بالقول ( بافتراض صحته) وإطلاق (الدعم الشعبي الهائل) .. دون تحفظ مماثل ..وقد ثبت أن الأرقام المنشورة كانت من المبالغة بمكان!!
في نفس السياق تحدث الكاتب عن (المعتصمين) وأنهم (عشموا) الناس بأن الأمر سوف ينتهي سريعا .. وهذا قد يكون صحيحا ،ولكنه تجاهل أن الطرف الآخر ايضا (الانقلابيين) .. ظنوا أن الأمر سينتهي بسرعة .. اعتقال الرئيس،إغلاق بعض القنوات .. اعتقال بعض القيادات .. ثم ينتهي كل شيء .. وهذا ما لم يحصل .. فهم أيضا أخطؤوا في الحساب ..
وملاحظة في الهامش .. لا يسمي الأستاذ(جمال) الانقلابيين إلا بـ(السلطة الجديدة) ولم ترد عبارة (انقلاب) في مقالته!! رغم أن (السعودية) عادت لتقول أن ما حصل (انقلاب) .. وأمريكا عادت لتلحس تصريحات (كيري) ( التي خرجت على النص!!)!! هذه مجرد ملاحظة في الهامش.
أما المتن .. أو لنقل وجهة نظرنا الخاصة .. إذا سمح الأستاذ بطبيعة الحال .. فهي كالتالي،وهي عبارة عن (كُليمة) كتبتها .. ولم أنشرها بعد .. وهي تدور في فلك (حل جماعة الإخوان) ...
هذه فحوى الاقتراح الذي تقدم به بعض إخواننا الكتاب من أجل حل الأزمة في مصر.
فهل المشكلة فعلا في جماعة الإخوان المسلمين .. فإذا حَلت الجماعة نفسها .. عادت مصر آمنة مطمئنة .. يأيتها رزقها رغدا من الخليج وأمريكا؟!!!
عندما ينقض (ضابط) على رئيس مدني منتخب .. ويعطل دستورا استفتي عليه الشعب .. ثم تقول أمريكا أنها سوف (تنظر) هل هذا انقلاب أم لا!!
فالأمر أكبر من الإخوان المسلمين
وعندما تخرج علينا أمريكا – بعد ذلك – لتقرر أن ما حصل في مصر ليس انقلابا عسكريا .. فالأمر أكبر من الإخوان
عندما يتم إغلاق عدة قنوات إسلامية .. فور انتهاء خطاب (الانقلاب) .. ويتم الزج بمجموع كبيرة من الشيوخ - ليسوا جميعا من الإخوان – في السجون .. فالأمر أكبر من الإخوان.
عندما تعود قبضة البوليس السري لتبطش بالناس – كما كان عليه الأمر في العهود السابقة – فالأمر أكبر من الإخوان
عندما يطلب الفريق( السيسي) من الشعب (تفويضا) لقتل جزء من (الشعب) تحت ذريعة (الإرهاب) .. فالأمر أكبر من الإخوان
عندما يطلب بابا الأقباط بحذف عبارة (الإسلام الدين الرسمي للدولة) من الدستور .. فالأمر أكبر من الإخوان
عندما يبدأ الحديث عن (حق) الفريق( السيسي) في ترشيح نفسه للرئاسة إذا استقال أو تقاعد من الجيش .. فالأمر أكبر من الإخوان .. بل ويذكر بسيناريو ( محمد ولد عبد العزيز) في موريتانيا .. حيث ألقى القبض على الرئيس المنتخب – انتخابا دون تزوير – ثم رشح نفسه للرئاسة .. وفاز!!
من يقوم بأعمال البطش .. وتكميم الأفواه .. والزج بالناس في السجون .. هل سيسمح بإجراء انتخابات (غير مزورة)؟!!
وعندما تكون مكانة الإخوان قد تآكلت .. بسبب حملة (شيطنتهم) وخيبة الناس في أدائهم الحكومي .. مما يعني أن الانتخابات التي كانت ستجرى .. كانت كفيلة بوضعهم في مكانهم الصحيح .. فالأمر – إذا – أكبر من الإخوان
عندما ترحب إسرائيل بالانقلاب العسكري .. وتغض أمريكا عنه الطرف .. ويحتفل به بشار الأسد ... ويأتي الدعم المالي من الخليج .. فالأمر أكبر من الإخوان
وعندما يقتل الجيش خمسين مصريا – من الركع السجود – ثم تعلن حكومة الانقلابيين المؤقتة .. فتح تحقيق في ما حصل .. وتصمت بعد ذلك .. وكأن الأمر كان فقط لذر الرماد في العيون – حسب فهمي هويدي – فالأمر أكبر من الإخوان المسلمين.
