فقد سألت عن عدد من الأحاديث في بر الوالدين .
الجواب:
ذكرت عدة أحاديث في بر الوالدين تزيد عن عشرة أحاديث، بعضها في غاية الصحة، وبعضها في غاية الضعف، وبعضها لا أصل له، وبعضها لم نجده. فإليك التفصيل:
الحديث الأول: "(مامن ولد بار ينظر إلى والديه نظرة رحمة إلا كتب الله له بكل نظرة حجة مبرورة " . قالوا : وإن نظر كل يوم مائة مرة ؟ قال : " نعم الله أكبر وأطيب.
هذا الحديث أخرجه الحاكم في تاريخه وابن النجار، وغيرهما، وهو حديث موضوع. ينظر: مشكاة المصابيح (3 : 72رقم 4944).
الحديث الثاني: ( النظر في ثلاثة أشياء عبادة، النظر في وجه الوالدين عبادة، النظر في المصحف عبادة....)
هذا الحديث مروي من عدة طرق، وكلها لا تصح، وهو حديث موضوع. ينظر: السلسلة الضعيفة(10: 239 رقم 4702).
الحديث الثالث: من أصبح مطيعا [ لله ] في والديه ؛ أصبح له بابان مفتوحان من الجنة ، وإن كان واحدا ؛ فواحدا ، ومن أمسى عاصيا لله في والديه ؛ أصبح له بابان مفتوحان من النار ، وإن كان واحدا ؛ فواحدا . قال رجل : وإن ظلماه ؟ قال : وإن ظلماه ، وإن ظلماه، وإنظلماه ) .
هذا الحديث أخرجه البيهقي في "الشعب " (6: 206/7916) من طريق أبي
محمد عبدالله بن يحيى بن موسى السرخسي: نا سعيد بن يعقوب الطالقاني: نا عبدالله بن "المبارك عن يعقوب بن القعقاع عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا .
قال الشيخ الألباني في السلسة الضعيفة (24 : 588)قلت : وهذا إسناد واه ، رجاله ثقات ؛ غير السرخسي هذا ، وهو من شيوخ ابن عدي وقال في ترجمته (4/268) "حدث بأحاديث لم يتابعوه عليها ، وكان متهما في روايته.
وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (1 : 16) قال: حدثنا حجاج قال حدثنا حماد هو بن سلمة عن سليمان التيمي عن سعيد القيسي عن بن عباس بلفظ: ما من مسلم له والدان مسلمان يصبح إليهما محتسبا إلا فتح له الله بابين يعنى من الجنة وإن كان واحد فواحد وإن اغضب أحدهما لم يرض الله عنه حتى يرضى عنه قيل وإن ظلماه قال وإن ظلماه
وهذا أيضا قال الشيخ الألباني : ضعيف.
الحديث الرابع: (البر لا يبلى والذنب لا ينسى والديان لا يموت اعمل ما شئت كما تدين تدان).
هذا الحديث أخرجه (عبد الرزاق ، والبيهقي في الزهد أحمد فى الزهد عن أبى قلابة عن أبى الدرداء موقوفًا)
حديث أبى قلابة المرسل : أخرجه عبد الرزاق فى الجامع عن معمر (11/178 ، رقم 20262) ، والبيهقى فى الزهد (2/277 ، رقم 710) . عن أبى قلابة مرسلاً .
وأخرجه أحمد فى الزهد (ص 142) من حديث أبى الدرداء موقوفا
وهو حديث ضعيف. كما في "الكشف الإلهي" للطرابلسي (681) . "اللؤلؤ المرصوع" للمشيشي (ص: 414) .
وعليه، فإن هذا الحديث ضعيف من حيث السند كما أفاد أهل العلم، لكن هذا الحديث معناه صحيح، وعليه أدلة من القرآن والسنة، كما في قوله تعالى{ ولا يحيق المكر السيء بأهله} وقوله تعالى{ من يعمل سوءً يجز به} وقوله{ هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} وقوله{ وجزاء سيئة سيئة مثلها}.وفي الحديث: (من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان في عون أخيه. رواه مسلم.
الحديث الخامس: (رضا الله في رضا الوالدين, وسخط الله في سخط الوالدين) هذا الحديث رواه الترمذي (1900)، وابن حبان (2026 والحاكم (4 : 151- 152) وهو حديث حسن.
الحديث السادس: (ما بر أباه من شد إليه الطرف).أخرجه الطبرانى فى الأوسط (9/149 ، رقم 9381) . قال الهيثمي (8: 147) : فيه صالح بن موسى ، وهو متروك . فالحديث ضعيف جدا.
الحديث السابع: (يقال للعاق اعمل ما شئت من الطاعة فإني لا أغفر لك ويقال للبار اعمل ما شئت فإنى أغفر لك (أبو نعيم فى الحلية عن عائشة).
الحديث أخرجه أبو نعيم في الحلية(10: 215) .والديلمي في الفردوس (5: 457 ) وفيه رواة غير معروفين ؛محمد بن أحمد بن مسروق، ومحمد بن السماك، وعائد.
فالحديث ضعيف.
الحديث الثامن: ( بروا آباءكم تبركم أبناؤكم وعفوا تعف نساؤكم) أخرجه الطبرانى فى الأوسط (1: 299 ، رقم 1002) قال الهيثمى (8: 138) : رجاله رجال الصحيح غير شيخ الطبرانى أحمد غير منسوب ، والظاهر أنه من المكثرين من شيوخه فلذلك لم ينسبه . قال المناوى (3/200) : قال المنذري : إسناده حسن . وبالغ ابن الجوزى فجعله موضوعًا.قال الشيخ الألباني في السلسة الضعيفة (5 : 57): ضعيف . فالحديث ضعيف.
الحديث التاسع: ( أحي والداك ) . قال نعم قال ( ففيهما فجاهد )
الحديث أخرجه البخاري في صحيحه( 3 : 1094رقم 2842) ومسلم(8: 3 رقم 6668).من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فاستأذنه في الجهاد فقال: ( ففيهما فجاهد ). الحديث متفق عليه، وهو غاية في الصحة.
الحديث العاشر: قلت: يا رسول الله أي العمل أفضل....). أخرجه البخاري ( 3 : 1025رقم 2630) ومسلم (1: 62رقم 262).في صحيحيهما من عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: : سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم قلت يا رسول الله أي العمل أفضل ؟ قال ( الصلاة على ميقاتها ) . قلت ثم أي ؟ قال ( ثم بر الوالدين ) . قلت ثم أي ؟ قال ( الجهاد في سبيل الله ) . فسكت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ولو استزدته لزادني.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.