طـعـام الـحامـل (الحُبلى)
إذا حملت المرأة فإنها تصبح مسؤولة عن جنينها ، تمده بالطاقة الغذائية مما تأكله وتشربه وتفرض عليه عاداتها الخاصة النفسية والجسدية ، فإنْ كانت مدخنة مثلاً فستفرض عليه ضرر التدخين ، وإنْ كانت تشرب الخمرة فجنينها سيكون سكيراً مثلها ، لأنَّ ما تدخله إلى دمها سيمر إلى دمه عبر المشيمة ، وفي هذه الحالة فإنها تُعَرِّضه إلى أصناف خطيرة من التشوهات ونقص القدرات العقلية ، بل قد تخسر حملها الغالي بعد جهد أشهر من العناء والتعب والمشقة ..
النصائح الغذائية العامة للحوامل :
1 - يجب أن تقلع الأم عن التدخين (التبغ) ، فالنيكوتين ومعظم المواد السامة التي تدخل إلى جسمها مع دخان السجائر تعبر المشيمة وبذلك يتلقى الجنين جرعات من هذه المواد وخلاياه في طور الإنشاء والتكوين ، وقد قال الباحثون في ذلك " إنَّ جنين المدخنة قبل ولادته هو خير مثال على الـمُدَخِّن الـمُكره على التدخين " فيشارك أمه في أضراره متعرضاً إلى نقص النمو والخداج ونقص القدرة العقلية ، بل قد يُجْهض إذا كانت كميات النيكوتين كبيرة جداً ، لأنَّ هذه المادة تقبض أوعية المشيمة فتنقص مقدار الأغذية النافعة التي تمر إليه . والواقع أنَّ آثار التدخين السيئة على الحامل وجنينها قد اتضحت على يد الدكتور "بلانتين Ballantyne " منذ عام 1902 م عندما أشار إلى زيادة عدد الإجهاضات لدى العاملات في صناعة التبغ .
2 - لقد ثبت تشوه الأجنة بالكحول ، فكثيراً ما يكون مولود المدمنات ناقص التكوين العصبي والعقلي .. ولذلك إذا كانت الأم ممن يتعاطون هذه المواد فيجب توقيفها بمجرد إثبات الحمل ، هذا ويزداد التأثير سوءاً إذا كانت الأم مدخنة وشاربة خمر في آن واحد .
3 - إنَّ مادة الكافئين تعبر المشيمة وتضر بالجنين ، وهي موجودة في الشاي والقهوة وبعض الأدوية المسكنة ، ولذلك ينصح بتخفيف هذه المواد عند الحامل بل الأفضل قطعها نهائياً . وعلى الأم أن تزيد من كمية السوائل وشرب الماء أثناء الحمل لتعويض ما تخسره منها عند الإدرار بسبب تناول هذه المواد .
4 - إنَّ الحمل الذي يقع في جسد سليم خال من الأمراض يمر بسلام ودون متاعب ، وإنَّ سلامة المواد التي تمر إلى الجنين وغزارتها تحدد بنيته المناعية ومدى سلامة صحته . ولذلك يجب أن تُعِدَّ الأم جسدها للحمل إعداداً جيداً قبل أن تفكر فيه ، فيجب أن تنظم وجباتها تنظيماً دقيقاً وعليها أن تراقب احتياجها من المواد الأساسية (البروتينات والسكريات والنشويات والدهون) والعناصر المعدنية والفيتامينات ، وبذلك تضمن وزناً مثالياً لجنينها يقيها عسرات الولادة . ولا يجوز لها بعد حدوث الحمل أن تصوم صوماً شديداً سواء بقصد تخفيض وزنها أو إنقاص حجم جنينها أو إرضاء لنزعات دينية غير صحيحة ، لأنَّ الأجسام الخلونية التي تزداد في الصوم الشديد تؤذي الجنين إيذاء كبيراً .
5 - يجب ألاَّ تخشى الأم من زيادة وزنها أثناء الحمل ، ويقبل الأطباء الآن زيادة وزن الحامل بمقدار 3 كغ في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل ، و 2 كغ كل شهر حتى نهاية الحمل على ألاَّ يتجاوز مجموع الزيادة (17,5 كغ) . هذا ولا تعتبر هذه الأرقام حدية وقاطعة .
مثال : لو كانت الأم بدينة قبل الحمل ، فإنَّ الحدود المقبولة لمجمل الزيادة هي 10-12,5كغ ، بينما إذا كانت نحيفة فزيادة 18 كغ مرغوبة . وإذا كان الحمل توأماً فيجب أن تكون الزيادة بين 18-22 كغ .
