محاسبة النفس دأب المؤمن المراقب لربه , بل هي منهجه الذي ارتضاه , وسلوكه وسجيته . ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون .) اسأل نفسك ماذا قدمت لذلك اليوم الذي ستقف فيه ولابد بين يدي خالقك , إنك سترى ما قدمت هناك , ستقرأ كتابك كلمة إثر كلمة , ( اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا . ) سترى أعمالك التي قمت بها في الحياة الدنيا ماثلة أمامك ( ووجدوا ما عملوا حاضرا ) إذاً حاسب نفسك كل يوم واستعرض أعمالك التي قمت بها من الصباح إلى وقت نومك , وانظر في أمرك , أوجدت عملاً صلحاً
أم زلت بك القدم فاقترفت ذنبا ؟ إن عملت صالحاً فأثن على الله فذلك من لطفه بك وفضله عليك , واعزم أمرك على الاستزادة منه . فهذا رصيدك الذي تقدمه بين يديك
لليوم الذي لابد آت . وإن ضعفت إيمانياً أمام سعار الشهوات فاقترفت معصية , فتب إلى الله توبة نصوحاً وقرر بثقة المؤمن عدم العود ما حييت . وما أروع هذه الكلمة المأثورة عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم . ) واعلم أخي المؤمن أن العمل الطيب به يذكر الإنسان وهو امتداد لعمره بعد الموت , يثني عليه المؤمنون ثناء يصحبه الدعاء بالرحمة والمغفرة , واحذر أن تغادر الحياة بعمل سيء فذلك يضر بك أبلغ الضرر إذ به تذكر بين الناس فيذمونك . وما أحسن هذه الأبيات من الشعر
التي تعبر عما قلنا أصد تعبير وأبلغه :
ذكريات كنت أحياها وكانت من حياتي
قد حباني الله منها نفحات طيبات
فهي عمري بعد عمري إن دنا يوماً مماتي
وهي نجوى لإلهي في خضم المهلكات
وهي سلوان لشعبي وعطاء للهداة
ودليل للحيارى كالنجوم النيرات .
فالخير كل الخير في تقريع النفس والتشدد في محاسبتها لأن ذلك يضيق سبل الشيطان إليك , مما يدفعك على طريق الخير ويحببه إلى قلبك فتعكف عليه وتكثر منه ليكون مطيتك إلى دار القرار .