كتب مصطفى بونيف
قبــلة في مهــــب الريـــــح !!
ركزت ناظري على بشرة وجهها الأبيض المتوسط وتصورت نفسي حسين فهمي، ولأن الشفتين كالمعادن تتمدد بالحرارة وتنكمش بالبرورة...شكلتهما على شكل عجلة ( التكتك)، ودنوت منها بحرارة وأنا أهمس "أحبك، أحبك"...وما إن اقتربت القبلة أن تحط على خدها كذبابة نزلت لكي ..(تشرب!!)..وفي غمرة هذا المشهد الرومانسي المدهش، صرخت ( ابتعد عني، إلهي وأنت جاهي يستدعونك للتجنيد الإجباري خمسة عشرا عاما..!)، لا تتعجبوا من موقف أمي هذا، فهي منذ مدة لم تعد تتحمل قبلاتي ...حتى أنها قالت لي آخر مرة ( يا ابني كثرة البوس تجيب الحساسية)...
الحق أقول لكم ستكون مصيبة إذا كان ما قالته لي أمي حقيقة علمية ثابتة، لأنني إنسان، والإنسان كما يقول الفلاسفة في العصر الجاهلي حيوان بوٌاس، ولا غنى لنا عن القبلة حتى ولو كانت سنمائية في حياتنا.
ومن أصعب المواقف التي حصلت لي مع القبلة، عندما ذهبت لزيارة أحد الأصدقاء الذي ابتلاه الله بأن ذريته كلهم متخلفين عقليا، هذا لأنه لم يسمع نصائحي ( لا تتزوج من ابنة عمك، زواج الأقارب منهي عنه يا صديقي، أنا أستشعر بأنه في خيط من البله، وابنة عمك مجنونة وسيكون زواجكما كارثة على البشرية جمعاء وذنبا لا يغتفر)..لكن صاحبي لبس الجزمة على رأسه وقال لي ( لن أتزوج إلا بعبلة الهبلة ابنة عمي ولن أرضى بغيرها بديلا)..
قلت له: - هل ستتزوج المسز سمبسون، لا مال ولا جمال ولا عقل، الله يعطيك الغم وأنت ذوقك بقري، لو أنك تتزوج أخاها أرحم بك.
لم يسمع كلامي..وتزوجها....
المهم أن صديقي المسكين أنجبت له زوجة حزمة من المتخلفين عقليا...
وبينما كنا جالسين في الصالون حتى دخل علينا "علاء الدين" ..نجله الأكبر...وعلاء الدين أكرمه الله ببدن أشبه بحبة (الكرواسون)، فهو عندما يقف أمامك لا يمكنك أن تحدد له صدرا من عجز..فلا تعرف إن كان ذاهبا أم قادما حتى يصدمك..وإذا صدمك علاء الدين فكأنك اصطدمت بشاحنة ...كنت أجلس على الأريكة عندما دخل علينا علاء الدين الذي دخل يصرخ وهو يركض "عمووو"....
قلت لصاحبه مرعوبا: إلى أين يركض هذا الدب.؟..أنقذني أرجوك وأوقف هذه الشاحنة.
ولكن للأسف سبق السيف العزل...ارتمى علاء الدين على حجري تماما مثل السباح الماهر، لم أتمكن من التعليق على الموقف ولا حتى الصراخ لأن صوتي كتم، كما أنه يمكنني أن أقول لكم بأن وقوعه على حجري كان سيجعلني من الزاهدين على الزواج..ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.
طوقني علاء الدين بذراعيه حتى كاد أن يخلع رقبتي ثم قال لي ( بوثني يا عمو)...
نظرت إلى وجه علاء الدين ....فوجئت بنفقين يطفحان بسائل ما، اعتقدت بأن مخه خرج من فتحتي أنه، بدأ قلبي يفر من صدري، وتقلب كل الطعام الذي أكلته في حياتي داخل معدتي ...ومع ذلك كان علاء الدين يصرخ في هبل ( بوثني يا عمو بوثني يا عمو).
ضحك والده الذي لا زال يعتقد بأنه أنجب ( أحمد زويل الحاصل على جائزة نوبل)، ثم قال لي: بوسه يا مصطفى، لن يهدأ حتى تقبله...
أغمضت عيني عن الأنهار التي تشق طريقها إلى شفتيه، وقبلت خده كما لو أنني أبوس كرة قدم...خطفت البوسة وقلت له ( يا حبيبي)، ولسان حالي يقول ( آه ...آه...آه).
لكن صوت الطفل ارتفع بالبكاء ( بوثني بوثني).
- ماذا سأفعل مع هذا الطفل الرذيل...أعوذ بالله !
كان يرفس بقدميه فيزيد من ألمي ...وأنا مقبل على خطوبة وزواج...
ضحك والده وقال لي : بوسه في فمه، هو يحب البوس في الفم.
شعرت ببراكين تفور في داخلي لست أدري من أين كانت ستخرج بالضبط ...!
ثم راح صديقي يقول لي بإلحاح..بوسه ..بوسه ..بوسه !
قلت : حظك ونصيبك يا مصطفى يا ابن الحاج، عبد الحليم يقبل مريم فخر الدين، وأنا أقبل علاء الدين...
لا تسألوني..كيف قبلته، لراحتكم وراحتي أنا شخصيا ...
وبعد أن أخذ علاء الدين القبلة...انزاح عن حجري، ...الحمد لله الذي خلصني من هذا البلاء...قمت من مكاني سريعا لأخرج بسرعة قبل أن تحلو القبلة في فم علاء الدين ثم يأتي ليطلب أخرى ...وقبل أن أصل إلى باب الصالون دخلت علينا مرجانة أخت علاء الدين...
ومرجانة هي عبارة عن كائن مستدير، وأعطاها الله ضعف ما أعطى لأخيها ...مع أن للذكر مثل حظ الأنثيين، لكن في هذه الحالة الآية انقلبت مع حظي...
انفجرت مرجانة باكية ....( بوثني يا عمو بوثني)...، والله إنها مصيبة، ما الذي جاء بي إلى هذه العائلة الغريبة، علاء الدين ومرجانة ثم علي بابا والأربعون حرامي، ...ابحث لهم عن الشاطر حسن يقبلهم...أرسلت لمرجانة قبلة في الهواء..ثم خرجت مسرعا.... !!
مصطفى بونيف