يشرفني بعد معاناتي المريرة في التدريس أشياء عدة:
أولها وأهمها أن أشد الناس مكراً بي وإيذاء لي من أهل التدريس لا يملكون أن ينالوني بكلمة واحدة تمس خلقي أو علمي، وكل ما حاولوا نيلي به لم يتعد جانب التصرفات التافهة والأخطاء الصغيرة التي يأتون أعظم منها وأشد خطراً، وهي أخطاء في نظرهم هم لا في نظر غيرهم ولا في نظر الحق الصراح.
وثانيها أن أحداً ممن حاربوني وأساؤوا إلي لم يكن من أهل الفضل أو الخير فأعتد بمخاصمته، بل كلهم من حثالات الناس حاربوني لنقصهم لا لنقصي، وعادوني لصغارهم في أعين أنفسهم ومن حولهم، وهم من آذوا قبلي كثيراً وبعدي كثيراً بمثل ما آذوني بل بأكثر، وما جرى أن أساء لي أحد إساءة مهما صغرت ثم لم أسمع ذمه على غير ما فم.
ثالثها: محبة طلابي إياي وتفضيلهم لمعرفتهم الحقيقية بي ومعرفتهم الحقيقية كذلك بغيري.
ورابعها: أني عملت على نشر حب العربية والتمسك بالدين والخلق القويم ما وسعني، فلئن حوربت على ذلك فإنني أدخل في زمرة من حوربوا على الحق وما أكثرهم، وألهم النبيون والشهداء والصالحون، وحسن أولئك رفيقاً وإن كنت أحقر شأناً من أن أحسب في زمرتهم.