معاناة المرأة.. بتثبيت الزواج
على الرغم من تكرار طرح موضوع «الزواج خارج المحكمة».. أيّ بعقد شرعي عند الشيخ، أو بورقة موثّقة بشهود.. إلا أن المشكلة تزداد تفاقماً وانتشاراً في كل الأوساط، ولسنا بصدد الحديث عن أسبابها وانتشارها.. وإنما الحديث عن نتائجها السيئة، التي تحيط بالمرأة أولاً والمجتمع والأولاد -إن وُجدوا- ثانياً.. لذلك أشار المحرر في زاويته إلى هذه (المشكلة).. لما وصلت إليه حال أروقة القصر العدلي والمحاكم الشرعية من قضايا عالقة، تتعلق بزواج الفتاة بطريقة غير قانونية، أيّ تكون شرعيةً، لكن من الناحية القانونية لا تصل إلى شيء من حقوقها... إلا بمعاناة كبيرة، قد تُفقدها السيطرة على أعصابها، وتفقدها سمعتها، وتلوكها الألسنة بأحاديث السوء... وكون شقيقتي محاميةً.. فأنا على تماس مباشر مع هذه القضايا في تثبيت عقد الزواج، إذ يتطلب الأمر إقامة دعوى قضائية وإحضار الشهود، أو التأكد من الجوار، وتقديم الورقة الموقّعة من قِبل الزوج والشهود، ويصبح الأمر أكثر تعقيداً إذا كان الزواج بصورة (زواج عرفي) يفتقر للشهود والإثبات، ولا تجد فيها المرأة إلا أن تلجأ إلى طلب حلف اليمين، لتحصل المرأة على تثبيت زواجها.. وغالباً ما تكون بالدعوى نفسها تطلب طلاقها، هذا إن استطاعت الإثبات في حال الزواج العرفي، وقد يكون الزوج غائباً أو متغيّباً أو مسافراً، فيتطلب ذلك وقتاً طويلاً للحصول على الطلاق الغيابي... تفقد خلاله المرأة أجمل سنيّ عمرها بانتظار الحصول على ورقة الحرية.. وغالباً تحصل عليها بعد معاناة، ودون أن تصل إلى أيّ حق من حقوقها المادية، وإذا وٌجد طفل!!.. فهنا تتجذر المشكلة وتغدو أصعب بكثير... وربما يتقدم لخطبة المرأة زوج يكون أفضل بكل المعايير، لكنها لاتستطيع الزواج.. وقد تتعرف إلى من يحبها ويريد أن يقترن بها ويعترف بها أمام كل الناس، وليس زواجاً سرياً، فتقف المشكلة ذاتها في وجهها.. إحدى الحالات فتاة في العشرين من عمرها تم عقد قرانها عند الشيخ وبحضور الأهل والشهود، وبعد عدة أشهر هجرها خطيبها وغادر البلاد، دون أن يطلقها ومرت سنتان، وهي تنتظره إلى أن فقدت الأمل برجوعه، فتطلبَ الأمر إقامة دعوى تثبيت وطلاق غيابي، وحالة أخرى تزوجت الفتاة بعقد شرعي وتهرّب الزوج من تثبيته بذرائع شتى... حتى أنجبت وإزاء تهديد الأهل ساومهم بـأن يعترف بالولد ويثبت الزواج لكن في الوقت نفسه يطلقها شريطة التنازل عن جميع حقوقها، وعن حضانة الطفل، لأنه تزوج من امرأة ثانية ولم يعد يريدها.. وكأنها لعبة تسلى بها وأمضى معها وقتاً ممتعاً، ثم رماها من يده وأهملها... وهناك حالة أكثر سوءاً لم تستطع فيها المرأة إحضار الشهود، والتي سافر زوجها بعد أن تزوجها بعقد سري إلى الخليج.. ولم تعد تعرف عنه شيئاً لا سيما أنه من هناك، وضاعت كل حقوقها وحصلت فقط على المصاغ الذي قدمه لها «المهرالذي دفعه لوالدها» حالات كثيرة، تعاني فيها المرأة للحصول على حقوقها وحريتها وإنقاذ سمعتها.. فلماذا لا تفكر المرأة قبل الإقدام على هذه الخطوة الهامة.. وما يترتب عليها من آثار سيئة.. تلحق بها أولاً وبالمجتمع ثانياً... ومن يحاسب الرجل على استهتاره وتماديه باستغلال مشاعر المرأة؟.
مِلده شويكاني