وصلني هذا التعليق من أخي الكريم الأستاذ صالح السلمي :
أخي أبو أشرف تحية طيبة ، مع الاعتذار للمبالغة "المقصودة" في العنوان..
151 يوماً من الإذلال السعودي للولايات المتحدة الأمريكية-صالح السلمي
http://s-alsulami.com/?p=677
أخي الكريم ..صالح .. ولك خالص تحياتي .. لا شك أن من يبحث عن الحقيقة عليه أن يبحث عنها بين أكوام القش .. وعليه فمن حقها علينا أن نقرأ حتى تلك المواضيع التي يعترف أصحابها أنها كتبت كردة فعل على إساءة للبلد .. ولا شك أن الحقيقة - الكاملة على الأقل - في مكان آخر .. بعيدا عن مبالغة المبالغ في المدح .. ومبالغة المبالغ في الذم ..
ويذكر للأخ الكاتب عودته عن العنوان الضخم ... الفخم.
وفي الهامش : إذا كنا فرحنا بإذلال "فيتام"للأمريكان أفلا نفرح لإذلال بلادنا لهم؟!!
جزاك الله خيرا في كل الأحوال.
واسلم لأخيك محمود الشنقيطي
151 يوما من إذلال السعودية للولايات المتحدة الأمريكية : علي بن موسى
 admin ïپ¼ مقالات ïپµ 1 ïپ® 31401  04-ديسمبر-2015
تعالت الأصوات العربية الداعية إلى استعمال سلاح النفط في الصراع العربي-الإسرائيلي من أجل المطالبة بالحقوق العربية ؛ خصوصاً فيما يتعلق بالأراضي العربية المحتلة في فلسطين وسيناء المصرية والجولان السورية ؛ فقد أشار الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله إلى ذلك عندما قال : (إن الدعم الأمريكي الكامل للصهيونية ضد العرب يجعل من الصعوبة بمكان علينا أن نواصل تزويد الولايات المتحدة الأمريكية باحتياجاتها من النفط ، بل وحتى إقامة علاقات ودية معها) .
ولما بدأت “حرب أكتوبر” وبالتحديد في الأول من أكتوبر 1973م/العاشر من رمضان 1393هـ أعلن الملك فيصل أولاًً : خفض 10% من صادرات النفط السعودي الإجمالية ، ثم أعلن بعد بضعة أيام وقفاً كلياً لصادرات النفط السعودي إلى الولايات المتحدة الأمريكية .
وقد كان قرار الحظر في التاسع عشر من اكتوبر 1973م ؛ وقد قُسّمت الدول المستهلكة للبترول لثلاثة أقسام بحسب موقفها من القضية :
1- دول مُقاطعة : وهي تلك الدول التي وقفت مع إسرائيل (أمريكا-هولندا-البرتغال) وقد حُظر عنها النفط بالكامل .
2- دول مُحبّذه : وهي تلك التي الدول التي أدانت إسرائيل (بريطانيا-فرنسا-إسبانيا) وقد نالت نصيبها كاملاً من النفط دون نقصان .
3- دول غير مُحبّذه : وهي الدول التي لم تنحاز لإسرائيل ، ولكنها لم تنحاز للعرب في إدانة العدوان..وهذا القسم من الدول لا تأخذ نصيبها كاملاً من النفط بل ينقص شهرياً .
وقد كشفت لنا بعض “الوثائق” الأمريكية_المُفرج عنها مؤخراً_والمتعلقة بحظر النفط السعودي : مدى “الخطورة” التي بلغتها العلاقات السعودية-الأمريكية ، ومدى استياء واشنطن والرئيس نيكسون ووزير خارجيته هنري كسينجر من مسألة حظر النفط ؛ وذلك من خلال اللهجة القاسية والحادة التي استُعملت في المراسلات التي جرت بين أعلى المستويات في البلدين حول المطالب السعودية الجادة والصارمة لحل القضايا العربية ؛ وخصوصاً فيما يتعلق بقضية الأراضي العربية المحتلة مقابل رفع حظر النفط عن الولايات المتحدة ، يقابله استجداء أمريكي للمسؤولين السعوديين لرفع الحظر مقابل “وعود” أمريكية بحل تلك القضايا المصيرية بالنسبة للعرب .
