تعالوا إلى التيتانيك ..!!!!

[مصطفى بونيف]

كتب مصطفى بونيف


تعالوا إلى التيتانيك.... !!!!



أخبرني صاحبي ذات يوم أن فيلما مهما يعرض في صالات السينما اسمه "تيتانيك" ....وأتذكر بأنني قلت له مشمئزا .." ألا تخجل يا رجل ، ماهذا العنوان القليل الأدب ؟؟" ...لكنه أقسم لي بأنه فيلم رومانسي ممتاز...فقطعنا تذكرتين ..ودخلنا لمشاهدة الفيلم ...فظهرت في بدايته عجوز طاعنة في السن ، وجهها يشبه الأرض التي لم يسقط عليها المطر منذ سنوات طويلة ...همس صاحبي في أذني وقال لي : " هذه هي البطلة ؟؟" ، استعذت بالله من الشيطان الرجيم ، وهممت بالانصراف ...الواحد دخل للسنيما ليكحل عينيه بالشباب والحلاوة ...وإذا كان هذا شكل بطلة الفيلم ، لماذا لا نذهب إلى دار المسنين والعجزة أحسن !!! ، أمسكني صاحبي من طرف بنطلوني وقال لي وهو يزمجر " اجلس ولا تفضحنا ...الفيلم لم يبدأ بعد " ، جلست وأنا أتأفف .
أخرجت العجوز رسما تظهر فيه امرأة عارية ...
حتى سمعت شابين يجلسان خلفنا ، أحدهما يقول لصاحبه " بطل الفيلم رسام بارع وسيرسم اللوحة إياها في الدقيقة 52 و 16 ثانية من الفيلم " .
فرد عليه الآخر : " لقد شربت عشرين سيجارة بحشيش تمهيدا لهذا المشهد الرائع ، أمريكا بلد جميل ، لو أن رساما فكر في رسم لوحة كهذه يروح في ستين داهية ...فكرة بوليس الآداب فكرة بايخة ، وضد الحريات الشخصية " .
وبدأت قصة الحب في الفيلم ....الفتاة لا تحب خطيبها الغني ، ووقعت في حب شاب بائس فقير ، رث الملابس ، لكنها فتنت بزرقة عينيه وشعره الأشقر ، أما خطيبها ..فكان غنيا يشبه العرب ...شاب أسمراني ، بعيون سوداء ، وشعر أسود ، وبدلة سوداء ، وحظ أسود ....الشاب الفقير كان في أقبية السفينة مع طبقة الكادحين والسجناء والفئران ...ساقه القدر إلى الفتاة الارستقراطية ....وأحبته من أول نظرة ...
همست في أذن صديقي " لو أن مخرجا عربيا أو هنديا قدم لنا هذا الفيلم ، لسخرنا منه ، وطلعنا من جثته القطط السوداء ، مع أن قصصنا العربية رومانسية حقا وأكثر واقعية ، والله إن فيلم دعاء الكروان ، وحسن ونعيمة أكثر واقعية ...لكننا مبهورون بكل ما هو أمريكي ..."
رد صاحبي غاضبا " تابع الفيلم وأنت ساكت !!"
ومن قلة أدب الفتاة ...نزلت إلى القبو ...ودخلت مع عشيقها في سيارة ...
أغمضت عيني ...والتفتت إلى الوراء مغمض العينين وأنا أقول لصاحبي " عندما ينتهي هذا المشهد أخبرني ، فأنا لا أطيق مشاهدة الخيانة بهذا الشكل ، لو كانت زوجته لكنا قلنا – ماعليش- ، لكنها محرمة عليه .."
سمعت الشاب الذي يجلس خلفي يقول لصاحبه : " يا حلاوة ..شايف النساء اللي على حق ، وليس مثل اللي عندنا ، يزوجونك بابن عمك ويقولون لك مبروك عليك بنت عمك .. !!!"
مر المشهد ...واعتدلت في جلستي وأنا ألعن سنسفيل قصص الحب المستوردة ...مابها قصص الحب العربية ؟؟؟
عنترة بن شداد الذي عاش في العصر الجاهلي كان يقول
وأغض طرفي إن بدت لي جارتي *** حتى تواري جارتي مأواها
والمسكين قيس الذي أصابه الجنون ، ومات دون أن يرى كعب رجل ليلى .
ورحت أتابع أحداث الفيلم ...يبدو بأنني الوحيد الذي كان يدافع عن شخصية خطيب البطلة الذي طعن في عمق شرفه بعد أن لقفها منه شاب لمجرد أنه أزرق العينين ...ثار خطيبها وطاردهما بالرصاص....ولم أشعر بنفسي إلا وأنا أصرخ " سلمت يدك يا رجل ، اغسل شرفك ...الدم ولا العار ! "
أمسكني صاحبي من طرف بنطلوني وزمجر "اجلس لقد فضحتنا "
وللأسف العيارات لم تصب الخائنين ....
وجاء مشهد الرسم ...الذي صفق له الجمهور المتعطش !! إلا أنا ، ليس تأدبا مني ، ولكن تضامنا مع خطيب البطلة ، الذي كان يتقطع غيرة . هذا الشاب أنا أحببته من أول مرة لأنني شعرت بأنه فيه شيئ من العروبة ...
السفينة ستغرق ...
أصبح هم ركاب السفينة جميعهم هو الوصول إلى قوارب النجاة ...إلا صاحبنا الذي كان يريد أن يغسل شرفه بيده ...وما إن تذكر بأن غريمه فقير من طبقة الكادحين ، حتى رمى بنفسه داخل قارب نجاة ، بعد أن وضع في يد الشرطي بقشيشا محترما ...
غرقت السفينة .....
ومات الجميع ...الفقراء و الكادحين ....ولأن الله يمهل ولا يهمل ، مات البطل متجمدا ...كان ذلك الصقيع ، نارا وسلاما على قلبي ....
كانت البطلة الخائنة تصرخ وعشيقها يغرق بعد أن أزرقت جثته من البرد " جااااااك ...جاااااك ..آي لوف يو ...يعني بحبك بالمصرية "
ولم أشعر بنفسي إلا وأنا أعلق بعلو صوتي " جاك يا فاجرة ...ها قد مات مثل الكلب .. خلي الرسم ينفعه .عندما يصل إلى القاع ، كل الناس تعذب عذاب القبر ، وجاك سوف يعذب عذاب القاع ..."
فجأة ...كل القاعة قالت في نفس واحد ..."اخرس يا متخلف ..." ...
انتهى الفيلم ..واشعلت الأضواء ....صعقني المنظر ...الناس كلها تبكي ، وعيونها منتفخة من البكاء حزنا على الشاب الخائن ..."
أما أنا فكنت سعيدا لأن خطيبها قد نجا ، وتزوج بسيدتها ....في حين بلغت هي من العمر أرذله ....دون زواج ....لأنها بقيت متعلقة بحب من رسمها عارية ، وبالـتأكيد لو بقي حيا ...ووصل إلى شواطئ أمريكا كان سيشهر بها ، ويطلب منها مليون دولار ، مقابل أن يرجع لها صورتها...