6 -تضاف 300 ك.كالوري على مجمل الطاقة اليومية المطلوبة للمرأة قبل حملها فلو كانت تحتاج إلى 2000 ك.كالوري قبل الحمل بحسب بنيتها وفعاليتها الفيزيائية اليومية فإنها ستحتاج بعد الحمل إلى 2300 ك.كالوري مبدئياً ثم تعدل الحسابات بحسب مراقبة تغير الوزن ... مع ملاحظة رفع الحاجة اليومية من البروتينات إلى مقدار 1.5 - 2 غ / كغ من الوزن . بحسب بنيتها وتقدمها في الحمل .
7 - يجب أن يحتوي طعام الحامل على 1.5 غ من الكالسيوم يومياً .ويتحقق ذلك بتناول 4 أكواب من الحليب يومياً ، فإذا تناولت هذا المقدار فيجب الانتباه إلى وجود 32 غ من البروتين عالي النوعية فيه ، ولذلك تكمل احتياجها منه عن طريق تناول اللحوم المختلفة أو البيض ..
9 - يجب أن تكثر الحامل من الخضر والفاكهة ، وعليها بتناول الخبز الكامل
(بنخالته) لتوفير المعادن والفيتامينات اللازمة وكذلك الألياف المفيدة المتنوعة المصادر للتخلص من الإمساك الذي غالباً ما تشكو منه الحوامل بسبب ازدياد الهرمونات الحملية مع تقدم الحمل .
10 - يجب أن تتناول الحامل السوائل الكافية (ليترين من الماء مثلاً) لتلبية احتياجات الحمل ، ولها أن تتناولها على شكل حليب أو عصير أو أن تضيف للماء أي مادة من العصير لتجعلها مقبولة ومرغوبة .
11 - لقد تبين أنَّ مادتي السكارين (التي يستعملها السكريون للتحلية) والرصاص مشوهة للأجنة ، ولذلك لا يجوز للحامل أن تستعملها ، فأما الرصاص فقد يدخل جسمها إذا طبخت طعامها مستخدمة أوانٍ رصاصية .
12 - تنصح الحوامل بزيادة تناول الأغذية الغنية بالفيتامين B وحمض الفوليك منذ بداية الحمل ، ولقد تبين أن تناول هذا الأخير منذ بواكير الحمل يُثَبِّت الجنين ويقي من تشوهه . وإذا لم تتوفر هذه الأغذية فلا مانع من تناول هذه الفيتامينات عن طريق الأشكال الصيدلانية مع مراعاة الملاحظات التالية :
أ - تؤخذ حبوب الفيتامينات أثناء الطعام لتحقيق أعلى نسبة امتصاص لها .
ب- لا يجوز تناول مضادات الحموضة المعدية إلاَّ بعد مضي ثلاث ساعات من تناول الحديد بأي شكل من أشكاله - سواء حبوب إعاضة أو غذاء - لأن مضادات الحموضة تعيق امتصاصه .
ج - لقد لاحظ العلماء في الوقت الحاضر أنَّ الأطعمة الفقيرة بالحديد فقيرة أيضاً بالزنك.. وإذا كان الوارد منه أقل من نصف الاحتياج اليومي (6 ملغ أثناء الحمل) فإنه ستتضاعف خطورة خداج الولدان ولذلك يجب تعويض هذا المعدن إما دوائياً أو غذائياً عن طريق اللحوم والكبد والبيض والمكسرات ..
د - لا يجوز الإفراط في تناول الفيتامينات والمعادن . فالإفراط بالفيتامين A مثلاً يسبب تشوهات الجنين .
هـ - يجب أن يتوفر الملح في طعام الحامل بمقدار 2 غ يومياً ، ولا ينصح مقادير أكبر من ذلك لما قد يسببه من احتباس الماء وإرهاق القلب وظهور الوذمات في الساقين . ولذلك يجب الامتناع عن تناول الأغذية المملحة بشدة كالمخللات والأجبان المحفوظة ..
و - يجب أن تتناول الحامل المقدار الطبيعي من الدسم المخصصة لحاجتها اليومية ، والأفضل أن تكون على شكل زيت زيتون 90% و10 % على شكل دسم حيوانية ، وعليها الابتعاد عن الدسم المهدرجة .
وإذا كانت تعاني من فرط التقلصات الرحمية بحيث تهددها بالولادة الباكرة فعليها بسمك التونا أو الساردين ففيها زيت الأوميغا 3 المهدئ للرحم (شرط ألاَّ يكون لديها استعداد للنزوف) .
