من يسبح معي ضد التيار؟
د. فايز أبو شمالة
شاركت في الانتخابات التشريعية التي جرت سنة 1996، وكي أقنع الناخب بجدية معارضتي لممارسات السلطة، رفعت شعاراً يقول: من يسبح معي ضد التيار؟ وكنت في أحاديثي بين الناس أهاجم سلطة العسكر وتسلط العقيد والعميد على حياة الناس، في تلك المرحلة التي لم تظهر فيها القوى الأمنية والاقتصادية العظمى في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد.
وفي سنة 2013 سأبحر ثانية ضد التيار المتدافع في اتجاه المصالحة الفلسطينية، سأبحر حباً بفلسطين، وثقة أن المصالحة ستتم عاجلاً أم آجلاً، رغم أنف الرافضين لفكرة تحرير فلسطين، وسأشير إلى ملاحظتين على مهمات الحكومة الفلسطينية التي سيشكلها، ويترأسها السيد محمود عباس، وسيمنحها الثقة أيضاً السيد عباس نفسه، والتي من مهماتها؛ الإشراف على الانتخابات التشريعية والرئاسية وانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني.
الملاحظة الأولى: كيف تستطيع الحكومة الفلسطينية المذكورة أن تشرف على انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني؟ وهل المقصود هنا بالمقترعين سكان الضفة الغربية وقطاع غزة فقط؟ فإن كان ذلك كذلك، فيكفي سكان الضفة الغربية وغزة الانتخابات الرئاسية والتشريعية، أما إن كان القصد إجراء انتخابات لكل الفلسطينيين في مواقع اللجوء والشتات، فمن الخطأ أن يشرف الصغير (السلطة الفلسطينية) على الكبير (منظمة التحرير)، وكان الأجدر أن تشكل لجنة من فلسطيني غزة والضفة والأردن ولبنان وسوريا، ومن فلسطيني الأراضي المغتصبة سنة 48، فهل في مقدور اللجنة المشكلة أن تجرى انتخابات المجلس الوطني داخل المدن العربية في دولة الكيان الصهيوني؟ هل تقدرون على ذلك؟ هل يستطيع الرضيع المأسور المحاصر الذي لا يمتلك راتب آخر الشهر، هل يستطيع أن يمارس المسئولية على أبيه الممزق في الشتات؟
الملاحظة الثانية: لماذا يكرر جميع المسئولين في تصريحاتهم؛ أن من صلاحية الحكومة إعمار ما دمرته الحرب على غزة؟ وهل نسيتم المنحة القطرية؟ وهل نسيتم بنك التنمية الإسلامي؟ لقد تم ترميم معظم ما دمرته الحرب الأولى والثانية على غزة، وتعالوا شاهدوا المباني التي قصفها الطيران الإسرائيلي قبل شهرين فقط، لقد استكملت الأساسات، وراحت تطل برأسها فوق الأرض، وبعد أيام تشمخ متحدية، فلماذا تتصدقون على غزة بالاعمار كثمرة من ثمار المصالحة، بينما الحقيقة تقول بأن الاعمار ثمرة من ثمار الصمود المشرف لشعبنا في غزة، وثمرة من ثمار الانتصار الذي حققته المقاومة الباسلة.
كل شعبنا الفلسطيني يتمنى أن تتحقق المصالحة، ولكن على أسس سليمة من المصداقية، والثقة المتبادلة، والشراكة الكاملة، واحترام التعددية الفكرية والسياسية.