الوعي "كافر " ..!
جريدة الرؤية العمانية ..
الجوع .. الجوع " كافر" ..!
احتكم واتفق وتعاضد وناشدورافع واصطف الجميع على فتوى وحكم وشرع أن الجوع " كافر " .. ولم يحدثأن أعترض أحد والجميع أدانه ..!
ديانة " الجوع "واحدة على مر العصور والقرون .. كافر .. كافر ..! هذا الجوع الذي نهش البشرية عبرالحقب بمآسي وويلات في أثناء الحروب العالمية الأولى والثانية حيث كانت تلك الدولتستنزف جل قدراتها في الحروب والتقتيل وتوسيع ممالكها والحفاظ على عروشهاومستعمراتها .. هو الجوع نفسه الذي نراه اليوم يتمدد كشبح مخيف ومهول في دولالعربية في اليمن والصومال والسودان ومصر وموريتانيا ولم تخلو منها الدول النفظية..!
حكاية الجوع .. من لا يعرفحكاية الجوع .. ؟! تتباين الأسباب ولكن الجوع واحد .. هناك أسباب توجعنا مرارة ؛ فجوعهابسبب قلة الموارد .. وهناك أسباب توجعنا بشكل أعمق ؛ فجوعها بسبب الفساد والظلموالطبقية والعنصرية .. وهناك أسباب تجعل وجعنا يلعن ويتعاظم هيجانا وغضبا ؛ بسببالحروب والانتقامات التي امتصت الدم البشري حتى خلفّته جيفة ..!
لكن أيّ انفعال يصلح حينيتفشى الجوع في إحدى الدول العظمى الغنية عالميا ..؟! فحين نعلم أن الجوع يضربأطفالا في اليمن أو الصومال أو السودان نتوجع ونتألم ونضيق ولكن لا يصل لحد أننستنكر خاصة إذا ما عدنا لتاريخ هذه الدول المتطاحنة بالحروب والويلات ..!
ولكن أن يتمركز الجوع نفسهعند أطفال أمريكا أو ألمانيا أو بريطانيا يجعلنا نستنكر وبقوة ..! وسأضع دائرة حول" بريطانيا " لا لأن الجوع يضرب عظام أطفالها فقط بل لأن ثمة أسباب أخرىنوضحها في نهاية المقالة ..!
في مدينة " لندن" سادس أغنى مدينة في العالم هناك صبية جياع ويعتمدون على وجبة واحدة رئيسيةيوميا ومنهم من تسقط باقي وجباته في اليوم إن لم يتحصل عليها من قمامة أو خانهالتأخير فسبقه الجائعون إليها ؛ في " لندن " وحدها أكثر من 13 ألف طفلبريطاني يتسابقون على وجبات الطعام التي تقدمها المدارس أو يصطفون أمام جمعيات خيرية لسدّ رمق الجوع ..!
في " لندن " رغمالجوع وتفاقم سوء الأمن الغذائي وارتفاع الأسعار وتفاقم حالات سرقات الأطعمة منقبل الأهالي لإطعام صغارهم ، تعمل الحكومة على تخفيض الأموال اللازمة لهذه المؤسساتلشراء الطعام ..!
فقد كشف مسح للمؤسسات الخيريةالعام الماضي أن واحدة من كل ثلاث من هذه المؤسسات قد وقعت ضحية للتخفيضات الحكوميةعلى موازناتها ، وعليه اضطر ثلثا هذه المؤسسات إلى تقليص وجبات الطعام لكي تستمر فيأنشطتها..!
وتقول " شارلوت وليامز" التي تدير مؤسسةستيشن هاوس، التي توفر خدمات الرعاية للطفولة : " نحن في قلب العاصفة فقد تعرضالآباء العاملون لتقليص ساعات عملهم والكثير منهم فقد عمله، وترتفع تكاليف الغاز والماءوالملابس للحد الذي اضطر فيه الكثيرون الى تقليص ميزانية طعامهم للحصول على الضرورياتالأخرى " ..
نعم هناك " كساداقتصادي" وهناك أيضا " لا مبالاة " وهناك " بذخ " علىحساب الفقراء ..! فمن شهد احتفالات الملكة " اليزابيث " لاحتفالات اليوبيلالماسي لجلوسها على عرش بريطانيا يدرك حجم البذخ الذي رصف من ميزانية الحكومة علىهذه المناسبة والأمر ليس هناك فقط ، بل الملكة حصلت على زيادة ضخمة من راتبها سيتضاعفإلى 36 مليون استرليني من 30 مليون ..!
رغم كل تلك الفظائع أعلاهتدعو الملكة الحاشية حولها إلى التقسيط والتقشف مراعاة للأحوال الكساد الإقتصادي ..!
ومن ناحية أخرى نجد دوقةكامبردج " كيت ميدلتون " زوجة الأمير وليام تبيت في الشارع في تظاهرة معالمشردين الذين يفترشون الشوارع البريطانية للنوم .. وسبق أن شارك دوق كمبريدج الأمير" وليام " في حملة مماثلة العام الماضي وكتب أحد المسؤولين في المؤسسة الخيريةآنذاك أن الأمير " وليام " اعتزم المشاركة في الحملة من أجل رفع الوعي فيهذه المشكلة الاجتماعية وفي محاولة لإدراك موقف ومعاناة المتشردين المضطرين للنوم فيشوارع العاصمة البريطانية..!
فهل يكفي أن نتشارك نحن –أصحاب – الممالك والقرار والقانون في رفع مستوى الوعي أم الأولى أن نرفع من مستوىأفعالنا لدعم حقيقي وواقعي ومقنع يستفيد منه المعدم ولا يكتفي بالشعور به ..؟!
فأي " وعيٌّ " هوهذا في حيّز الأقوال فقط وهناك ملايين الجوعى يفترشون الشوارع قرب حاويات القمامة..؟!
أنه بلا شك " وعيٌّ" كافر .. كافر ..!
ليلىالبلوشي
Lailal222@hotmail.com