لغة الصمت...
منذ زمن وأنا أبحث عن أبو صلحي, الذي بات يظهر قليلا جدا في مسجدنا,كنت أدري أنه لم يعد يمر حتى بهذا المسجد القريب منا أيضا,خاصة أنه ُأُغلق مؤخرا لسبب لانعرفه, وباتت قبته تبكي أيام رمضان التي كان يشع المسجد نورا من كل نواحيه بانواره الخضر الرائعة,
وأصوات ابتهال تنعش القلب والروح.
كنت أدعو الله أن يديم علينا صوت الأذان, لاأدري لم كان هذا الدعاء يلح على لساني دائما,وفي قلبي منذ زمن غير قليل,لقد بات يتقلص الصوت حتى لم أعد أرى مسجدا منيرا يصدح بذاك النداء العذب الرائع,
و من كثرة حلاوته في القلب يصعب وصف شعورك عند سماعه,ليت كل البشر يدركون كم هو ثمين...
أتذكره جيدا, نعم هو أبو صلحي وطاقيته الخضراء التي لم يغيرها من سنوات طويلة,وعكازه التي يستند إليها كلما نهض من الركوع ليجعلها على بطنه ويقف مشدودا بعزم,وثوبه الأبيض النظيف المكوي بعناية فائقة,ولحيته الذي غزاها الشيب يهذبها
دوما حتى بالكاد تسمى لحية,انتهيت أخيرا للمسجد الأموي..وبت أراه هناك مياوما,بعد أن ماتت مساجد كثيرة وانطفأت أنوارها بسبب الأحداث الأخيرة في دمشق,وكأن المقصود مقصود...
اختفى الحاج أبو صلحي الذي كان شعار الدين الفعلي والسلوكي.. شعار المحبة والإخلاص شعار الألفة والحميمية ...
وانتشرت أساطير حوله كثيرة,أحدهم يقول عذب لأنه يملك سرا لايعرفه أحد ,وبعضهم قالوا مات قهرا لأنه فقد أولاده,وبعضهم قلب شفتيه جهلا..وتهربا..
احدا ما لم يدق بابه المتهالك يسأل عنه..وكانه جرثومة أو لوثة...
لكن السر الذي لم أفهمه بعد.كيف صار الأذان يصدح بصوته ولذغته المحببة ؟!!.
سألت كثيرا وكثيرا جدا, الدكاكين المجاورة حتى وصلت للمسكية قرب المسجد الاموي..
كانوا يدهشون من سؤالي غير المتوقع,أأكون واهما؟ هل كنت أسمعه وحدي...هل كان ينادي المعتصم؟؟ هل المعتصم شخصية حقيقية؟.
عدت أدراجي خائبة الرجاء ..ومازلت أنتظره لأنه يجب أن يعود يوما...
ريمه الخاني 30-9-2013