ولكن الدعم الأمريكي الهائل الذي قدمته لإسرائيل في تلك الفترة(فترة حرب 73) نسف كل تلك “الوعود” الأمريكية بل وفضح سياساتها وجعلت السعوديين ينظرون بشيء من الريبة وعدم الثقة للأمريكيين ؛ فكان القرار السعودي الشجاع بحظر النفط عن أمريكا . وقُدّرت المساعدات الأمريكية لإسرائيل بحوالي ملياري دولار رغم ما تعانيه الولايات المتحدة من أزمات داخلية حادة نتجت عما عرف “بفضيحة ووتر غيت” .
ويجب أن نأخذ في الاعتبار أن تلك الفترة تعتبر من أهم فترات الصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي “الحرب الباردة” تقتضي الحصول على المواد الخام في سبيل مواصلة التنافس في الجانبين العسكري التقني..وإلا فإن الرابح الوحيد من وقف إمداد الولايات المتحدة من البترول هي خصومها المتمثلة في الاتحاد السوفيتي والصين (هذا في حسابات الولايات المتحدة ؛ والسعودية تعلم ذلك جيداً ؛ فقد أشار الأمير فهد بن عبدالعزيز_في ؛دى المراسلات_ إلى ذلك ونبّه الأمريكان إلى الإسراع في حل القضايا العربية باعتبارهم اصدقاء) .
هذه الوثائق تعكس حجم المأزق الكبير الذي بلغته العلاقات السعودية-الأمريكية (ولكنها لا تخلو أحياناً من لغة المودة والحميمية بين الملك فيصل والرئيس نيكسون ، ولكنها ما تلبث أن تعود إلى لغة التهديد والوعيد ). كما تبين هذه الوثائق تسلسل الأحداث التي شهدتها عملية الحظر .
وسنورد فيما يلي مجموعة من الوثائق والخطابات المتبادلة بين كبار المسؤولين السعوديين والأمريكان توضح مدى ما وصلت إليه علاقة البلدين في ظل تلك الأزمة . أما أطراف تلك المراسلات هم : الملك فيصل بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية ووزير خارجيتها في نفس الوقت ، والسيد عمر السقاف وزير الدولة للشؤون الخارجية ، ومن الجانب الأمريكي الرئيس نيكسون ، ووزير الخارجية هنري كيسنجر ، والسيد أيكنز السفير الأمريكي في السعودية :
“وثيقة” رسالة موجهه من هنري كسينجر إلى عمر السقاف وزير الدولة للشؤون الخارجية في المملكة العربية السعودية مؤرخة في 28/12/1973م ؛ نصها :
( أريد أن أعرب بقوة عن خيبة أملي وحزني . يجب أن تعرف أن هذا القرار فيه تفرقة واضحة ؛ لأنه استثنى الولايات المتحدة ! وقرر استمرار وقف البترول عنها . مع أننا الدولة الوحيدة التي تحاول بجديّة الوصول إلى الحل السلمي الذي يريده العرب ، ولكن المؤتمر قرر زيادة ارسال النفط إلى دول لا تقدر على القيام بأي دور لحل المشكلة . ما حدث وضع الرئيس نيكسون في موقف صعب . وهذا تمييز واضح ضد الولايات المتحدة ) .
نلاحظ من خلال هذه الوثيقة الاستعطاف الأمريكي الواضح للحكومة السعودية ، وشعوراً بالظلم ، بل وشكوى من التفرقة في التعامل تقوم بها السعودية تجاه الولايات المتحدة قياساً بتعاملها مع دول أخرى .
وفي وثيقة آخرى نلاحظ “ربكةً” أمريكية في تعاملها مع المسؤولين السعوديين نتيجة قطع النفط السعودي إضافة للتصرفات الأمريكية التي يخشى الأمريكيون من خلالها سوء فهم سعودية..؛ فقد أرسل كيسنجر خطاباً إلى الوزير عمر السقاف بتاريخ 31/12/1373م يقول فيه :
(عزيزي عمر : إن السفير الأمريكي أيكنز نقل لي ما قلتَ له عن خطاب الرئيس نيكسون إلى الملك فيصل . وأنا أكتب إليك الآن بصفة عاجلة من سان كليمنت (في ولاية كاليفورنيا حيث المقر الصيفي للرئيس نيكسون) لأنني لاحظت أن هناك سوء فهم لما كتبت أنا في خطابي لك .
