منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: علماء التفسير

  1. #1

    علماء التفسير



    الإمام ابن كثير المفسر


    اسمه ونسبه :

    هو إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير بن ضوء بن زرع، الشيخ الإمام العلامة عماد الدين أبو الفداء ابن الشيخ شهاب الدين أبي حفص القرشي البصروي الدمشقي الشافعي ، المعروف بابن كثير[1] . وُلِد سنة 701هـ/ 1301م[2] ، في قرية مجيدل من أعمال بُصْرى الشام[3] ، وعاش في دمشق[4] .






    طفولته و تربيته : كان للبيئة المحيطة بابن كثير أثر كبير في نشأته ؛ فقد كان أبوه خطيبًا ببلدة مجيدل القُرَيَّة إلى أن توفِّي سنة 703هـ ، وبقي ابن كثير تحت رعاية أخيه كمال الدين عبد الوهاب ، الشقيق والشفيق ، وترعرع في طفولته في هذه القرية مدة أربع سنوات ، وهي سن الطفولة يتيمًا بعد فَقْد الوالد ولكنه امتلأ قلبه من ذكريات الطفولة ، ونَعِم بآثار والده المعنوية ، وحفظ أحاديث الناس عن خطب والده ، وأقواله المأثورة ، وأشعاره المحفوظة ، وأدرك بحسِّه منزلة العالم المخلص ، وأثره في الحياة والمجتمع ، ومكانته في القلوب والنفوس ، وسمع من إخوته وأخواته سبب تسميته بإسماعيل ، تيمنًا بأخيه الأكبر (من أبيه) الذي سلك طريق العلم ، فأخذه عن والده .ثم ارتحل إلى دمشق لاستكمال التكوين العلمي ، فاختطفته يد المنون في شبابه ، فوُلِد للوالد هذا الابن الأخير فسمَّاه إسماعيل ليكون كأخيه في طلب العلم ، فاتجه ابن كثير رحمه الله تعالى إلى تحصيل العلم منذ السن المبكر؛ ليقرَّ عين والده في قبره ، وليصبح كأبيه في قلوب الناس .ولما بلغ ابن كثير السابعة من عمره ، ارتحل بصحبة أخيه الشقيق عبد الوهاب إلى مدينة دمشق التي كانت مَوْئِلَ العلماء ، وحاضرة العلم ، ومركز الحضارة ، وينبوع العطاء ، ومحط الأنظار، و مرابع المعرفة التي يفد إليها العلماء والطلاب من كل حدب وصوب .و كان أخوه عبد الوهاب بمنزلة الأب والأستاذ الأول لابن كثير، الذي أخذ منه الشيء الكثير، واستمر في ملازمته والاستفادة من علمه طوال حياته التي امتدت إلى سنة 750هـ .ويحدثنا ابن كثير - رحمه الله تعالى - عن رحلته إلى دمشق بصحبة أخيه عبد الوهاب ، فيقول : " ثم تحولنا من بعده ( بعد وفاة الوالد ) في سنة سبع وسبعمائة إلى دمشق، صحبه كمال الدين عبد الوهاب ، وقد كان لنا شقيقًا ، وبنا رفيقًا شفوقًا ، وقد تأخرت وفاته إلى سنة خمسين ، فاشتغلت على يديه في العلم ، فيسَّر الله تعالى منه ما يسر، وسهَّل منه ما تعسر" [5] .واستقر ابن كثير في دمشق، وصار ابنًا من أبنائها ، وعالمًا من علمائها ، وخطيبًا ومدرسًا فيها ، وأحبها من قلبه فلم يفارقها حتى مات ودُفن فيها ، وكان وفيًّا لها فكتب تاريخها ، ووصف أفراحها وانتصاراتها ، وبكى أحزانها وأتراحها ، وشارك في أحداثها ، وكان له دور فاعل في ذلك حتى صار يُشار إليه بالبنان : محدِّثًا ومفسرًا ، ومدرسًا ورئيسًا ، ومصلحًا وداعيةً ، ومعلمًا ومؤرخًا [6] .

    ملامح شخصيته وأخلاقه : لقد حبا الله ابن كثير - رحمه الله - بكثيرٍ من الصفات الحميدة ، والشمائل الكريمة ، والخلال العذبة ، والتي لا يتصف بها إلا العلماء الأخيار الأفذاذ ؛ ومن هذه الصفات : 1- الحفظ: وهب الله ابن كثير حافظة قوية ، وذاكرة ممتازة ، وموهبة متفوقة ، فكان قادرًا على حفظ العلوم والمتون ، واكتناز المعلومات ، وظهر أثر ذلك في مصنفاته ؛ فقد حفظ ابن كثير القرآن الكريم وهو في الحادية عشرة من عمره ، كما صرَّح بذلك في تاريخه [7] ، وحفظ التنبيه في الفقه الشافعي ، وعرضه سنة ثماني عشرة ، وحفظ مختصر ابن الحاجب في أصول الفقه [8] ، وحفظ المتون المتنوعة في العلوم ؛ ولذلك وصفه عدد من العلماء بحفظ المتون ، فقال شيخه الذهبي : " ويحفظ جملة صالحة من المتون والرجال وأحوالهم ، وله حفظ ومعرفة "[9] .وقال عنه تلميذه ابن حِجِّي : " كان أحفظ مَن أدركتاه لمتون الأحاديث ، وأعرفهم بجرحها ورجالها ، و صحيحها و سقيمها ، وكان أقرانه وشيوخه يعترفون له بذلك " [10] . 2- الإستحضار: اقترنت صفة الحفظ عند ابن كثير بصفة أخرى وهي صفة الاستحضار؛ مما يدل على المنحة الإلهية له بقوة الذاكرة، وقلة النسيان. وهو من أعظم المواهب الإلهية، وأكبر ميزة للعالم والمصنِّف والفقيه ؛ لذلك كان ابن كثير يستحضر المتون والكتب والعلوم حتى لفت نظر المحققين والمحدثين ، فهو ينقل من مصادر عدة ، ولكنه يضع المعلومات بصيغته وأسلوبه الخاص به ، مما يرجح أنه كان يكتب ويصنف من ذاكرته وحافظته ، ويتصرف بذلك حسب مقتضى الحال والمقام [11] . 3- الفَهْم الجيد: هذه الصفة من المنح الإلهية للإنسان ، ومن التوفيق الرباني له ، وتتأثر بالعوامل المكتسبة عن طريق الإخلاص ، والتقصِّي والدراسة، والاستيعاب والاجتهاد ، وتحرِّي الدقة العلمية ؛ مما تساعد صاحبها -بفضل الله تعالى وتوفيقه - على الفهم الجيد ، والإدراك الصحيح ، والاستنتاج المقبول[12] ؛ لذلك يقول عنه تلميذه ابن حجي : " وكان فقيهًا جيد الفهم ، صحيح الذهن " [13] . 4- خفة الروح : وهذه الصفة من الصفات الحسنة للإنسان عامَّةً ، ومن عوامل التفوق والنجاح في التدريس والوعظ خاصَّةً ، وتدل على سماحة النفس ، والاهتمام بالطلاب ، والتخفيف عنهم ، والترويح في التدريس[14] . 5- الالتزام بالحديث والسُّنَّة : من صفات ابن كثير أنه كان حريصًا على التزام السنة ، والدعوة إلى إتباع السلف، وهو ما يظهر عند مراجعة مؤلفاته وكتبه ؛ ولا غرابة في ذلك فهو المحدِّث الفقيه الحافظ لأحاديث الرسول ، وكان ابن كثير رحمه الله يحارب البدع ، ويدعو إلى تركها ، ويساهم في إنكارها ، ويفرح لإبطالها ، ويسجِّل هذه المشاعر والعواطف والمبادئ في كتبه ومصنفاته ، وكان يتتبع البدع ويتألم لوجودها ، ويسعى لإبطالها، ويهلل لإلغائها [15] . 6- الخلق والفضيلة والموضوعية : كانت أخلاق ابن كثير رحمه الله حميدة ، ويلتزم الفضائل والقيم ، وسعة الصدر، والحلم ، والصداقة المخلصة ، والتقدير لشيوخه ؛ فقد ترجم لعدد كبير منهم في تاريخه ، وأثنى عليهم خيرًا ، وعدَّد مناقبهم ، وأثبت فضائلهم ، واعترف بالأخذ عن الأساتذة ، وحسن الصحبة للزملاء والمعاصرين [16] .7- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: وهذا من المبادئ الإسلامية الرشيدة في الدعوة والنصح والإرشاد ، والتكافل والتناصح بين أفراد الأمة والمجتمع ، وهو واجب عيني على كل مسلم قادر ومستطيع أن يقوم به [17]؛ لحديث رسول الله"مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ ..." [18] . ويتأكد واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الدعاة والعلماء والمصلحين ، ثم على الحكام والمحكومين ؛ وكان ابن كثير يعرف واجبه في هذا الجانب الخطير، ويؤدِّي حقه في مرضاة الله تعالى للحاكم والمحكومين ، لا يبتغي بذلك إلا الأجر والثواب من الله تعالى ، ولا يخشى في الله لومة لائم ؛ فيقول الحق ، ويقرر الشرع ، ويؤدي الأمانة ، ويبلِّغ حكم الله تعالى في كل الأمور والظروف والأحوال ، ولو كان الأمر يتعلق بشئون الحكم ، والخلاف بين الأمراء الذين يحاولون أن يتحصنوا بفتوى كبار العلماء ، ويجعلوها ذريعة لتحقيق مآربهم [19] . 8- إنصاف الخصوم : يقول الله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إلى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 58] . و العدل مطلوب من الحكام والقضاة ، ومن كل ذي ولاية وسلطة مهما تنوعت واختلفت وتفاوتت درجتها ، وذلك بإنصاف الناس -وحتى الخصوم - من النفس ، وحينئذٍ يصبح الإنسان من السابقين إلى ظلِّ الله تعالى يوم القيامة .والعدل من الفضائل ، وخاصةً إذا كان الأمر مع الخَصْم ، فهو أعلى درجات العدل بأن ينصف الإنسان خصمه من نفسه ، وهذه المرتبة العليا لا يبلغها إلا القلة ، وتدل على أن صاحبها بلغ رتبة عالية من تطبيق أحكام الشرع وآدابه ، ومراقبة الله تعالى في ذلك ، حتى يجاهد نفسه فيخضعها للحق ، ويقف بها عند جادَّة الصواب ، ولا يستسلم لهواه وأهوائه .وهذا ما حدث مع ابن كثير - رحمه الله - في ترجمته لكثير من خصومه في الرأي والفكر والمواقف، فيصفهم بالحق والعدل ، ولا يتجنى عليهم ، ولا ينقصهم صفة لهم ؛ ومن الشواهد الكثيرة على ذلك نجد في (البداية والنهاية) أنه كان بين ابن كثير وبين قاضي القضاة تقي الدين السبكي خصومة فكرية ، وتشاء الظروف أن تُوجَّه اتهامات إلى قاضي القضاة بالتفريط في أموال الأيتام ، وطُلِب من المفتين أن يضعوا خطوطهم بتثبيت الدعوى ضده لتغريمه ومحاكمته ، ويصل الأمر إلى صاحبنا العلامة ابن كثير ذي الخُلُق الكريم ، والموقف العادل، فيأبى الكتابة ، ويُنصِف قاضي القضاة ، ويوقف الافتراء والاتهام إلى أن يتبين الحق ، ويسجِّل ذلك في تاريخه في أحداث سنة 743هـ [20] . 9- الإصلاح الديني : نزل الإسلام صافيًا من السماء ، وبلغه رسوله عليه الصلاة والسلام حتى لحق بالرفيق الأعلى ، وقد ترك أمته على المحجة البيضاء ، والتزم الصحابة - رضوان الله عليهم - بهذا الطريق القويم ، وأدوا الأمانة ، ونشروا الإسلام في الخافقين ، وسار التابعون وتابعو التابعين على نهجهم ، فكانوا خير القرون في تطبيق الإسلام ، ونصاعة مبادئه . ثم بدأ يعلق به الغبار مع الأيام ، وتُضاف إليه بعض الأمور التي لا تتفق مع جوهر الدين ، وتُلحق به البدع والخرافات شيئًا فشيئًا ، وقد تستشري في بعض الأحيان لتشوه صورة الإسلام النقية . وهنا يأتي دور العلماء والدعاة والمصلحين الذين ينادون بالدعوة إلى تطبيق الإسلام ، والعودة إلى مبادئه الصافية ، وتطهيره من البدع والخرافات . وقد ظهر في القرن السابع والثامن الهجريين علماء أفذاذ يمثلون هذا الاتجاه الإصلاحي ، وكان الأشهر والأبرز في هذه المدرسة شيخ الإسلام ابن تيمية ، الذي وقف في وجه البدع والخرافات الموجودة والمنتشرة في ذلك الوقت ، ورفع الراية في وجه المبتدعة وغلاة الصوفية . وكان من نتيجة ذلك أن انقسم العلماء والفقهاء والحكام والناس في شأن ابن تيمية إلى فريقين، فتحامل عليه علماء الصوفية ، وكثير من الفقهاء والقضاة حتى وشوا به عند الحكام، فوقف بعضهم بجانبه، والبعض الآخر وقف ضده ، وكان من الذين وقفوا مع ابن تيمية وناصروه ابن كثير رحمه الله [21] .

