بسم الله الرحمن الرحيم
من هو؟
هو العلامة الجهبذ والمحدث الكبير، ناصر السنة، وقامع البدعة، فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين بن نوح نجاتي الالباني رحمه الله .
ولد رحمه الله عام 1332هـ في مدينة اشقودرة عاصمة البانيا آنذاك ونشأ في اسرة فقيرة ومن بيت علم، حيث نزح مع والده من البانيا الى سوريا بعد تولي الحاكم الهالك احمد زوغو الذي حول الحكم في البانيا لتكون دولة علمانية تحارب الاسلام واهله.
دراسته وطلبه للعلم
بدأ الشيخ دراسته الابتدائية في دمشق ثم تابع دراسته على المشايخ فتعلم القرآن وختمه على يد والده مع بعض الفقه الحنبلي، وقرأ على الشيخ سعيد البرهاني مراقي الفلاح وشذور الذهب وبعض كتب البلاغة، ومنحه الشيخ محمد راغب الطباخ اجازة في الحديث، وكان رحمه الله يكتسب رزقه من مهنة اصلاح الساعات حيث ورثها من والده، وقد توجه في بداية العشرين من عمره الى علم الحديث متأثراً بابحاث مجلة المنار التي كان يصدرها الشيخ محمد رشيد رضا.
اخذ رحمه الله يتردد على المكتبة الظاهرية والمكتبات الخاصة مثل مكتبة سليم القصيباني والمكتبة العربية الهاشمية، وكان الشيخ يلبث في المكتبة وقتاً طويلا للبحث والاطلاع الى درجة انه خصص له بالمكتبة الظاهرية غرفة خاصة للبحث والاطلاع، وقد ذكر عنه انه يصعد السلم ليتناول احد الكتب من الرفوف فاذا تناول الكتاب جلس ساعة او اكثر يقرأ وهو على السلم وقد نسي نفسه ووضعه على السلم وذلك من شغفه وحبه للقراءة.
اما صلته بالعلماء، فقد التقى رحمه الله بالعديد منهم كالشيخ حامد الفقي، والشيخ احمد شاكر، والشيخ عبدالرزاق حمزة، والشيخ محمد بن ابراهيم، والشيخ عبدالعزيز بن باز فقد كان له به علاقة قوية وجلسات علمية عديدة مفيدة.
إشتغاله بالحديث
لقد ظل علم الحديث متوقفاً بعد جيل المحدثين الاولين الذين بذلوا جهوداً كبيرة في تدوين الحديث الشريف حتى ألفت الكتب في صحيحه وضعيفه ومكذوبه ودونت كل صغيرة وكبيرة عن رجاله، حتى وصل الامر الى الاعتقاد بأن البحث في علوم الحديث قد اكتمل بحيث لم يعد لباحث فضل زيادة فيه، ولكن الشيخ الالباني استطاع ان يؤسس مدرسة جديدة في علم الحديث، كان اهم معالمها تنقية السنة الشريفة مما يعرف عند علماء الحديث بالمردود (الاحاديث المكذوبة والضعيفة) وألف كتباً خصصها للاحاديث الصحيحة، واخرى للاحاديث الموضوعة والضعيفة، وعزل الصحاح عن الضعاف في كتب السنن وغيرها، وخرَّج احاديث بعض كتب الحديث، وألف كتباً او رسائل في تخريج بعض الاحاديث، ونقد نصوصاً حديثية في الثقافة الاسلامية، ودافع عن الحديث النبوي والسيرة بالرد على من الفوا فيها، وألف في بعض المسائل مستنداً الى الاحاديث الصحيحة، الى غير ذلك من جهوده العلمية المميزة التي جعلته مدرسة حديثة في الدراسات الحديثية تذكِّر بجهود السلف في هذا العلم الذي يأتي بعد القرآن الكريم.
لقد ألف الشيخ او حقق مئة كتاب في علم الحديث، طبع منها مايقارب (70) كتاباً بين كبير في مجلدات وصغير في وريقات، ويجمعها كلها انها جعلت الشيخ مدرسة حديثية واستحق - حقيقة- ان يطلق عليه محدِّث العصر، الذي لايستغني باحث في هذه الايام عن الرجوع الى آرائه في تضعيف حديث او تصحيحه، بل إن الباحثين يكتفون برأيه عن الرجوع الى كتب الحديث الموثوقة لما وصل اليه الشيخ من ثقة به في هذا الفن.
علىان مما اعان الباحثين منهج الشيخ الواضح الدقيق في دراسة كل حديث وبخاصة في كتابيه (سلسلة الاحاديث الصحيحة والضعيفة) حيث يعطي حكماً دقيقاً واضحاً في درجة الحديث ثم يفصل ذلك بمنهج علمي، فغير الباحث يكفيه الحكم العام، والباحث يبحر مع الشيخ في تخريج الحديث فيرى جهداً لايقل عن جهود اوائل المحدثين.
ومن حسنات الشيخ انه تخرج على يديه تلاميذ اشتغلوا بعلم الحديث على منهجه في كل البلاد التي اقام فيها،فكان هؤلاء انتاجاً للشيخ بل صدقة جارية كمؤلفاته التي ستبقى كما بقيت كتب رواد الحديث من السلف، وقد ألف احد تلاميذه (سليم الهلالي) كتاب (الجامع المفهرس لاطراف الاحاديث النبوية والآثار السلفية التي خرجها الشيخ في كتبه المطبوعة حتى عام 1409ه) ويقع في مجلدين في (1200)صفحة..
للشيخ الالباني دروس اسبوعية كثيرة في كتب كثيرة كفتح المجيد والروضة الندية، وفقه السنة، ومنهاج الاسلام، حيث درس عليه نخبة طيبة من طلبة العلم منهم: الشيخ حمدي عبدالمجيد السلفي، والدكتور ربيع بن هادي المدخلي، والشيخ عبدالرحمن بن عبدالخالق، والشيخ محمد بن ابراهيم شقرة، والشيخ سليم بن عيدالهلالي، وغيرهم كثير.