بوح المنيب
إليكَ إلَهي نَـذَرتُ مَشـاعـري = يُضّمِّخُهـا عطـرٌ ومسـكٌ وطيبُ
فمنك رجوتُ العفو والعيبُ ظاهـرٌ = وما خفيتْ منّـي عليك عيـوبُ
وغـيرك لا يرجى لنجـدة صارخ = وغـيرك لا يشفـي السقـام طبيبُ
حَنِينِي لَـدَى ذُلِّي إليْكَ يُعِـزُّنِي = ويغْسِـلُ روحي منْ ذُنـُوبِي الْهُروبُ
دفَنْتُ جُنُـوحي في التضرُّع تائباً = ومنْ لي سـوى الغفَّار ربّـاً يتـوبُ؟
وقـد آثرتْ نفسي رضـاك فنهجُهـا = سبيلُ ذَوي رُشْدٍ عساها تصيبُ
تَعَـافُ بِِدُنْيـاها مظـاهِرَ زينـةٍ = سيُـذْبلُها بعـد النّضـارِ الْمَشيبُ
وللنّفسِ آمـالٌ وقدْ نِلْتُ بَعضَهـا = بِلُطْـفِ كـريمٍ حـافظٍ لا يَغيبُ
شغُفتُ بنصف الروحِ حُبّاً لخوفها= مقامك فاجمعنــي بِهايـــاقريبُ
تَملَّكَنـي منها اضطرامُ صبـابةٍ = ولي رهف إحسـاسٍ وطبعٌ غـريبُ
فهـزَّ لطيفُ الْحَكْيِ مَهْدَ حُشاشَتِي = وطـلَّ وراءَ القشِّ غصنٌ رطيبُ
تجـلَّتْ لعيْنِي مِنَّـةُ الْحُبِّ آيَـةً = وفي القلبِ روحٌ في رضـاك طروبُ
فكان دُعائي يّوْمّ صِخْتُ لِشَدْوِها = تناجيكَ : صُنْ لي طُهْرَها، يـا رَقيبُ!
أَعُـوذُ بكَ اللَّهُمَّ منْ زَللٍ ومنْ = هَوَى النَّفْـسِ إنَّ النفسَ قَيْنٌ لَعُـوبُ
وَتُسْكِرُها الآثامُ، تُذْهِبُ صَحْوَهَا = فتصْحُـو متَى تـابَتْ إليك تَـؤُوبُ
أَعَـالِمَ أسْـراري وكُنْـهَ مَزاعِمـي = دَعَوْتُكَ فارحمْ خافِقـاً سَيَذُوبُ