فلسطيني يحمي أرضه بالتراث مناظر من موقع القرية التراثية التي تمتد على مساحة 30 دونما (الجزيرة نت)
محمد محسن وتد-أم الفحم
مساحات واسعة من الأراضي العربية في الداخل الفلسطيني صودرت وكانت هدفا للمؤسسة الإسرائيلية، ففقدت البلدات العربية قرابة 97% من أرضيها بفعل هذه المصادرة، الأمر الذي دفع بعض أصحاب ما تبقى من أراض للمباشرة بمشاريع صناعية وأخرى تجارية للحفاظ على أراضيهم.
لكن كان لعاطف أبو مخ الذي عاد إلى مسقط رأسه في بلدة باقة الغربية بعد حصوله على الماجستير من ألمانيا، رأي آخر في كيفية الحفاظ على أرضه -التي ورثها عن والده- من المصادرة، وهي الأرض التي بقيت راسخة في وجدانه وقلبه كما يقول.
أبو مخ وزوجته أقاما القرية الفلسطينية
على أرضهما منعا للمصادرة (الجزيرة نت)
فبعد أن تزوج حنان أبو مخ، فكرا معًا في كيفية إصلاح الأرض وتطويرها والاستفادة منها إلى جانب استفادتهم من موسم الزيت والزيتون، فأطلقا مشروع إصلاح الأرض لحمايتها من المصادرة، ليكتشفا الكنز الكامن فوق هذه الأرض من آثار عربية وفلسطينية.
واستمرا في عملهما واكتمل المشهد بإنشاء قرية عربية فلسطينية تراثية، تعيد زائرها بدواليب الماضي عشرات الأعوام إلى الوراء.
وقال أبو مخ صاحب المشروع "أتحدث عن قصة الحلم الذي راودني منذ سنين وظل يلح علي من أجل تنفيذه، وهدفي من وراء إصلاح هذه الأرض الخالدة وتعمير المزرعة عليها يتجلى في الحفاظ على تراثنا الأصيل مقابل توغل التكنولوجيا، التي هي رغم أهميتها تكاد تنسينا جذورنا وتراثنا".
ماض لن يندثر
وأضاف للجزيرة نت أن "القرية بسيطة التكوين وقريبة من الطبيعة، غنية بمخزونها وكبيرة بجوهرها"، مشيرًا إلى أنهم يعملون على "توفير الجو التعليمي لموضوعات التدريس المختلفة على المستوى الشخصي والجماعي والاجتماعي في جو زراعي وتراثي هادئ للتقرب من حضارتنا، وثقافتنا، وعالمنا وتراثنا الآخذ في الانقراض".
البيت الفلسطيني قبل أكثر من 60 عاما
(الجزيرة نت)
وتقع القرية على تخوم حدود الرابع من حزيران من عام 1967، بين أشجار الزيتون القديمة، وفي المزرعة ألف شجرة زيتون، 500 منها من أنواع مختلفة، وفيها شلالات تتفجر من قلب الصخور وتجري على ظهرها وتصب في خزان المياه المعد لريّ الأشجار والنباتات.
والقرية وليدة اشتياق وحنين لرائحة الماضي، وبنيت بسواعد أصحابها وتزينت بقطرات من كدهم وحفر على كل صخرة فيها "ماضينا لن يندثر".
وتمتد مرافقها ومساراتها على مساحةٍ تزيد عن 30 دونمًا، وتشتمل بالإضافة إلى أشجار الزيتون على أكثر من 600 شجرة مثمرة أخرى كالتين والخروب واللوز والعنب وغيرها.
وقالت حنان أبو مخ المشرفة على المشروع "يغلب الطابع القديم على كل شبر من تراب المزرعة بحيث تشعر وأنت تتجول فيها كأنك عدت بأكثر من 60 عاما إلى الماضي. ويربط هذه المرافق ببعضها ممرات من الحجارة والصخور وشلالات المياه المظللة بشجيرات العنب".
أطفال يستمعون للقصص الشعبية
خلال زيارتهم للقرية التراثية (الجزيرة نت)
جيل المستقبل
وأضافت للجزيرة نت أن "الفكرة كانت صيانة الأرض، ومع استمرار العمل والانتهاء من كل مرحلة اكتشفنا القيمة الحقيقية والقدرات الكامنة التي يمكن توظيفها في الأرض عدا جني المحاصيل، ومع انتهاء الأعمال اكتمل لنا المشهد بنموذج مصغر عن القرية العربية التراثية".
ودأبت إدارة المزرعة على العمل في تحضير البرامج والمعدات والأعمال اللازمة كزراعة القمح تعبيرًا عن استمرار الماضي، بالإضافة إلى وجود معصرة قديمة محفورة بين الصخور استخدمت لعصر الزيتون منذ مئات السنين.
وخلصت حنان أبو مخ للقول إنها حاولت هي وزوجها "إعادة تجسيد حياة القرية الفلسطينية التراثية على مسطح الأراضي" التي ورثها زوجها عن والده، فالأرض -تقول حنان- "لا تعطينا فقط الزيت والزيتون، فهي حياة بكاملها".
وتؤكد حنان أنهم يسعون من خلال هذا المشروع "لتوعية جيل المستقبل، فالأرض نجد بها القناعة وفخر الحياة القديمة وتعلمنا الاعتماد على الذات وتساهم في صقل شخصية الإنسان، فكافة هذه القيم نسعى لتعليمها للطلاب والأطفال، لندمج بين تراب الأرض والتراث والحضارة وبين التكنولوجيا".
المصدر
http://aljazeera.net/NR/exeres/9EA35...68F2E6CB36.htm