أمطار الرمادقال المعري في القرون الأولى
لن تلقيَنّ على الزمان خليـــــلا
إن أنت عاشرت الذئاب وغدرها
فلسوف ترجع خائبا مذهـــــولا
ماذا جرى يا إخوتي بزماننـــــا
صار الصديق مع العدو عذولا
وغدا الحبيب إذا رآك بموقف
تحتاج منه العون أصبح غولا
وغدا لظهرك بالخناجر طاعنا
من كان في ظميء تظن النيلا
فرأيت ظهرك نازفا متألمـــا
من خنجر للغدر بات طويــــلا
لما أصافحه بيمنــــــــــاي أرى
يسراه تحمل خنجرا مسلـــــولا
تغدو مخالبه تمزق أضلــعـــــي
وتحيلني بين الدروب قتيــــــلا
صاحبت من قد خلــــت أن وداده
نور يضيء بظلمتي قنديـــــلا
فسقيته وردي وشهد جداولــــــي
فغدا فؤادي بالجروح عليــــــــلا
أسقيته حبا فكان عقوبتــــــــــي
أني أجرَّح بكرة وأصيــــــــــلا
أهديته وردي فأغرى شوكـــه
كي يجرحـنّ وريديَ المشلولا
يا صاحبا قد خلت فيه سنابلا
فوجدت للأشواك فيه حقــــولا
خادعتني وتظن أن ثعالبــــــا
تبقى ببستاني تجر ذيــــــــولا
يكفيك أنك في المرايا صــورة
ليست تساوي في المزاد فتيلا
يا حسرة في قلب من في غدره
تبقيك في عرف الصديق ذليلا
أسقيت عهدك كل صدق ٍ خنتني
وفضحت أسراري وكنت جهولا
يا صاحبي هذا الزمان مفـــــرق
بين الأحبة لا تكنـْـه عجـــــــولا
كم قد بقيت على الزمان تفــــردا
وهجرت كل العالمين سبيــــلا
وعلمت أن الناس تعبد قرشها
وبه تريد إلى الجنان وصولا
وبجاهها ونفوذها قد بدلــــــــت
دينا جديدا فرعه وأصــــــولا
وغدت ترى أن الكراسي ربها
وغدت ترى بالنافذين رسولا
وغدت لترفع نفسها من فوقنا
تهوي على أقدامنا تقبيــــــــلا
فإذا تملـَّكت الكراسي أصبحت
في حلق شعبٍ غصة وعويلا
وتمترست خلف المناصب عمرها
وغدا النفاق يغازل المسئولا
فإذا أردت من الوزير قضية
فاسلك لمفتاح الوزير دليــــلا
إن الوزير إذا سمعت غثاءه
فعليك تحسب قوله إنجيلا
فإذا استقر على الوزارة جاثما
فتراه يشحذ خنجرا مصقولا
ليدافع الثقلين عن أملاكه
ويورث الكرسي منه وكيلا
متوحدا أعضاءه كرسيه
ويظن يخلد لا يرى تحويلا
وتحول الإنسان وحشا لا يرى
إلاه يعقل لو يـُـرى مسطولا
يمتص دم َّ الناخبين لشخصه
ويرى بهم عارا عليه وبيلا
وتراه ينفق في المخازي ماله
وعلى الفقير مقترا وبخيلا
وإذا الأرامل جئن كي يسألنه
إحسانه فتراه أصبح غولا
يهوي على أعراضهن بنابه
من غير نهش لا تجده ينيلا
يا أمّة ضحك الجميع لجهلها
وغدت بعين العالمين نزولا
يا أمّة عادت إلى أصنامها
واللات أصبح ربّها المأمولا
بترولها أضحى بنهد جميلة
تهوى الرجال وتعشق التقبيلا
حكامها باعت حقوق شعوبهم
غنما تسوق لحتفها وسخولا
وشعوبنا بيعت بسوق نخاسة
فكأنها بقر تجر عجولا
وكأن حكام الشعوب تحولت
أمست لعشق دمائنا دراكولا
من أجل حسناء تباع مصائر
بسريرها صاغ الزنيم حلولا
في الأسر أقصاكم وفيكم نخوة ؟
يا من رجعتم للقرون الأولى
يا حاسبا أن الخلود بأمره
مهلا ستندم إذ أراك مهيلا
يا خالق الأكوان جئت لبابكم
من فرط خوفي قد غدوت نحيلا
أرجوك يا مولاي عفو مهيمن
يعطي الكثير لمن يطيع قليلا
فبوجه أحمد أرتجيك محبة
تعطي المسيء إذا أتاك جزيلا
أنت الوحيد إذا سألتُ عطاءه
فالخير جاء منزل تنزيلا
يا ناهشا لحمي وشارب أدمعي
ومرجـَّـيا نجمي يكون أفولا
ما تستفيد إذا تصير عواصفي
بردا وتغرق دمعتي المنديلا
أنا يا صديقي قد زرعت قصائدي
حبا وصغت حروفها إكليلا
وجعلت من بوري عبير زنابق
وملأت أرضي كرمة ونخيلا
أيموت زرعي عندها ستحبني
وأصير عندك رائعا وجميلا ؟؟؟؟
يا رب فاغفر من أساء لصحبتي
يا رب واجعل عذره مقبولا
واجعله من أهل الصلاح بربوة
وارزقه ظلا في الجنان ظليلا !!!
فغدا سأمضي خلف غيهب برزخي
وقصائدي خلفي تنير عقولا
تهدي لعذرائي شذا وسنابلا
لترى بحرفي جفنها مكحولا
وتقول أطيار الحقول جميعها
في مثل حبّي لا يكون مثيلا !!