    شيوخه : أخوه الأكبر عبد الوهاب بن عمر بن كثير كمال الدين [22] ، وعيسى المطعم ، وأحمد بن الشيخة ، والقاسم بن عساكر، ومحمد بن محمد بن محمد الشيرازي ، وإسحاق بن يحيى الآمدي ، ومحمد بن أحمد الزراد ، وابن قاضي شهبة ، وابن الزَّمْلَكاني ، وشيخ الإسلام ابن تيمية ، وبرهان الدين الفزاري (ابن الفِرْكاح) ، ومحمد بن شرف الدين البعلبكي الحنبلي ، وابن الشحنة ، وعبد الله بن محمد بن يوسف المقدسي ، وأبو الفتح الدَّبُوسي ، وعلي بن عمر الواني ، ويوسف الختني ، ومؤرخ الشام البِرْزالي ، والحافظ أبو الحجاج المِزِّي ، ومؤرِّخ الإسلام الذهبي ، وشمس الدين الأصفهاني ، وغيرهم [23] .


    تلاميذه : من أشهر تلاميذ ابن كثير: سعد الدين النووي [24] ، وشهاب الدين بن حجي [25] ، وابن الجزري [26] ، و الزركشي [27] ، وغيرهم .

    مؤلفات ابن كثير: (تفسير القرآن العظيم) ، و(البداية والنهاية) ، وكتاب (التكميل في معرفة الثقات والضعفاء و المجاهيل) جمع فيه كتابي شيخيه المِزِّي والذهبي وهما : " تهذيب الكمال في أسماء الرجال" و"ميزان الاعتدال في نقد الرجال" ، مع زيادات مفيدة في الجرح والتعديل . و(تخريج أحاديث أدلة التنبيه في فروع الشافعية) ، و(تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب في أصول الفقه) ، و(فضائل القرآن) ، وكتاب في السماع ، ومسند الشيخين ، والنهاية في الفتن والملاحم ، والمقدمات ، ومسند عمر بن الخطاب والآثار المروية عنه .وكتاب (الهَدْي والسَّنَن في أحاديث المسانيد والسُّنَن) وهو المعروف بجامع المسانيد ، جمع فيه بين مسند الإمام أحمد و البزار وأبي يعلى ومعجمي الطبراني مع الكتب الستة : الصحيحين والسنن الأربعة ، ورتبه على الأبواب . و(طبقات الشافعية) مجلد وسط، ومعه مناقب الشافعي ، وشرع في (شرح صحيح البخاري) ولم يكمله ، وشرع في كتاب كبير في (الأحكام) وصل فيه إلى الحج ، واختصار علوم الحديث ، اختصر فيه مقدمة ابن الصلاح المعروفة ، وسمَّاه (الباعث الحثيث) ، و(مسند الشيخين) يعني أبا بكر وعمر، و(السيرة النبوية) مطوَّلة ومختصرة ، و(الاجتهاد في طلب الجهاد) ، و(قصص الأنبياء) ، وغيرها [28] .

    منهج ابن كثير في تفسيره : أ- تفسير الآية بعبارة سهلة ، وبأسلوب مختصر، يوضِّح المعنى العام للآية الكريمة .ب- تفسير الآية بآية أخرى إن وجدت ؛ حتى يتبين المعنى ، ويظهر المراد ، وقد يذكر ابن كثير عدة آيات في تفسير الآية الأولى، وكأنه يجمع بين الآيات المتشابهة والمتماثلة في المعنى ، والمتحدة في الموضوع ، فتأتي الآيات المتناسبة في مكان واحد .ج- رواية الأحاديث بأسانيدها غالبًا، وبغير إسناد أحيانًا لإلقاء الضوء النبوي على معنى الآية ؛ لأن وظيفة الرسول التبليغ والبيان . د- تفسير القرآن بأقوال الصحابة ؛ حيث يُردِف ابن كثير في تفسير الآية ما وصله من أقوال الصحابة في تفسير هذه الآية ، حسب المؤهلات التي يمتلكونها . هـ - الاستئناس بأقوال التابعين وتابعي التابعين ومَن يليهم من علماء السلف ، وخاصةً أهل القرون الأولى الذين شهد لهم النبي بالخيرية ، وحملوا الدعوة والإسلام [29] . و- الإسرائيليات: نتج عن روايات بعض الصحابة وبعض التابعين وجود الأحاديث والروايات المأخوذة من مصادر أهل الكتاب، والتي تُسمَّى الإسرائيليات ، ومعظمها غير صحيح وغير معقول ، وأكثرها غرائب وطرائف . وقد نوَّه ابن كثير على وجود هذه الإسرائيليات في مقدمة تفسيره ، فقال : " تُذكر للاستشهاد لا للاعتضاد "[30] . وكان ابن كثير ينبِّه على الإسرائيليات والموضوعات في التفسير، تارةً يذكرها ويعقِّب عليها بأنها دخيلة على الرواية الإسلامية ، ويبين أنها من الإسرائيليات الباطلة المكذوبة ، وتارةً لا يذكرها بل يشير إليها ، ويبيِّن رأيه فيها . وقد تأثر في هذا بشيخه ابن تيمية ، وزاد على ما ذكره كثيرًا ، وكل من جاء بعد ابن كثير من المفسرين ممن تنبه إلى الإسرائيليات والموضوعات ، وحذر منها .ولا عجب في هذا ، فهو من مدرسة عُرفت بحفظ الحديث ، والعلم به روايةً ودرايةً ، وأصالة النقد ، والجمع بين المعقول والمنقول ، وهي مدرسة شيخ الإسلام ابن تيمية وتلاميذه : ابن القيم ، والذهبي ، وابن كثير، وأمثالهم . ز- الأحكام الفقهية : يتعرض ابن كثير عند تفسير آيات الأحكام إلى بيان الأحكام الشرعية ، ويستطرد في ذكر أقوال العلماء وأدلتهم ، ويخوض في المذاهب ويعرض أدلتهم . حـ - الشواهد اللغوية والشعرية : اعتمد ابن كثير على اللغة العربية في فهم كلام الله تعالى الذي نزل باللغة العربية ، ويجب أن يفسر حسب مقتضى الألفاظ ، وأساليب اللغة ، ودلالات الألفاظ ، وشواهد الشعر التي تدل على المعنى ، وتوضِّح المراد . ط - الأعلام والرجال : حرص ابن كثير على ذكر الأعلام الذين نقلت عنهم الآراء؛ ليكون دقيقًا في نقله ، مع المحافظة على الأمانة العلمية ، فجاء تفسيره زاخرًا بأسماء العلماء وأعلام الرجال . ك- قوة الشخصية : عرض ابن كثير لأحاديث متعددة ، وروايات كثيرة ، وأقوال مختلفة ، ولكنه لم يقف عند هذا الحد ، بل كانت شخصيته العلمية واضحة وبارزة ، فكان يبين درجة الأحاديث ، ويثبت صحة أكثرها ، ويضعِّف بعض الروايات ، ويعدِّل بعض الرواة ، ويجرِّح بعضًا آخر؛ وكل ذلك لباعه الطويل في فنون الحديث وأحوال الرجال . وسار على هذا النهج في إيراد الأحكام الفقهية ، وآراء المذاهب ، فيعمد إلى بيان الراجح منها ، والموافق لدلالات الآيات الكريمة . ي- الاقتباس : كان ابن كثير رحمه الله يعتمد على من سبقه من المفسرين ، وينقل عنهم ، ويصرح بذلك ؛ ومنهم إمام المفسرين ابن جرير الطبري ، وابن أبي حاتم ، وابن عطية ، وأقوال شيخ الإسلام ابن تيمية [31] .


    آراء العلماء فيه : قال عنه الذهبي : " الإمام الفقيه المحدِّث البارع عماد الدين ، درس الفقه وأفتى ، وتفهم العربية والأصول ، ويحفظ جملة صالحة من المتون والرجال وأحوالهم ، وله حفظ ومعرفة "[32] . وقال الذهبي في المختص : " الإمام المفتي، المحدث البارع ، ثقة ، متفنن ، محدث متقن "[33] . وقال عنه السيوطي : " الإمام المحدث الحافظ ، ذو الفضائل ، عماد الدين ... "[34] .وقال عنه المؤرخ الشهير ابن تغري بردي : " الشيخ الإمام عماد الدين أبو الفداء ... ، وجمع وصنَّف ، ودرَّس وحدَّث وألَّف ، وكان له اطلاع عظيم في الحديث والتفسير والفقه والعربية وغير ذلك "[35] .وقال ابن حبيب فيه : " إمام ذوي التسبيح والتهليل ، وزعيم أرباب التأويل ، سمع وجمع وصنَّف ، وأطرب الأسماع بقوله وشنَّف ، وحدَّث وأفاد ، وطارت أوراق فتاويه إلى البلاد ، واشتهر بالضبط والتحرير، وانتهت إليه رئاسة العلم في التاريخ والحديث والتفسير"[36] . وقال عنه الزركلي : " حافظ مؤرخ فقيه "[37] .






    آراء العلماء في مؤلفاته : قال السيوطي عن تفسير ابن كثير: " وله التفسير الذي لم يؤلَّف على نمطه مثله "[38] . وقال الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة : " وسارت تصانيفه في البلاد في حياته ، وانتفع بها الناس بعد وفاته "[39] . وقال الذهبي في المعجم المختص : " وله تصانيف مفيدة "[40] .وقال ابن تغري بردي عن كتابه (البداية والنهاية) : " وهو في غاية الجودة ... وعليه يعول البدر العيني في تاريخه "[41] .


