الذوبان الزوجي
يقصد بمصطلح «الذوبان الزوجي» هو: ان يكون احد الزوجين لاشخصية له في حضور الآخر وقد تجد الذوبان عند الرجال كما النساء، فعندما تكون شخصية الرجل ضعيفة تستلم المرأة دفة القيادة وتكون هي الآمرة الناهية، الامر الذي يضع الزوج محط سخرية من حوله ولاسيما الاهل والاصدقاء.
وقد تجد النساء اكثر عرضة لمسألة «الذوبان» لانهن نشأن على فكرة الطاعة للزوج وهنا لاخلاف على مسألة الطاعة اذا فهمت الفهم الصحيح والامثل..
غير انهن وصلن الى حد الانصياع الاعمى، الذي ادى الى تذويب شخصية المرأة في شخصية زوجها وبالتالي ادى ذلك الى تهميشها والغاء دورها وتدمير شخصيتها وتحطيم ثقتها بنفسها.
وكثيراً ماتحصل حالات طلاق في بداية الحياة الزوجية، لأن احد الزوجين حاول عن قصد او غير قصد تذويب شخصية الطرف الآخر.
طبعاً لابد من وجود بعض الخلافات في بداية الحياة الزوجية لاختلاف بيئة وعادات الزوجين، لذا ينصح علماء النفس والاجتماع في هذه الحالة بـ «الذوبان الجزئي» اي التنازل عن بعض الامور التي لاتضر بشخصية وخصوصية كل طرف ولابمصيره ومستقبله حتى تستمر الحياة الزوجية.
بينما يحذرون من«الذوبان الكلي» لأنه لو طبق لما اضحى لدينا انتاج متميز وابداع متميز.. ويبدو انه كلما تعلمت المرأة واستقلت اقتصادياً اصبح لها شخصية مستقلة وبالتالي تصبح صاحبة «رأي وقرار» وترفض مسألة الذوبان الزوجي، لذلك عمد بعض الرجال وحتى المتعلمين منهم الى العزوف عن الزواج بالمرأة المتعلمة والزواج من الفتاة الصغيرة حتى تكون كما يقال« مثل الخاتم باصبعه» يكوّنها كما يشاء، عاملاً على تذويب شخصيتها كقطعة سكر.
ورغم ذلك فقد فشل كثير منهم لأن تلك الفتاة الصغيرة اللعوب«رقصتهم على الحبل» والامر المفاجىء والذي يثير الكثير من الاسئلة.. هو انه في احدى الاحصائيات التي قام بها الاتحاد النسائي حول العنف ضد النساء في سورية تبين فيها ان المرأة العاملة والمتعلمة والتي تعيش في المدينة هي الاكثر تعرضاً للعنف من المرأة الريفية غير المتعلمة وغير المنتجة.. ويبدو ان الامر يعود الى اسباب كثيرة ومتنوعة اهمها برأيي انها اصبحت ذات شخصية «مستقلة» ولها الحق في ابداء«الرأي» واتخاذ «القرار» رافضة مبدأ الذوبان الزوجي.
أخيراً..
ان التناقض والاختلاف هو جوهر الطبيعة البشرية.. وقد ينجذب احدهم الى شخصية الآخر المختلف عنه، كما ينجذب السالب الى الموجب لانه يجد لديه ما لايجده في نفسه وبذلك يكمل احدهما الاخر ويعيشان حياة زوجية متنوعة لا روتينية.. فهناك نوع من الرجال تربى على احترام المرأة والايمان بشخصيتها المستقلة وبقدراتها ومواهبها ودفعها الى الابداع والمساهمة في بناء الحضارة.
وقد عبّر الاديب جبران خليل جبران عن هذه الظاهرة بقوله:« الحب لايعني ان ينصهر واحدنا بالآخر، فليكن كل منكم وحده كما اوتار القيثارة يقوم كل واحد منها وحده ولكنها جميعاً تخرج نغماً واحداً.. احبوا بعضكم بعضاً ولكن حذار من ان تجعلوا من الحب قيداً».
ريم سعيد