سِنِمَّار
شعر : د. جمال مرسي
تَبّاً لِغَيرَتِكِ الحَمقَاءِ تَخنُقُنِي=و تُوقِدُ النَّارَ فِي قَلبِي و أَحشَائِي
و تَزرَعُ الشَّكَّ فِي أَجوَاءِ مَملَكَتِي=فَتُنبِتُ الشَّوكَ بَينَ الجَمرِ و المَاءِ
نَعَمْ تَغَارِيِنَ ، ذَا حَقٌّ ، أَأُنكِرُهُ ؟!=و قَد وَهَبتُكِ مِن دِفئِي و أَفيَائِي
و صُغتُ مِن ذَهَبِ الأَشعَارِ أَسوِرَةً=و مِن نَفَائِسِهَا عِقداً لِحَسنَائِي
يَا مَن جَعَلتُ لَهَا الجَوزَاءَ مُتَّكَأً =و الشَّمسَ في أَلَقٍ تَسخُو بِأَضوَاءِ
و النَّجمَ تَاجَ عَلاءٍ فَوقَ هَامَتِهَا= و البَدرَ حَارِسَهَا مِن غَدرِ أعدَاءِ
هَل قَصَّرَتْ لُغَتِي عَن مَنحِ سَيِّدَتِي=فَيضَ المَشَاعِرِ فِي جَهرٍ و إِخفَاءِ ؟
و هَل رَضِيتُ سِوَى العَليَاءِ مَنزِلَةً=حَتَّى تَدُكَّ بِنَارِ الشَّكِ عَليَائِي ؟
جَعَلتُ مَهرَكِ نَبضَ القَلبِ مُذْ نَبَتَت =تَحتَ الضُّلُوعِ زُهُورُ الحَاءِ و البَاءِ
و شِدتُ بِالصِّدقِ قَصراً أَنتِ رَبَّتُهُ=فَشِدتِ بِالشَّكِّ قَصراً فَوقَ أَشلائِي
هِيَ القَصَائِدُ يَا حَسنَاءُ ، يَأخُذُنِي= فِيهَا الخَيالُ إِلَى " لَيْلَى" و " لَميَاءِ "
هِيَ القَصَائِدُ ، قَد أَلبَستُهَا حُلَلاً=مِنَ الضِّيَاءِ ، فَكَانَت بَدرَ ظَلمَائِي
أُنثَى القَصِيدِ عَرُوسُ فِي مُخَيَّلَتِي=زُفَّتْ إِلَىَّ بِلا رَقصٍ و ضَوضَاءِ
أَزُورُ فِي غَفلَةِ الحُرَّاسِ خَيمَتَهَا=فَتُلهِبُ الشَّوقَ فِي دَلٍّ و إِغرَاءِ
أَضُمُّهَا ضَمَّةَ المُشتَاقِ مُرتَشِفاً=رُضَابَهَا العَذبَ فِي صُبحٍ و إِمسَاءِ
يُغرِي الفُؤَادَ أَرِيجٌ مِن مَفَاتِنِهَا=فَيَنتَشِي دُونَمَا كَأسٍ و صَهبَاءِ
أُنثَى القَصِيدةِ أُنثَى لَيسَ يُشبِهُهَا=فِي الحُسنِ فَاتِنَةٌ مِن جِنسِ حَوَّاءِ
أَمهَرتُهَا أَرَقِي ، أَسكَنتُهَا وَرَقِي=أَطعَمتُهَا حُرَقي ، جَادَت بِأَبنَاءِ
هم من كَوَاكِبِ "بُرجِ الشِّعرِ" نَبتُهُمُ=و أُمُّهُم فِي سَمَاءِ الشِّعرِ جَوزَائِي
فَهَل تَغَارِينَ مِمَّن بِتُّ أَعشَقُهَا=عِشقِي لِعَينَيكِ يَا طِبِّي و أدوَائِي ؟
و مَن تَفُوحُ عُطُورِي مِن حَدَائِقِهَا=و مَن تُخَفِّفُ فِي الأَسفَارِ أَعبَائِي
و هَل تَغَارِينَ إِن صَوَّرتُهَا وَطَناً=رَأَيتُ فِي عَينِهِ سَهلِي و بَيدَائِي
يَنسَابُ نِيلُ إِبَائِي مِن مَنابِعِهِ=فَتَستَقِيمُ عَلَى الإِخلاصِ حَوْبَائِي
أُنثَايَ يَا زَفرَةَ الأَشوَاقِ فِي رِئَتِي=قَد جَفَّفَ الشَّكُّ فِي عَينَيكِ خَضرَائِي
قَد كُنتُ "سِنْمَارَ " إِذ شَيَّدتُ مِن وَلَهِي =لَكِ " الخَوَرنَقَ " يُغرِي كُلَّ بَنَّاءِ
فَكُنتِ وا شِقوَةَ "النُّعمَانِ " قَاتِلَتِي=مُذ بَعثَرَتْ رِيحُكِ الهَوجَاءُ أَشيَائِي