    وفاته : اتفق المؤرخون على أن ابن كثير - رحمه الله - تُوفِّي بدمشق يوم الخميس ، السادس والعشرين من شعبان سنة 774هـ/ 1373م عن أربع وسبعين سنة ، وكانت جنازته حافلة ومشهودة ، ودُفن بوصية منه في تربة شيخ الإسلام ابن تيمية لمحبته له ، وتأثره به ؛ لينعم بجواره حيًّا وميتًا [42] . وقد رثاه أحد طلاب العلم فقال :

    يتبع

  2. #2


    الإمام الألوسيّ


    اسمه ومولده :


    هو محمود بن عبد الله الحسيني الألوسيّ ، شهاب الدين أبو الثناء، مفسِّر محدِّث أديب من المجددين [1] . وُلِد في بغداد [2] سنة 1217هـ/ 1802م [3] ، وعاش بها [4] . نشأته : ذكر الإمام الألوسي في مقدمته أنه منذ عهد الصغر، لم يزل متطلبًا لاستكشاف سر كتاب الله المكتوم، مترقبًا لارتشاف رحيقه المختوم ، وأنه طالما فرَّق نومه لجمع شوارده ، وفارق قومه لوصال فرائده ، لا يَرْفَلُ في مطارف الله و كما يرفل أقرانه ، ولا يهب نفائس الأوقات لخسائس الشهوات كما يفعل إخوانه ؛ وبذلك وفَّقه الله للوقوف على كثيرٍ من حقائقه ، وحلِّ وفير من دقائقه . و ذكر أنه قبل أن يكمل سنَّه العشرين ، شرع يدفع كثير من الإشكالات التي ترد على ظاهر النظم الكريم ، ويتجاهر بما لم يُظفر به في كتابٍ من دقائق التفسير .ثم ذكر أنه كثيرًا ما خطر له أن يُحرِّر كتابًا يجمع فيه ما عنده من ذلك ، وأنه كان يتردد في ذلك ، إلى أن رأى في بعض ليالي الجمعة من شهر رجب سنة 1252هـ أن الله جلَّ شأنه أمره بطيِّ السموات والأرض ، ورتق فتقها على الطول والعرض ، فرفع يدًا إلى السماء ، وخفض الأخرى إلى مستقر الماء ، ثم انتبه من نومه وهو مستعظم لرؤيته ، فجعل يفتِّش لها عن تعبير ، فرأى في بعض الكتب أنها إشارة إلى تأليف تفسير، فشرع فيه في الليلة السادسة عشرة من شهر شعبان من السنة المذكورة ، وكان عمره إذ ذاك أربعًا وثلاثين سنة ، وذلك في عهد محمود خان ابن السلطان عبد الحميد خان . وذكر في خاتمته أنه انتهى منه ليلة الثلاثاء لأربعٍ خلون من شهر ربيع الآخر سنة 1267هـ ، ولما انتهى منه سمَّاه (روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني) .كما اشتغل الألوسي بالتدريس والتأليف وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، فدرس في عدَّة مدارس، وقُلِّد إفتاء الحنفية سنة 1248هـ ، فشرع يدرِّس سائر العلوم في داره الملاصقة لجامع الشيخ عبد الله العاقولي في الرُّصافة ، وقد تتلمذ له وأخذ عنه خلقٌ كثير من قاصي البلاد ودانيها . وله حاشية على شرح قطر الندى لابن هشام ألَّفها وعمره لا يتجاوز ثلاث عشرة سنة [5] .





    ملامح شخصيته وأخلاقه : كان -رحمه الله- عالمًا باختلاف المذاهب ، مطلعًا على الملل والنحل ، شافعيَّ المذهب ، إلا أنه في كثير من المسائل يقلد الإمام أبا حنيفة رحمه الله ، وكان آخر أمره يميل إلى الاجتهاد . وكان -رحمه الله- شيخ العلماء في العراق ، سلفيَّ الاعتقاد ، مجتهدًا ، نادرةً من نوادر الأيام ، جمع كثيرًا من العلوم حتى أصبح علاَّمة في المنقول والمعقول ، فهَّامة في الفروع والأصول ، محدِّثًا لا يُجارى ، ومفسرًا لكتاب الله لا يبارى . وكان - رحمه الله - يواسي طلبته في ملبسه ومأكله ، ويُسكِنهم البيوت الرفيعة من منزله ، حتى صار في العراق العلم المفرد ، وانتهت إليه الرياسة لمزيد فضله الذي لا يحمد ، وكان نسيجًا وحده في النثر وقوة التحرير ، وغزارة الإملاء ، وجزالة التعبير. كما كان مجاهدًا في نشر الحق والرد على الباطل ، فشنَّ غاراته على الخرافات المتأصلة في النفوس ، فكتب الرسائل ، وألَّف المؤلفات التي زعزعت أسس الباطل ، وأحدثت دويًّا وإصلاحًا عظيمًا ، وارتفع صوته كمصلح ديني يدوِّي في المطالبة بتطهير الدين مما لحقه من البدع . وكان ذا حافظة عجيبة، فكثيرًا ما كان يقول : " ما استودعتُ ذهني شيئًا فخانني ، ولا دعوتُ فكري لمعضلة إلا وأجابني "[6] . وكان - رحمه الله- أحد أفراد الدنيا ، يقول الحق ، ولا يحيد عن الصدق ، متمسكًا بالسنن ، متجنبًا عن الفتن ، حتى جاء مجددًا ، وللدين الحنفي مسددًا ، وكان جُلُّ ميله لخدمة كتاب الله ، وحديث جَدِّه رسول الله ؛ لأنهما المشتملان على جميع العلوم ، وإليهما المرجع في المنطوق والمفهوم . وكان غايةً في الحرص على تزايد علمه ، وتوفير نصيبه منه وسهمه [7] . كَلِف بالعلوم منذ حداثة سنِّه ، وبذل النفس والنفيس في إحراز جواهرها ، حتى إن رغبته في طلب المعارف شغلته عن حُطام الدنيا ، وأَنْستهُ هناء العيش وملاذ الحياة ، وبرز في العلوم الدينية فصار إمامًا في التفسير والإفتاء ، وكان مع ذلك كاتبًا بليغًا وخطيبًا مِصْقَعًا . وفي 1262هـ/1845م سافر برفقة عبدي باشا المشير إلى الموصل ، ثم إلى ماردين فديار بكر فأُرزوم فسيواس فالأستانة ، واجتمع حيث دخل بأعلام العلماء وأئمة الأدباء ، وكانوا يتهافتون إليه؛ ليقتبسوا من أنواره ، ويغرفوا من بحاره . فلما عاد إلى وطنه سنة 1269هـ انقطع إلى التأليف .وكان الألوسي سريع الخاطر، ونسيج وحده في قوة التحرير وسهولة الكتابة ومسارعة القلم ؛ قيل : إنه كان لا يقصر تأليفه في اليوم والليلة عن أقل من ورقتين كبيرتين [8] . كما كان شاعرًا له شعر قليل إلا أنه غاية في الرقة ، منها هذه الأبيات يذكر العراق في غربته : أهيمُ بآثار العـراقِ وذكـره *** وتغدو عيـوني من مسرَّتـها عَبْـرَىوألثم إخـفاقًا وطـنَ ترابـه *** وأكحـلُ أجفـانًا بتربتـه العَطْـرَىوأسهر أرعى في الدياجي كواكبًا *** تمرُّ إذا سارت علـى ساكني الزوراوأنشقُ ريح الشرق عند هبوبها *** أداوي بها يا ميُّ مُهجتي الحَرّا وقال في وصف بغداد وفراقه لها: أرضٌ إذا مرَّت بها ريحُ الصبـا *** حملت من الأرجاء مسكـًا أذفـرالا تسمعَنَّ حديث أرضٍ بعدها *** يُروى فكل الصيد في جوف الفـرافارقتها لا عن رضًى وهجـرتها *** لا عن قلًى ورحلـتُ لا متخيَّـرالكنـها ضاقـت عليَّ برحبـها *** لمـا رأيتُ بها الزمـان تنكَّـرا ومن حسن قوله وصفه لشاعر سهل الألفاظ بعيد المعاني: تتحيَّرُ الشعراء إن سمعوا به *** في حسن صنـعته وفي تأليفـهفكأنهُ في قربه من فهمهم *** و نكولهم في العجز عن ترصيفـهِشجرٌ بدا للعين حسنُ نباتهِ *** ونأى عن الأيدي جَنَى مقطوفهِ وقال مستغفرًا وقد افتتح به كتاب مقاماته : أنا مذنبٌ أنا مجرمٌ أنا خاطئ *** هو غافرٌ هو راحمٌ هو عافـيقابلتهـنَّ ثلاثـةٌ بثلاثـةٍ *** وستغلبَن أوصـافُهُ أوصـافـي[9] شيوخه : أخذ الألوسي العلم عن فحول العلماء ، منهم والده العلاَّمة ، والشيخ خالد النقشبندي ، والشيخ على السويدي[10] ، والشيخ علي الموصلي ، والشيخ يحيى المروزي العمادي [11] ، ومحمد بن أحمد التميمي الخليلي المصري [12] . كما روى عن عبد الرحمن الكزبري ، وعبد اللطيف بن حمزة فتح الله البيروتي ، والشمس محمد أمين بن عابدين مكاتبةً ، واجتمع في إسطنبول بشيخ الإسلام عارف الله بن حكمة الله ، وأجاز كل منهما صاحبه، والشمس محمد التميمي الحنفي ، وأخذ في العراق عن علاء الدين عليّ الموصلي ، وعلي بن محمد سعيد السويدي ، وعبد العزيز بن محمد الشواف ، والمعمر يحيى المروزي العمادي ، والشيخ عبد الفتاح شوَّاف زاده [13] ، وغيرهم .



    تلاميذه : أخذ عنه كثيرون ، ونتصل بمروياته ومؤلفاته من طرقٍ منها : عن إبراهيم بن سليمان الحنفي المكي عن محمد بن حميد الشرقي مفتي الحنابلة بمكة المكرمة عنه ، ومنها عن الشيخ أحمد أبي الخير المكي عن نعمان الألوسي عن أبيه ، ومنها بأسانيدنا إلى عارف الله بن حكمة الله عنه [14] . ومن أشهر تلاميذه صالح بن يحيى بن يونس الموصلي السعدي ، وغيرهم [15].



    مؤلفاته : ألف الألوسي كتبًا عديدة في التفسير والفقه والمنطق والأدب واللغة، وخلَّف رحمه الله تعالى ثروة علمية كبيرة ونافعة ، بَيْدَ أنَّه يأتي على رأس هذه المؤلفات كتابه : (روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني) ، و(نشوة الشمول في السفر إلى إسطنبول) رحلته إلى الأستانة ، و(نشوة المدام في العود إلى دار السلام) ، و(غرائب الاغتراب) ضمَّنه تراجم الذين لقيهم ، وأبحاثًا ومناظرات ، و(دقائق التفسير) ، و(الخريدة الغيبية) شرح به قصيدة لعبد الباقي الموصلي ، و(كشف الطرة عن الغرة) شرح به درة الغواص للحريري، و(المقامات) في التصوف والأخلاق، عارض بها مقامات الزمخشري، و(الأجوبة العراقية عن الأسئلة الإيرانية) ، و(حاشية على شرح القطر) لابن هشام ألَّفها وعمره لا يتجاوز ثلاث عشرة سنة في النحو، و(الرسالة اللاهورية) ، و(التبيان في مسائل إيران) ، و(شرح السلم في المنطق) [16] ، و(شهي النغم في ترجمة عارف الحكم) [17] .