بعد أيام من مشاهدتي للفيلم أخبرني صاحبي بأنه أخذ خطيبته ....لمشاهدة فيلم تيتانيك ...
يعني يا جماعة ....الأجيال القادمة لن تحرر القدس !!!


مصطفى بونيف

[هشام الخاني]

الغرض من الفيلم واضح يا صاحبي هذا اولا والمكر فيه والخبث انهم قدموه كوجبة شهيه وكانهم يدرسون عقولنا ويعرفون مافيها...
الانكى اننا ورغم تاسيسنا الديني تنطلي علينا مثل هكذا مشاهد تدغدغ العواطف وتطفي ماتبقى فينا من رجوله ان كنت استطعت تجاوز تلك الخديعه بسهوله فالجمع الغفير سوف يدمن ويبحث عن مثلها واذن اين راحت تربية المساجد والمدارس اين الضعف؟لنعود لما كنا عليه والله نكبه حقيقيه واندلس جديده
سلمت يداك
هشام

[مصطفى بونيف]

الغرض من الفيلم واضح يا صاحبي هذا اولا والمكر فيه والخبث انهم قدموه كوجبة شهيه وكانهم يدرسون عقولنا ويعرفون مافيها...
الانكى اننا ورغم تاسيسنا الديني تنطلي علينا مثل هكذا مشاهد تدغدغ العواطف وتطفي ماتبقى فينا من رجوله ان كنت استطعت تجاوز تلك الخديعه بسهوله فالجمع الغفير سوف يدمن ويبحث عن مثلها واذن اين راحت تربية المساجد والمدارس اين الضعف؟لنعود لما كنا عليه والله نكبه حقيقيه واندلس جديده
سلمت يداك
هشام

الأخ هشام الخاني
أشكرك على المرور والتعليق البناء.
إننا وبلا شك ضحية لكل وسائل الإعلام ...وعلى مقدمتها الفضائيات التي غزت بيوتنا .
ولكن هل جيل تيتانيك يستطيع تحرير بيت القدس ؟؟؟؟
وللتيتانيك وجوه كثيرة !!!!