خطابي لك كان حسب معلومات شخصية من الرئيس نيكسون بعدما قال السفير أيكنز أنك قلت للسفير أن الرئيس المصري أنور السادات قال لك أنني قلت له : أننا لن نعارض تأخير رفع حظر البترول عنّا.. أنا قلت للرئيس نيكسون : أنك وعدت ببذل كل ما تستطيع لرفع الحظر عنّا ؛ لهذا نحن حريصون على رفع حظر البترول…لهذا ؛ ومهما قال لك الرئيس السادات عن رأينا في توقيت رفع حظر البترول ؛ فإن حديثي مع الرئيس السادات كان مختلفاً عما نتحدث عنه الآن…) .
ونتيجة لنجاعة السياسة السعودية ولموقفها القوي فيما يخص المطالب العربية ووقوفها مع أشقاءها العرب نجحت السعودية في حث الولايات المتحدة الأمريكية للقيام بجهود فعّالة ودور حقيقي لإنهاء الصراع العربي-الإسرائيلي ووضع حد للأطماع الإسرائيلية في المنطقة..لذك استطاعت الولايات المتحدة_بفضل الضغوط السعودية الهائلة ونجاح سياستها_ بأن توقف الحرب بين مصر واسرائيل دون خسائر وتضحيات عربية كما حدث في حروبهم مع العدو الإسرائيل سابقاً ؛ هذا ما اثبته خطاب موجه من كيسنجر إلى السقاف في 9/1/1974م هذا نصه :
(أود أن أبلغ جلالة الملك فيصل أننا سوف نعلن منتصف هذا اليوم خبر سفري ليلة الخميس القادم إلى مصر وإسرائيل لوضع الترتيبات النهائية لاتفاقية فك الاشتباك بين البلدين . وأنا قلت لك خلال آخر زيارة للرياض : أنني سأضاعف جهودي في سبيل تحقيق السلام في الشرق الأوسط بعد الانتخابات في إسرائيل ؛ والآن اعتقد أن اتفاقية فك الاشتباك ستكون خطوة مهمة وستمهد الطريق لمرحلة جديدة لإجراء تغييرات كبيرة في الوضع الحالي .
أعتقد أن اتفاقية فك الاشتباك ستعلن في المستقبل القريب ؛ وفي الوقت نفسه أريد أن أنقل لك ولجلالة الملك خبر سفري إلى مصر وإسرائيل لأن التركيز في الوقت الحالي هو على اتفاقية فك الاشتباك .
وبسبب ضيق وقتي سأقتصر جولتي هذه على مصر وإسرائيل ولا لأنوي زيارة السعودية أو أي دولة آخرى إلا إذا رأى جلالة الملك أن أزور السعودية ) .
وكان رد الوزير عمر السقاف على هذه الرسالة بتاريخ 11/1/1974م ويتضح من خلاله أن السعودية بدأت ترفع من سقف مطالبها.. ؛ يقول فيها :
(عزيزي هنري : أنا آمل في الخلاص . استمرار جهودكم من أجل السلام في الشرق الأوسط التي نتج عنها نجاحكم في عقد مفاوضات جنيف (بين العسكريين المصريين والإسرائيليين لتنفيذ فك الاشتباك في سيناء) وأن يكون ذلك بداية انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المتحدة .