    تفسير روح المعاني ونهج مؤلفه فيه : كان الألوسي - رحمه الله - شيخ العلماء في العراق في عصره ، ونادرة من النوادر التي جادت بها الأيام ؛ جمع كثيرًا من علوم المنقول والمعقول ، وأحكم فهم علمي الفروع والأصول ، وكان مع هذا وذاك مفسرًا لكتاب الله لا يُبارى ، ومحدِّثًا للسُّنَّة لا يُجارى . ومع أنه - رحمه الل ه- كان شافعيَّ المذهب إلا أنه في كثير من المسائل كان يقلد الإمام أبا حنيفة ، وكان عالمًا باختلاف المذاهب ، ومطلعًا على الملل والنحل ، وكان في آخر حياته يميل إلى الاجتهاد ، وقد خلَّف ثروةً علمية كبيرة ونافعة ، يأتي في مقدمتها تفسيره المسمى (روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني) . و هذا التفسير -كما يتبين للناظر فيه - قد أفرغ فيه مؤلِّفه وسعه ، وبذل جهده ، حتى أخرجه للناس تفسيرًا جامعًا لآراء السلف روايةً ودرايةً، ومشتملاً على أقوال الخلف بكل أمانة وعناية ، فهو تفسير - والحق يقال - جامعٌ لخلاصة ما سبقه من التفاسير . ثم إن المؤلف - رحمه الله - إذ ينقل من تفاسير مَن سبقه من المفسرين ، لم يكن مجرَّد ناقل فحسب ، بل كان يُنَصِّب من نفسه حَكَمًا عدلاً على كل ما ينقل ، ويجعل من نفسه ناقدًا مدقِّقًا وممحصًا لكل رأي وقول ، ثم هو بعدُ يُبدِي رأيه حرًّا فيما ينقل . ويلاحظ على مؤلِّفنا أنه كان كثيرًا ما يتعقب الرازي في العديد من المسائل الفقهية ، ويخالفه الرأي فيها ، لكن إن استصوب رأيًا لبعض مَن ينقل عنهم انتصر له ، ونافح عنه بكل ما أُوتى من قوة . لكن مما يُؤخذ على الألوسي أنه كان مترددًا في مسائل الأسماء والصفات بين مذهبي السلف والخلف ؛ فهو أحيانًا يميل إلى مذهب السلف ويقرره وينسب نفسه إليه ، كما فعل عند تفسيره لصفة الحياء في قوله تعالى : {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً} [البقرة: 26] ، وأحيانًا أخرى نجده يميل لمذهب الأشاعرة وينتصر لهم كما فعل عند تفسيره لصفة الكلام في قوله تعالى : {مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ} [البقرة: 253] . ونحن في حينٍ ثالث نجده يُظهِر نوعًا من التحفُّظ وعدم الصراحة الكاملة ، كما فعل عند حديثه على صفة الفوقية في قوله تعالى : {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10]، وفي حينٍ آخر نجده يقرر مذهب السلف والخلف ويرجِّح مذهب الخلف، كما فعل في صفة الاستواء في قوله تعالى : {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] . وهكذا نجده متردِّدًا - رحمه الله - بين مذهب السلف والخلف ؛ ولأجل هذا عدَّه بعضهم من أصحاب التفسير بالمعقول .ثم إننا نلحظ من منهجه في تفسيره - فوق ما تقدم - الأمور التالية : - استطراده كثيرًا في المسائل الكونية التي ليس لها علاقة وثيقة بعلم التفسير. - وكان له استطراد أيضًا في ذكر المسائل النحوية ، إذ كان يتوسع بها أحيانًا إلى درجة يكاد يخرج بها عن وصف كونه مفسِّرًا . - أما المسائل الفقهية فمنهجه فيها أن يستوفي أقوال أهل العلم في المسألة موضوع البحث ، ومن ثَمَّ يختار منها ما يؤيده الدليل ، من غير تعصب لمذهب معين ، بل رائده في ذلك : أن الحق أحق أن يُتَّبع .- وكانت للمؤلف - رحمه الله - عناية ملحوظة بنقد الروايات الإسرائيلية ، وتفنيد الأخبار المكذوبة التي ساقها بعض المفسرين السابقين له ، فنحن - مثلاً - نجده يُعَقِّب بعد أن ساق قصة من القصص الإسرائيلي ، فيقول : " وليس العجب من جرأة من وضع هذا الحديث ، وكذب على الله تعالى ، إنما العجب ممن يُدخِل هذا الحديث في كتب العلم من التفسير وغيره، ولا يُبيِّن أمره "[18] . وعلى هذا المجرى يجري في تفنيده لتلك المرويات والأخبار . - وكغيره من المفسرين السابقين ، نجد الألوسي يعرض للقراءات القرآنية الواردة في الآية الكريمة ، بيد أنه لا يتقيد بالمتواتر منها ، بل ينقل غير المتواتر لفائدة يراها ، ولكن يُنبِّه عليه . - ويُلاحظ أن للألوسي عناية ملحوظة بذكر أوجه المناسبات بين الآيات والسور، مع تعرضه لذكر أسباب النزول لفَهْم الآيات وفق أسباب نزولها . - وأخيرًا، فإن الألوسي في تفسيره كان ميَّالاً إلى التفسير الإشاري ، وهذا ما أُخذ عليه ؛ فهو بعد أن يفرغ من الكلام عن كل ما يتعلق بظاهر الآيات ، تُراه يذكر لها تفسيرًا إشاريًّا ، أي يفسرها تفسيرًا يخرج بها عن ظاهرها ، وهذا فيه ما هو مقبول ، وفيه ما هو مردود ، لا يُوافَق عليه . و مهما يكن ، فإن تفسير (روح المعاني) يبقى موسوعة تفسيرية قيِّمة ، جمعت جُلَّ ما قاله علماء التفسير المتقدمين ، وامتازت بالنقد الحر، والترجيح المعتمد على الدليل ، والرأي البنَّاء ، والاتزان في تناول المسائل التفسيرية وغيرها ، مما له ارتباط بموضوع التفسير . فجزى الله مؤلِّفه خير الجزاء ، ونفع المسلمين بعلمه [19] .





    وفاته : تُوفِّي - رحمه الله تعالى - يوم الجمعة 25 من ذي القعدة سنة 1270هـ الموافق 1854م . وقيل : توفي في 21 من ذي القعدة ، ودُفِن بالقرب من الشيخ معروف الكرخي ، وقبره مشهور يُزار[20] .وقد أرَّخ وفاته الإمام الأديب الشيخ عبد الباقي أفندي العمري بقوله : قبر به قد توارى خير مفقـود *** فاغتم حزنًا عليه كل موجـودأبو الثناء شهاب الدين فيه ثوى *** فيا لمثوى برفد الفضل مرفـودكجَدِّه كان سيفًا يستضاء به *** فحاز في الرشد حدًّا غير محـدودمضى تغمده المـولى برحمتـه *** فليفتخر لحـده فيـه بمغمـودمن بعده لا فقدنا من بنيه فتى *** لم يبك ميت ولم يفرح بمولـودتفسير روح معاني الذكر نضدها *** كعِقْد دُرٍّ بأيدي الفكر منضودعلى تبحره في العلم شاهـدة *** كفى بها شاهدًا في حق مشهـودأجاب أعلام إيـران بأجـوبة *** برهانها غير مدفـوع ومـردودحور الجنان به حفت مؤرخـة *** جنات روح المعاني قبر محمـود[21]


    المصادر : [1] الزركلي : الأعلام 7/176. [2] الزركلي : السابق نفسه ، الصفحة نفسها. لويس شيخو: السابق نفسه 1/48. [3] السابق نفسه ، الصفحة نفسها. لويس شيخو: تاريخ الآداب العربية 1/54.[4] الزركلي : السابق نفسه ، الصفحة نفسها .[5] لويس شيخو: تاريخ الآداب العربية 1/48. [6] د/محمد حسين الذهبى : التفسير والمفسرون ، مكتبة وهبة ، القاهرة، الطبعة السابعة ، 2000م، 1/251....

    [Message clipped] View entire message Reply Forward

  3. #3

    الإمام الطبري


    اسمه ومولده


    هو محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الطبري رحمه الله تعالى ، يُكنى بـأبي جعفر، وعُرف بذلك ، واتفق المؤرخون على أنه لم يكن له ولد يسمى بـجعفر، بل إنه لم يتزوج أصلاً ، ولكنه تكنَّى التزامًا بآداب الشرع الحنيف ، فقد كان النبي يُطلِق الكُنَى على أصحابه [1] .وُلِد سنة 224هـ/ 839م[2] ، وكانت ولادته بآمُل عاصمة إقليم طبرستان[3] . قال الخطيب البغدادي : " استوطن الطبري بغداد ، وأقام بها إلى حين وفاته "[4] . طفولته و تربيته نشأ الطبري بآمل ، وتربى في أحضان والده وغمره برعايته ، وتفرس فيه النباهة والذكاء والرغبة في العلم فتولى العناية به ووجَّهه منذ الطفولة إلى حفظ القرآن الكريم ، كما هي عادة المسلمين في مناهج التربية الإسلامية ، وخاصةً أن والده رأى رؤيا تفاءل بها خيرًا عند تأويلها . فقد رأى أبوه رؤيا في منامه أن ابنه واقف بين يدي الرسول ومعه مخلاة مملوءة بالأحجار، وهو يرمي بين يدي رسول الله ، وقصَّ الأب على مُعَبِّرٍ رؤياه فقال له : " إن ابنك إن كبر نصح في دينه ، وذبَّ عن شريعة ربه ".ويظهر أن الوالد أخبر ولده بهذه الرؤيا وقصها عليه عدة مرات ؛ فكانت حافزًا له على طلب العلم والجد والاجتهاد فيه والاستزادة من معينه ، والانكباب على تحصيله ثم العمل به ، والتأليف فيه ؛ ليدافع عن الحق والدين [5] .وظهرت على الطبري في طفولته سمات النبوغ الفكري ، وبدت عليه مخايل التفتح الحاد والذكاء الخارق والعقل المتقد ، والملكات الممتازة ، وأدرك والده ذلك فعمل على تنميتها وحرص على الإفادة والاستفادة منها ؛ فوجَّهه إلى العلماء ومعاهد الدراسة ، وساعده على استغلال كل هذه الطاقات دون أن يشغله بشيء من شئون الحياة ومطالبها ، وخصص له المال للإنفاق على العلم والتعلم ، وسرعان ما حقق الطبري أحلام والده ، وزاد له في آماله وطموحه .وقد حرص والده على إعانته على طلب العلم منذ صباه ، ودفعه إلى تحصيله ، فما كاد الصبي الصغير يبلغ السن التي تؤهله للتعليم ، حتى قدمه والده إلى علماء آمل ، وشاهدته دروب المدينة ذاهبًا آيبًا يتأبط دواته وقرطاسه .وسرعان ما تفتح عقله ، وبدت عليه مخايل النبوغ والاجتهاد ، حتى قال عن نفسه : " حفظت القرآن ولي سبع سنين ، وصليت بالناس وأنا ابن ثماني سنين ، وكتبت الحديث وأنا في التاسعة "[6].