[ريمه الخاني]

اولا ارحب بنص جديد لاديب احترم ادبه وابحث عنه دوما
للاسف جيلنا جيل البيبسي والكولا والسفن اب والميراندا والمساجد لم تعد تستطع امساكهم بقوة لاهمال الاهل كذلك ياتون لمساجدنا وعقلهم هناك يتحدثون بما راو من سموم
يا لهول مانرى................
لنا الله
ودمتم منارة وشعلة تنير الدرب ان تبقى درب/نريد ان يصل صوتنا بعيدا جدا...
تحيتي وتقديري

[ندى إمام عبد الواحد]

أخى الفاضل مصطفى ابو نيف
تحياتى
هذا النص موجود هنا فى الخواطر والنثر وهو يتبع الكتابات الساخرة !!
والادب الساخر أدب رفيع له مبدعوه وكتابه وهو ليس بالهين وأنا اشكرك على أسلوبك الساخر الرائع فى عرض الفيلم .
هى رؤية أدبية ساخرة لطيفة وجيدة وليست حكما على الفيلم أو تحليل دينى له .
****
أما عن رأييى الشخصى فى الفيلم فهو فيلم جيد ولم يستطع كلا من البطل والبطلة ان يقوما بعمل آخر مثله للآن
وبه كميه مشاهد مأساوية كثيرة جدا أمام مشهدين فقط مما ذكرتهم أنت
وحالة غرق العبارات قد لا نشاهده نحن فى حياتنا اليومية مثلما نشاهد تصادم السيارات أو القطارات مثلا .
وبالنسبة لمشهد الصورة العارية فهى موجودة منذ قديم الأزل وتعرض للآن فى أفلام السبعينات وتباع فى المحال الخاصة بالبورتريهات والكثير منها قد يوجد على أغلفة كتب من العصور القديمة .
ولو أننا راينا مئات الصور فهذا لا يؤثر باى شكل لا فى سلوكياتنا أو معتقداتنا فهل وأنت صائم يضرك أن ترى أحد يأكل أو أن ترى الطعام ؟؟ أبدأ لا شىء من هذا يحدث طالما وضعنا فى اعتبارنا أننا لدينا مهمة واحدة وهى الصيام

ودى وتقديرى

[فراس الحكيم]

لكن يا اختنا ندى مهما يكن هذا الامر ربما بالنسبة لنا كواعيين اما المراهقين فسوف يتلذذون بتلك المشاهد التي يقصد منها ان نجدها مقبلوه بحبكتها الخداعه وهناك قضايا اهم ان نطرحها على الساحه لجيل لايعرف سوى الانترنيت والتلفاز والالعاب التنقيه وهل بقي في ضميره قضيه؟ على المدى الطويل سوف اقول اندلس جديده فعلا
شكرا كاتبنا الساخر القوي
فراس

[ندى إمام عبد الواحد]

لا جدال فى ماكتبه كانبنا اللساخر مصطفى ابو نيف من الناحية الفنية والإبداعية فهى لمحة جيدة بكل المقاييس واسلوب مشوق وبديع فلنترك الكاتب وما كتبه من الناحية الفنية كأدب ساخر ولا ندخلها فى انه ينتقد مضمون الفيام فربما قد يتنتقد فيلما آخر ليس به أى مشاهد ولكن من منطق ساخر كأديب له رؤية نقدية ساخرة الموضوع ليس له علاقة بالمشاهد فقط بيتهيألى هو كتب باسلوب الأدب الساخر وده موضوع أدبى .أعتقد أنه لم يكن يقصد ان يقيس الفيلم دينيا واجتماعيا
أولاً : الفيلم ليس من مجتمعاتنا أنه من مجتمع آخر يختلف شكلا ومضمونا ولغة وثقافة
ثانيا : هناك أفلامنا العربية التى لا يطلق عليها سوى الهيافة بعينها فهل هذه تعمل على توعية الضمير أو ماشابه
إنها تخلف فى عبط على هبل وكله علشان ياخدوا فلوس الشباب بالملايين فلا فكرة ولا مضمون ولا تقنية ولكن تبعث على التخلف الفكرى والتبلد الأبداعى والتقنى .فلا فن فى المكياج للأبطال فلا نرى بعد فترة زمنية البطل فى صورة أكبر سنا بشكل صحيح مثل زمان ولا تمثيل متقن نصدقه ولا كلام هادف بل سطحية وألفاظ أحيانا نخجل منها
وده هنا فى مجتمعنا العربى وليس فيلم امريكانى أو هندى فلا بطل يعرف حتى يسوق عجلة باتقان ولا فنانة بتجرى بدون حذاء مثلما حدث فى فيلم تيتانيك طوال الفيلم وهما يجريان لدرجة تجعلك تلهث من كثرة متابعتهما كأنك أنت الذى تجرى ولكن فى الفيلم العربى تجد البطلة تقفز من فوق الكوبرى فى فيلكم أكشن وهى بالكعب العالى 10 سم .
فهل نقارن أفلامنا بالتيتانيك
والله هنا ينطبق علينا المثل القائل
(أقرع ونزهى )

تحياتى