موقفنا لا يزال : هو انسحاب إسرائيل من إلى ممر “متّلا” في سيناء ، ويجب أن يكون هذا بداية انسحاب كامل من الأراضي العربية المحتلة ، ومنح الفلسطينيين حق تقرير المصير ، ونحن نرى هذا ضرورياً لرفع حظر البترول بعد تهيئة الأجواء في المنطقة ؛ نحن نعرف الضغوط التي يتعرض لها الرئيس نيكسون من جانب الذين يعارضونه في الكونغرس وخارجه (يقصد اللوبي اليهودي الأمريكي) ، ونرى أن سرعة الرئيس نيكسون في الوصول إلى حل عادل لمشكلة الشرق الأوسط ستعجل بتهميش هذه الأصوات المعارضة…
وفي “وثيقة” آخرى ونتيجة للموقف السعودي المتصلب من قضية الحرب القائمة والصراع العربي-الإسرائيلي برمته يحاول الرئيس الأمريكي نيكسون أن يبين للملك فيصل مدى الجهود التي قام بها لوضع حد لهذا الصراع ؛ استرضاءً للملك وطلباً لودّه.. فيقول في خطاب موجه للملك فيصل بتاريخ 28/2/1974م :
(…كما تعلمون نحن حققنا أشياء كثيرة في سبيل السلام ؛ مثل وقف إطلاق النار بين القوات المصرية والإسرائيلية في قناة السويس ، وانطلاق مؤتمر السلام في جنيف . وكما كتبت لكم في الماضي : نحن ملتزمون بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 242 ، ونحن نعمل في الوقت الحاضر على وضع أسس اتفاقية فك الاشتباك بين القوات المصرية والإسرائيلية .
إسرائيل أرسلت عسكريين إلى جنيف حيث يجتمعون الآن مع عسكريين مصريين للتفاوض حول اتفاقية فك الاشتباك . ونحن وضعنا ترتيبات لوزير الدفاع الإسرائيلي (موشي دايان) ليزورنا في الأسبوع القادم لمناقشة اتفاقية فك الاشتباك ؛ كل هذه إنجازات مهمة تحققت بسبب جهودنا نحن فقط لا جهود دولة آخرى…)
نتجت عن الزيارات المكوكية الشهيرة التي قام بها وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر التي تهدف إلى ايجاد مخرج لهذه الأزمة يحفظ ماء الوجه للطرفين أدت في نهايتها إلى بعض التنازلات الأمريكية لمصلحة السعودية ؛ كان من أهمها الإعلان عن موافقتها على بيع السعودية أسلحة تشمل (طائرات ودبابات وقطع بحرية) مُتخطية بذلك الحظر الذي كان مفروضاً على بيع الأسلحة إلى بلدان الشرق الأوسط .
وفي الثامن عشر مارس 1974م الموافق للثالث والعشرين من شهر صفر1394هـ أعلن وزير النفط السعودي أحمد زكي يماني الغاء حظر النفط عن أمريكا ؛ صحيح أن القضايا العربية لم يتم حلها نهائياً ، وصحيح أن الأراضي المغتصبة لم تُسترد كلها..إلا أن الموقف العربي بشكل عام والموقف السعودي على وجه الخصوص كان قوياً وفعالاً أحرج خصومه وجعلهم يتوسلون العدل وعدم التفرقة في التعاطي بل والرحمة والعطف.. مما يفتح لساسة العرب اليوم نافذةً من الأمل ، ودرساً في “الحزم” مع الخصوم دون تهور ، إن مثل هذه السياسات الناجحة تلفت انتباه أصحاب القرار في الدول العربية والإسلامية بأن لديهم ما يراهنون عليه في ظل التفوق “الكليّ” الذي يملكه الأعداء وغير الأعداء سواءً كانوا في الشرق أو في الغرب..فمرحباً بتلك الهبّة التي شاهدناها مؤخراً ، وذلك “الحزم” الذي تجاوز استخدام النفط إلى استخدام السلاح نفسه.
أخيراً..
- الأسطر السابقة كانت في حقيقتها نتيجة لقراءتي لكتاب أُريد منه النيل من وطني المملكة العربية السعودية والإساءة لتاريخه ولمواقفه من قضايا أمتنا (وأي تاريخ ! لقد اختار ذلك المؤلف حقبة الملك فيصل رحمه) ولسوء حظه أنني وجدت فيه منحاً وشهادة لتلك الفترة الزمنية من تاريخ المملكة..فكانت هذه الكلمة التي أوردت..
- لعل العنوان الصحيح لهذه الكلمة (151 يوماً ناجعاً في تعاطينا مع قضايا أمتنا !