إسقاطات انطباعية حول رواية: ذهول ورهبة:
كان هناك عبر النت بعض دراسات عن الرواية أخذت بظاهرها العام كنمط أدبي ساخر,لكن الرواية في الحقيقة عكست وبمهارة المتابع دقة طريقة التفكير
والتربية اليابانية مقارنة بالأوربية,ورغم انها اظهرتها كحياة صارمة خالية من الحيوية,بل ومن البوح الحقيقي للإنسان حتى لتخاله آله من الآلات التي ينتجونها, وقد كانت حاضرة تلك الموضوعية في طرح سيئات الحياتين,إلا ان أسلوبها الأدبي اتسم بالفرادة والتميز ,ولعل عامل التشويق لم يغب عن النص من أول السرد لآخره, ويمكننا القول هنا, أنها من حجم روايات الجيب تقريبا,تساير نمط العصر السريع في حذف الإطالة وطرح الجمل الموظفة بعناية,حتى أن هناك شطحات تعبيرية للبطلة البلجيكية الموظفة في شركة يابانية,تعكس جميل الكاتبة خفيفة الظل المتفردة في طرح الانطباعات الموقفية في سياق السرد.
العنوان جاء فريدا وكان اول عنصر لافت يثير فضول القارئ أخذ من سياق القصة في ىخرها وهذا ماكان في روايتنا " مناهل الغمام".
بكل الأحوال لانظن ان هناك المزيد حول هذا غير اقتباسات هامة نجدها توضح ماقدمنا له آنفا.
أما الغلاف فكان لعبد العزيز محمد ولاندري عن الغلاف الرئيس,والقناع البادي يها, يوحي بأن الشخصيات لم تكن جميعا على طبيعتها وكانها متكلسة بفعل القوانين والانضباطات المفروضة, ولعل بداية الرواية اختصرت العلاقات الاجتماعية في الرواية وطرحت الشخصيات الرئيسية فيها برشاقة منقطعة النظير:
***********
كان السيد هايندا رئيس السيد أوموشي, والسيد أوموشي رئيس السيد سايتو, والسيد سايتو رئيس الآنسة موري رئيستي, ولم أكن أنا رئيسة أحد(إيميلي)
الشخصية الأولة حجزت أضيق مجال من الرواية لطيبتها ودورها الثانوي عدا البقية المطيعين عدا الآنسة موري الصارمة المعقدة من عنوستها.
رسمت الشخصيات ببساطة جدا,وترجمها السلوك المبين في تصرفاتها المتشنجة على عموما, وقدمتها للقارئ من خلال سلوكها وبعض توضيحات انطباعية من البطلة البلجيكية أيميلي .
*******
ص 23:
كنت ألعب لعبة الارتماء في الفراغ فألصق جبهتي على الزجاج وأترك جسدي يهوي ذهنيا.
إن لم نتكلم عن المشكلة فلا سبيل لحلها أبدا.ص 41
ص 64:
إنه لأمر عظيم أن نعرف متى سنموت, لأننا نستطيع تدبير أمرنا بحيث نجعل من اليوم الأخير تحفة فنية رائعة.
ص 68:
إن الأنظمة الأكثر استبدادا تسبب في البلدان التي تطبق فيها حالات انحراف عجيبة, وبالتالي تكون متسامحة نسبيا مع بعض الظواهر الإنسانية الشاذة الأكثر غرابة,
ولن نعرف ما معنى غرابة الأطوار الإنسانية حتى تلتقي بإنسان ياباني.
ص 70:
ليست كل اليابانيا جميلات, ولكن عندما تكون إحداهن جميلة فليس على الآخرين سوى الاحتراس, إن كل جمال يترك أثرا بليغا في النفس , ولكن الجمال الياباني أبلغ أثرا.
وثانيا:إن طريقة حركاته وسكناته تجعله أنيقا كتحفة فنية لا يدركها العقل الإنساني, وأخيرا, فإن جمالا قاوم شدائد جسدية ونفسية عديده , وكثيرا من الضغوط والقمع , والمحرمات العبثية والعقائد
والخنق والتخريب والسادية والمؤامرات والإهانة.
ص 101
نظافة الحمامات لاتكون إلا مع نظافة العقل, ولكل أولئك الذين لابد أن يعتقدوا أن رضوخي مشين أمام قرار حقير, يجب أن نقول مايلي:
إنني أبدا ولافي أي لحظة طوال تلك الأشهر السبعة لم يخالجني إحساس بأني قد أهنت.
ص 111
لم يحدث مطلقا أن أصبح بيت الراحة مسرحا لسجال فكري بهذه الأهمية الجوهرية.
ص 117
عندما يمارس المرء مهنة كريهة , تكون وسيلته الوحيدة لصون كرامته هي الصمت.
بدأت ذاكرتي تعمل كسيفون الحمامات , أضغط عليها مساء فتقوم فرشاة بإزالة أثر آخر الأوساخ,غير أن طقس التنظيف هذا لم يكن مفيدا في شيء ,غذ كان حوض دماغي يمتلئ بالقذارة كل صباح.
ص 126
ايميلي:إنها دونية العقل الغربي بالنسبة للعقل الياباني,
فوبوكي: لايجب البالغة بشأن دونية العقل الغربي العادي, ألا تعتقدين أن هذا العجز يأتي خاصة من نقص في عقلك أنت؟
(لاندري هنا لم انصاعت بدعوى التسلية الشخصية ايميلي البلجيكية والتي انتهى عقدها بعد تدني سلم أعمالها حتى وصل للحضيض ولتنظيف المراحيض؟هل هي سطوة العقل الياباني؟).
ص 129:
ينص البروتوكول الابمبراطوري الياباني القديم, على أن يخاطب المرء الامبراطور, " بذهول ورهبة" لطالما أحببت هذه العبارة التي تلائم جيدا مظه الممثلين في أفلام الساموراي.عندما بخاطبون زعيمهم بصوت
مذعور بفعل احترام لشخص فوق البشر.فتقمصت قناع الذهول وبدات أتصنع الرجفان وثبتت نظري المليء بالذعر بنظر الفتاة الشابة وأخذت أتاتئ:
ص 131:
انا التي عليها مواساته , فبالرغم من صعوده المهني النسبي ,كان يابانيا من آلاف اليابانيين العبيد والجلادين الحمقى في آن معا في نظام من المؤكد أنهم لايحبونه ولكنهم لن ينقدوه أبدا بسبب ضعفهم وفقر خيالهم.
( صحيح أن الفرد الياباني مبرمج بنظام وادب وانتاجية وتهذيب,لكنه كالآلات خال من الحياة نسبيا بنظرنا)
( إن هذه الصفحة مع ص 68 تبين النظرة وضدها نحو اليابانيية الاوربين)
بشكل عام نجحت بقوة وعبر 142 صفحة ,في عرض التناقض او التمايز بين الحياتين الاوربية واليابانية بأسلوب شائق ومتفرد.
ريمه الخاني 6/6/2014