السكري الحملي :
ويقصد به ارتفاع عيار سكر الدم عن المقادير الطبيعية في فترة الحمل فقط .
ويعالج كمعالجة الداء السكري ، وغالباً ما يخضع للمعالجة بالحبوب الخافضة للسكر (كمركبات السلفونيل يوريا) ، وقد يحتاج إلى مقادير متزايدة مع تقدم الحمل . وأما بعد الحمل فيجب مراقبة عيار السكر لبضع سنوات تالية . ولقد تبين أن 20% من الحوامل اللائي يصبن بالداء السكري أثناء الحمل يستقر لديهن الداء خلال 10 سنوات . وغالباً ما تكون مثل هذه الحامل مستعدة أصلاً للإصابة بالداء السكري كأن يكون أحد أبويها مصاباً به ...
ويمكن للحامل أن تتناول البصل المشوي لما فيه من مواد خافضة للسكر .
الحامل والأدوية :
كقاعدة عامة يجب ألاَّ تستعمل الحامل أي دواء إلاَّ تحت إشراف الطبيب نظراً لخطورة تشوه الجنين بالدواء .
وإنَّ الأسبرين هو أكثر الأدوية التي كانت تستعمل لتسكين الألم أثناء الحمل سواء وحده أم مشركاً مع غيره ، ورغم أنه سليم عادة بالمقادير المألوفة إلاَّ أنه قد يسبب نزوفاً دموية عند الجنين أو الأم ، خصوصاً بالمقادير الكبيرة أو إذا استعمل لفترات طويلة . وقد يظهر أعراضاً عصبية سيئة إذا استعمل أثناء الالتهابات البلعومية التي تعتقد الحامل بأنها نوع من الزكام بينما تكون بسبب بعض أنواع الفيروسات . ولذلك لم يعد منصوحاً به للحوامل .
وأما السيتامول (الأسيتامينوفين) فيمكن أن يكون أكثر سلامة من سابقه .
وأما الأمبيسلينات فكثيرة الاستعمال بتصرف شخصي من الحوامل بمجرد شعورهن بأي أعراض رشح أو ألم بلعومي ، وفي ذلك مخاطرة وهدر للمال بلا مبرر ، فكثيراً ما لا يكون له استطباب عندها .
الحامل واليود :
تحتاج الحامل إلى 175 ميكروغرام من اليود يومياً ، ولذلك يجب أن يكون ملح الطعام الذي تستعمله مضافاً له اليود . وأما الأغذية الغنية باليود بمقدار كبير فلا تتوفر في بلادنا كاللوبستر ، والاكلام Clam ، والأوسترز .. فوجبة 100 غ منها تحقق 100 ميكروغرام من اليود وهي غنية بالكولسترول ولذلك لا يمكن أن ننصح بها أي حامل .
وإذا لم يتوفر جميع ذلك تنصح الحامل بتناول البصل ، وأخذ قطرة واحدة يومياً من محلول لوغول .
الحامل والإمساك
كثيراً ما يحدث الإمساك لدى الحوامل بسبب ازدياد هرمون البروجسترون المرخي للعضلات الملساء أثناء الحمل ،ولذلك لا تفيد الملينات الدوائية في هذه الحالة ، وإنما تعالج بالإكثار من الخضار والفاكهة والألياف وتناول السوائل الكافية واتباع العادة الصباحية في التغوط (التغوط مباشرة عقب كل فطور لتنشيط المنعكس المعدي القولوني) .
وفي حالات الإمساك الشديد يمكن تطبيق المركبات الملينة غير المخرشة كسكر السوربيتول أو البسيليوم (****mucil) . وقد تنفع الحقن الشرجية بالماء الفاتر العادي إذا وجدت كتل غائطية كثيفة في المستقيم نتيجة تناول الأطعمة الكثيفة وعدم الإكثار من شرب الماء معها .
ظاهرة القيء الصباحية :
في حال عدم وجود أي مرض يفسر القيء فتنصح الحامل بتناول قطعة من السكاكر عند الاستيقاظ من النوم ، فإن لم تُجْدِ يمكن أن تضع تحميلة مضادة للقياء قبل النوم خلال بضعة أيام . وكثيراً ما يفيد تناول قطعة من البسكويت المملح قبل النوم وعند الاستيقاظ منه . وفي حال وجود فرط حموضة معدية يمكن أخذ مضادات الحموضة (بعد ثلاث ساعات من تناول جرعة الحديد) . وقد يحدث القياء بسبب الإفراط في الوجبة قبل النوم ، وفي هذه الحالة ننصح بأخذ وجبات صغيرة ومتعددة بدلاً عنها .
الدكتور ضياء الدين الجماس