    ملامح شخصيته وأخلاقه تمتع الإمام الطبري رحمه الله بمواهب فطرية متميزة ، جبله الله عليها، وتفضل عليه بها ، كما حفلت حياته بمجموعة من الصفات الحميدة ، والأخلاق الفاضلة ، والسيرة المشرفة ؛ ومن هذه الصفات :



    1- نبوغ الطبري و ذكاؤه : إن كثيرًا من صفات الإنسان تكون هبة من الله ، وعطاءً مباركًا من الخالق البارئ ، ولا دخل للإنسان فيها ، والله يختص برحمته من يشاء ، ويفضل بعض الناس على بعض ، ويرزق المواهب الخاصة لمن يشاء من عباده .وكان الطبري - رحمه الله - موهوب الغرائز، وقد حباه الله بذكاء خارق ، وعقل متقد ، وذهن حاد ، وحافظة نادرة ، وهذا ما لاحظه فيه والده ، فحرص على توجيهه إلى طلب العلم وهو صبي صغير، وخصص له موارد أرضه لينفقها على دراسته وسفره وتفرغه للعلم. و مما يدل على هذا الذكاء أنه رحمه الله حفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع سنين ، وصلى بالناس وهو ابن ثماني سنين ، وكتب الحديث وهو ابن تسع سنين [7] .




    2- حفظ الطبري : كان الطبري رحمه الله يتمتع بحافظة نادرة ، ويجمع عدة علوم ، ويحفظ موضوعاتها وأدلتها وشواهدها ، وإن كُتُبه التي وصلتنا لأكبر دليل على ذلك ، حتى قال عنه أبو الحسن عبد الله بن أحمد بن المفلس : " والله إني لأظن أبا جعفر الطبري قد نسي مما حفظ إلى أن مات ما حفظه فلان طول عمره " [8] .


    3- ورع الطبري وزهده : وهاتان الصفتان من فضائل الأخلاق ، ومن أشد الصفات التي يجب أن يتحلى بها العالم والداعية ، والمربِّي والإمام، وكان الطبري رحمه الله على جانبٍ كبير من الورع والزهد والحذر من الحرام ، والبُعد عن مواطن الشُّبَه ، و اجتناب محارم الله تعالى ، و الخوف منه ، و الاقتصار في المعيشة على ما يَرِدُهُ من ريع أرضه وبستانه الذي خلَّفه له والده [9] . قال عنه ابن كثير: " و كان من العبادة و الزهادة والورع والقيام في الحق لا تأخذه في ذلك لومة لائم ، ... و كان من كبار الصالحين "[10].وكان الطبري رحمه الله زاهدًا في الدنيا، غير مكترث بمتاعها و مفاتنها ، وكان يكتفي بقليل القليل أثناء طلبه للعلم، وبما يقوم به أوده ، ويمتنع عن قبول عطايا الملوك والحكام والأمراء[11] .




    4- عفة الطبري وإباؤه : وكان الطبري رحمه الله عفيف اللسان ، يحفظه عن كل إيذاء؛ لأن فعل اللسان قد يتجاوز في بعض الأحيان السنان ، ولأن جرح السيف قد يُشفى ويبرأ ، ولكن هيهات أن يُشفى جرح اللسان . وكان الطبري متوقفًا عن الأخلاق التي لا تليق بأهل العلم ولا يؤثرها إلى أن مات، ولما كان يناظر مرة داود بن علي الظاهري في مسألة، فوقف الكلام على داود ، فشق ذلك على أصحابه ، فقام رجل منهم ، وتكلم بكلمة مَضَّة وموجعة لأبي جعفر ، فأعرض عنه ، ولم يرد عليه ، وترفَّع عن جوابه، وقام من المجلس، وصنَّف كتابًا في هذه المسألة والمناظرة[12] . و كان الطبري عفيف النفس أكثر من ذلك ، فهو مع زهده لا يسأل أحدًا ، مهما ضاقت به النوائب ، ويعفُّ عن أموال الناس ، ويترفع عن العطايا[13] .





    5- تواضع الطبري وعفوه :


    كان الطبري شديد التواضع لأصحابه و زواره و طلابه ، دون أن يتكبر بمكانته ، أو يتعالى بعلمه ، أو يتعاظم على غيره ، فكان يُدعى إلى الدعوة فيمضي إليها ، ويُسأل في الوليمة فيجيب إليها [14] .وكان رحمه الله لا يحمل الحقد والضغينة لأحد ، وله نفس راضية ، يتجاوز عمن أخطأ في حقه، ويعفو عمن أساء إليه [15] .وكان محمد بن داود الظاهري قد اتهم الطبري بالأباطيل ، وشنَّع عليه ، وأخذ بالرد عليه ؛ لأن الطبري ناظر والده ، و فنَّد حججه ، وردَّ آراءه ، فلما التقى الطبري مع محمد بن داود تجاوز عن كل ذلك ، وأثنى على علم أبيه ، حتى وقف الولد عن تجاوز الحد ، و إشاعة التهم على الطبري [16].ومع كل هذا التواضع ، وسماحة النفس ، والعفو والصفح ، كان الطبري لا يسكت على باطل ، ولا يمالئ في حق ، ولا يساوم في عقيدة أو مبدأ ؛ فكان يقول الحق ، ولا تأخذه في الله لومة لائم ، ثابت الجنان ، شجاع القلب ، جريئًا في إعلان الصواب مهما لحق به من أذى الجهال ، ومضايقة الحساد ، و تخرصات الحاقدين [17] .



    شيوخه من أشهر شيوخ الطبري : محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، وإسحاق بن أبي إسرائيل ، وأحمد بن منيع البغوي ، ومحمد بن حميد الرازي ، وأبو همام الوليد بن شجاع ، وأبو كريب محمد بن العلاء ، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي ، وأبو سعيد الأشج ، وعمرو بن علي ، ومحمد بن بشار، ومحمد بن المثنى ، وخلق كثير نحوهم من أهل العراق والشام ومصر [18] .

    تلاميذه من أشهر تلامذته : أحمد بن كامل القاضي ، ومحمد بن عبد الله الشافعي ، ومخلد بن جعفر[19] ، وأحمد بن عبد الله بن الحسين الجُبْني الكبائي [20] ، وأحمد بن موسى بن العباس التميمي [21] ، وعبد الله بن أحمد الفرغاني ، وعبد الواحد بن عمر بن محمد أبو طاهر البغدادي البزاز [22] ، ومحمد بن أحمد بن عمر أبو بكر الضرير الرملي [23] ، ومحمد بن محمد بن فيروز [24] ، وخلق كثير غيرهم .




    مؤلفاته : ترك لنا الطبري ثروة علمية تدل على غزارة علمه ، وسعة ثقافته ،، ودقته في اختيار العلوم الشرعية والأحكام المتعلقة بها ، وكان له قلم سيَّال ، ونَفَس طويل ، وصبر في البحث والدرس ، فكان يعتكف على التصنيف ، وكتابة الموسوعات العلمية في صنوف العلوم ، مع ما منَّ الله عليه من ذكاء خارق ، وعقل راجح متفتح ، وجَلَد على تحمل المشاق ؛ ومن هذه المؤلفات : 1- جامع البيان في تأويل القرآن ، المعروف بتفسير الطبري .2- تاريخ الأمم والملوك ، المعروف بتاريخ الطبري .3- كتاب ذيل المذيل .4- اختلاف علماء الأمصار في أحكام شرائع الإسلام ، المعروف باختلاف الفقهاء وهو في علم الخلاف .5- لطيف القول في أحكام شرائع الإسلام ، وهو كتاب فقه في المذهب الجريري .6- الخفيف في أحكام شرائع الإسلام ، وهو في تاريخ الفقه .7- بسط القول في أحكام شرائع الإسلام ، وهو في تاريخ الفقه الإسلامي و رجاله وأبوابه .8- تهذيب الآثار وتفصيل الثابت عن رسول الله من الأخبار ، وسماه القفطي (شرح الآثار) وهو كتاب في الحديث ، بقيت منه بقايا طُبعت في أربع مجلدات .9- آداب القضاة ، وهو في الفقه عن أحكام القضاء وأخبار القضاة .10- أدب النفوس الجيدة والأخلاق الحميدة .11- كتاب المسند المجرد ، ذكر فيه الطبري حديثه عن الشيوخ ، بما قرأه على الناس .12- الرد على ذي الأسفار ، وهو ردٌّ على داود بن علي الأصبهاني مؤسِّس المذهب الظاهري .13- كتاب القراءات وتنزيل القرآن ، ويوجد منه نسخة خطية في الأزهر.14- صريح السنة ، وهي رسالة في عدة أوراق في أصول الدين .15- البصير في معالم الدين. وهو رسالة في أصول الدين ، كتبها لأهل طبرستان فيما وقع بينهم من الخلاف في الاسم والمسمى ، وذكر مذاهب أهل البدع ، والرد عليهم .16- فضائل علي بن أبي طالب ، وهو كتاب في الحديث والتراجم ، ولم يتمه الطبري رحمه الله .17- فضائل أبي بكر الصديق وعمر، ولم يتمه .18- فضائل العباس ، ولم يتمه .19- كتاب في عبارة الرؤيا في الحديث ، ولم يتمه .20- مختصر مناسك الحج .21- مختصر الفرائض .22- الرد على ابن عبد الحكم على مالك ، في علم الخلاف والفقه المقارن .23- الموجز في الأصول ، ابتدأه برسالة الأخلاق ، ولم يتمه .24- الرمي بالنشاب ، أو رمي القوس ، وهو كتاب صغير، ويُشك في نسبته إلى الطبري .25- الرسالة في أصول الفقه . ذكرها الطبري في ثنايا كتبه ، ولعلها على شاكلة الرسالة للإمام الشافعي في أصول الاجتهاد والاستنباط .26- العدد و التنزيل .27- مسند ابن عباس . ولعله الجزء الخاص من كتاب (تهذيب الآثار) ، وطبعت البقية الباقية منه في مجلدين .28- كتاب المسترشد .29- اختيار من أقاويل الفقهاء [25].


    منهجه في التفسير لقد لخص لنا الأستاذ الفاضل محمد محمود الحلبي - في كلمة الناشر للطبعة الثالثة - منهجَ الطبري باختصار فقال: "وهو تفسير ذو منهج خاص، يذكر الآية أو الآيات من القرآن، ثم يعقبها بذكر أشهر الأقوال التي أُثرت عن الصحابة والتابعين من سلف الأمة في تفسيرها، ثم يورد بعد ذلك روايات أخرى متفاوتة الدرجة في الثقة والقوة في الآية كلها أو في بعض أجزائها بناءً على خلافٍ في القراءة أو اختلاف في التأويل، ثم يعقِّب على كل ذلك بالترجيح بين الروايات واختيار أولاها بالتقدمة، وأحقها بالإيثار، ثم ينتقل إلى آية أخرى فينهج نفس النهج: عارضًا ثم ناقدًا ثم مرجِّحًا"."وهو إذ ينقد أو يرجِّح يردُّ النقد أو الترجيح إلى مقاييس تاريخية من حال رجال السند في القوة والضعف، أو إلى مقاييس علمية وفنية: من الاحتكام إلى اللغة التي نزل بها الكتاب، نصوصها وأقوال شعرائها، ومن نقد القراءة وتوثيقها أو تضعيفها، ومن رجوع إلى ما تقرر بين العلماء من أصول العقائد، أو أصول الأحكام أو غيرهما من ضروب المعارف التي أحاط بها ابن جرير، وجمع فيها مادة لم تجتمع لكثير من غيره من كبار علماء عصره"[26].

    مما يأتيني عن طريق القروب

  4. #4
    محاضر ومسؤول دراسات عليا في جامعة القاضي عياض، المغرب
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    1,497
    رائعة هذه السلسلة المعرفة بأعلام علم التفسير
    زادك الله حرصا أستاذ فراس وبارك في جهدك ونفع بك دوما
    أَسْرِي سَقَى شِعْرِي الْعُلا فَتَحَرَّرَا = وَرَقَى بِتَالِيهِ الْمُنَى فَتَجَاسَرَا

  5. #5
    شكرا لك دكتور لثنائك العطر ومتابعتك التي أبحث:
    ****************

    الإمام القرطبي


    اسمه و مولده :


    هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فَرْح الأنصاري الخزرجي الأندلسي القرطبي المفسِّر [1] . ولد في قرطبة [2] أوائل القرن السابع الهجري (ما بين 600 - 610هـ) [3] ، وعاش بها [4] ، ثم انتقل إلى مصر حيث استقر بِمُنْيَة بني خصيب في شمال أسيوط ، ويقال لها اليوم : المنيا ، وبقي فيها حتى تُوفِّي [5] .