وعندما يدعو رجل الأعمال القبطي منير عبد النور إلى حصار المعتصمين – السلميين – في رابعة العدوية .. حتى يدفعهم الجوع والعطش لفض الاعتصام .. فالأمر أكبر من الإخوان المسلمين
عندما يعود البوليس السري الذي كان في عهد (مبارك) .. فالأمر أكبر من الإخوان المسلمين
وعندما تُوجه تهم بالفرار من السجون ..إبان ثورة 25 يناير .. فالأمر أكبر من الإخوان المسلمين
وعندما يقول أيمن نور .. بأن العصر القادم سيكون (ليننة) مصر .. فالأمر أكبر من الإخوان المسلمين
وعندما يوجد إعلان مدفوع الأجر يدعو لترشيح (السيسي) .. فالأمر أكبر من الإخوان المسلمين
وعندما تزكي (هدى عبد الناصر) ترشح (السيسي) .. فالأمر أكبر من الإخوان المسلمين
وعندما يطالب حلمي النمنم بإخراج الإسلام السياسي من (اللعبة) خصوصا حزب النور،الذي يراه أسوأ من الإخوان – وإلا نكون ما عملناش حاجة : حسب تعبيره - .. ويقول أن بعض الدماء لا بد أن تسيل من أجل تحقيق (الديمقراطية ) – وهو الذي جاء على دبابة الانقلابيين!! - ولا يوجد شعب حصل على حريته دون أن يدفع (فاتورة) لذلك .. ويحذر من (الرومانسية) .. فالأمر أكبر من الإخوان
هل الأمر – فعلا – أكبر من الإخوان المسلمين؟
لعل النظر في التاريخ يقرب لنا الإجابة .. فننقل عن الدكتور أحمد بن سعيد – صاحب وسم"تفكيك الخطاب المتصهين" – بعض ردود الفعل في الغرب عندما يفوز الإسلاميون بالحكم .. في مكان ما ..
في الجزائر فازت (جبهة الإنقاذ) - في مطلع التسعينات – بالانتخابات الجزائرية،وحصلت على 82 % من أصوات الناخبين .. بغض النظر على انقضاض العسكر على الجبهة والسجن والتنكيل الذي صاحب ذلك الانقضاض .. يقول الدكتور (ابن سعيد) :
(وبارك الغرب الجريمة. وكتبت صحيفة لوموند الفرنسية قبل الانقلاب بأيام: «أثبت الشعب الجزائري باختياره الجبهة الإسلامية للإنقاذ أنه فاقد الوجهة تماماً»، بينما نشرت صحيفة التايمز البريطانية على صفحتها الأولى صورة عدّاءة جزائرية طويلة القامة اسمها «حسيبة»، وعلقت قائلة: «لو تم الأمر للجبهة الإسلامية للإنقاذ، فلن نرى سيقان حسيبة بعد اليوم». وامتلأت الصحف البريطانية بأعمدة رأي تحذر من فوز الجبهة، وتبرر انقلاب الجيش عليه فيما لو حصل، ومن أبرز ما قرأت وقتها في الصندي تايمز قول أحد المعلقين: «سنستفيق على غياب الموسيقى الغربية والمشروبات الكحولية في الجزائر إذا وصلت الجبهة الإسلامية إلى السلطة».){نقلا عن رسائل مجموعة الدكتور قاسم أيضا}.
إذا ... القضية هي إقصاء الإسلام السياسي من (اللعبة) – حتى حزب النور الذي تحالف مع جبهة (اتحاد "برادعي/موسى/صباحي) .. ضد الإخوان ..
إذا .. القضية في نظر الغرب هي اختيار شعب ما للإسلاميين يدل (على عدم النضج) وربما عدم أهلية التصرف في (الأصوات) – أي أنه شعب يستحق أن "يحجر"عليه –
إذا .. القضية في نظر الغرب هي (الخمر) و (ساقي حسيبة )!!
فهل حل جماعة الإخوان هو الحل السحري فعلا؟!!
القضية – مع الغرب وأذنابه – لم تكن يوما قضية جماعة اسمها الإخوان المسلمون ... فإن تم حلها .. انتهت كل مشاكل مصر والعالم العربي .. وربما العالم الإسلامي أيضا!!
وبعد .. ختم الأستاذ (جمال) مقالته بنصيحة الإخوان بـ ( وينقذون الوطن وثورته من مسار قد ينهي الدولة المدنية في مصر لسنوات طويلة مقبلة ).
فهل قمع الحريات .. وعودة نظام مبارك .. وحكم العسكر .. هو الذي سينقذ الثورة ويبني مصر المدنية؟
تلويحة الوداع :
لديّ لازمة أستعملها – في "تويتر" عند الحوار مع من يشتمون الإخوان .. ويحملونهم كل بلاء حصل في مصر .. أقول،حسب الماسحة والسياق :
إن كان الإخوان يسعون لخراب مصر .. اللهم خذهم أخذ عزيز مقتدر .. وإن كانوا يسعون لما فيه خير مصر فمكن لهم .. اللهم احم مصر من كل كيد يكاد لها .. ومن أرادها بسوء فاجعل تدبيره تدميره .. وأرنا فيه عجائب قدرتك : اللهم آمين.
البعض يؤمن .. والبعض (يطنش)!!!

أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي – المدينة المنورة