دون كيشوت
شعر : مختار السيد صالح (مختار الكمالي)
((إليَّ ... و صديقي سانشو))
لَمَّا تَشَرَّبَ أَفْكَارَ الدَوَاوينِ
جُنَّ النَّبيلُ فَيَا وَيحَ المَجَانِينِ
وَ قرَّرَ العَيْشَ كَي يَحمِي العَدَالَةَ مِنْ
ظُلمِ الحَيَاةِ وَ مِنْ لَدْغِ الثَّعَابينِ
فَهيَّأ الخَيْلَ ثُمَّ اجتَثَّ خُوْذَتَهُ
وَ رَاحَ يَبْحَثُ مَا بَينَ الجَراذينِ
عَمَّن يُرَافِقُهُ فِي دَرْبِ رِحْلَتِهِ
عَمَّن يَكُونُ لَهُ عَوْنَ المَيَادِينِ
أَغرَى مَعَارِفَهُ , آلَى إِذَا نَجَحُوا
يُعْطِي الذي يَشْتَهِي فَوْقَ المَلَايين ِ
فَقَالَ ذاكَ فَقِيرٌ مِنْ مَعَارِفِهِ
إنّي قَبِلْتُ إِذَا حُكْمَاً تُوَلّيني
رَدَّ النَبيلُ : بَلَى , فانْغَشَّ تابِعهُ
ذَاَكَ الغَبِيَّ بأَحْلامِ المَسَاكِينِ
فَهَيَّأ الجَحْشَ وَ الأَحْلَامُ تَتْبَعُهُ
وَ قَالَ : مَوْلَايَ مَنْ يُؤْذيِكَ يُؤْذِيني
هَذَي البِدَايَةُ كَانَتْ هَا هُنَا وَ كَذَا
كُلٌّ يُحَرِّكُهُ حُلْمٌ لمِجْنُونِ
ذَاكَ الذي حَارَبَ الدُّنْيَا بِمَبْدَئِهِ
وَ حَاَربَ الظُّلمَ يا ظُلْمَ الطَّوَاحِينِ
لكنَّه الحَظُّ وَ الأَحْدَاثُ دَائِرَةٌ
حَتَّى يُعَفَّرَ أَنْفُ الخَيْرِ بالطِّينِ
***
جُنَّ النَّبيلُ فَيَا وَيحَ المَجَانِينِ
ماضٍ يُقلِّدُ أَبْطَالَ الدَّوَاوينِ
يَمْشِي وَ تَابِعُهُ وَ الوَهْمُ ثَالِثُهُمْ
حَتَّى بَدا لَهُمُ جُنْدٌ لِتِنِّينِ
يُبْدُونَ أَيْدِيَهُم تِلْكَ التي بَلَغَتْ
أَعْدَادُ أرجُلِها فَوْقَ الثَلاثِينِ
مُذْ أَنْ رَآهَا دَبَى فِي فِكْرِهِ أَمَلٌ
وَ قَالَ بالحُبِّ يَا عِشْقِي أَمِدِّيني
وَ الرُّمْحُ مَدَّ وَ أَرخى بَعْضَ خُوْذَتِهِ
يَجَري لِيَأخُذَ أَروَاحَ المَلاعِينِ
فَأغْمَدَ الرُّمْحَ فِي إِحْدَى مَراوِحِهَا
وَ هَبَّتِ الرِّيحُ ,يا حَظَّ المجانينِ !