    نشأته و تربيته : أقبل القرطبي منذ صغره على العلوم الدينية والعربية إقبال المحبِّ لها، الشغوف بها ؛ ففي قرطبة تعلم العربية والشعر إلى جانب تعلمه القرآن الكريم ، وتلقى بها ثقافة واسعة في الفقه والنحو والقراءات وغيرها على جماعة من العلماء المشهورين ، وكان يعيش آنذاك في كنف أبيه ورعايته ، وبقي كذلك حتى وفاة والده سنة 627هـ [6] . وكان إلى جانب تلقيه العلم ينقل الآجُرَّ لصنع الخزف في فترة شبابه ، وقد كانت صناعة الخزف والفخَّار من الصناعات التقليدية التي انتشرت في قرطبة آنذاك . و كانت حياته متواضعة ، إذ كان من أسرة متوسطة أو خامِلة - مع علوِّ حَسَبه ونسبه - إلا أنه أنبه شأن أسرته ، وأعلى ذِكرها بما قدَّم من آثار ومؤلفات . عاش مأساة الأندلس ، فقد بقي بقرطبة حتى سقوطها ، وخرج منها نحو عام 633هـ، فرحل إلى المشرق طلبًا للعلم من مصادره ، فانتقل إلى مصر التي كانت محطًّا لكثير من علماء المسلمين على اختلاف أقطارهم ، فدرس على أيدي علمائها ، واستقرَّ بها [7] .



    ملامح شخصيته وأخلاقه : 1- زهده وورعه : كان القرطبي - رحمه الله - من الزهد والورع بمكان ، ومن ثَمَّ أثنى عليه المؤرخون لتحلِّيه بهذه الصفات الحميدة ؛ قال ابن فرحون : " كان من عباد الله الصالحين ، والعلماء العارفين الورعين ، الزاهدين في الدنيا ، المشغولين بما يعنيهم من أمور الآخرة " [8] . ونرى في مطالعتنا لكتب القرطبي نَفَس العالِم الصالح الورع الزاهد في كل صفحة من صفحاتها ، فهو يشكو دائمًا من كثرة الفساد ، وانتشار الحرام ، والابتعاد عن الواجبات ، والوقوع في المحرمات [9] . و من مظاهر ورعه و زهده : تصنيفه كتابي ( قمع الحرص بالزهد والقناعة ) و( التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة ). و من مظاهره أيضًا : ذَمُّه الغِنَى الذي يجعل صاحبه مزهوًّا به ، بعيدًا عن تعهُّد الفقراء ، ضعيفًا في التوكل على ربِّ الأرض والسماء [10] .

    2- شجاعته وجرأته في الحق : لا غرابة في أن يكون القرطبي شجاع القلب ، جريئًا في إعلان ما يراه حقًّا ؛ لأنه قد اكتسب تلك الأسباب التي تسلحه بهذه الجرأة من علم واسع ، وورعٍ مشهود ، واستهانة بالدنيا ومظاهرها ؛ لهذا كان رحمه الله ممن لا تأخذه في الله لومة لائم ، ويتمثل هذا في إيمائه في أكثر من موضع في تفسيره إلى أن الحكام في عصره حادوا عن سواء السبيل ، فهم يظلمون ويرتشون ، وتسوَّد عندهم أهل الكتاب ، ومن ثَمَّ فهم ليسوا أهلاً للطاعة ، ولا للتقدير [11] . نذكر من ذلك ما كتبه في (التذكرة) إذ يقول : " هذا هو الزمان الذي استولى فيه الباطل على الحق ، وتغلَّب فيه العبيد على الأحرار من الخلق ، فباعوا الأحكام ، ورضي بذلك منهم الحكام، فصار الحكم مكسًا ، والحق عكسًا لا يوصل إليه ، ولا يقدر عليه ، بدَّلوا دين الله ، وغيَّروا حكم الله ، سمَّاعون للكذب أكَّالون للسحت ، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [12] " [13] .
    3- بساطته و تواضعه : كان رحمه الله - فيما عرف عنه - يُعنى بمظهره دون تكلف وبذخ ؛ إذ كان يمشي بثوب واحد مما يدل على رقة حاله ، وأنه لم يصب من الغنى ما يجعله يعيش حياة مترفة [14] .
    4- الجدية ومضاء العزيمة : إن الدارس لحياة القرطبي ليعجب كل العجب من حياة الجد والصرامة التي أخذ نفسه بها حتى ألفها ، فهو رحمه الله قد كرَّس حياته للعلم والمطالعة والتأليف، دون أن يُؤثَر عنه ملل أو سَأَم ، أو يُعرف عنه أنه كان يتوقف عن ذلك لراحةٍ أو استجمام [15] ؛ ولذا وصفه مترجموه بقولهم : " أوقاته معمورة ما بين توجُّه وعبادة وتصنيف "[16] . ولا شك أن جدية إمامنا القرطبي كانت بسبب استشعار قيمة وعظمة ما يدرس ويصنِّف ، فهو على صلة دائمة مع النصوص الشرعية التي تحث على الصدق في القول والعمل ، ومخاطبة الناس بالطيب من القول ، وتنهى عن السفه وبذاءة اللسان ، وتنفِّر من الكبر والرياء والنفاق، وتحذِّر من الافتتان بمباهج الحياة والانسياق وراء مغرياتها . ولا نستغرب ولا تنتابنا الدهشة من هذا الخُلُق إذا فهمنا البواعث النفسية التي كانت تسيطر على صاحبنا ، فهو كثير الهمِّ على مسلمي عصره ، شديد التمسك بسُنَّة نبيه ، متأثر بما حلَّ ببلاده ، حريص على العلم الشرعي ، فضلاً عن تأثره بخُلُق كثير من مشايخه لا سيما المحدِّثين منهم ، الذين كانوا يتصدرون لتدريس الحديث وروايته ، ويحرصون كل الحرص على التقيد بالآداب العامة ، ويتشددون في التزامها والتحلي بها ؛ كي يكون لهم المهابة والوقار في نفوس مستمعيهم وطلابهم ، وحتى لا يكون هناك تناقض بين سلوكهم وأقوالهم ، بل هم يشددون على أنفسهم كي يكونوا قدوةً حسنة لتلاميذهم [17] . 5- أمانته : كان القرطبي - رحمه الله - يلتزم الأصول العلمية ، ويتبع أساليب العلماء الفضلاء الذين لا يعنيهم إلا أن يثبتوا الفضل لأهله ، ويتورعوا عن أن ينسبوا لأنفسهم ما ليس لهم . وهذه هي الأمانة العلمية التي يعمل علماء العالم الآن على تأصيلها ، وتثبيت قيمها ، واتخاذ أساليب لتنفيذها ؛ ولا يتصور أنها تخرج عما ارتضاه الإمام القرطبي لنفسه حين كتب (تفسيره) حيث قال : " وشرطي في هذا الكتاب إضافة الأقوال إلى قائليها ، والأحاديث إلى مصنفيها ، فإنه يقال : من بركة العلم أن يضاف إلى قائله " [18] .


    6- اجتهاده وكثرة مطالعته : ذكر غير واحد من مؤرخي حياة إمامنا القرطبي أن أوقاته كانت معمورة بين توجه للعبادة أو التصنيف ، وهذا شأن العلماء ، وسمة العارفين الفضلاء ، ومنشأ هذه الميزة في شخصيته العلمية هي جديته في الحياة ، ومضاء عزيمته كما ذكرنا .كان - رحمه الل ه- كثير المطالعة ، مجدًّا في التحصيل ، كثير الحديث عما يشكل . و كان يحب الكتب حبًّا جمًّا ، ويحرص على جمعها واقتنائها ، حتى لقد تجمَّع لديه منها مجموعات كثيرة منوَّعة ؛ ولو أن باحثًا قام بجمع موارده في (تفسيره) فقط ، لتجمَّع لديه الشيء الكثير ، والعجب العجاب من آثار المشرقيين والمغربيين معًا . و إليك مثال من حبِّه للكتب وشغفه بالمطالعة ، من كتابه (التذكرة) فقط ؛ قال رحمه الله : " وكنتُ بالأندلس قد قرأتُ أكثر كتب المقرئ الفاضل أبي عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان ، تُوُفِّي سنةَ أربعٍ وأربعين وأربعمائة "[19] . فهذا النص يدلنا على ولعه بالقراءة والكتب منذ نعومة أظفاره ، إذ صرَّح بأنه قرأ أكثر كتب ذلك العالِم المذكور وهو في الأندلس بعدُ . كما كان ولوعًا بكتب حافظ المغرب (ابن عبد البر) ، والفقيه العلامة المالكي (ابن العربي) ، فأكثر النقل من كتبهما ، ولا سيما (التمهيد) للأول ، و(أحكام القرآن) للثاني ، وهذا يدلنا على مدى تأثره بهما ، إذ اجتمع معهما في صفات علمية كثيرة [20] .

    شيوخه : من شيوخ القرطبي : 1- ابن رَوَاج : وهو الإمام المحدث أبو محمد عبد الوهاب بن رواج ، واسمه ظافر بن علي بن فتوح الأزدي الإسكندراني المالكي ، المُتوفَّى سنة 648هـ [21] .2- ابن الجُمَّيْزِيّ: وهو العلامة بهاء الدين أبو الحسن علي بن هبة الله بن سلامة المصري الشافعي ، المتوفَّى سنة 649هـ ، وكان من أعلام الحديث والفقه والقراءات [22] .3- أبو العباس ضياء الدين أحمد بن عمر بن إبراهيم المالكي القرطبي ، المتوفَّى سنة 656هـ، صاحب (المُفهِم في شرح صحيح مسلم) [23] .4- الحسن البكري: هو الحسن بن محمد بن عمرو التَّيْمِيُّ النيسابوري ثم الدمشقي ، أبو علي صدر الدين البكري ، المتوفَّى سنة 656هـ [24] .



    تلاميذه : من أشهر تلاميذه ابنه شهاب الدين أحمد [25] ، وأبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير بن محمد بن إبراهيم بن الزبير بن عاصم الثقفي العاصمي الغرناطي [26] ، وإسماعيل بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الصمد الخراستاني [27] ، وأبو بكر محمد ابن الإمام الشهيد كمال الدين أبي العباس أحمد بن أمين الدين أبي الحسن علي بن محمد بن الحسن القسطلاني المصري [28] ، وضياء الدين أحمد بن أبي السعود بن أبي المعالي البغدادي ، المعروف بالسطريجي [29] .



    مؤلفاته : ذكر المؤرخون للقرطبي - رحمه الله - عدَّة مؤلفات غير تفسيره العظيم (الجامع لأحكام القرآن) [30] ؛ ومن هذه المؤلفات : (التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة) ، وهو مطبوع متداول [31] .(التذكار في أفضل الأذكار) ، وهو أيضًا مطبوع متداول [32] . (الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى وصفاته العليا) [33] . (الإعلام بما في دين النصارى من المفاسد والأوهام وإظهار محاسن دين الإسلام) [34] .(قمع الحرص بالزهد والقناعة وردّ ذُل السؤال بالكسب والصناعة)[35] .وقد أشار القرطبي في تفسيره إلى مؤلفات له ، منها : (المقتبس في شرح موطأ مالك بن أنس) [36] ، و(اللمع اللؤلؤية في شرح العشرينات النبوية) [37] ، وغيرها من التصانيف .








