الشيخ حمد “دور كاتليمو”.. من أهم الآثار الموجودة على الخابور
المصدر : ياسر العيسى
21/11/2008
المنطقة الشرقية من سورية أثبتت يوما بعد يوم أنها أحد المنابع المهمة للثروة “الأثرية” السورية، ويدلل على ذلك عشرات المواقع الأثرية المتوزعة في أنحائها المختلفة، ومن بينها محافظات ديرالزوروالرقة والحسكة، ويؤكد بعضها أنها كانت من اللاعبين المؤثرين في تاريخ المنطقة على مدى فترات زمنية مختلفة.
يبعد تل الشيخ حمد عن ديرالزور مسافة تقدر بـ 70 كم، وهو يقع في قرية تابعة لناحية الصور، على الضفة الشرقية لنهر الخابور، أما الاسم القديم له، فهو “دور كاتليمو” وهذا الاسم تمت معرفته من خلال الرقم المسمارية لهذا التل. ففي عام 1977 عثر على ثلاثين لوحة مسمارية في إحدى سواقي الري من بينها لوحة تؤكد أن تل الشيخ حمد هو نفسه المدينة الآشورية “دور كاتليمو”، أما النصوص التي عثر عليها فتعود إلى العهد الآشوري الأوسط في أيام (شلمانصر الأول) 1274-1245ق.م و(توكلتي نينورتا) 1244-1280ق.م .
(شوحان) بين أن المدينة تقع على تل مشرف على نهر الخابور، وهذا الأمر حماها من فيضانات النهر، وبالتالي ساعدها على استمرار السكن فيها منذ الألف الرابع قبل الميلاد وهذا الموقع مسكون إلى الآن، مضيفاً أن طبوغرافيا الموقع تدل على أن السكن لم يأخذ شكلاً ثابتاً في كل العصور، فقد أخذت المدينة أقصى مدى لها في العهد الآشوري بين 1300-600ق.م حيث بلغت مساحتها 110هكتارات, وأشار في هذا المجال إلى أن التنقيب في الموقع بدأ في عام 1978 من قبل بعثة ألمانية تابعة لجامعة برلين الحرة برئاسة البروفسور “هارتموت كونه”ومازال العمل مستمراً إلى الآن.
مدير الآثار بيّن أن حصيلة الموسم الأول كانت الكشف عن غرفة المحفوظات من الرقم المسمارية، وقد دلت الحفريات في المواسم المتلاحقة أن غرفة الأرشيف هي جزء من منشأة كبيرة، حيث بلغ عدد الغرف المكتشفة عشر غرف تمتد بطول 40م وبعرض 20م هذه الغرف مشيدة باللبن، وقد تعرضت لحريق هائل، ومن المحتمل أن المنشأة كانت مؤلفة من طابقين يبلغ ارتفاع ماتبقى من جدرانها خمسة أمتار، وهي بحالة سليمة بشكل يثير الدهشة، أما أرشيف هذه المدينة فإنه يضم 600 لوحة مسمارية، ولهذا العدد معنى كبير, ويذكر أحد النصوص المهمة وجود قوات عسكرية نقلت إلى “دور كاتليمو” مما يدل على وجود حامية عسكرية، وأن الحاكم، كان يسكن في القصر، لذلك فمن المؤكد أن المنشأة المكتشفة هي جزء من القصر، ومن خلال اكتشاف “دور كاتليمو” أصبح باستطاعتنا استنباط معلومات تاريخية مباشرة، أي أن الإمبراطورية الآشورية الوسطى امتدت حدودها حتى نهر الخابور الأسفل، وأن وظيفة “دور كاتليمو” الرئيسية تقوم على حماية الجبهة الجنوبية للإمبراطورية الآشورية، وتابع ياسر شوحان حديثه قائلا:
كانت “دوركاتليمو” في العهد الآشوري الحديث من 1000حتى 600ق.م موقعاً عسكرياً يتصل بالطريق الذي كان يمر به الملوك الآشوريون, وقد عثر على لوحات مسمارية تحمل طبعات أختام استعملها كبار الموظفين والشخصيات المهمة، وهي تشبه الطبعات التي عثر عليها في غرفة الأرشيف، وهذا يعني أن المواد المحفوظة في الأواني الفخارية كانت تمهر وتحفظ في القصر ويتم فتحها وتوزيعها هناك. ونرى أن فن النحت على الأختام قد تميز في هذا الموقع بمشاهده الجميلة كمشهد الثور المجنح في حالة القفز، أو كمشهد الحامي المتمثل بصورة رجل على شكل إله مجنح في الزاوية الشمالية الشرقية للمدينة, كما اكتشف سور خارجي للمدينة وهو معزز بأبراج، وكان قائماً منذ القرن التاسع وحتى القرن السادس قبل الميلاد، وبجانب هذا السور اكتشفت منشأة موقعها من المدينة لا يؤهلها إلا أن تكون مخزناً للأسلحة أوثكنة عسكرية، من هذا كله نستنتج أن آثار تل الشيخ حمد من أهم الآثار الموجودة على الخابور.