نَادَاهُ تَابِعُهُ مَوْلايَ يَا مَلِكِي
إنْهَضْ فَمَوْتُكَ يَا مَوْلايَ يُبْكِيني
مَا كَانَ للشَّرِّ مِنْ جَيْشٍ تُحَارِبُهُ
حَارَبْتَ يا (دُونُ) أَشْبَاحَ الطَّوَاحِينِ
لَكِنَّ سَيِّدَهُ لم يَقْتَنِع وَ رَوَى
أَنَّ الطَّوَاحِيْنَ مَا كَانَتْ لِتَرْمِيْني
لكنَّه الحَظُّ وَ الأَحْدَاثُ دَائِرَةٌ
حَتَّى يُعَفَّرَ أَنْفُ الخَيْرِ بالطِّينِ
***
ماضٍ يُقلِّدُ أَبْطَالَ الدَّوَاوينِ
ذَاَكَ المَريْضُ بأَفْكَارِ المَجَانِينِ
يَمْشِي وَ تَابِعُهُ وَ الوَهْمُ ثَالِثُهُمْ
بَحْثَاً عَنِ المَجْدِ مَا بَيْنَ الدَّرابِينِ
(دُونٌ) يُعَلَّقُ بالأَحْلَامِ حَاضِرَهُ
يَحْكِي عَنْ الغَدِّ في تَيْهِ الفَرَاعِينِ
وَ كَيْفَ يَغْمِرُ بالخَيْراتِ تَابِعَهُ
ذَاَكَ الغَبِيَّ بأَحْلامِ المَسَاكِينِ
حَتَّى بَدَتْ لَهُمُ فِي الأُفْقِ قَافِلَةٌ
بَادٍ لَهَا غَبَرٌ مِنْ مَشيِ يومَيْنِ
قَالَ النَبِيْلُ هُنَا وَ الوَهْمُ يَغْمِرُهُ
المجدُ آتٍ كَذَا قَدْ قَالَ تَخْمِيني
وَ رَاحَ يَجَري إِلى حَرْبٍ تَخَيَّلَها
يَجَري لِيَأخُذَ أَروَاحَ المَلاعِينِ
آتٍ كَبَرْقٍ هَمَى لولا تَعَثُّرُهُ
وَ الخَيْلُ تَرْكَبُهُ بَيْنَ الرَّيَاحِيْنِ
و الضَرْبُ يَهْمِي عَلَى أَطْرَافِ خُوْذَتِهِ
مِنَ الرُّعَاةِ بِأعْوَادِ الأَفَانِينِ
نَادَاهُ تَابِعُهُ مَوْلايَ يَا مَلِكِي
إنْهَضْ فَمَوْتُكَ يَا مَوْلايَ يُشجيني
مَا كَانَ للشَّرِّ مِنْ جَيْشٍ تُحَارِبُهُ
حَارَبْتَ يا (دُونُ) قُطْعَانَ البَعَارينِ
لَكِنَّ سيّدهُ لم يقتنع و رَوَى
أَنَّ البَعَاريْنَ مَا كَانَتْ لِتَرْمِيْني
لكنَّه الحَظُّ وَ الأَحْدَاثُ دَائِرَةٌ
حَتَّى يُعَفَّرَ أَنْفُ الخَيْرِ بالطِّينِ
***
ماضٍ يُقلِّدُ أَبْطَالَ الدَّوَاوينِ
بَحْثَاً عَنِ المَجْدِ مَا بَيْنَ الدَّرابِينِ
ذَاكَ الذي حَارَبَ الدُّنْيَا بِمَبْدَئِهِ
وَ حَاَربَ الظُّلمَ يا ظُلْمَ الطَّوَاحِينِ
يَمْشِي وَ تَابِعُهُ وَ الطِّيْبُ وَ الأَمَلُ
كَيْ يَنْشُرَ الخَيْرَ في كُلِّ المَيَادِينِ
دَوْمَاً بِدَاخِلِنَا (دُونٌ) يُحَرِّكُنا
يَأْتِي وَ يَذْهَبُ بَيْنَ الحِينِ وَ الحِينِ
دَوْمَاً بِدَاخِلِنَا (دُونٌ) يُحَرِّكُنا
نَحْوَ الذي نَشْتَهِي مِثْلَ المَجَانِينِ
لكنَّه الحَظُّ وَ الأَحْدَاثُ دَائِرَةٌ
حَتَّى يُعَفَّرَ أَنْفُ الخَيْرِ بالطِّينِ