    منهج القرطبي في التفسير: قدَّم المؤلف لتفسيره مقدمة حافلة ببيان فضائل القرآن وآداب حملته ، وما ينبغي لصاحب القرآن أن يأخذ نفسه به . ثم أوضح مقصده وباعثه على كتابة هذا التفسير بقوله : " وعملته تذكرةً لنفسي ، وذخيرةً ليوم رَمْسِي ، وعملاً صالحًا بعد موتي " [38] . وقد التزم القرطبي في هذا التفسير الأمانة العلمية ، والموضوعية في الإفادة من أسلافه ؛ فقال : " وشرطي في هذا الكتاب إضافة الأقوال إلى قائليها ، والأحاديث إلى مصنفيها ، فإنه يقال : من بركة العلم أن يضاف القول إلى قائله " [39] .وكان لا يقف في تفسير القرآن عند حدِّ ما رُوي من ذلك عن الرسول والسلف الصالح ، بل يتخذ ما أُوتيه من أدوات العلم وسيلةً يستعين بها على فهمه .وكان يقصد إلى تفسير القرآن الكريم ببيان التعبير القرآني وأسراره ومنزلته من الكلام العربي ، ومن هنا عُنِي باللغات والإعراب والقراءات ؛ كان يورد الآية أو الآيات ويفسرها بمسائل يجمعها في أبواب ، فيقول مثلاً تفسير سورة الفاتحة ، وفيه أربعة أبواب ؛ الباب الأول : في فضلها وأسمائها ، وفيه سبع مسائل ويذكرها . الباب الثاني : في نزولها وأحكامها ، وفيه عشرون مسألة . الباب الثالث : في التأمين ، وفيه ثماني مسائل . الباب الرابع : فيما تضمنته الفاتحة من المعاني والقراءات والإعراب ، وفضل الحامدين ، وفيه ست وثلاثون مسألة ، و هكذا. و تارةً يكون التفسير بمسائل يعدُّها على نحو ما تقدم من دون فتح باب ، ولا ذكر عنوان .وكان القرطبي في هذه المباحث أو المسائل ينتقل من تفسير المفردات اللغوية وإيراد الشواهد الشعرية ، إلى بحث اشتقاق الكلمات ومآخذها ، إلى تصريفها وإعلالها ، إلى تصحيحها وإعرابها ، إلى ما قاله أئمة السلف فيها ، إلى ما يختاره المؤلف أحيانًا من معانيها .وأحسن المؤلف كل الإحسان بعزو الأحاديث إلى مخرِّجيها من أصحاب الكتب الستة وغيرهم ، وقد يتكلم على الحديث متنًا وسندًا ، قبولاً وردًّا [40] . وكان القرطبي يبين أسباب النزول ، ويذكر القراءات واللغات ووجوه الإعراب ، وتخريج الأحاديث ، وبيان غريب الألفاظ ، وتحديد أقوال الفقهاء ، وجمع أقاويل السلف، ومن تبعهم من الخلف ؛ ثم أكثر من الاستشهاد بأشعار العرب ، ونقل عمن سبقه في التفسير، مع تعقيبه على ما ينقل عنه ، مثل ابن جرير، وابن عطية ، وابن العربي ، و إلْكِيَا الهرَّاسي ، وأبي بكر الجصَّاص .وأضرب عن كثير من قصص المفسرين ، وأخبار المؤرخين والإسرائيليات وذكر جانبًا منها أحيانًا ؛ كما ردَّ على الفلاسفة والمعتزلة وغلاة المتصوفة وبقية الفرق ، ويذكر مذاهب الأئمة ويناقشها ، ويمشي مع الدليل ، ولا يتعصب لمذهبه (المالكي) ، وقد دفعه الإنصاف إلى الدفاع عن المذاهب والأقوال التي نال منها ابن العربي المالكي في تفسيره ، فكان القرطبي حرًّا في بحثه ، نزيهًا في نقده ، عفيفًا في مناقشة خصومه ، وفي جدله ، مع إلمامه الكافي بالتفسير من جميع نواحيه ، وعلوم الشريعة .


    آراء العلماء فيه : قال عنه ابن فرحون : " كان من عباد الله الصالحين ، والعلماء العارفين الورعين الزاهدين في الدنيا ، المشغولين بما يعنيهم من أمور الآخرة ، أوقاته معمورة ما بين توجه وعبادة وتصنيف " [41] . وقال عنه الذهبي : " إمام متفنن متبحر في العلم " [42] . وقال ابن العماد الحنبلي عن القرطبي : " كان إمامًا عَلَمًا، من الغوَّاصين على معاني الحديث " [43] . وقال عنه الزركلي : " من كبار المفسرين ، صالح متعبد " [44] . آراء العلماء في مؤلفاته : قال الذهبي عن مؤلفاته : " له تصانيف مفيدة ، تدل على كثرة اطلاعه و وفور فضله ... و قد سارت بتفسيره العظيم الشأن الركبان ، و هو كامل في معناه . و له كتاب (الأسنى في الأسماء الحسنى) ، و كتاب (التذكرة) ، و أشياء تدل على إمامته و ذكائه و كثرة اطلاعه " [45] . وقال ابن فرحون عن كتابه (جامع أحكام القرآن والمبين لما تضمن من السنة وآي القرآن) : " وهو من أجلِّ التفاسير وأعظمها نفعًا ، أسقط منه القصص والتواريخ ، وأثبت عوضها أحكام القرآن واستنباط الأدلة ، وذكر القراءات والإعراب ، والناسخ والمنسوخ " [46] . و قال ابن فرحون أيضًا : " وكتاب التذكار في أفضل الأذكار وضعه على طريقة التبيان للنووي، لكن هذا أتم منه ، وأكثر علمًا " [47] .وقال ابن فرحون أيضًا عن كتابه (قمع الحرص بالزهد والقناعة وردّ ذل السؤال بالكتب والشفاعة) : " لم أقف على تأليفٍ أحسن منه في بابه " [48] . وقال ابن العماد الحنبلي عن مؤلفاته : " حسن التصنيف، جيد النقل " [49] .

  6. #6


    الإمام المفسر جلال الدين السيوطي



    اسمه و مولده :



    هو الإمام الحافظ أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن كمال الدين أبي المناقب أبي بكر بن ناصر الدين محمد بن سابق الدين أبي بكر بن فخر الدين عثمان بن ناصر الدين محمد بن سيف الدين خضر بن نجم الدين أبي الصلاح أيوب بن ناصر الدين محمد بن الشيخ همام الدين الهمام الخضيري الأسيوطي [1] . وُلِد السيوطي في القاهرة [2] بعد المغرب ليلة يوم الأحد غرة شهر رجب سنة 849هـ/ أكتوبر 1445م [3] ، وعاش بها القاهرة [4] .




    طفولته و تربيته : كان جلال الدين السيوطي سليل أسرة اشتهرت بالعلم والتدين، وكان أبوه من العلماء الصالحين ذوي المكانة العلمية الرفيعة التي جعلت بعض أبناء العلماء والوجهاء يتلقون العلم على يديه . وقد تُوفِّي والد السيوطي ولابنه من العمر ست سنوات، فنشأ الطفل يتيمًا ، واتجه إلى حفظ القرآن الكريم ، فأتم حفظه وهو دون الثامنة [5] ، ثم حفظ بعض الكتب في تلك السن المبكرة مثل : العمدة ، ومنهاج الفقه والأصول ، وألفية ابن مالك ؛ فاتسعت مداركه ، وزادت معارفه . وكان السيوطي محل العناية والرعاية من عدد من العلماء من رفاق أبيه ، وتولى بعضهم أمر الوصاية عليه ، ومنهم (الكمال ابن الهمام الحنفي) أحد كبار فقهاء عصره ، وتأثر به الفتى تأثرًا كبيرًا، خاصةً في ابتعاده عن السلاطين وأرباب الدولة [6] . ولو نظرنا في الطفولة المبكرة للسيوطي فإننا نرى مدى الحرص الشديد على تلقي العلم منذ الأيام الأولى ، فقد كان هناك وعي كبير بأهمية العلم وقيمته في عملية التربية ؛ يوجَّه الولد نحو حفظ القرآن الكريم ، وحفظ المتون الدينية ، كما نرى مدى حرص الآباء على أن يدفعوا أولادهم نحو العلوم .عاش السيوطي في عصر كثر فيه العلماء الأعلام الذين نبغوا في علوم الدين على تعدد ميادينها ، وتوفروا على علوم اللغة بمختلف فروعها، وأسهموا في ميدان الإبداع الأدبي ، فتأثر السيوطي بهذه النخبة الممتازة من كبار العلماء ، فابتدأ في طلب العلم سنة (864هـ/ 1459م) ودرس الفقه والنحو والفرائض ، ولم يمضِ عامان حتى أجيز بتدريس العربية ، وألَّف في تلك السنة أول كتبه وهو في سن السابعة عشرة ، فألف (شرح الاستعاذة والبسملة) ، فأثنى عليه شيخه علم الدين البلقيني ، فكتب عليه تقريظًا ، ولازمته في الفقه إلى أن مات ، فلازمت ولدَه [7] .




    ملامح شخصيته وأخلاقه : كان السيوطي واسع العلم غزير المعرفة ؛ قال عن نفسه : " قد رُزقتُ - ولله الحمد - التبحر في سبعة علوم : التفسير والحديث والفقه والنحو والمعاني والبيان والبديع " [8] . إضافةً إلى أصول الفقه والجدل والتصريف ، والإِنشاء والترسُّل والفرائض والقراءات التي تعلمها بنفسه ، والطب ، غير أنه لم يقترب من علمي الحساب والمنطق [9] . عاصر السيوطي 13 سلطانًا مملوكيًّا [10] ، وكانت علاقته بهم متحفظة، وطابعها العام المقاطعة وإن كان ثمة لقاء بينه وبينهم ؛ فقد وضع نفسه في مكانته التي يستحقها ، وسلك معهم سلوك العلماء الأتقياء ، فإذا لم يقع سلوكه منهم موقع الرضا قاطعهم وتجاهلهم. وكان الأمراء والأغنياء يأتون إلى زيارته ويعرضون عليه الأموال النَّفيسة فيردها ، وأهدى إليه الغوري خَصِيًّا وألف دينار، فردَّ الألف وأخذ الخصيّ َ، فأعتقه وجعله خادمًا في الحجرة النبوية ، وقال لقاصد السلطان : لا تعُدْ تأتينا بهدية قطُّ ؛ فإن الله تعالى أغنانا عن مثل ذلك . و طلبه السلطان مرارًا فلم يحضر إليه [11] ، وألَّف في ذلك كتابًا أسماه ( ما وراء الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين )[12] . شيوخه : كان منهج السيوطي في الجلوس إلى المشايخ هو أنه يختار شيخًا واحدًا يجلس إليه ، فإذا ما توفِّي انتقل إلى غيره ، وكان عمدة شيوخه ( محيي الدين الكافيجي ) الذي لازمه السيوطي أربعة عشر عامًا كاملة ، وأخذ منه أغلب علمه في التفسير والأصول والعربية والمعاني ، وأطلق عليه لقب ( أستاذ الوجود ) . ومن شيوخه (شرف الدين المُنَاويّ) وأخذ عنه القرآن والفقه ، و(تقي الدين الشبلي) وأخذ عنه الحديث أربع سنين ، وأخذ العلم أيضًا عن شيخ الحنفية (الأقصرائي) و(العز الحنبلي) ، و(المرزباني) و(جلال الدين المحلي) و(تقي الدين الشمني) و(علم الدين البلقيني) ، وغيرهم [13] . ولم يقتصر تلقي السيوطي على الشيوخ من العلماء الرجال ، بل كان له شيوخ من النساء اللاتي بلغن الغاية في العلم ، منهن (آسية بنت جار الله بن صالح الطبري) ، و(كمالية بنت عبد الله بن محمد الأصفهاني) ، و(أم هانئ بنت الحافظ تقي الدين محمد بن محمد بن فهد المكي) ، و(خديجة بنت فرج الزيلعي) ، وغيرهن كثير[14] .


