حول إعتقال باسل غطاس وترديد الرواية الإسرائيلية/ مصطفى إبراهيم
أعتقد أن هناك سوء فهم أو عدم معرفة ودراية من قبل الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة حول طبيعة النضال الذي يقوده الفلسطينيون في الداخل والتعبير عن هويتهم ونضالهم اليومي على وجودهم كأصحاب الأرض الأصليين، وجهل لدى بعض وسائل الإعلام الفلسطينية طبيعة وظروف إعتقال النائب باسل غطاس والتهم الموجهة إليه وتداول الرواية الإسرائيلية والأخبار التي تنقلها وسائل الإعلام الاسرائيلية وتروجها وتحرض ضده. وما تمارسه سلطات الإحتلال من إنتهاكات وملاحقة سياسية للفاعلين في المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل وقواه وأحزابه السياسية وممثليهم من أعضاء الكنيست، والعنصرية والفاشية ضدهم وضد حصولهم على حقوقهم والتمييز بينهم وأوضاعهم الإقتصادية الصعبة والفقر والبطالة في صفوف الشباب والإهمال والتهميش والحرمان من ممارسة أبسط حقوقهم. ربما هناك خلاف لدى بعض منا على تمثيل النواب الفلسطينيين في الكنيست ويعتبره البعض الفلسطيني تطبيع ولا يعبر عن نضال حقيقي ضد الإحتلال وترويج للديمقراطية الإسرائيلية، وأن نضال النواب غير مجدي. الفلسطينيون مختلفون على قضايا كثيرة وحال التشرذم والفرقة وعدم الإتفاق على برنامج وخطة وطنية لمواجهة الإحتلال وتحديد الأولويات وترك الفلسطينيون في الداخل وحدهم يحددوا خياراتهم لمواجهة ما يعانونه من ممارسات السلطات الإسرائيلية الذين استطاعوا اخيراً تشكيل القائمة المشتركة في إنتخابات الكنيست. هم حاولوا ونجحوا الى حد ما وفق ظروفهم وشروط وطبيعة حياتهم ونضالهم ولم يعزلوا أنفسهم عنا في الضفة وغزة ولا يزالوا رافعة مهمة في النضال الفلسطيني. اليوم نحن أمام إعتقال النائب باسل غطاس والذي لم يأتي هكذا من فراغ إنما ضمن إستهداف الكل الفلسطيني، وهو يُؤْمِن بالدفاع عن حقوق الفلسطينيين والتهم الموجهة له تتجلى فيها العنصرية والتمييز في المعاملة وإستخدام القانون، بالمقارنة بمن إرتكبوا جرائم كرئيس الدولة السابق موشي كتساب ورئيس الوزراء الساب إيهود أولمرت، وتم التحقيق معهم ومحاكمتهم وهم خارج السجن، او التهم والشبهات التي حامت ضد وزراء وأعضاء كنيست مثل نتنياهو وليبرمان وهرتسوغ ولم يتم اعتقالهم اثناء التحقيق. وما جرى ويجري مع غطاس هو محاكمة قبل إنتهاء التحقيق كما جرى قبل شهرين عندما شنت الشرطة الاسرائيلية حملة ملاحقة وإعتقالات ضد قيادة وأعضاء حزبه، حزب التجمع الوطني الديمقراطي، ولم يدان اي منهم، أو حظر الحركة الإسلامية، وشُكل إجماع صهيوني يميني عنصري وما يسمى اليسار للتحريض على الفلسطينيين في الداخل.
ورافق عملية التحقيق والإعتقال عملية تحريض إسرائيلية قادتها وسائل الإعلام الإسرائيلية، ووجهت له تهم بشبهات ارتكاب مخالفات تتعلق بالتآمر على ارتكاب جريمة، ونقل هواتف خليوية لأسرى فلسطينيين في سجن كتسيعوت في النقب للأسيرين وليد دقة وباسل البزرة من فلسطيني الداخل. وبعد مغادرته السجن ادعت سلطات أنها عثرت لدى الأسيرين على هواتف خليوية، وتحدثت تقارير عن أن عددها 12 وقالت تقارير أخرى أن عددها 15 أو عشرة. كذلك ادعت سلطات الأمن أنها عثرت لدى الأسيرين على أوراق عبارة عن رسائل مشفرة لتنفيذ عمليات.
القضية ليست بهذه البساطة التي يتناولها البعض منا وبعض وسائل الاعلام الفلسطينية كما انه لا يجب محاكمة غطاس من خلال وجهة النظر الإسرائيلية والتحريض العنصري ضده وضد العرب في الداخل بلغ مداه وبإجماع صهيوني وتجند الجميع للتحريض واتهامه بالخيانة، مع ان الحصانة رفعت عنه في القضية المتعلقة فقط بالتحقيق معه فيها، ولم تسحب منه الحصانة بشكل كامل. في الوقت الذي أنهى في الأسيران انس شديد واحمد ابو فارة إضرابهم عن الطعام يتم اعتقال النائب باسل غطاس ولم يتم التضامن معه وهو يثير باعتقاله قضية الأسرى الفلسطينيين والمعاناة التي يعانونها والمعاملة القاسية والتعذيب الذي يتعرض له الأسرى اثناء التحقيق والاحتجاز والاعتقال الاداري وغيرها من صنوف المعاملة القاسية واللاإنسانية. وقضية باسل غطاس ليست كما يتم تناولها، والرجاء عدم الذهاب خلف الرواية الإسرائيلية، وفِي الحد الأدنى التضامن معه ومع أنفسنا.