    تلاميذه : وتلاميذ السيوطي من الكثرة والنجابة بمكان ، وأبرزهم (شمس الدين الداودي) صاحب كتاب (طبقات المفسرين) الذي كتبه بمساعدة أستاذه السيوطي ، و(شمس الدين بن طولون) صاحب كتاب (مفاكهة الخلان) ، و(شمس الدين الشامي) صاحب كتاب (السيرة الشامية) ، والمؤرخ الكبير (ابن إياس) صاحب كتاب (بدائع الزهور) [15] .


    مؤلفاته : زادت مؤلفات السيوطي على الثلاثمائة كتاب ورسالة ، عدَّ له بروكلمان (415) مؤلَّفًا ، وأحصى له حاجي خليفة في كتابه (كشف الظنون) حوالي (576) مؤلفًا ، ووصل بها البعض كابن إياس إلى (600) مؤلف .

    ومن مؤلفاته في علوم القرآن والتفسير: 1- الإتقان في علوم القرآن . 2- متشابه القرآن .3- الإكليل في استنباط التنزيل . 4- مفاتح الغيب في التفسير.5- طبقات المفسرين . 6- الألفية في القراءات العشر. 7- التحبير في علوم التفسير. 8- الناسخ والمنسوخ في القرآن .9- التفسير المسند المسمَّى (ترجمان القرآن) . 10- الدر المنثور في التفسير بالمأثور . أما الحديث وعلومه ، فكان السيوطي يحفظ مائتي ألف حديث كما رَوَى عن نفسه ، وكان مغرمًا بجمع الحديث واستقصائه ؛ لذلك ألف عشرات الكتب في هذا المجال ، يشتمل الواحد منها على بضعة أجزاء ، وفي أحيانٍ أخرى لا يزيد على بضع صفحات .



    ومن كتبه : 11- إسعاف المبطأ في رجال الموطأ . 12- تنوير الحوالك في شرح موطأ الإمام مالك .13- جمع الجوامع. 14- الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة .15- المنتقى من شعب الإيمان للبيهقي . 16- أسماء المدلسين .17- آداب الفُتْيا . 18- طبقات الحفاظ .



    وفي الفقه ألَّف: 19- الأشباه والنظائر في فقه الإمام الشافعي . 20- الحاوي في الفتاوي .21- الجامع في الفرائض . 22- تشنيف الأسماع بمسائل الإجماع .





    و في اللغة وعلومها كان له فيها أكثر من مائة كتاب ورسالة، منها :

    23- المزهر في اللغة . 24- الأشباه والنظائر في اللغة .25- الاقتراح في النحو . 26- التوشيح على التوضيح .27- المهذب فيما ورد في القرآن من المعرب . 28- البهجة المرضية في شرح ألفية ابن مالك .



    وفي ميدان البديع كان له :

    29- عقود الجمان في علم المعاني والبيان . 30- الجمع والتفريق في شرح النظم البديع .31- فتح الجليل للعبد الذليل .




    و في التاريخ والطبقات ألف أكثر من (55) كتابًا ورسالة ، يأتي في مقدمتها :

    32- حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة . 33- تاريخ الخلفاء .34- الشماريخ في علم التاريخ . 35- تاريخ الملك الأشرف قايتباي .36- الإصابة في معرفة الصحابة . 37- بغية الوعاة في طبقات النحاة .38- نظم العقيان في أعيان الأعيان . 39- در السحابة فيمن دخل مصر من الصحابة . 40- طبقات الأصوليين .


    ومن مؤلفاته الأخرى الطريفة :

    41- منهل اللطايف في الكنافة والقطايف . 42- الرحمة في الطب والحكمة .43- الفارق بين المؤلف والسارق . 44- الفتاش على القشاش .45- الرد على من أخلد إلى الأرض وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض[16] .وقد شاءت إرادة الله أن تحتفظ المكتبة العربية والإسلامية بأغلب تراث الإمام السيوطي ، وأن تطبع غالبية كتبه القيمة ، وينهل من علمه الكثيرون . وقد ذكر الأستاذ إياد خالد الطباع أغلب مؤلفات الإمام السيوطي في كتابه (الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي).




    منهجه في التفسير:وأهم ما يميز تفسير السيوطي :

    1- يذكر مكان نزول السورة ، وهل هي مكية أم مدنية . 2- يذكر ما ورد في هذه السورة من فضائل .3- يقسم السورة إلى مقاطع ، فيذكر الآية أو الآيتين في السور المدنية الطوال ، أو مجموعة من الآيات في السور المكية القصار.4- ثم يفسِّر الكلمة أو الجملة مبيِّنًا فيها : أ- سبب النزول إن وجد . ب - القراءات : إن ورد فيها قراءات . ج- الناسخ والمنسوخ د - شرح غريب اللفظ ، ومبهم العبارات .هـ- إذا كانت الآية تتضمن أحكامًا فقهية ، فإنه يذكر ما ورد فيها من أحكام [17] .

    ...

    [

  7. #7

    الإمام النسفي


    اسمه ونسبه :


    هو حافظ الدين عبد الله بن أحمد بن محمود حافظ الدين أبو البركات النسفي الحنفي ، و النسفي نسبة إلى نسف من بلاد السند فيما وراء النهر بين جيحون و سمرقند ، وهو من كبار أئمة الأحناف، وأهم أعيان الماتريدية .

    مولد النسفي : لم يُعرف تحديدًا السنة التي وُلد فيها .



    البلد التي ولد فيها : أصبهان .

    شيوخ النسفي : تفقه على محمد بن عبد الستار الكردري ، وعلى حميد الدين الضرير، وبدر الدين خواهر زاده ، وغيرهم .

    مؤلفات النسفي : أشهر تصانيفه : مدارك التنزيل وحقائق التأويل في تفسير القرآن . ومن مؤلفاته أيضًا : كنز الدقائق في الفقه ، والمنار في أصول الفقه ، وكشف الأسرار وشرح المنار ، والوافي في الفروع ، والكافي في شرح الوافي ، والمصفى في شرح منظومة أبي حفص النسفى في الخلاف .







    ثناء العلماء على النسفي : قال عنه صاحب كتاب معجم المطبوعات العربية : كان إمامًا كاملاً عديم النظير في زمانه ، رأسًا في الفقه والأصول ، بارعًا في الحديث ومعانيه .


    وفاة النسفي : توفي في أصبهان سنة 710هـ / 1310م .


    المراجع : - هدية العارفين .. الباباني .- معجم المطبوعات العربية.. إليان سركيس .- الأعلام .. الزركلي .

  8. #8

    الإمام الواحدي النيسابوري


    نسبه ومولده :


    علي بن أحمد بن محمد بن علي ، أبو الحسن الواحدي النيسابوري . كان من أولاد التجار من ساوه ، وكان أوحد عصره في التفسير. كان إمامًا عالمًا بارعًا محدثًا ؛ وكان له أخ اسمه عبد الرحمن قد تفقه وحدث أيضًا، أصله من (ساوة) من قرى نيسابور بخراسان ، وكان مولده بنيسابور .



    مؤلفاته : من تصانيفه : أسباب النزول ، شرح الأسماء الحسنى ، شرح ديوان المتنبي ، وصنف ثلاثة تفاسير للقرآن الكريم : البسيط والوسيط ، والوجيز . وبتلك الأسماء سمى الغزالي تواليفه الثلاثة في الفقه . و لأبي الحسن كتاب أسباب النزول ، مروي ، وكتاب التحبير في الأسماء الحسنى ، وشرح ديوان المتنبي . وكان طويل الباع في العربية واللغات . وله أيضًا : كتاب الدعوات ، وكتاب المغازي ، وكتاب الإغراب في الإعراب ، وكتاب تفسير النبي ، وكتاب نفي التحريف عن القرآن الشريف .



    آراء العلماء فيه : ذكر السيوطي في طبقات المفسرين : أنه كان واحد عصره في التفسير، نعته الذهبي بإمام علماء التأويل .


    شيوخه : لزم الأستاذ أبا إسحاق الثعلبي ، وأكثر عنه ، وأخذ علم العربية عن أبي الحسن القهندزي الضرير. وسمع من : أبي طاهر بن محمش ، والقاضي أبي بكر الحيري ، وأبي إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ ، ومحمد بن إبراهيم المزكي ، وعبد الرحمن بن حمدان النصروي ، وأحمد بن إبراهيم النجار، وخلق .










    تلامذته : روى عنه أحمد بن عمر الأرْغيَانيِ ، وعبد الجبار بن محمد الخُوَارِيّ ، وحدث عنه : أحمد بن عمر الأرغياني ، وعبد الجبار بن محمد الخواري ، وطائفة أكبرهم الخواري .


    أهم ملامح شخصيته : كان منطلق اللسان في جماعة من العلماء ما لا ينبغي ، وقد كفر من ألف كتاب حقائق التفسير، فهو معذور . وله شعر رائق ، تصدر للتدريس مدة ، وعظم شأنه .قال عن نفسه : درست اللغة على أبي الفضل أحمد بن محمد بن يوسف العروضي وكان من أبناء التسعين . روى عن الأزهري تهذيبه في اللغة ، ولحق السماع من الأصم ، و له تصانيف وأخذت التفسير عن الثعلبي ، والنحو عن أبي الحسن علي بن محمد الضرير، و كان من أبرع أهل زمانه في لطائف النحو و غوامضه ، علقت عنه قريبًا من مائة جزء في المشكلات وقرأت القراءات على جماعة . قال أبو سعد السمعاني : كان الواحدي حقيقًا بكل احترام وإعظام ، لكن كان فيه بسط لسان في الأئمة ، وقد سمعت أحمد بن محمد بن بشار يقول : كان الواحدي يقول : صنف السلمي كتاب حقائق التفسير، ولو قال : إن ذلك تفسير القرآن لكفرته . قلت : الواحدي معذور مأجور .



    وفاته : مات الإمام الواحدي النيسابوري - رحمه الله - بنيسابور في جمادى الآخرة ، سنة ثمان وستين وأربع مائة .
    --

  9. #9
    \سلمت وسلم قلمك ، جهد تشكر عليه للتذكير بعلماء فحول أحبوا كتاب الله فكان لهم فيه ما حبب الخلق فيه / تحيتي .

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-16-2013, 01:38 PM
  2. التفسير الميسر
    بواسطة راما في المنتدى فرسان التفاسير
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-18-2012, 02:16 AM
  3. موسوعة التفسير المسبور من التفسير بالمأثور
    بواسطة عبد الرحمن سليمان في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 03-08-2012, 02:41 PM
  4. من أصول التفسير
    بواسطة الحسن محمد ماديك في المنتدى فرسان التفاسير
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-25-2012, 02:07 PM
  5. احذر من هذا التفسير
    بواسطة noureldens في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 02-25-2007, 06:30 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •